بعد اربعة عقود على تبنيه في مجلس الامن الدولي لاحلال السلام بين العرب واسرائيل، لا يزال القرار 242 احد اكثر القرارات التي يتم الحديث عنها لكنه لم يطبق.
ولم تحظ الكثير من الوثائق الدولية بالتحليل الذي حظي به نص القرار 242 الذي تم تبنيه في 22 تشرين الثاني 1967 بعد اشهر فقط على انتصار الدولة العبرية على جاراتها العربية في حرب حزيران 1967.
ودخل دبلوماسيون ومحامون في جدل لا ينتهي حول تفسير القرار 242 مع تبادل العرب والاسرائيلين الاتهامات بشان الازمة في الوقت الذي سعى فيه الجانبان للاستحواذ على قلوب وعقول المجتمع الدولي.
واستلزم التوصل الى الصيغة النهائية للقرار مفاوضات صعبة ومشحونة حيث ان القرار تناول استيلاء اسرائيل على شبه جزيرة سيناء - التي جرت اعادتها الى مصر في وقت لاحق - ومرتفعات الجولان السورية، والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويدعو نص القرار الى "انسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي التي احتلت في النزاعات الاخيرة". الا ان هذه الكلمات القليلة تتيح هامشا كبيرا لمجموعة واسعة من التفسيرات.
وفيما يقول العرب ان هذه العبارة تعني الانسحاب التام من "كافة" الاراضي العربية، الا ان الولايات المتحدة تقول انه يسمح "بتعديلات حدودية صغيرة"، في حين تفسره اسرائيل بطريقة اكثر تحررا، كما يقول الخبراء.
ومنذ عام 1967، تبنت الجمعية العامة للامم المتحدة مئات القرارات التي تنتقد اسرائيل، الا ان هذه القرارات غير ملزمة ولم تلق من اسرائيل سوى التجاهل التام.
ولكن وبعد حرب عام 1973، وبعد انتفاضتين فلسطينيتين فان الخطوط العريضة للسلام بين العرب واسرائيل والقائمة على مفهوم "الارض مقابل السلام"، تعود الى قرار 242.
وقال جيفري هيلسنغ الخبير في شؤون الشرق الاوسط في معهد السلام الاميركي "في غياب اية نقاط مصلحة مشتركة محتملة، يظل قرار 242 نقطة البداية الضرورية".
واضاف "يجب كسر الجمود عن طريق احداث تغييرات في القيادة، ومن خلال توحيد رؤية كل جانب بالنسبة لما يرغب في تحقيقه، ومساعدة جهات خارجية مثل الامم المتحدة".
ويعتقد بعض المراقبين ان مبادرة السلام التي كشفت عنها قمة الجامعة العربية في الرياض في اذار الماضي لاحياء خطة السلام السعودية التي جرى تبنيها في بيروت في عام 2002، توفر بصيصا من الامل.
وتعرض الخطة على اسرائيل تطبيع العلاقات بينها وبين الدول العربية اذا ما انسحبت من كافة الاراضي التي احتلتها عام 1967، وتسمح باقامة دولة فلسطينية مستقلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين.
وكانت اسرائيل رفضت الخطة السعودية برمتها عندما تم الاعلان عنها في بيروت، الا انها ابدت بعض القبول بها كاساس للتفاوض بشرط الا يجري اي تغيير بشان حق عودة الفلسطينيين الى ديارهم.
وتحظى القضية العربية، خاصة فيما يتعلق برغبة الفلسطينيين باقامة دولة مستقلة، دعما تاما بين اعضاء الجمعية العامة في الامم المتحدة البالغ عددهم 192 عضوا وكتلة عدم الانحياز في الجمعية.
وتتهم اسرائيل والدول الداعمة لها الجمعية بالتحيز ضد اسرائيل، وتستشهد على ذلك بالقرار رقم 1975 الذي يساوي الصهيونية بالعنصرية. وقد تم الغاء هذا القرار في عام 1991.
ولكن وبعد الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة في عام 2005 والذي ادى الى دفء في العلاقة بين الدولة العبرية والمعتدلين في العالم الاسلامي، تحسن موقف اسرائيل على الساحة الدولية.
وفي عام 2005 اعلنت الامم المتحدة يوم 27 كانون الثاني يوما عالميا لاحياء ذكرى ضحايا المحرقة اليهودية (هولوكوست).
وفي العام ذاته، انتخب السفير الاسرائيلي دان غيليرمان نائبا لرئيس الجمعية العامة للامم المتحدة، في خطوة وصفها السفير الاسرائيلي بانها "لحظة تاريخية" لبلاده.
وفي كانون الثاني دانت الجمعية بالاجماع انكار المحرقة اليهودية، في خطوة قال دبلوماسيون انها تستهدف ايران مباشرة بعد ان وصفت المحرقة اليهودية بانها كذبة.
ومن ناحية اخرى، تحظى اسرائيل في مجلس الامن الذي تعتبر قراراته ملزمة، بالدعم الثابت والقوي للولايات المتحدة التي استخدمت حق النقض (الفيتو) 32 مرة منذ عام 1982 لحماية حليفتها اسرائيل من تلك القرارات.
وقال حاييم مالكا خبير الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي مقره واشنطن، ان الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع النزاع العربي الاسرائيلي لم تتغير كثيرا خلال السنوات الاربعين الماضية.
واضاف "بدلا من اغتنام الفرص، اختارت الادارة الاميركية مطالبة الفلسطينيين بتطبيق شروط تستند الى توقعات غير واقعية".
وتابع "وفي الوقت ذاته، فان الولايات المتحدة تفقد مصداقيتها في المنطقة، وضعفت قدرتها على التاثير على التطورات".