وجّه المعلق مناحيم بن في صحيفة "معاريف" أمس نقداً لاذعاً للحكومة الاسرائيلية على الغارة التي شنتها ضد سوريا قبل أشهر، معتبراً أنها كانت من دون اي فائدة وكتب: "طوال شهرين منعونا من الكلام وحتى من التفكير بذريعة السرية. وبماذا نفكر ونحن لا نعرف شيئاً؟ ولكن مع مرور الوقت اتضحت الصورة الكاملة. ووفقاً للصحف الأجنبية وفي حال كانت المعلومات الاساسية صحيحة، يمكننا القول ان الهجوم على سوريا كان عملاً غير مدروس إن لم يكن جنونياً، على رغم أنه حتى الآن لم يحدث شيء. صحيح ان سوريا قالت انها سترد في الزمان والمكان المناسبين، وصحيح أن كوريا الشمالية عبرت عن غضبها وتركيا عن انزعاجها لخرق سيادتها، ولكن ما عدا ذلك كل شيء على ما يرام. ومن الصعب أن يكون الكل هادئا، فمن المحتمل أن يكون هناك من يحضر للرد علينا ولديه حجة شرعية. فنحن من بادرنا. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كنا بحاجة الى هذه المسألة.
الجميع يؤكدون أن المنشأة التي قصفت لم يكن في امكانها ان تدخل حيز العمل في الأعوام المقبلة. أكثر من ذلك: الجيش السوري لم ينشر حولها أجهزة دفاعية. هناك من يقول، وانا منهم، أن المبنى المستهدف هو مبنى عسكري مهجور كما ادعى الرئيس السوري، ومن المحتمل أن تكون كوريا الشمالية توقفت عن انجازه بعد توقيعها اتفاق التخلي عن سلاحها النووي والامتناع عن نقل التكنولوجيا النووية الى أي دولة أخرى. فهل يحظر لأحد أن هذه الدولة الشيوعية قد تخاطر بإلغاء هذا الاتفاق رغم كل الفوائد الاقتصادية التي حصلت عليها من أجل مواصلة بناء المفاعل السوري؟ لو طرحت هذه المشكلة على عمير بيريتس لكان استخدم الطريقة السياسية الديبلوماسية لحلها بدءاً من الأمم المتحدة مروراً بقوات الأطلسي وانتهاء بالاتحاد الأوروبي. فجميع هؤلاء لا يريدون أن تصبح سوريا نووية، وهم سيحذرون كوريا الشمالية من مواصلة تعاونها النووي مع سوريا، تماماً مثلما حدث على المسار الايراني ولكن بالحاح أقل. ولكن هل كان علينا قصف مبنى مهجور والمجازفة بالحرب مع سوريا؟ وماذا سيحدث لو كان المبنى مأهولاً بالخبراء الكوريين الشماليين وقتلوا في العملية ؟ فهل كانت كوريا ستسكت؟...
لماذا يخيّل إلي أن هذا كله ما كان حدث في ايام عمير بيريتس؟ صحيح أنه لم يكن يعرف كيف يستخدم المنظار العسكري، لكنه كان يرى الواقع بصورة صحيحة وبعين مفتوحة وشجاعة وحذر في الوقت عينه. يعرف أين يجب أن يرد (كما حدث في لبنان) وأين يجب ألا نرد. لكننا أبعدناه عن منصبه ووضعنا مكانه ايهود باراك الذي هرب من لبنان، والآن يريدنا ان نعود الى غزة كي نعود ونهرب منها. آمل أن نخرج من كل هذا بسلام".