تحول سقوط ساحة الفردوس في وسط بغداد حيث كان ينتصب تمثال الرئيس الراحل صدام حسين حتى التاسع من نيسان 2003 الى رمز لنهاية نظام وبداية تدهور الاوضاع بدل ان يشكل انطلاقة جديدة في العراق.
يستعيد محمد مطر (42 عاماً) ذكرياته، ويقول وهو الذي يعمل في فندق "فلسطين-ميريديان" حيث كان التمثال منصباً، "بعد دخول الجيش الاميركي ومحاولته رفع تمثال صدام وسحبه باحدى دباباتهم تجمعنا حول المكان لمشاهدة نهاية الطاغية".
ويضيف "بعدما سقط التمثال سحبته دبابة اميركية فهرعنا لكي ننتقم لمعاناتنا عبر ضربه بالارجل وسحقة بالاقدام".
يؤكد مطر الذي اعدم النظام السابق خمسة من عائلته لانتمائهم الى حزب الدعوة الشيعي "لم نكن نتجرأ على لمسه قبل ذلك اليوم الذي نعتبره ذكرى سقوط الاستبداد والظلم".
الآن، تغير المكان حيث يوجد فندقا "شيراتون-عشتار" و"ميريديان-فلسطين" وساحة الفردوس، وحل محل تمثال صدام نصب اخضر اللون لفنانين شبان، فيما اصيبت الجدران المحيطة بالساحة ونوافذ المباني المجاورة بالدمار الذي خلفته انفجارات متوالية لسيارات مفخخة وعبوات ناسفة.
بعد أن كان من احدث فنادق العاصمة، اغلق فندق "شيراتون-عشتار" الذي يبعد عشرات الامتار عن ساحة الفردوس ابوابه، اثر انفجار شاحنة مفخخة قرب مدخله ما ادى الى اهتزاز ركائز المبنى وبات دخوله يشكل خطرا.
لم تعد الساحة التي كانت رمزا لحاكم البلاد قبل اربع سنوات الا دائرة تحاصرها نقاط تفتيش الشرطة والجيش للحد من اعمال العنف التي تستهدف المكان حيث رفعت في احدى زواياه لوحة اعلان حكومية كبيرة كتب عليها "باخوتنا وقوتنا ندحر الارهاب".
ومع ذلك، فإن "النصب الجديد لا يعني شيئا" لنبيل احمد الذي انتقل للعمل في محل تجاري قريب من الساحة، ويضيف إنه "لا يرمز باي شكل من الاشكال الى الحرية او الواقع".
مؤكداً "نعيش كعراقيين اليوم دون امن او حرية فلا يوجد معنى للحرية دون امن".
وتابع "اشعر بخيبة امل ازاء تدهور الاوضاع في البلاد، لا يقصد الساحة غير الجنود الاميركيين لالتقاط صور تذكارية".
بدوره يقول قصي طه (36 عاما), وهو فلسطيني ولد في العراق "لقد شعرت بحزن عميق يوم سقط نظام صدام لانني اعرف جيدا ما معنى الاحتلال".
واضاف "ليس جميع العراقيين يعولون على الاحتلال مثلما يتوقع البعض".
والصور التي بثتها شاشات التلفزيون عندما سقط تمثال صدام لا يمكن نسيانها.
أما منى محمود (46 عاما) وهي ام لطفلين تعمل في حديقة الساحة فقد اعتبرت ، ان "سعادتنا كانت كبيرة بسقوط نظام صدام لاننا كنا نامل تحسين اوضاعنا وحياتنا".
واكدت منى محمود التي شاهدت سقوط تمثال صدام على شاشات التلفزيون عندما كانت في سوريا آنذاك، ان "المكان يدعو للحزن ويذكرنا بان سقوطه كان بداية ما نعيشه اليوم من انعدام للامن وخوف من المجهول".
ويرى الكثير من العراقيين ان سقوط التمثال هو بداية لاحتلال العراق اكثر من كونه نهاية لنظام صدام.
ويعتبر علي محمود احد العاملين في فندق فلسطين-ميريديان ان "الاميركيين مسؤولون عن تدهور الاوضاع في العراق وعليهم ان يرحلوا وبسرعة".
واكد ان "العراقيين اعتبروا سقوط تمثال صدام انطلاق الحرية في البلاد مع سقوط النظام البائد".
وتابع "لكن بمرور الايام اكتشفنا العكس, كانت اكذوبة, فالامن منعدم والعدالة مختفية وضاعت احلامنا مع النصب الجديد".