عرضت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها أمس الإختلاف في الرأي داخل الاتحاد الأوروبي حول تشديد العقوبات الاقتصادية على ايران، وذلك بعد الجولة الأوروبية لأولمرت. وكتبت: "الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة البريطانية غوردون براون اللذان استضافا هذا الأسبوع رئيس الحكومة ايهود أولمرت شددا أمامه على موقفهما الصارم والمشترك من وقف المشروع النووي الايراني. لقد عمل ساركوزي خلال الأشهر الاخيرة على تقليص العلاقات التجارية بين الشركات الفرنسية والإيرانية، ويقترح حالياً اقدام الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على ايران، مما سيدعم قرارات مجلس الأمن ضد ايران. وقال براون ان التصرف الايراني غير مقبول، وتعهّد تشديد العقوبات الدولية والأوروبية بعد تقديم الوكالة الدولية للطاقة تقريرها المتعلق بنشاط ايران النووي الشهر المقبل.
لقد عبّر أولمرت عن دعمه لمساعي مضيفيه. وقال ان في الامكان كبح ايران بالضغط عليها، مما سيقنع النخبة الاقتصادية بالوقوف في وجه الحكم وحمله على تغيير سياسته. في رأيه ان المطلوب عملية متواصلة، ومن المبكر ان نيأس ونقبل بالمشروع النووي الايراني او محاربته بالقوة.
وفي ظل تصاعد تصريحات كبار المسؤولين في الادارة الأميركية ضد ايران، يريد ساركوزي وبراون اعطاء الديبلوماسية فرصة واستخدام "القوة الناعمة". التحدي المطروح امامهما هو اقناع شركائهما في الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي - مثل المانيا وايطاليا - بالانضمام الى العقوبات الفرنسية وتقليص أعمالهما التجارية المزدهرة مع ايران.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأساسي لإيران، وتعمل الشركات الأوروبية في حقل الطاقة هناك وتموّل المعامل الصناعية ومشاريع بناء البنى التحتية وتزوّدها المعدات. تقترح فرنسا منع الشركات الأوروبية من المساهمة في المؤسسات الحكومية الايرانية وخفض تعاملها مع المصارف هناك. كما دعا ساركوزي شركات النفط والغاز الفرنسية الى عدم الدخول في مناقصات لمشاريع جديدة في ايران وتقليص الأعمال بين المصارف الفرنسية والايرانية.
تتحفظ المانيا وايطاليا عن مبادرة ساركوزي، ففي رأيهما ان العقوبات غير مفيدة. واذا لم تعقد أوروبا الصفقات مع ايران فستحل محلها روسيا والصين اللتان ستحصدان كل الارباح على حساب الصناعة الأوروبية. في العام الماضي قلّصت ألمانيا صادراتها الى ايران، وتراجعت علاقات المصارف الألمانية بالمصارف الإيرانية، الا ان الحكومة لا تقف موقفاً صارماً مثل الموقفين الفرنسي والبريطاني، وانما تفضل الاختباء وراء مجلس الأمن وعدم المشاركة في الحظر الأوروبي.
ان رافضي العقوبات الاقتصادية سيصلون الى نتيجة عكسية: فمن يمتنع عن ممارسة الضغط الاقتصادي على ايران سيقرب من قرار العملية العسكرية ضدها. فاذا ما كانت هناك فرصة لنجاح المسعى الديبلوماسي كما يقول اولمرت يجب عدم تضييعها بسبب اعتبارات تجارية قصيرة المدى. على اوروبا ان تظهر توحدها وتثبت ان أسلوبها هو الذي سيقدم الحل "لأهم مشكلة دولية"، وفقاً لوصف ساركوزي".