صباح يوم الجمعة استوعب أرييل شارون ورجاله المغزى الكامل والخطير بالنسبة إليهم للانقلاب الذي حدث يوم الخميس في حزب العمل. فاستطلاعات الرأي التي ظهرت في صحيفتي "هآرتس" و"معاريف" أشارت إلى تعزز قوة حزب العمل. كان هذا متوقعاً. لكن ما أدهش شارون ورجاله كان تجند وسائل الاعلام شبه التام من أجل عمير بيرتس. والخلاصة التي خرجوا بها هي أنه انتهى عهد "الأُترج" (نوع من الليمون ذو رائحة طيبة) وأن تأييد وسائل الاعلام لشارون لم يعد مضموناً.
بناء عليه تقرر إرجاء اللقاء بين شارون وبيرتس من اليوم إلى يوم الخميس القادم. وهدف الإرجاء إلى تحقيق ثلاثة أهداف: إثبات من هو صاحب البيت هنا؛ تجاوز الأسبوع البرلماني القادم بسلام حيث يُفترض أن يُطرح على التصويت اقتراح بحل الكنيست؛ وكسب الوقت بغية التشاور وإجراء مجموعة من الاستطلاعات السريعة وفي أوساط جمهور ناخبي الليكود، قبيل اتخاذ القرار الحاسم الذي لم يعد ممكناً تأجيله: خوض الانتخابات ضمن الليكود أو ضمن حزب جديد، ومن يستفيد من الانتخابات الآن، شارون أم بيرتس.
هذه معضلة غير سهلة: بيرتس يريد انتخابات بسرعة كي يستغل الزخم وتقصير فترة التآكل التي تنتظره في حزب العمل، الحزب الذي اعتاد على أكل قادته. إذا كان الأمر كذلك، سيضطر شارون للسعي لتحديد موعد أبعد. وإلى حين موعد الانتخابات، يمكن له ولوزير ماليته، أولمرت، أن يُحسنوا العطاء للشعب. فثمة إضافات في الميزانية، وهذا هو الوقت المناسب لتوزيع بعض المال من أجل تحسين الوضع وسحب البساط الاجتماعي من تحت أقدام بيرتس.
من جهة ثانية، فإن شارون يحظى بشعبية كبيرة أيضاً. وحتى اليوم، في ذروة النشوة حول بيرتس، لم يتضرر الليكود برئاسة شارون. في هذه الأثناء فشلت محاولة بيرتس في إلقاء المسؤولية عن الضائقة الاجتماعية على كاهل شارون. لذلك، ربما يتعين على شارون ايضاً أن يفضل الانتخابات المبكرة قدر الامكان. وهذا ما يناقشه في هذه الأيام شارون ورجاله، فهم غير منهمكين بأي أمر آخر. كل شيء سينبثق عن قرار واحد: هل سيبقى شارون في الليكود أم أنه سينشق عنه ليشكل حزباً جديداً. وإذا أقام حزباً جديداً، فمن سيأخذ معه. فمن الواضح أنه يريد الوزراء المعتدلين في الليكود، إضافة إلى أكبر عدد ممكن من أعضاء الكنيست وبعض الوجوه الجديدة مثل رئيس الشاباك السابق آفي ديختر.
لكن هل سيدعو إلى الحزب الخاسرين من حزب العمل؟ بيرس، حاييم رامون، داليا أيتسيك، وربما أيضاً متان فيلنائي؟ هذه الأسماء التي جرى الحديث عنها حتى الآونة الأخيرة. كل شيء يُفحص هذه الأيام في استطلاعات الرأي التي يجريها شارون.
إذا قرر شارون البقاء في الليكود، فسيحظى بفترة زمنية للبث في وسائل الاعلام ضعف ما سيحظى به بيرتس، وبوحدات تمويل أكبر بكثير. ذلك فضلاً عن كونه رئيساً للحكومة بحيث يتحكم بطبيعة الحال بجدول الأعمال السياسي. وسيضع الليكود في تصرفه أيضاً شبكة بنية تحتية من الناشطين والمتطوعين والتي أثبتت جدارتها في عامي 2001 و2003 . لكن عليه أن يتغلب فقط على عائق واحد، نتنياهو، كي يعود إلى الكنيست القادمة مع عدد كاف من المقاعد يمنحه رئاسة الحكومة لولاية أُخرى أخيرة.
الميل السائد في محيط شارون يتجه نحو الليكود، فالمستشار للشؤون السياسية الداخلية وصاحب التأثير الأكبر عليه، نجله عمري، يوصيه باختيار الليكود. هذا هو أيضاً رأي الوزراء المقربين مثل تساحي هنغبي وسيلفان شالوم. لكن شارون لا يستشيرهم في الآونة الأخيرة.
لذلك يقولون رأيهم في وسائل الاعلام وفي الاجتماعات المغلقة لمعرفتهم أن كلامهم يسلك طريقه بسرعة إلى مكتب رئيس الحكومة. وقبل عدة أيام، في اجتماع لناشطين من الشمال، قال وزير الخارجية إن شارون يُخطئ إذا خرج من الليكود.
المنافسة التي لم تحصل
انتخاب عمير بيرتس شطب الجيل المتوسط في حزب العمل. إذا فشل بيرتس في الانتخابات، فيُستبدل من قبل أعضاء الحزب، وسيحل مكانه شخص شاب: أوفير بينس، اسحاق هرتسوغ، ربما عامي إيالون، الذي هو غير شاب من حيث العمر لكنه جديد في السياسة. ويُحتمل أن يتنافس بينس الآن مقابل بيرس وبيرتس. فهو كان يستطيع الوصول إلى نتائج مفاجئة، لكن خشي ذلك. وهو قال إنه ما زال شاباً ويفتقر إلى الخبرة. فالتواضع والدماثة معايير مناسبة، لكن في السياسة لا يمكن الذهاب معها بعيداً.
لم يقرر بيرتس بعد كيف سيتصرف مع أعضاء الكتلة وكبار المسؤولين فيها ممن لم يؤيدوه. إذا كان الأمر برمته مرتبطاً به، كان سيستبدلهم بأشخاص مثل عامي أيالون، ورئيس جامعة بئر السبع إفيشاي برفرمان، ورجل الأعمال بني غاؤون. لكنه يعلم أن بينس وهرتسوغ وشالوم سمحون يشكلون اليوم الوجوه الشابة والودودة في الحزب. وهو سيحتاجهم، لذلك يفضل التحالف معهم بدل قطع رؤوسهم. وهو معني أيضاً بتأييد فؤاد بن اليعيزر، الذي قدم مفاجأة ايجابية في الانتخابات التمهيدية والذي يجلب له بنية تحتية تنظيمية ومعسكراً كبيراً في مركز الحزب.