مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر أنابوليس للبحث في النزاع مع الفلسطينيين، توزعت التعليقات الصحافية الاسرائيلية أمس بين تلك المؤمنة بالتوصل الى اتفاق ممكن مع الفلسطينيين مثل المقال الذي نشرته "هآرتس" لعضو الكنيست يوسي بيلين، والمواقف المشككة بامكان التوصل الى نتائج عملية كما ورد في المقال الذي نشرته" يديعوت أحرونوت" أمس لموشيه ألعاد بعنوان "ما بعد أنابوليس"، ننقل بعض ما جاء فيه: "في اليوم الذي سينتهي به مؤتمر أنابوليس ستصاب منطقتنا بعارض" اليوم التالي" الذي يحاول أطراف النزاع والوسطاء تأجيله مرة تلو الأخرى، اذ سيكتشفون أن اتفاق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين غير قابل للتنفيذ. فالفلسطينيون ليسوا منذ وقت طويل شعباً واحداً ولا كياناً واحداً.
في الايام الأخيرة أحيت وسائل الاعلام الفلسطينية يوم الاستقلال الافتراضي الذي يحتفل به للمرة الأولى منذ 15 تشرين الثاني عام 1988. ثلاثة مبادئ راسخة شدد عليها الفلسطينيون في وثيقة استقلالهم: منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وحقهم في اقامة دولتهم المستقلة عاصمتها القدس.
لم تعد منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. عندما يزور ابو مازن رئيس الحكومة في القدس او عندما يستقبل كوندوليزا رايس او يعقد في واشنطن اجتماعات سياسية، فهو لا يمثل أكثر من سكان رام الله. في المناطق يسخرون منه ويقولون ان مختار الفالوجه يحظى بتأييد أكبر مما يحظى به محمود عباس.
الفلسطينيون غير قادرين على التوصل الى حق تقرير المصير. ان سيطرة الجناح المتشدد في حماس على المناطق يجب الا يفاجئ المراقب لاتجاهات الزعامات الفلسطينية خلال الأعوام الأربعة الاخيرة. فالثلاثي محمود الزهار وأحمد الجعبري وسعيد الصيام يواصلون تمسّكهم بالنهج المتطرّف والردايكالي. ولطاما مال سكان المناطق، بغض النظر عن الكتلة التي ينتمون اليها، الى الزعامة المتطرفة وليس المعتدلة. من الصعب ان نصدق أن المجتمع الفلسطيني الذي كان يدين بالولاء الى زعامة محلية تنتمي الى العائلات التقليدية والى شخصيات دينية من حقبة الستينات، ثم أصبحت في السبعينات والثمانينات شيوعية مع جدول اعمال وطني، بات اليوم خاضعاً لسيطرة المسلمين الراديكاليين الذين بالمقارنة معهم تبدو فتح وحتى حماس التقليدية بزعامة هنية ومشعل معتدلتين جداً.
الفلسطينيون غير قادرين على اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. فغالبية سكان المناطق في صورة فردية، يرغبون فعلاً في الاستقلال والحصول على بطاقة هوية وعلى جواز سفر والتنقل بحرية مثل كل فرد حر في العالم. لكن الفلسطينيين كشعب وككيان سياسي لم يحصلوا قط على حق تقرير مصيرهم بأيديهم. لطالما اعتقد الفلسطينيون أنهم سيحصلون على استقلالهم على طبق من فضة.
في اليوم التالي لمؤتمر أنابوليس، سنعاني واقعاً قاسياً ومعقداً يفرض علينا ان ندرس ما سيصبح عليه وضع دولة اسرائيل في ضوء المعطيات الحقيقي".