استقبل الرأي العام الفرنسي بريبة نبأ تسمية حكومة جديدة اثر الهزيمة الانتخابية التي مني بها الاشتراكيون في الانتخابات البلدية, تماما كما تقبل باستسلام الإصلاحات التي سبق الاعلان عنها ضمن المصلحة الاقتصادية العامة.
في الواقع, يلاحظ تييري ميسان أن تغيير الحكومة ليس له علاقة بالفشل الاقتصادي, ولا بالفرصة التي أتاحتها الهزيمة الانتخابية, بل بإتاحتها للرئيس أولاند بالكشف تدريجيا عن خياراته السياسية الشخصية.
لقد مسرح الرئيس فرانسوا أولاند قرار تغيير حكومته من خلال تقديمها كرد على هزيمة الاشتراكيين في الانتخابات البلدية.
غير أن فريقه الحكومي الجديد لم يضم في الواقع سوى وزيرين جديدين, وسياسته الاقتصادية سبق له وأن أعلن عنها في مؤتمر صحفي بتاريخ 14 كانون ثاني-يناير الماضي, أي قبل شهرين ونيف من الانتخابات البلدية. لذا يجب علينا أن لا نفسر هذا التعديل الوزاري على أنه تحول في سياسته, وإنما بمثابة كشف عن نواياه الحقيقية التي ظلت تخفي, حتى هذا الوقت وراءها, ذكرى حملته الانتخابية, وماضيه كأمين عام للحزب الاشتراكي.
ما لم يفهمه الفرنسيون حتى الآن, هو أن فرانسوا أولاند, مدافع قبل أي شيء, عن رؤوس الأموال الكبرى, وهو في هذا المقام من مؤيدي الاستعمار.
وفي الواقع, ليس هناك من وسيلة لتحقيق فوائد كبرى في أوقات الأزمات أفضل من البحث عنها خارج الحدود. وحين يصبح المزيد من استغلال الطبقة العاملة في بلاده أمرا مستحيلا, يصبح لزاما عليه استغلال غيرها في بلد أقل قدرة على الدفاع عن نفسه.
أثناء حفل تنصيبه في الخامس عشر من أيار-مايو 2012, وضع الرئيس أولاند ولايته الدستورية تحت رعاية شخصية بارزة من تاريخ فرنسا, الاشتراكي جول فيري, بعد أن قدمه كأحد أبطال المدرسة العلمانية, في حين أن فيري كان في الواقع المنظر الرئيسي للاستعمار. وهو لم يجعل التعليم الزاميا ومجانيا إلا ليجعل من الشباب الفرنسي جنودا لغزواته في تونس والصين.
اتضح هذا الجانب من سياسة فرانسوا أولاند, من خلال إعادة إطلاق الحرب على سورية أثناء اجتماع أصدقاء سورية في باريس بتاريخ 6 تموز-يوليو 2012, في حين أن سلفه نيكولا ساركوزي قد قرر الانسحاب من بلاد الشام بعد سقوط الإمارة الإسلامية في باب عمرو. ثم قام بغزو مالي بناء على طلب وجه إليه من رئيس الغفلة الذي سبق أن وضعته فرنسا في هذا المنصب.
هاهو الآن يحتل جمهورية أفريقيا الوسطى, وفي كل مرة من تدخلاته الثلاث كان يخدم مصالح الشركات المتعددة الجنسية, الفرنسية والأمريكية في آن واحد.
وكإلهام أولي, خلط أولاند بين حكومة مانويل فالس, وحكومة المستشار الألماني الأسبق غيرهارد شرودر, وجعلها مثالا يحتذى حين أعلن عن عقد ميثاق مع أرباب الشركات الكبرى يقضي بتخفيف الكثير من الأعباء المالية عن شركاتهم. الأمر الذي سيرتب على الفرنسيين في الأيام القادمة تفاقم عدم المساواة فيما بينهم عبر تزايد ثروات الأثرياء, في مقابل تزايد أعداد الفقراء.
لعل الحفاظ على رئيس هيئة الأركان الخاص بالرئيس أولاند, الجنرال بنوا بوغا في منصبه, خلافا لرأي كل من وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش, يبين بأن الحرب التي يعاني منها السوريون والأفارقة سوف تستمر.
أما الحفاظ على لوران فابيوس في الشؤون الخارجية, فهو علاوة على كفاءاته في مجالي التجارة الخارجية والأنترنت, يعطي انطباعا بأن أحلامهم في غزو غاز سورية وذهب مالي, يحتاج تبريرهما إلى المزيد من الأكاذيب, والمشاعر الطيبة.
يمكنكم إعادة نشر مقالات شبكة فولتير شرط ذكر المصدر وعدم التعديل فيها أو استخدامها لتحقيق الربح التجاري (رخصة CC BY-NC-ND).
مصادر: “تغيير الحكومة في فرنسا”, بقلم تييري ميسان, ترجمة سعيد هلال الشريفي, سوريا , شبكة فولتير , 14 نيسان (أبريل) 2014, www.voltairenet.org/article183216.html
We publish a weekly bulletin, Voltaire, international newsletter, intended for all those who want to follow live the end of Western hegemony and the transition to a multipolar world.
It consists of dispatches from all over the world. They are contextualized to help understand the issues.
This exceptional tool is available by subscription only.
–annual subscription: 500 euros