هاجمت الصحف الاسرائيلية الصادرة امس تقرير الاستخبارات الأميركية الذي جاء فيه ان ايران أوقفت برنامجها للتسلح النووي منذ عام 2003. فرأت صحيفة "هآرتس" ان صدور التقرير في الوقت الحالي معناه العملي تأجيل البحث في اي ضربة عسكرية أميركية لإيران في المستقبل القريب، مما يعني استبعاد اي ضربة اسرائيلية لإيران. أما المعلق رون بن يشاي في صحيفة "يديعوت أحرنوت" فكان أقل تشاؤماً، واعتبر ان التقرير لا يعني تراخياً في السياسة الأميركية المعارضة للسلاح النووي الايراني وطالب بتكثيف التنسيق بين الاستخبارات الاسرائيلية والأميركية. وكتب أمس: "احتوى تقرير وكالة الاستخبارات القومية في الولايات المتحدة المنشور أمس على عدد من التناقضات. فمن جهة كشفت الوثيقة المهمة ان ايران أوقفت مشروعها لإنتاج السلاح النووي منذ عام 2003، ولكن من جهة اخرى يدعي التقرير ان ايران تواصل مساعيها للحصول على هذا السلاح. ويقدر واضعو التقرير ان هذا قد يحدث بين 2009 حدا ادنى و2015 حدا أقصى (وهذا تقدير مشابه لتقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية التي تقول ان ايران قد تصبح قادرة على صنع قنبلة نووية بين 2009 و2012).
والسؤال المطروح: هل أوقفت ايران تطوير مشروع السلاح النووي قبل اربعة اعوام وفقاً لكلام 16 وكالة مخابرات أميركية من دون ان تعود اليه مرة اخرى؟ والام استند الكلام الوارد في التقرير الذي يقول ان ايران ستحصل بعد بضعة اعوام على السلاح النووي؟
الجواب بسيط للغاية. كل مشروع لتطوير السلاح النووي ينقسم الى مشاريع موزعة على مراحل. المشروع الأهم والأكثر تعقيداً هو المتعلق بالقدرة على تطوير مواد انشطارية تشكل المواد الناسفة النووية التي تتألف منها القنبلة. ونوعية هذه المواد وحجمها يحددان قوة القنبلة والانفجار الذري والضرر الناتج منه.
... من المهم معرفة السبب الذي دفع الادراة الأميركية الى نشر تقرير استخباراتها في التوقيت الحالي. فمن الغريب ان يأتي في الوقت الذي تحاول فيه الادراة الأميركية اقناع الدول الاعضاء في مجلس الأمن تشديد العقوبات الاقتصادية والديبلوماسية على ايران. ربما أحد الاسباب هو الرغبة في اقناع روسيا والصين واوروبا بأن المشروع الايراني أمر يمكن الرجوع عنه، ويمكن ممارسة الضغط الاقتصادي والديبلوماسي على نظام آية الله. بالاضافة الى رغبة الادراة في ان تظهر لحلفائها ان الايرانيين عاقلون ويهتمون بالرأي العام الدولي وبضغوطه. ناهيك برغبة الأميركيين في اظهار بادرة حسن نية حيال ايران.
نشر التقرير الأميركي لا يعني بالضرورة تساهلاً في الموقف المعارض لواشنطن من السلاح النووي الايراني، وانما هو خطوة ديبلوماسية تكتيكية. ولكن لأن تقديرات المخابرات الاسرائيلية أكثر تحسساً للخطر من التقديرات الاميركية، على القدس تحفيز حوارها الاستراتيجي والاستخباراتي مع الولايات المتحدة في الموضوع الايراني كي لا نفاجأ."