أعلن الرئيس المصري حسني مبارك أمس بدء تنفيذ برنامج نووي سلمي في بلاده يشمل إقامة عدة محطات لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية، وقال «سنسعى بخبرات مصر وقدراتها للتعاون مع مختلف شركائنا الدوليين ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار من الشفافية واحترام التزاماتنا وفق نظام منع الانتشار». ولم تبد واشنطن أي اعتراض على اعلان مصر، وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو بعد ساعات من اعلان الرئيس المصري بناء مفاعلات عدة، بعدما جمد البرنامج النووي الوطني قبل نحو عشرين عاما، «لا املك معلومات مفصلة عن هذا الامر، عموما، نحن ندعم البلدان التي تريد التزود بالطاقة النووية المدنية».
وذكرت المتحدثة بالمبادرات الدولية التي اطلقها الرئيس الاميركي جورج بوش لمصلحة الطاقة النووية المدنية، معتبرة انها طاقة نظيفة وغير باهظة.
وقال الرئيس مبارك لدى افتتاحه أمس محطة كهرباء شمال القاهرة التي تبلغ قدرتها عند اكتمالها، 1500 ميجاوات، بطاقة منتجة أعلى من الطاقة التي ينتجها السد العالي «إنه سيصدر خلال أيام قرار جمهوري بإنشاء مجلس أعلى للاستخدامات السلمية للطاقة النووية»، موضحاً «أن مصر ستمضي في هذا الطريق اقتناعا بأن أمن الطاقة جزء لا يتجزأ من منظومة أمن مصر القومي».
وقال «إنني اتخذت هذا القرار الاستراتيجي متحملا مسؤوليتي كرئيس للجمهورية»، وأضاف: أن هذا القرار الاستراتيجي يلقي علينا تبعات ومسؤوليات عديدة، ويقتضي منا قرارات هامة وإجراءات تشريعية وهيكلية تتصل بقطاع الطاقة بوجه عام والآليات والأجهزة المختصة بالطاقة النووية بوجه خاص.
وكلف الرئيس، الحكومة، «بسرعة التقدم بمشروع قانون ينظم العلاقة بين الجهات العاملة في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية أو المرتبطة به ويحدد بوضوح مسؤوليات هذه الجهات وصلاحياتها»، كما كلفها (الحكومة) بـ«إعادة هيكلة ما لدينا من الأجهزة والهيئات ذات الصلة وتنمية وتطوير كوادرها البشرية واتخاذ الإجراءات التشريعية والتنفيذية الكفيلة باضطلاعها بوجباتها ومهامها وفق أعلى مستويات الكفاءة ومعايير الأمان والسلامة المعمول بها دوليا، كما طالب الحكومة بدعم جهاز الرقابة النووية وتحقيق استقلاليته».
وأشار مبارك إلى «الزيادات المتتالية في أسعار البترول خلال السنوات الأخيرة، حتى تجاوزت مستوياتها خلال الأزمة العالمية للطاقة في حقبة السبعينات، كما شهدت أسعار الغاز ارتفاعات موازية»، وقال «إن هذا الارتفاع في الأسعار، يواكبه اضطراب في السوق العالمي للطاقة، يدفعه التضارب في توقعات الإنتاج والاحتياطي والاستهلاك، وما تشهده منطقة الشرق الأوسط ـ بثروتها من البترول والغاز ـ من أزمات راهنة.. وأخرى تلوح في الأفق».
وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء المصري علق قائلاً «مبروك لشعب مصر»، وأضاف «إن هذا اليوم .. يوم تاريخي وقرار الرئيس حقق أمل الشعب المصري كله».
وأكدت دراسة موقع الضبعة ملاءمته وصلاحيته لإقامة المشروع عليه، كما أشارت الدراسة إلى أن الموقع يستوعب نحو 5 محطات نووية بقدرة 1000 ميجاوات لكل محطة، وكذلك سلامة الموقع من الزلازل والبراكين وقربه من مصادر المياه المغذية لعملية التبريد الخاصة بالمفاعل.
وتسلم الرئيس مبارك مذكرة تفسيرية عن القانون الجديد الذي سيفصل جهاز الأمان النووي عن هيئة الطاقة الذرية ليتيح له الاستقلالية في تنفيذ القواعد الخاصة بمنح دورة التراخيص اللازمة للمحطات النووية والرقابة والتفتيش وفرض العقوبات والقيام بتدريب العاملين في المحطات النووية علي وسائل التشغيل الآمن.
وكانت واشنطن قد عرضت سابقا مساعدة مصر في البرنامج النووي ودعت المصريين إلي الدخول في برنامج دورة الوقود النووي المتقدم وهو البرنامج الذي أعلنته أميركا وتقوم بتطويره شركة وستنجهاوس ويشمل استنفاد كل كميات اليورانيوم في المفاعل في التشغيل بدون أن ينتج عنها بعد الاحتراق كميات من البلوتونيوم..
من جهة أخرى، دعا خبراء في المحطات النووية إلى البدء من حيث انتهت مصر في هذا الاتجاه وبالذات بعد عام 86 عندما قامت مصر بطرح مناقصة عالمية لتنفيذ عدد من المحطات النووية على شركات فرنسية ويابانية وألمانية واميركية.
وتميل رؤية المسؤولين في مصر إلى المفاعلات الغربية، لما وصلت إليه من تقدم وتطوير ونظم أمان تسمح للمفاعل أن يوقف نفسه ذاتيا في حال حدوث أي خلل وبه درجات عالية جدا من الأمان.
وقالت مصادر وزارة الكهرباء المصرية إنها تنوي تنفيذ 4 محطات نووية بقدرة 1000 ميجاوات لكل محطة في موقع الضبعة الذي شهد جدلا كبيرا في الفترة الماضية، كما تنوي الوزارة دراسة عدد من المواقع في البحر الأحمر وسيناء في إطار زيادة خطة بناء المفاعلات لتساهم بنصيب كبير في توليد الطاقة خلال الفترة المقبلة وتقليص الاعتماد على الغاز الطبيعي الذي يشغل 83 % من محطات الكهرباء في مصر حاليا، إذ تخطط الوزارة لإضافة 43 ألف ميجاوات كهربي حتى عام 2027 وتنتج حاليا 20 ألف ميجاوات فقط.