لم يكن نشر "سورية الغد" لمقالة سلمان حيدرة حول مؤتمر باريس "ثرثرة" كما ادعت إحدى الردود التي تسلمناها ..
لم يكن نشر "سورية الغد" لمقالة سلمان حيدرة حول مؤتمر باريس "ثرثرة" كما ادعت إحدى الردود التي تسلمناها .. فالمسألة ليست تشهيرا بل النظر إلى الآليات المستمرة منذ قرن .. حيث نشهد مؤتمرات محدودة في زمن الضغط السياسي، وعناوين عريضة ترفعها هياكل سياسية.
الموضوع الأساسي كما يظهر اليوم هي جدية النظر إلى "المعارضة السورية" و "المشهد السوري" بشكل عام، دون الاستقواء بالمبررات المعهودة حول سياسة النظام وطاقته في عدم السماح للقوى السياسية بالظهور. فالتشكيك لا يطال الأشخاص هنا بل الآليات وحتى القوى الاجتماعية التي يمكن أن نبني عليها التيارات السياسية. وإذا كان الحديث حول طبيعة المعارضة السورية انحيازا للسلطة السياسية كما يقول البعض فهذا يعني أننا منحازون ... أم هل ديمقراطية تقتضي فقط الحديث عن النظام السياسي وعدم التطرق للمعارضة وأساليبها!!!
عندما نقرأ المشهد السياسي السوري نستطيع بالفعل أن نشكل فكرة عن المستقبل، ونحدد الخيارات الحقيقية القادرة بالفعل على تبني الديمقراطية. وهذه القراءة ليست فقط رسما للقوى الموجودة فعليا، أو حتى لما تقوم به الدولة، بل محاولة لفهم الخيارات التي تطرحها المعارضة وآلياتها الحالية.
بالطبع نحن منحازون للخيار الديمقراطي .. ولكن ما معنى هذا الخيار إذا كانت المسألة مؤتمرا في باريس لأحزاب تأسست خارج النطاق الجغرافي للمصالح الاجتماعية ... وإذا حاولنا عدم التعرض لكافة الأحزاب أو الأشخاص الداعين لهذا المؤتمر فهل يمكن غض الطرف عن حجمهم أو قدرتهم أو حتى رؤيتهم تجاه المستقبل السوري!!!
ونحن منحازون لقانون الأحزاب والأحزاب وليس للوبيات تعرفنا عليها في السنوات العشر الماضية، حيث تظهر الأسماء ويضج بريق الإعلام بأخبار بينما يبقى المجتمع عاجز عن فهم ما تريده هذه المعارضة "الاغترابية".
السؤال اليوم ليس في شرعية الخيار الديمقراطية أو في وجود "المعارضة"، بل في وجود الخيار الديمقراطي ضمن المشهد السوري العام، وفي حقيقة تواجد المعارضة على الساحة الاجتماعية بشكل كامل. وعندما نتحدث عن الخيار الديمقراطي فهذا يعني ارتباط المصطلح بالثقافة الاجتماعية وبالمصالح الاجتماعية، بكل ما يعنيه هذا الأمر من حالة مركبة بين كافة فئات المجتمع، وليس محصورا بما يتداوله من يطلق عليهم تعبير "النخب" ...
عندما نشرنا مقالة "سلمان حيدرة" فلأننا بالفعل منحازون لمعارضة وطنية وليست "اغترابية" ... ولمشهد سياسي سوري وطني وليس مجموعات ضغط داخل الدوائر الدولية ... ولديمقراطية ضمن خيار الحداثة وليس إجراءات ديمقراطية يمكن أن تفصل على مقاس هياكل حزبية أو مجموعات اقتصادية، أو حتى أسماء تدعي أنها تمثل المجتمع السوري ... نحن منحازون لسورية أولا وأخيرا.