يشعر آرييل شارون بالمتعة عند الحديث عن عادات الصُلحة البدوية. فشارون يحب وصف تفاصيل التفاصيل وبإسهاب مراسم الإهانة التي يخضع لها من يمسّ بزعيم القبيلة، والذي يأتي بعد فعلته طالباً الصفح منه. المسكين يجلس عند باب الخيمة، وكل من يأتي يمر أمامه كأنه فقاعة هواء. لاحقاً، يتقدم الرجل باتجاه الكرسي شيئاً فشيئاً، متراً بعد متر. أحياناً يحتاج الأمر الى أيام حتى يكون الزعيم مستعداً لاستقباله. بعد هذه الخطوة المهينة من هذا النوع، لن يكون هناك احتمال كبير لقيام هذا المارق بالتمرّد ثانية.

شارون يتصرف اليوم بطريقة تضع زعيم القبيلة البدوي المتصلّب تحت ضوء معتدل ليبرالي. فالصراع الكبير في الليكود انتهى حتى الآن، فك الارتباط نُفّذ، لكن شارون ما يزال ينتقم ويتحامل. فهو أعلن قبل الأعياد خلال حفل أقامه لتبادل الأنخاب قائلاً: "أنا سعيد لمجيئكم جميعاً الى هنا"، لكنه كان يقصد فقط قسماً من الحاضرين.
ماذا كان سيحصل مثلاً لو أنه أخذ الوزراء الجدد من بين المتمردين، حتى وإن كانت خطوة التعيين كلها تبدو كخطوة زائدة؟ كان شارون سيُثبت بذلك أنه يريد فعلاً توحيد الليكود. وفي المناسبة ذاتها كان سيُفكك المعارضة الداخلية التي أخذت تضعف.

لكن رئيس الحكومة لا يرى في الليكود حزباً، بل معسكراً. فهو يطالب بالولاء القبلي. في المرحلة الأولى ضرب بنيامين نتنياهو، يُجلسه عند طرف الخيمة، وحتى أنه لا يُدخله نصف متر الى الداخل. ويُدرك نتنياهو أنه لن يكون وزيراً عند شارون، وهو يستأنف الحرب ضده. بعد ذلك يستفز شارون معارضيه الآخرين في الليكود، ويهزأ بهم وبهزيمتهم في المركز في كل مناسبة. ونهاية الحديث هو أنه مقتنع أنهم جميعاً يخشون الانتخابات ولذلك سيكون له في النهاية الأغلبية في الكنيست من أجل تعيين بار أون وبويم وزراء في حكومته.

ربما، لكن يبدو أن شارون يمتطي هذه المرة الحصان غير الصحيح. فرئيس الحكومة يهدد بعقوبات قاسية، ويلمح الى تقديم موعد الانتخابات وتقسيم الليكود، لكن الجمهور لا يفهم سبب هذه الجلبة. فالجميع يعرف أن هذه الحكومة منتفخة. الجميع يعرف أنه يجلس فيها وزراء زائدون، ونواب وزراء هم نكتة. الكل يعرف أن رئيس الحكومة أعطى مناصب ووظائف حكومية عالية لكل طالب لذلك من بين رجال معسكره بهدف كسب تأييدهم السياسي فقط، أو كهدية على التصويت السياسي. لكن أحداً لا يدرك لماذا يتعيّن زيادة الأعباء على السياسيين الذين لا ينقصهم شيئاً في هذا الوضع أيضاً.
تبيّن أن غالبية الجمهور كانت مستعدة لغض النظر عندما قام شارون بخطوات غير ديموقراطية لدفع خطة فك الارتباط الهامة قدماً. كان لديه أغلبية كبيرة في الكنيست، لكن الوضع مختلف اليوم. في الجولة السابقة لحقت الهزيمة بشارون ولم ينجح في تمرير تعيين المقرّبين منه. وحتى سكرتير الحكومة، يسرائيل ميمون، إعترف أن محاولة تمرير هذه التعيينات خطأ.

إن الحرب العنيدة التي يخوضها شارون من أجل تعيين وزراء بسبب صراعات داخلية حزبية، هي أمر غير منطقي، غير أخلاقي، وهي لا تستحق أيضاً هذا الجهد.

مصادر
معاريف (الدولة العبرية)