بينما أكد وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، أن بلاده ستنتهي في شهر يوليو (تموز) المقبل من إبرام اتفاقية تعاون أمنية وسياسية واقتصادية بعيدة المدى مع أميركا، قال إنه أصبح بإمكان العراق إضافة فرقتين عسكريتين للجيش، وأنه «لدينا أموال كافيه لشراء أحدث الأسلحة»، وكشف لـ«الشرق الأوسط» عن تطورات علاقة بلاده بسورية وإيران اقتصادياً وأمنياً، ودور كل منهما في ما وصفه بـ«تحسن» الوضع الأمني داخل العراق، نافياً وجود أي معلومات عن مؤتمر للمصالحة بين الفرقاء العراقيين بالقاهرة، فيما قال إنه ينبغي على تركيا البحث عن صيغ أخرى لتسوية أزمتها مع حزب العمال الكردستاني، بعيدا عن العمليات العسكرية. ومع انتهاء دور الأمم المتحدة في مراجعة التمديد للقوات الأجنبية ببلاده في عام 2008، قال زيباري إن الحكومة العراقية تضع على رأس أولوياتها، في المرحلة الراهنة، مفاوضات وصفها بـ«المهمة والمصيرية»، ستبدأ في إجرائها مع الحكومة الأميركية، وتنتهي منها، على أكثر تقدير، في شهر يوليو (تموز) من هذا العام، حول تحديد مستقبل العلاقة بينهما، إذ قال زيباري إن العلاقة مع الولايات المتحدة ستتم ترجمتها في «إعلان مبادئ لاتفاقية تعاون وصداقة بعيدة المدى بين العراق وأميركا». وأضاف زيباري أن «هذه المفاوضات سوف تكون تفصيلية؛ فنية وقانونية، لتنظيم العلاقة بيننا (العراق) وبين الحكومة (الأميركية) وقواتها (العاملة في بلاده)، من حيث مهامها، والقيادة، والسيطرة على القوات العراقية، ومسائل السيادة، والحصانات القانونية والأمنية، ومدى بقائها، والتخويل الذي ستعطيه لها الحكومة العراقية في قضية مدة بقاء تلك القوات، الذي لن يبقى إلى ما لانهاية»، قائلا في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط» أثناء زيارته للقاهرة هذا الأسبوع «نحن نعتبر أن هذا هو آخر تمديد (من جانب الأمم المتحدة)، وعليه سوف ندخل في مفاوضات ثنائية مع أميركا للتوصل إلى اتفاقية أمنية وسياسية واقتصادية».
وأضاف زيباري أنه لا توجد معوقات أو تدخلات مباشرة قد تمنع الولايات المتحدة من تسليح القوات العراقية، قائلا إن مهارات الجيش العراقي أفضل من ذي قبل خاصة من حيث السيطرة والتكنولوجيا... العراق لديه أموال الآن كافيه لتسليح الجيش بأحدث الأسلحة، ولكن حتى نكون واقعيين، لازالت الطريق طويلة، وبالإمكان زيادة فرقتين (عسكريتين) إلى جانب الفرق العشر الموجودة حالياً».
وعن الأرضية التي تقف عليها الحكومة العراقية، وما إذا كانت طائفية، ومدى قدرتها على السيطرة على الأوضاع هناك في المرحلة المقبلة، قال زيباري إنه رغم كل المشاكل والانسحابات (من جانب وزراء) التي تعاني منها الحكومة، إلا أنها لازالت متماسكة، وتعمل تحت ظروف صعبة، و..«لهذا هناك شكوى من أدائها، ومن قلة التنسيق في بعض الأمور الحساسة..أما مسألة الطائفية فلا يمكن النظر إليها هكذا، لأن كل الطوائف العراقية ممثلة (داخل الحكومة) في إطار بناء عملية سياسية يشارك فيها كل أهل العراق».
كما أشار الوزير العراقي لانشغال بلاده أيضاً بالإعداد لجولة رابعة للحوار «الإيراني ـ الأميركي»، قائلا إنها (الجولة) ستبدأ بالانعقاد (في وقت لم يحدده) على مستوى الخبراء لمناقشة أجندة مكونة من أربع نقاط هي «السيطرة على الميليشيات»، و«التعاون في مكافحة الشبكات الإرهابية»، و«منع تدفق الأسلحة والأموال والأفراد عبر الحدود (العراقية)»، و«الرقابة على الحدود»، إضافة لبحث قضايا أخرى لها علاقة باستقرار العراق و..«سوف تتبع ذلك جولات أخرى على مستوى أعلى في حال نجاح ما يعقد منها»، مقللا في ذات الوقت من شأن مخاوف عن تصعيد أميركي تجاه إيران، وقال «اللهجة (الأميركية ضد إيران) خفّت بعد التقرير الاستخباراتي الأميركي الأخير عن برنامج إيران النووي للاستخدام السلمي». وعما إذا كان هناك مؤتمر للمصالحة العراقية سيُعقد في القاهرة، قال إنه ليست لديه معلومات حول مؤتمر كهذا، لكنه أوضح أن أي جهد من هذا النوع يجب ان يتم التشاور والتنسيق حوله مع الحكومة العراقية، لكنه أضاف «حسب علمي، الجامعة العربية لديها مشروع لتفعيل مؤتمر الحوار والتوافق الذى بدأته.. في تقديري هذا هو الإطار الأنسب للمساعدة في جهود المصالحة الوطنية العراقية»، معرباً عن اعتقاده في أن..«هذا الوقت مناسب حاليا لتفعيل هذه المبادرة من قبل الجامعة العربية، خاصة وأن هناك مكاسب أمنية واقتصادية تحققت على أرض الواقع يمكن البناء عليها، إضافة إلى انخفاض درجة العنف».
