الحرب في العراق وفي سورية قلبت بلاد الشام بعمق شديد.

على الرغم من أن الحرب لم تنته بعد، إلا أنه بوسعنا أن نتخيل، منذ الآن، ما ستؤول إليه المنطقة خلال السنوات المقبلة.
ثمة سؤال سيطرح نفسه حين يعود السلم، لمعرفة لماذا تحاربنا، وما التنازلات التي يجب أن تفرض على الخاسرين؟
ستكون الإجابة عن هذا السؤال مختلفة تماما، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن البلد قد تعرض للهجوم، منذ إعلان الولايات المتحدة الحرب عليه عام 2003 (قانون محاسبة سورية)، بداية مع اغتيال رفيق الحريري ولجنة تحقيق ميليس، ومن ثم الحرب الإسرائيلية-اللبنانية عام 2006، والتي اختتمت بالغزو الجهادي.

أو على العكس من ذلك، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ما حصل، لم يكن سوى «حرب أهلية»، لم تبدأ إلا عام 2011.
في الحالة الأولى، سوف يترتب على سورية اعتماد دستور جديد يفصل بين الدين والدولة، وهذا ما عجزت عنه حتى الآن.
في الحالة الثانية، سوف يترتب عليها، خلافاً للأولى، تقديم ضمانات للإخوان المسلمين.

في كل الأحوال، فقد أسفرت الحرب عن نتائج سياسية، مثل رفع حالة الطوارئ، وتنظيم التعددية السياسية، وإعادة تحديد مهام أجهزة المخابرات.

في مقابل ذلك، أسفرت الحرب عن بروز مسائل جديدة، مثل الإثراء غير المشروع لبعض التجار الذين نشروا السوق السوداء، ما يقتضي فرض عقوبات مناسبة بحقهم.

لبنان معرض لمخاطر اضطرابات جديدة، كما يتضح من التصريحات الأخيرة للرياض.

وفقا لبرقية من وزارة الخارجية السعودية عام 2011، كشف عنها ويكيليكس، فإن المملكة تخشى، في حال نجت الجمهورية العربية السورية من الحرب، أن تثأر منها. وكأني بها تنعت دمشق بالعقلية البدوية نفسها التي تحكم في الرياض. لهذا، تحاول السعودية إشعال حريق في مكان آخر، لكي تنجو من المساءلة.

لبنان، هو الآخر تغيّر، ولن يعود تحت النفوذ السعودي، وحزب اللـه بدأ ينفصل بهدوء عن إيران، ويأخذ استقلاله.
إيران الآن دولة برأسين.

من جهة، هناك المرشد والحرس الثوري،
ومن الطرف الآخر، هناك الرئيس.

من جهة أيضا، هناك مثالية آية اللـه الخميني في مناهضة الامبريالية، وفي الجانب الآخر محبة الشيخ روحاني لأميركا، والذي كان، دون أن نعلم بما فيه الكفاية، رجل الاتصال الأول مع واشنطن في قضية إيران كونترا.

يخوض المعسكران قتالا صامتا فيما بينهما.

مع ذلك، يمكن أن تحصل تسوية بين الجانبين حول مسألة الدفاع عن المصالح الوطنية، وقد يصبح المعسكر المناهض للامبريالية، بنتيجة تلك التسوية، يتيما.

وفقا لخطة رايت، التي حلت عام 2013 مكان خطة « إعادة تشكيل الشرق الأوسط الكبير»، وبعد مرحلة داعش الهادفة إلى تقسيم كل من العراق وسورية، يأمل المحافظون الجدد، وصقور الليبرالية بالهجوم على السعودية. لكن الأخيرة اشترت قنبلة نووية من باكستان حين كان العالم يستشرس ضد البرنامج النووي المدني لإيران.

يجب بالتالي إعادة النظر بالنسخة.

لم تبق إلا تركيا التي أصبحت في مرمى روسيا.

في 10 شباط 2016، وزعت موسكو في مجلس الأمن تقريرا استخباراتياً وجهت من خلاله الاتهام لأنقرة بدعم الجهاديين في انتهاك صريح للقرارات الدولية.

وفي 19 منه أيضاً، تقدمت موسكو بشكوى ضد أنقرة، لخرقها معاهدة الأجواء المفتوحة. الحبل يضيق حول رقبة الرئيس أردوغان، وأحداث خطيرة جدا، يجري تحضيرها في أنقرة.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan 2347
(PDF - 159.4 كيليبايت)