أكد بحثان تاريخيان إسرائيليان صدرا بمناسبة الذكرى الستين لقرار التقسيم أنه لولا النشاط البريطاني في فلسطين والمنطقة وضغوط يهود الولايات المتحدة لما قامت إسرائيل، ولتغيّر وجه التاريخ في المنطقة.
فقد أكد المؤرخ موطي جولاني من جامعة حيفا أن البريطانيين حين امتنعوا عن التصويت على قرار التقسيم في 29/11/ 1947 بدعوى أن المشروع غير مقبول من الطرفين، تبنوا خطة تقسيم بديلة.
ويشير جولاني في بحثه الجديد "المندوب السامي الأخير" إلى أن خطة التقسيم البديلة برعاية البريطانيين ناقضت في جوهرها خطة التقسيم الأممية التي أقرتها الأمم المتحدة بتأييد 33 دولة ومعارضة 13 في قرار حمل رقم181.
وأوضح جولاني أنه لولا نشاط البريطانيين من أجل تطبيق قرار التقسيم البديل لكان قيام إسرائيل أمرا مشكوكا فيه بشكل كبير، ولفت إلى تصميم لندن آنذاك على عدم السماح للمفتي الحاج أمين الحسيني بالسيطرة على الجزء العربي من فلسطين بعد رحيلها، حسب قرار التقسيم.
مصر وسوريا
وأشار المؤرخ الإسرائيلي إلى أن سلطات الانتداب فضلت أن يبسط ملك الأردن عبد الله بن الحسين سيادته على الأراضي المعدة للدولة الفلسطينية منوّها إلى أنها نجحت في ذلك.
ويوضح المؤرخ في دراسته أن بريطانيا هيمنت على صناعة القرار في الأردن وقتذاك من خلال قائد جيش شرق الأردن غلوب باشا (أبو حنيك)، لافتا إلى أنها اهتمت بأن يوكل الملك عبد الله من قبل جامعة الدول العربية رئيسا للقوات العربية عشية النكبة.
ويشير المؤرخ إلى خطوة ثانية تظهر دور البريطانيين في التأثير الكبير على ما آلت إليه الأوضاع في فلسطين، تتمثل في منع مصر وسوريا من إرسال جيشيهما إلى فلسطين قبل جلاء القوات البريطانية عنها لمساعدة الفلسطينيين.
وأضاف "لولا تصدي البريطانيين للجيشين السوري والمصري في محاولتهما دخول فلسطين قبل مايو/أيار 48 لكان من المرجح أن لا يستطيع الجيش الإسرائيلي الجديد الصمود ولكان وجه التاريخ في المنطقة مختلفا".
يهود أميركا
الأمم المتحدة بحثت سرا تشكيل مليشيات
يهودية لدعم قيام إسرائيل (رويترز- أرشيف)
وفي بحث آخر قال المؤرخ زوهر سيغف من جامعة حيفا إنه لولا تدخل اليهود في الولايات المتحدة قبيل التصويت على قرار التقسيم لكان من المرجح أن إسرائيل ما كانت ستقوم.
ولفت سيغف في دراسته حول "قيادة اليهود في أميركا، الكارثة وقيام إسرائيل" إلى أنه بخلاف العلاقات الحميمة السائدة اليوم بين إسرائيل والولايات المتحدة، فقد عارضت الأخيرة فكرة الدولة اليهودية وخطة التقسيم الأممية كما تجلى في مواقف رئيسها هاري ترومان.
ولفت المؤرخ إلى أن يهود الولايات المتحدة أدركوا فور انتهاء الحرب العالمية الثانية وتبين حجم الكوارث التي حلت بأشقائهم في أوروبا أنه لم يعد بوسعهم الانتحاء جانبا دون تدخل.
ورغم تعارض موقفهم مع مصالح أميركا، فقد هدد اليهود الرئيس ترومان بعدم التصويت له ولحزبه إذا لم يغير موقفه حيال فكرة الدولة اليهودية في فلسطين. وأوضح سيغف أن يهود أميركا نفذوا تهديداتهم هذه في انتخابات حكام الولايات عام 1946 فمني الحزب الديمقراطي بفشل ذريع.
وكان الخوف من تكرار النتائج ذاتها في انتخابات الرئاسة التي ستجري عام 1948 أحد أهم أسباب التغيير في موقف ترومان وفي دفع واشنطن للتصويت لقرار التقسيم، حسب الباحث الإسرائيلي.
من جهة أخرى كشف المؤرخ الإسرائيلي د. إلعاد بن درور أن الأمم المتحدة أعدت مخططا لتشكيل مليشيات يهودية مسلحة ومزودة بطائرات حربية بهدف تنفيذ قرار تقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية فقط.
ويأتي كشف المؤرخ حسب صحيفة "هآرتس" الخميس، بعد اطّلاعه على وثائق في الأمم المتحدة طوال العام الماضي، كانت مصنفة على أنها سرية لكن الأمم المتحدة أزالت مؤخرا صفتها السرية وفتحتها أمام الجمهور.