أصدرت وزارة الثقافة والإعلام السعودية تعميماً سرياً إلى صحف البلاد الرسمية يقضي بمنع صحافييها من تغطية نشاطات السفارات الأجنبية حسب معلومات "إيلاف" التي استقتها من مصادر رسمية، وذلك في ظل تصاعد الإتهامات بين تيارات فكرية متصارعة على الساحة الداخلية حول التعاون مع الغرب أو الحصول على تمويل منه.
فلم يعد بإمكان السفارات الأجنبية المعتمدة داخل السعودية أن تستقبل الصحافيين التابعين لوزارة الثقافة والإعلام السعودية، وذلك على خلفية التعميم الصادر من الوزارة والذي نص على عدم التعامل مع السفارات الأجنبية وحضور مناسباتها إلاّ بموافقة من وزارة الثقافة والإعلام ، كونها مرجع الصحف الورقية السعودية والوسائل الإعلامية المحلية.
تساؤلات كثيرة دارت في خلد الصحافيين والمثقفين ، من أبرزها هل انتصر المتشددون الإسلاميون في السعودية على نظرائهم الليبراليين؟. وهو ما أجاب عليه خطاب وزارة الثقافة والإعلام للصحف الورقية السعودية تطالبها فيه بعدم حضور محرريها ومراسليها احتفالات السفارات الأجنبية في السعودية إلا بإذن من وزارة الثقافة والإعلام.
وقال الكاتب في صحيفة الوطن علي سعد الموسى في حديث لـ"إيلاف": " أولاً أنا لم أبلّغ بهذا التعميم ولا أتذكر حتى اللحظة إنني دخلت لأي من السفارات الأجنبية المعتمدة في السعودية في غير مهمة رسمية ، وفي ما يخصني فتعميم وزارة الثقافة والاعلام لن استجيب إليه لأنها مرجعي، فهي لن تحجب المثقّف عن السفارات المعتمدة لحكومة خادم الحرمين الشريفين، وفي ما يخص الصحافيين أنا لا أتمنى أن تتحول وزارة الثقافة والاعلام لوزارة تعميم وتعتيم ، فالمعلومة يمكن أن تنتقل عبر وسائل حديثه تكنولوجية دون أن يكون هناك مجلس للحديث أو قاعة معينة".
وأضاف " نحن نتحدّث عن علاقة المثقّف بالسفارة الأجنبية ، للأسف الشديد إننا الآن ننحدر في متاهات السيطرة على الحرية وقمعها والحيلولة أمامها ، بعكس السابق حيث وقفت شاهداً في اجتماعات الأمير بندر بن سلطان في واشنطن وغازي القصيبي في لندن ومحمد آل الشيخ في باريس ورأيت المثقفين والكتاب الذين خاضت لأجلهم سفارات بلادنا في واشنطن عراكاً ثقافياً من أجل الوصول لعدد كبير منهم ومن المثقفين ، وخصوصاً حين قامت حملة الانفتاح الاعلامي السعودي الذي قاد إلى ايضاح صورة المملكة عما كانت عليه قبل خمس سنوات وذلك على خلفية أحداث 11 سبتمبر ".
واختتم الموسى حديثه قائلاً : " إذن قرار منع الصحافيين من التعامل مع السفارات الأجنبية نجاح لحملة تشكيك مضادة قامت بها مجموعة من المشككين في أن الاعلاميين يتقاضون رشاوى من السفارات ، فيجب أن يفتح تحقيق للنظر في ذلك ".
وبالعودة إلى خطاب وزارة الثقافة والإعلام ، فقد وصفه أحد الإعلاميين السعوديين بالتقليدي وغير المنطقي في ظل الإنفتاح على الجميع وقال: "هناك رؤساء تحرير ومدراء تحرير ومراسلون ذو خبرة هم من يذهبون لاحتفالات السفارات جميعها الهندية والأميركية ... البنغلاديشية والفرنسية وبقية السفارات ولا أعتقد أن رجلاً عاقلاً سيصبح عميلاً لبنغلاديش في السعودية ضد بلده والغريب أن الوزارة لم تحدد سفارات بعينها وهذا ما أعتقد أنها كانت تنويه ...... كانت تنوي وضع قائمة بالسفارات الممنوعة لكنها خافت أن تفهم غلط".
ويعتبر الإعلامي نفسه أن ما يحدث يعتبر "كارثة وإنتصارا لزعيق تيار يحاول وضع الفقاعات تحت الأضواء وتحويلها إلى شيء يستحق" على حد قوله.
أحد الصحافيين رفض ذكر اسمه قال لـ "إيلاف" : " أنا أعتقد أن هذا تصرف غير مدروس وقرار ارتجالي سيجعل هناك فجوة في العلاقات الدبلوماسية بين الحكومة والسفارات الاجنبية الأخرى ما يثير الكثير من التساؤلات والحد من حرية الصحافة التي لا تحتاج للكثير من السيطرة عليها كي لا تتفجر وتخرج عن طور ركودها يوماً ما".
وقال آخر : " أنا سبق وتعاملت مع السفارات الأجنبية كثيراً ولم أشهد في يوم من الايام أن احد الصحافيين تقاضى من السفارة مبالغ مادية ، بل هناك اجراءات للسيطرة على الصحافيين بشكل كبير ، وما شهدته فعلاً هو حصول بعض الصحافيين على دورات وابتعاثات عبر السفارات الاجنبية دون الخوض في أمور مادية أو مقابل لذلك".
جاء خطاب وزارة الثقافة والاعلام السعودية بمنع الصحافيين من التعامل مع السفارات الاجنبية إلا بموافقتها بعد معارك إلكترونية ضارية بين التيارين الليبرالي والإسلامي دامت أكثر من (9) أشهر بدأت باتهام الداعية السعودي سعد البريك لكثير من كتاب الصحف السعودية أنهم رواد للسفارات الأجنبية في السعودية وأنهم يتقاضون منها مبالغ مادية,فكانت الإنطلاقة لمعركة دامت أشهراً وتحولت إلى لقب ينعت به الليبراليون من قبل مضاديهم في السعودية وهذا اللقب هو "رواد السفارات" كناية عن العمالة المبطنة للصحافيين السعوديين.
وبدأت القصة تقريباً في شهر فبراير من العام 2007م حين أطلق الداعية سعد البريك تصريحه الشهير في أحد الصالونات الثقافية عن الليبراليين وعمالة بعضهم للسفارات الأجنبية فكان التداول لهذه المقولة والضجيج حولها,حتى أن أحد المثقفين السعوديين اتهم سعد البريك بأنه يحاول فرض عضلاته بتصريحاته السياسية,وعدها آخرون محاولة للظهور على السطح بعد غياب الداعية البريك عن السطح منذ عام 2000م كخطيب ناري يتعطش له الشباب حديثو التدين.