مجرد صورة لا غير لحياة تدهشنا أحيانا بحجم الطموحات أو حتى بالتعبير عن الخيبات، فالأفكار التي تبحث عن جمهور تتطاير أحيانا
مجرد صورة لا غير لحياة تدهشنا أحيانا بحجم الطموحات أو حتى بالتعبير عن الخيبات، فالأفكار التي تبحث عن جمهور تتطاير أحيانا مقنعة أصحابها بأنهم الأجدر على اكتساب وسام "قادة الرأي"، بينما تسير الحياة نحو اتجاه مقفل يعيد "صفحات" قديمة لكنها قادرة على امتلاك الجمهور.
هل عجزت العقول عن حجز مساحة لها داخل الجغرافية الاجتماعية؟ وهل تحولت "الأحزاب" إلى منابر توازي الشكل المعهود لخطابة لا تملك سوى "البلاغة" والتراث النفسي للمجتمع؟
في السنوات الأخيرة شهدنا نوعا من الصعود في طاقة التكرار، أو تبدل مذهب "التواتر" المعهود في فقه الحديث ليصبح سلاحا داخل التعامل في التكوينات التي يجب أن تكون على الأقل من إنتاج الحداثة، كالأحزاب والجمعيات وصفحات الإنترنيت ... وفي السنوات الأخيرة أصبح الخطاب الخاص بهذه "التكوينات" ينتقل بالتواتر من جيل إلى جيل مكرسا ثقافة المشافهة على سياق شيخ الحلقة والكتاب والحكواتي. وعندما يجهد المنظرون أنفسهم فإنهم يقيسون ما يحدث على قاعدة ما ورثوه بالتواتر، او حتى يكتبون التاريخ على شاكلة "الفتوحات" متناسين ربما أن التوثيق لم يعد يترك مجالا لخصب الخيال، أو لرسم بطولات من ورق وأمجاد لا يقرؤها أحد.
ما يحدث اليوم داخل مساحة ثقافتنا المحدودة ربما يحتاج بالفعل لإعادة النظر بعمليات التبني الجماعية التي حدثت بعد الاستقلال للأحزاب، ولآليات التعبير التي ظهرت كمخرج لإنهاء عشقنا للماضي أو زهدنا بالمستقبل، لأن هذه الآليات أثبتت أنها تعيد إنتاج هذا الولع بالماضي حتى ولو كان قبل سنة أو يوم أو حتى ساعات.
أحزاب "Offline" لأنها غير قابلة للتحول أو النظر في تجربتها، وأفكار "Online" لأن الكثيرين يعتقدون أن "قوة" الفكرة قادرة على دفعهم للأمام بينما لا يجدون الإبداع إلا في عمليات "الترويج" و "التسويق" لأفكار هاربة من التصحر الذي نعيشه .... فهل الأفكار سهلة إلى الحد قدومها فجأة ورحيلها دون سابق إنذار ... ربما ظهرت كل مراحل ما بعد "النهضة" على هذا السياق، لكن الأمر اليوم مختلف فابتداع الأفكار لا يحتاج إلى "صدمة الحضارة" بل لإبهار تسويقي ثم نستطيع بعده التواري أو اعتبار أن الظروف لا تتيح اليوم ظهور "الجديد" و "الحديث" و "النهضوي".
ربما لسنا مستعدين لاعتبار أن الفكرة نتاج جهد معرفي وليس "عصف دماغي" في لحظة عابرة أو ضمن قرار مفاجئ ... أحزاب "Offline" منذ اللحظة التي اعتبرنا فيها الأحزاب صيغا على شاكل "الملل والنحل" ... و أفكار "Online" لا تستطيع قراءة أي أزمة لأنها تظهر دائما مثل شطحات الدوريش وهم ينادون مدد ....