إعلان وزارة الدفاع الأميركية اليوم الاثنين بيعها 130 صاروخا لمصر بقيمة 125 مليون دولار بهدف تحديث قدراتها البحرية، قد يكون أمرا عاديا إذا كانت الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط غير تلك التي تشهدها حاليا، فنذر الحرب على إيران التي تلوح في الأفق تجعل أي صفقة عسكرية جديدة ذات حساسية خاصة.
صواريخ رام 116 بي
الصواريخ التي قررت وزارة الدفاع الأميركية بيعها لمصر تسمى رام 116 بي، وهي مخصصة للدفاعات البحرية عن الشواطئ والمياه الإقليمية والممرات المائية ذات الأهمية الإستراتيجية. ورغم أن مداها لا يتعدى تسعة كيلومترات فإن سرعتها التي تبلغ ضعف سرعة الصوت والمادة المتفجرة التي يحملها رأس الصاروخ والتي تزن نحو تسعة كيلوغرامات، يعطي هذا النوع من الصواريخ ديناميكية أكبر في ملاحقة الأهداف المعادية.
فضلا عن ذلك فإن هذا الصاروخ لخفة وزنه التي تبلغ 73 كلغ وقصره النسبي الذي يبلغ 2.82م، قادر على إصابة أهدافه بدقة نظرا لأجهزة التوجيه المتطورة لديه والتي تعمل بالأشعة الحمراء وأشعة الليزر.
السلاح الأميركي لمصر
تأتي هذه الصفقة بعد أقل من شهر على إعلان الولايات المتحدة عزمها بيع أسلحة لدول الخليج بقيمة 30 مليار دولار ولمصر بقيمة 13 مليارا، وفي ظل أجواء تعيشها المنطقة تلوح في أفقها نذر حرب على إيران، الأمر الذي يزيد المشهد سخونة.
في دراسة حديثة عن جدوى المساعدات الأميركية لمصر صادرة عن مكتب محاسبة الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة التابع للكونغرس والذي يحظى بمصداقية كبيرة لدى النواب الأميركيين على اختلاف مشاربهم السياسية، أكدت أن مصر بعدما غيرت وجه سياستها الخارجية من المشرق السوفياتي إلى المغرب الأميركي عام 1979، أصبحت ثاني أكبر مستفيد في العالم من المساعدات الأميركية بعد إسرائيل.
ووفقا للدراسة المذكورة فقد بلغ حجم المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأميركية لمصر منذ ذلك الوقت وحتى الآن نحو 60 مليار دولار نصفها تقريبا (34 مليارا) ذهبت للشق العسكري بواقع 1.3 مليار دولار سنويا.
وتضيف الدراسة أن مصر حصلت في الفترة بين عامي 1999 و2005 فقط على 7.3 مليارات دولار أنفقت منها 3.8 مليارات على شراء المعدات العسكرية الثقيلة والباقي على مختلف أنواع العتاد الحربي، إلى درجة جعلت 80% من مجموع ميزانية العقود العسكرية المصرية تأتي من برنامج مساعدات التمويل العسكري الأميركي الأجنبي وأن 52% من المعدات العسكرية المصرية أميركية.
المقابل
بين الحين والآخر يراجع الكونغرس الأميركي برامج المساعدات الأميركية لدول العالم ويقيم مدى الفائدة التي عادت على الولايات المتحدة من هذه المساعدات وبالتالي ينظر فيما إذا كانت ذات جدوى فيستمر فيها أو يقرر إيقافها.
من هذه التقييمات ما تم في مايو/ أيار 2006 والتي خلص فيها الكونغرس إلى أن واشنطن ستستمر في مساعدة مصر نظرا لأهميتها الإستراتيجية في المحافظة على المصالح الحيوية الأميركية في المنطقة.
ولم يكتف التقييم بهذه العموميات وإنما توسع في التفاصيل فذكر أن الإفادة التي حصلت على الولايات المتحدة والتي كان لها أهمية كبيرة تتمثل بعضها في:
استخدام الطائرات العسكرية الأميركية الأجواء المصرية خلال الفترة من 2001 إلى 2005 (في هذه الفترة حدث غزو العراق عام 2003) أكثر من 36 ألف مرة.
منحت مصر على وجه السرعة تصريحات مرور بقناة السويس لأكثر من 800 بارجة حربية أميركية في الفترة المذكورة ووفرت لها الحماية الأمنية.
وترد وزارتا الدفاع والخارجية الأمريكيتان على المتسائلين عن جدوى مثل هذه المساعدات بقولها إن مصالح الولايات المتحدة تحتم عليها تطوير قدرات الدول "الصديقة" كي تكون قادرة على المشاركة في "التحالفات" التي تشكلها واشنطن وحتى تصبح قادرة على المساعدة في العمليات "الدولية" إبان الأزمات الكبيرة.