في الأسبوع الماضي وقع الاتفاق العسكري بين اسرائيل ومصر، لانتشار 750 من أفراد حرس الحدود المصريين على طول الكيلومترات الـ14 من محور فيلادلفيا في الجانب المصري. في القريب سيخلي الجيش الاسرائيلي المحور، وستبدأ القوة المصرية انتشارها، هدفها الرئيس منع الارهاب والتهريبات والتسللات في المحور الذي يمر على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة.
ترافق الاتفاق مع أقوال نقد لاذعة جداً من قبل سياسيين، اعلاميين وأمنيين. وبشكل عام، فإن كل من عارض فك الارتباط انقض بغضب على نشر القوة المصرية في محور فيلادلفيا، ودعاها "كارثة استراتيجية" لدولة اسرائيل. وقد ذهب بعيداً في هجومه رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، الذي قال وكتب أنه "منذ قضية حصان طروادة، لم يكن مثل هذا الشيء في تاريخ الأمم... اسرائيل تكلف القط الفلسطيني والذئب المصري حراسة الجبنة"، أي، منع التهريب والارهاب، "يجب أن يدافع الجيش الاسرائيلي فقط عن المحور"، يصرخون.
رأيي هو أن نبوءات الكارثة هذه ليست سوى ذبابة يحولونها فيلاً، ولأنبياء الغضب بضعة أسئلة.
هل نجح الجيش الاسرائيلي في الماضي في تحديد مواضع الانفاق الكثيرة في المحور، وفي منع تهريب الوسائل القتالية؟ أسمح لنفسي أن أقول، إن المؤسسة الأمنية فشلت! منذ سنين حصل موضوع الانفاق في محور فيلادلفيا على أفضلية عليا في المؤسسة الأمنية، لكن الى الآن لا يملك الجيش الاسرائيلي حلولاً كافية لتحديد مواضع الانفاق. هذا اخفاق أضر بقدرتنا على العمل المضاد للارهاب في قطاع غزة. ولأن الأمر كذلك، ما هو الداعي الى الاستمرار في التمسك بقوات في المحور، في حين أنها ليست تملك القدرة على تحديد مواضع الانفاق ومنع تهريب الوسائل القتالية بذلك؟
هل يستطيع أحدكم أن يبين كيف سيشكل 750 فرداً من حرس الحدود المصريين خطراً على دولة اسرائيل، ويهددون نقبنا؟ لكثرة نفخ رعب الأخطار الكامنة في الكتيبة المصرية التي ستمكث على حدودنا، وتناقض ذلك مع نزع السلاح من سيناء، خلقتم في نفوس الجمهور الانطباع المخطوء أن سيناء منطقة خالية من الجيش المصري، وإن المصريين لا يحتفظون في سيناء، بحسب اتفاق السلام بـ22 ألف عسكري، و710 دبابات ومدرعات، و4000 من أناس حرس الحدود، ووسائل أخرى أيضاً، وعدد غير محدود من الشرطة.
هل تعتقدون أن من مصلحة اسرائيل أن تكون في جبهة واحدة مع مصر في محاربة الارهاب؟ أعتقد أن نعم. الكتيبة المصرية في محور فيلادلفيا جزء من شبكة أوسع من قتال مثلث مشترك للارهاب العالمي: لنا، وللأردن ولمصر. سهام هذا الارهاب مسددة إلينا، والى نظام مبارك، والى نظام عبد الله في الأردن.
قد تعلمون أن مصر ليست محبة صهيون؛ وتعلمون أنها ليست تؤيد مواقفنا السياسية؛ وتعلمون أنها ستثور ثورة هوجاء ضد جدار الفصل وتوسيع المستوطنات؛ لكن منذ 25 سنة يوجد نظام علاقات مستقر بيننا وبين الدولة العربية الكبرى. وهو استقرار ثبت مع قصف المفاعل النووي في العراق في عام 1981، ومقتل السادات، والانتفاضة الأولى والثانية، وغزونا لبنان سنة 1982، وكثرة الانقلابات السياسية التي جرت في دولة اسرائيل منذ أيام بيغن، الاتفاق الحالي يعزز فقط الاستقرار طويل الأمد هذا.