قال لي نايان تشاندا، رئيس تحرير مجلة «يال غلوبال»، ناقلا حديثا دبلوماسيا آسيويا: تبدو الهند دائما وكأنها تغلي على السطح، لكن في الأعماق هي مستقرة بسبب 50 عاما من الأساس الديمقراطي. بينما تبدو الصين مستقرة على السطح، لكنها في الأعماق تغلي، حيث هناك اقتصاد ينمو بشكل متطرف تحت غطاء سياسي متشدد.
هناك قدر كبير من الصحة في ذلك، لكن ما هو شيق هو المكان الذي يجري فيه الغليان داخل الصين. فمنذ انتفاضة الطلبة عام 1989 ونحن في أميركا نميل إلى رؤية الصين من خلال منظور ساحة «تيان ان مين»، ظنا منا أن الدراما الأساسية هي في وجود صراع بين الطلبة الساعين لتحقيق الحرية مقابل حزب شيوعي متشدد، لكن هذه العدسة لا تكشف الكثير عما يحدث في الصين اليوم. فالكثير من الطلبة الذين شاركوا في مظاهرات «تيان ان مين» حصلوا على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال وتخلوا عن السياسة، حيث راحوا يعملون في الشركات المتعددة الجنسيات.
واليوم يتحدد الخطأ الأساسي في الصين بمنطقة «مضيق النمر القافز»، التي تعد موقعا جيولوجيا كبيرا في غرب الصين، على امتداد نهر يانغتزي وواحدا من أعمق المضايق في العالم. ويعتبر ذلك الموقع من أجمل الأمكنة في العالم. وقمت بزيارتي حاملا معي كاميرا، لكنني زرت أيضا المزارعين المحليين ومعي دفتر ملاحظات.
كان هؤلاء الفلاحون غاضبين تجاه الخطط الرامية إلى بناء سد على نهر يانغتزي، وإغراق منطقة تايغر ليبنغ جورج «مضيق النمر القافز» وإجبار آلاف المزارعين والقرى على الانتقال إلى أماكن أخرى. ويخبرهم مسؤولون محليون حاليا عن كيفية بناء السد، والدخول في عالم السياسة ليس هواية محببة بالنسبة للمزارعين.
وهذه هي العدسات السياسية، التي يمكن للمرء ان يراقب من خلالها الصين اليوم. وستكون كيفية ادارة الحزب الشيوعي الحاكم في الصين للتوترات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تجري في أماكن مثل تايغر ليبنغ جورج وليس ميدان «تيان ان مين،» ستكون القصة الأكثر اهمية التي تحدد الاستقرار السياسي في الصين على المدى القريب.
لننتبه الى ما يقوله مساعد وزير البيئة في الصين بان يو، في مقابلته المدهشة يوم 7 مارس الماضي مع «دير شبيغل»: «موادنا الخام نادرة، فليس لدينا ما يكفي من الأراضي، وينمو عدد سكاننا باستمرار. وفي الوقت الحالي يعيش 1.3 مليار شخص في الصين، وهذا ما يعادل ضعف ما كان عليه عدد السكان قبل 50 عاما. وفي عام 2020 سيكون هناك 1.5 مليار. والمدن تنمو ولكن المناطق الصحراوية تتسع في الوقت نفسه. واما الأراضي المسكونة والمستخدمة فقد تقلصت الى النصف خلال الخمسين عاما الماضية. وستنتهي، معجزة اجمالي الناتج المحلي للصين قريبا، لأن البيئة لم تعد قادرة على سرعة التوافق. ونصف المياه في الأنهار السبعة الكبرى غير نافعة تماما. ويتنفس ثلث سكان المدن هواء ملوثا. نحن مقتنعون بأن الاقتصاد المزدهر يسير اوتوماتيكيا يدا بيد مع الاستقرار السياسي. وأعتقد ان ذلك خطأ كبير، فاذا ما اتسعت الهوة بين الفقراء والأغنياء فان مناطق داخل الصين والمجتمع بأسره سيصبح غير مستقر. واذا ما تخلفت ديمقراطيتنا ونظامنا القانوني وراء التطور الاقتصادي الشامل، فان جماعات مختلفة من السكان لن تكون قادرة على حماية مصالحها».
والسؤال: هل سيصاغ الاستقرار المستقبلي للصين أم لا، ولا لدهشة هنا لأن زعماء الصين قد جعلوا من اقامة «مجتمع منسجم» مسألة مركزية بالنسبة لخطتهم للسنوات الخمس المقبلة. فلنتمن لهم الخير، ذلك ان نتائج عملهم ستؤثر على كل شيء، من الهواء الذي نتنفسه الى الملابس التي نرتديها، نهاية بأسعار الفائدة على الرهن العقاري الذي نحصل عليه.