اكدت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس امس انه سيكون على مجلس الامن أن يكون مستعدا للتحرك وفقا لما سيكون عليه تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي الالماني ديتليف ميليس، الذي سيصدر بعد ايام. فيما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" امس نقلا عن مسؤولين اميركيين ان هناك خططا لعمليات اميركية خاصة داخل سوريا.
وقالت رايس للصحافيين المرافقين لها في الطائرة التي اقلتها من موسكو الى لندن "سيكون على المجلس أن يكون مستعدا للتحرك بطريقة.. تسمح بأن ينال كل ما يستحقه".
وتقوم رايس بجولة في عواصم الدول الكبرى لحشد الدعم للضغط على سوريا مع اقتراب موعد تقرير ميليس. وهي زارت اول من امس باريس والتقت الرئيس جاك شيراك وتركز الحديث بينهما على لبنان وسوريا.
وتزامنت هذه الجولة مع تزايد الاشارات في الصحافة الاميركية عن احتمالات توجيه ضربات عسكرية داخل سوريا، اخره ما كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" امس نقلا عن مسؤولين اميركيين ان هناك خططا لعمليات خاصة داخل سوريا.
وكانت رايس اجرت محادثات مع بوتين في موسكو قبل وصولها الى لندن، تركزت على اقتراحات جديدة لتحقيق تسوية سلمية في الشرق الاوسط بما فيها الوضع في سوريا ولبنان واتفق الجانبان على ضرورة تطبيق القرار الدولي 1559. في المقابل أقرت موسكو وواشنطن بخلافهما حول ايران وتحديدا حقها في تخصيب اليورانيوم واحالة الملف على مجلس الامن.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات للصحافيين عقب المحادثات بين بوتين ورايس، ان محادثاته مع نظيرته الاميركية تركزت فضلا على ملف ايران النووي على التطورات في سوريا ولبنان بالإضافة الى "الأوضاع في آسيا الوسطى في اعقاب زيارة وزيرة الخارجية للمنطقة واتفقنا على تشجيع الاستقرار فيها".
اضاف الوزير الروسي ان "الطرفين ركزا أيضا على تطبيق قرار مجلس الأمن الداعي إلى تفكيك المجموعات المسلحة في لبنان وتجريدها من سلاحها" في اشارة الى القرار رقم 1559.
في غضون ذلك، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين اميركيين حاليين وسابقين ان الجيش الاميركي يدرس خططا لشن عمليات خاصة داخل سوريا مستخدما فرقا سرية لجمع معلومات استخبارية عبر الحدود، مشيرة الى ان سلسلة من المواجهات وقعت في السنة الاخيرة بين قوات اميركية وسورية على الحدود مع العراق، قتل فيه عدد من السوريين.وذكرت ان سلسلة من المواجهات وقعت في السنة الاخيرة بين قوات اميركية وسورية بينها تبادل لاطلاق النار دام لفترة هذا الصيف وقتل فيه عدة سوريين، مما يعزز احتمال ان تتحول العمليات العسكرية عبر الحدود الى جبهة جديدة خطرة في العراق.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مصادر عسكرية وحكومية سابقة وحالية لم تسمها، قولها ان تبادل اطلاق النار بين القوات الاميركية والقوات السورية عند الحدود السورية ـ العراقية كان اخطر هذه المواجهات بين الطرفين.
وقالت الصحيفة ان هذا الامر يعكس المخاطر التي تواجهها القوات الاميركية في وقت تمارس فيه واشنطن مزيدا من الضغوط السياسية والعسكرية على سوريا.
ونقلت عن احد كبار مساعدي الرئيس الاميركي جورج بوش ان قوات عسكرية اميركية انتقلت الى المنطقة الحدودية لمنع تسلل متمردين لكنه شدد على انها امتنعت حتى الان عن عبور الحدود على ما افادت الصحيفة. لكن مسؤولين اخرن قالوا ان معلومات ميدانية واخرى مستقاة من احاديث لقادة عمليات خاصة، تؤكد ان العمليات تجاوزت الحدود عن طريق الخطأ احيانا وعمدا احيانا اخرى.
الى ذلك، كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية امس عن اقتراح اميركي لاخراج دمشق من العزلة الدولية التي تعانيها منذ جريمة الاغتيال في 14 شباط (فبراير) الماضي وتجنيبها عقوبات دولية جديدة، يتكون من 4 شروط هي بمضمونها استجابة سورية كاملة للمطالب الدولية.
ووفق ما ذكرته الصحيفة البريطانية، فإن الولايات المتحدة عرضت صفقة على الرئيس السوري بشار الاسد تتضمن سلسلة من التنازلات لاخراج بلاده من العزلة الدولية الواقعة فيها.
واوضحت الصحيفة ان العرض الاميركي الذي سمي "صفقة القذافي"، مشابه للاقتراح الذي عرض قبل سنتين على الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الذي كانت بلاده في عزلة دولية اثر الاعتداء على طائرة "بانام" الاميركية فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية.