وقال زيباري «سوف يشهد هذا العام تحركا مصريا وعربيا أكبر حيال العراق.. هذا ما طالبنا به طوال الوقت، ويبدو أن هناك تفهما للتواصل والوجود والوقوف مع العراق خلال هذه المرحلة المهمة».
وعما إذا كان يرى أن نموذج الجامعة العربية في محاولة حل الأزمة بين الفرقاء اللبنانيين صالح لتكراره مع الفرقاء العراقيين، قال: «نحن نستخدم المنبر الإقليمي، وحصلنا على نتائج مضمونة خاصة مع الأطراف الأساسية اللاعبة في العراق، كما ان الجامعة العربية حرصت على دعوة أطراف إقليمية ودولية خلال الجلسة الأولى لمؤتمر المصالحة العراقية الذي انعقد بالجامعة العربية وشارك فيه وزير خارجية إيران وممثلون عن الحكومة التركية».
ووصف زيباري علاقة بلاده الحالية بالجانب السوري بالجيدة، قائلا إن هناك زيارات متبادلة وخطوات اتخذتها السلطات السورية أدت إلى منع تسلل (المقاتلين) الأجانب..«انخفض عدد المتسللين إلى أقل من النصف، بعدما اتخذت سورية إجراءات في المناطق الحدودية وفى المطارات والتشدد مع القادمين إليها، والتحقيق في أسباب القدوم والهوية والدوافع وعندما لا تقتنع السلطات السورية بحجج هؤلاء يتم إعادتهم إلى بلدانهم خاصة في دول شمال أفريقيا وإلى دول الخليج ودول عربية أخرى». وقال زيباري «إضافة للتواصل السياسي والبرامج الاقتصادية والتجارية بين العراق وسورية، نفكر سوياً في تشغيل خط أنبوب للنفط إلى الموانئ السورية، من كركوك إلى بانيــاس، واستخدام حقل الغاز الموجود على الحدود مع سورية بعد تخصيص الاتحاد الأوروبي ميزانية جيدة لإجراء دراسة جدوى لتشغيل هذا الحقل الذي سوف تستفيد منه ســورية عبر موانئها بنقـــل الغــاز العراقي إلى موانئ البحر المتوسط».
وعن علاقة بلاده مع إيران قال زيباري «إن هناك حواراً يومياً مع إيران على عدة مستويات تجارية واقتصادية ونفطية، إضافة إلى تنظيم الزيارات (الدينية)؛ إذ يزور العراق يوميا 2500 إيراني متجهين إلى المناطق المقدسة فى النجف وكربلاء»، مشيراً إلى «أن إيران كبلد جار لديه تأثير ونفوذ لا ننكره، ولكن ذلك لا يرقى إلى مستوى السيطرة والهيمنة على مقاليد الأمور (في العراق) خاصة وان الشخصية العراقية الوطنية لا تقبل بفرض ثقافات أو إملاءات أجنبية من أي جهة.. حتى من الناحية المذهبية نجد أن المرجعية الأساسية لشيعة العالم (موجودة) في العراق». وأضاف زيباري أن أسباب تحسن الوضع الأمني في بلاده ترجع لزيادة عدد القوات الأميركية في مجال مكافحة «الإرهاب والقاعدة»، ويرجع إلى «تحسن أداء القوات العسكرية والأمنية العراقية»، وكذلك بسبب «انتشار ظاهرة الصحوة في المحافظات الساخنة مثل الأنبار وديالى وبغداد والموصل وصلاح الدين»، إلى جانب «التعاون الإقليمي، خاصة من قبل كل من سورية وإيران».
وعن تطورات الأوضاع في شمال العراق، وما إذا كانت تركيا تواصل عملياتها العسكرية هناك بالتنسيق مع الحكومة العراقية، قال هوشيار زيباري «لقد تمكنا بدرجة كبيرة من وقف اجتياح تركيا لشمال العراق لأن ذلك كان سيؤدي إلى كارثة حقيقية.. تم ذلك من خلال تكثيف الجهد العربى والإقليمي والدولي، واستطعنا تفادى غزو تركي لمناطق واسعة في الشمال.. هذا حدث أيضاً نتيجة للموقف العراقي المتماسك». وأضاف زيباري «تفهمنا مخاوف تركيا المشروعة من نشاط حزب العمال (الكردستاني)، واعتبرناها نشاطات إرهابية، ولكن يجب أن تكون الإجراءات التركية من خلال اللجنة الثلاثية (للتنسيق بين تركيا والعراق وأميركا)، حتى لا يكون العمل التركي أحادي الجانب..ما يجرى الآن من عمليات قصف جوى (لشمال العراق)، وهو ما توقعناه، يستهدف قواعد حزب العمال، وعليه نرى أهمية البحث عن صيغ أخرى لتسوية الأزمة بعيدا عن العمليات العسكرية».