توقّع عوزي بنزيمان امس ان تكون تصريحات ايهود اولمرت وايهود باراك عن السلام مع سوريا مجرد كلام لن يثمر. وكتب: "يملك السياسيون الاسرائيليون ارنبين يخرجونهما من جعبتهم من اجل خداع المواطنين الذين ينتظرون السلام: الاتصالات السرية بسوريا والفرصة الجديدة للتوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين. وفي كل مرة يصل فيها هؤلاء السياسيون الى حائط مسدود في احد مسارات التفاوض، يخرجون من قبعتهم حمامة ترفرف بجناحيها على مسار جديد.
أعمال ايهود باراك عندما كان رئيساً للحكومة تظهر جيدا هذا النهج: ففور انتخابه في ايار 1999 قام بزيارة اولى للولايات المتحدة حاملا بشارة كبيرة: رغبته في التوصل الى اتفاق دائم مع الفلسطينيين والسوريين عاجلا ام آجلا. وبالفعل، في شهر ايلول من السنة عينها وقع مع الفلسطينيين اتفاق شرم الشيخ الهادف الى تطبيق اتفاق واي بلانتايشن الذي صادق عليه رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو والذي وضع خططا لمفاوضات سريعة تؤدي الى اتفاق دائم خلال سنة.
بعد وقت قصير، واجهت مفاوضات الحل الدائم صعوبات كبيرة، وفجأة برز امل جديد: المفاوضات مع سوريا. بدأ باراك بالثناء على حافظ الاسد، وذهب في مطلع كانون الثاني 2000 الى شيبردستاون لاجراء مفاوضات مع وزير الخارجية فاروق الشرع برعاية الرئيس بيل كلينتون. لم تثمر هذه المفاوضات نتائج عملية، لكنها ادت الى وضع مسودة للاتفاق. وعندما ذهبت الآمال بالاتفاق ادراج الرياح، اعاد باراك احياء المفاوضات مع الفلسطينيين واجتمع مع ياسر عرفات في كمب ديفيد في تموز عام 2000. لكن هذه العملية فشلت ايضا.
منذ مؤتمر مدريد عام 1991، تبادلت اسرائيل الرسائل مع سوريا لمعرفة حظوظ التوصل الى اتفاق يضع حدا لحالة العداء بينهما. هذا ما فعله اسحق شامير واسحق رابين وشمعون بيريس وبنيامين نتنياهو وايهود باراك وأرييل شارون. ولقد اودع رابين بين يدي الادارة الاميركية موافقته على الانسحاب الكامل من الجولان. لكن كل ذلك لم يترجم الى اتفاقات لاسباب عديدة، ابرزها عجز الزعامة السياسية الاسرائيلية على مر الاجيال عن التوصل الى اتفاق وطني وسياسي لهذه العملية.
من هنا فالمحاولة الحالية لرقص التانغو مع الاسد الابن اذا كانت حقيقية، محكوم عليها بالفشل. فقد تكون حيلة موجهة ضد السلطة من اجل تحسين شروط المفاوضة الاسرائيلية معها، او مناورة لذر الرماد في عيون الجمهور الاسرائيلي، او بالون اختبار موجها الى الاسد قد ينفجر ما ان تهب عليه الرياح من الولايات المتحدة. في جميع الاحوال، ايهود اولمرت ليس زعيما اقوى ممن سبقوه كي يجازف في التفاوض على مستقبل الجولان، وبالاستناد الى ذلك يمكننا ان نحكم على مدى جدية الاخبار التي تتحدث عن الانفراجات في الافق السوري – الاسرائيلي".