تعرضت سوريا، على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، لعزلة دبلوماسية واسعة، حيث تجاهلتها الولايات المتحدة وترفعت عنها فرنسا وقذفتها إسرائيل وأنبتها حتى الدول العربية الشقيقة لانحيازها لإيران.
لكن الآن، في عالم ما بعد أنابوليس لإطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط، ربما يفتح الباب قليلا للسماح لسوريا بالعودة إلى البيت الدولي. مسؤولون في الإدارة الأميركية، كانوا لا يذكرون كلمة ’سوريا’ إلا إذا أردفوها فورا بعبارة ’الدولة الراعية للإرهاب’، باتوا اليوم يعطون التلميحات التصالحية. وتقول إسرائيل إنها تنظر في محادثات سلام مع السوريين حول مرتفعات الجولان، وحاول الجيران العرب الأسبوع الفائت كل جهدهم لإقناع الولايات المتحدة بأهمية حضور سوريا مؤتمر أنابوليس. فما الذي تغير؟
إن الدول العربية تحاول شد سوريا، ذات الأغلبية السنية، من تحالفها مع إيران الشيعية. أما بالنسبة للإسرائيليين فالفائدة تكمن في تحييد الفلسطينيين بالسوريين أثناء محاولة التفاوض على السلام مع كلا الطرفين. وبالنسبة للولايات المتحدة كان عدد من الدول العربية متمسكا بعدم الحضور إلى المؤتمر ما لم تدرج سوريا على جدول الأعمال، ’فأدرجتها على جدول الأعمال. وماذا كلف ذلك؟ لا شيء’.
المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون يقولون إن الوقت ربما لم يحن بعد لمحادثات سلام حقيقية مع سوريا، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي لايزال أمامه الكثير للقيام به حتى يقنع المتشككين الإسرائيليين بالموافقة على التنازل عن المستوطنات في الضفة الغربية وتقاسم القدس مع الفلسطينيين، وهي التنازلات التي يتعين على إسرائيل تقديمها حتى تتحرك عملية السلام مع الفلسطينيين. وعليه فإن محاولة العودة بقرابة 12.000 إلى 15.000 مستوطن إسرائيلي من مرتفعات الجولان يعتبر مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة في هذا التوقيت بالذات.
العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا قد انقلبت رأسا على عقب. فمن الناحية الرسمية تعتبر واشنطن سوريا دولة راعية للإرهاب ولم تألو الإدارة الأميركية جهدا لفرض العزلة الدولية عليها كوسيلة للضغط لدفعها إلى تغيير سياساتها. فقد سحبت الولايات المتحدة سفيرها مارغريت سكوبي، من دمشق عام 2005 عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، واتهمت سوريا التي كانت لها قوات في لبنان بالتورط في مقتله. وفي أبريل انتقد البيت الأبيض بشدة زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لدمشق ولقاءها الرئيس السوري بشار الأسد.
لكن بعد شهر واحد التقت وزيرة الخارجية كونداليسا رايس نظيرها السوري وليد المعلم في شرم الشيخ في أول اتصال رفيع المستوى بين واشنطن ودمشق في عامين. ثم في 6 سبتمبر قامت الطائرات الإسرائيلية بقذف موقع في سوريا، وبعدها بثلاثة أسابيع أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها لتوجيه الدعوة لسوريا لحضور مؤتمر أنابوليس.
وفي الآونة الأخيرة قال مستشار الأمن القومي الأميركي ستيفين هادلي إن الكرة الآن في الملعب السوري، مضيفا ’أعتقد أن سوريا عليها أن توقف مساندتها للإرهاب، وتترك لبنان وشأنه، وتدعم الحكومة العراقية الجديدة لا أن تعرقلها وتقوض جهودها، وتجنح إلى السلم. إن فعلوا فأعتقد أن الفرصة لا تزال أمامهم في مرتفعات الجولان ولايزال الباب مفتوحا لهم’.

مصادر
القبس (الكويت)