ونقلت "التايمز" عن مسؤولين اميركيين وعرب قولهم ان هذه الاقتراحات الاميركية الاخيرة تتمحور على اربعة مطالب رئيسية من شأنها ان تجنب سوريا عقوبات دولية.
ورأت الصحيفة ان المسألة قد تحل اعتبارا من الاسبوع المقبل مع رفع تقرير الامم المتحدة حول جريمة اغتيال الرئيس الحريري الى الامين العام للمنظمة الدولية كوفي انان.
واضافت ان الاستنتاجات التي سترد في التقرير غير معروفة بعد لكن يتوقع بشكل عام ان ترد اسماء مسؤولين سوريين كبار في مجال الاستخبارات على ما افادت الصحيفة.
وقالت الصحيفة نقلا عن تصريحات مسؤول ديبلوماسي عربي كبير ان "اياما عصيبة تنتظر الاسد. فاصدقاؤه باتوا قلائل. ويبذل كل ما في وسعه للخروج من الوضع الصعب هذا".
وكتبت الصحيفة ان واشنطن تريد ان تلبي سوريا اربعة شروط رئيسية، هي:
-ان تتعاون سوريا بالكامل مع محققي الامم المتحدة بشأن التحقيق في جريمة اغتيال الحريري وقبول اي طلب يصدر عنهم.
-ان يتم استجواب اي مسؤول في النظام السوري يرد اسمه كمشتبه به وحتى ملاحقته القضائية.
-ان يتوقف السوريون عن التدخل في شؤون لبنان.
- ان تتوقف دمشق عن تجنيد متطوعين وتمويلهم وتدريبهم ليشاركوا في اعمال عنف في العراق.
وقالت الصحيفة ان الولايات المتحدة تتعهد في مقابل ذلك اقامة علاقات كاملة وودية مع سوريا لجعلها مجددا بلدا يجذب استثمارات اجنبية.
وشددت الصحيفة على ان "الاميركيين على اقتناع ان الاجواء في منطقة الشرق الاوسط ستتغير برمتها في حال قامت سوريا بتحول جذري في موقفها: فلبنان عندها سيتحرر وستوجه ضربة قوية للتمرد في العراق وسيفتح الباب امام سلام تدريجي بين اسرائيل وفلسطين".
ونقلت "التايمز" عن مصدر لم تسمه مقرب من النظام السوري ان الاقتراحات الاميركية عرضها طرف ثالث خلال الايام العشرة الاخيرة وان السوريين اعربوا عن عزمهم على التعاون.
لكن مسؤولين بريطانيين يشككون رغم ذلك بموافقة الرئيس السوري على الصفقة التي تشكل بالنسبة له تراجعا كبيرا على ما ذكرت الصحيفة التي نقلت عن مصدر سوري مقرب من عائلة الاسد ان الرئيس السوري سيرد سلبا على الاقتراحات الاميركية.
ورأت الصحيفة ان في حين ادت الصفقة مع القذافي الى تحول تاريخي في العلاقات بين ليبيا وبقية دول العالم، ثمة شكوك حول ما اذا كان بشار الاسد قويا وشجاعا كفاية للقيام بالخطوة ذاتها.
وامس، ألمح المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ادم ايرلي الى وجود رابط بين وفاة وزير الداخلية السوري غازي كنعان وبين اغتيال الرئيس الحريري، تاركا الباب مفتوحا امام احتمال توسيع صلاحية لجنة التحقيق الدولية لتشمل قضية كنعان.
وقال ايرلي في تصريح لاذاعة "سوا" الاميركية امس، إن واشنطن مستمرة في مطالبة جميع المعنيين بالتعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية والامتثال لقرار مجلس الامن 1559. أضاف ان واشنطن تتطلع باهتمام لاستلام تقرير ميليس ودرس ما يتضمنه بعد تقديمه الى مجلس الامن في 25 تشرين الاول (اكتوبر) الجاري، مشيرا الى أن مسألة التمديد لمهمة ميليس كانت موضع بحث فى مجلس الامن منذ فترة طويلة.
وفي القاهرة، اكد وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ان مصر تحاول اقامة جسر للحوار بين سوريا من جهة والولايات المتحدة وفرنسا من جهة اخرى لتخفيف الضغوط على دمشق.
وفي ما يتعلق بملف ايران النووي، اشار لافروف خلال مؤتمر صحافي عقده بعد لقائه رايس في موسكو الى انه تم الاتفاق على ان يقوم خبراء مستقلون بإعداد تقريرين حول الاقتراحات الجديدة، على ان يتم بحث التقريرين من جانب وفدين ديبلوماسيين من روسيا والولايات المتحدة ومن ثم اختيار أفضل القرارات الملائمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
واعرب لافروف ورايس عن املهما في تحقيق تقدم في حل الصراع في الشرق الأوسط بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. وقالت رايس انها بحثت مع لافروف مسؤولية اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) عن تحقيق تقدم في حل الصراع.