رغم التكتم الذي يحيط بالمباحثات التي تدور بين الولايات المتحدة وجمهورية التشيك في إطار تركيب الرادارات العسكرية التي ستكون ضمن منظومة الدرع الصاروخي الأميركي وسط أوروبا، فإن ما يتم تناوله في هذه المباحثات بدأ يظهر إلى العلن.
فقد نقلت صحيفة هالو نوفيني الناطقة باسم الحزب الشيوعي التشيكي المورافي عن مصدر مطلع على مضمون تلك المباحثات، أن الأميركيين بصدد فرض حماية خاصة واستثنائية لهم ولجميع من سيتواجد من عسكريين ومدنيين على الأراضي التشيكية مستقبلا تعفيهم من قوانين البلاد المحلية.
وبالإضافة إلى ذلك يسعى الأميركيون لتوسيع تواجدهم العسكري لاحقا، الأمر الذي يعني حصول أكثر من 2000 أميركي على الإقامة الدائمة على الأراضي التشيكية تسري عليهم القوانين الأميركية فقط.
مباحثات صحيحة
الناطقة باسم الخارجية التشيكية زوزانا أوبلاتالوفا أكدت للجزيرة نت أن المباحثات مع الأميركيين تسير "بالطريق الصحيح" وأنها ستستأنف في وقت لاحق من هذا الشهر.
وستشمل مسائل عديدة منها وضعية وقانونية التواجد العسكري الأميركي في البلاد مستقبلا، بالإضافة إلى آلية وشروط تنظيم العلاقة بين تلك القوات العسكرية والقوات العسكرية المحلية التشيكية.
ولم تؤكد أو تنفي المسؤولة التشيكية المعلومات التي تشير إلى طلب واشنطن الحصانة للأشخاص الذين سيعملون في القاعدة العسكرية مستقبلا واكتفت بالقول إن المباحثات تتناول كافة المواضيع المطروحة للنقاش.
"
شرفو:
أكد أكثر من مصدر أن وكالة بلاك ووتر الأميركية الخاصة يمكن أن تتولى حراسة الجنود والقاعدة الأميركية مستقبلا، الأمر الذي يعني تواجد مافيات حقيقية على الأراضي التشيكية
"
سيادة منقوصة
رئيس العلاقات الدولية في الحزب الشيوعي حسن شرفو قال للجزيرة نت إنه سيكون في وضع المندهش جدا لو أن الحكومة التشيكية رفضت إعفاء الأميركيين من ضرورة خضوعهم للقوانين المحلية وعدم إعطائهم الحصانة.
وضرب شرفو مثالا على ذلك بالقوات العسكرية الأميركية المتواجدة في دول أوروبا، فهي لا تخضع للقوانين المحلية الأوروبية وتشملهم الحصانة ويمكن لأي عسكري أميركي أن يفعل ما يشاء دون أي محاكمة بفضل تلك الحصانة حتى في حالات القتل فهو مستثنى ويحاكم في بلاده، الأمر الذي يعني وببساطة سيادة أميركية بكل معنى الكلمة.
ولفت شرفو إلى أنه سمع من أكثر من مصدر أن وكالة بلاك ووتر الأميركية الخاصة يمكن أن تتولى حراسة الجنود والقاعدة الأميركية مستقبلا، الأمر الذي يعني حسب رأيه تواجد "مافيات حقيقية" على الأراضي التشيكية مع تلك القاعدة والرادارات، خاصة بعدما تأكد ضلوع عناصر تلك الوكالة في قتل المدنيين الأبرياء في العراق مؤخرا "دون أية محاسبة"، بالإضافة إلى رفض تلك الوكالة حظر الحكومة العراقية لها هناك واستمرار نشاطها "وكأن الأمر لا يعنيها".
وأوضح رئيس العلاقات الدولية في الحزب الشيوعي أن مجلس الحزب حذر في آَخر جلسة له من أن وضع القاعدة الرادارية الأميركية في البلاد يعني مستقبلا تفجر صراعات مسلحة تكون بيد أميركية، وتجعل التشيك "أداة تستخدمها الولايات المتحدة سياسيا لمصلحتها على حساب السيادة الوطنية".
وتابع أن مجلس الحزب لفت إلى أن رئيس الحزب اليميني الحاكم ميريك توبولانيك قد خصص مبالغ مالية كبيرة (15 مليون كورون تشيكي) للترويج لمزايا وضع القاعدة في البلاد في نفس الوقت، متجاهلا موقف الرأي العام التشيكي الذي عبر عن رفضه للقاعدة الأميركية في غالبيته وفق أحدث استطلاعات الرأي.
يذكر أن بعض المراقبين السياسيين التشيك أشاروا إلى أن الزيارة المرتقبة لوزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أواخر الشهر القادم إلى التشيك تأتي بهدف المزيد من النقاش بشأن موضوع القاعدة الرادارية.
ولفتوا إلى أن هذه الزيارة تأتي بعد سلسلة زيارات قام بها مسؤولون أميركيون بشكل مكثف إلى العاصمة براغ خلال الأشهر القليلة الماضية. وقد ينتج عن هذه الزيارة التوقيع على ما تم الاتفاق عليه بين البلدين بشأن مستقبل القاعدة الرادارية.