منذ قيام الدولة الإسرائيلية التي ستحتفل بعيدها الستين في مايو المقبل لم يصعد إلى السلطة العليا في الولايات المتحدة رئيس إلا وكان أشد ولاء والتزاماً نحو اليهود الأميركيين، وبالتالي نحو إسرائيل من سلفه. ونتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية هذه المرة لن تكون استثناء عن سابقاتها.
في هذه المرحلة من السباق الانتخابي التمهيدي يبدو من الواضح أن الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لمعركة الانتخابات الرئاسية النهائية سيكون من نصيب جون ماكين، بينما على صعيد الحزب الديمقراطي يحتاج الأمر لبعض الوقت بالنظر إلى أنه فيما يبدو حتى الآن أن هناك تعادلاً بين متنافسين: هيلاري كلينتون وباراك أوباما.
حول هذه الشخصيات الثلاث تدور مجادلات يهودية في الولايات المتحدة وإسرائيل، ليس بشأن أيهم موالٍ أو غير موالٍ لتطلعات الأمة اليهودية والحركة الصهيونية، فهذه مسألة محسومة،
إذ إن ولاء ثلاثتهم للأمة والحركة اليهوديتين فوق الشك، وإنما يدور الجدل في الدوائر اليهودية حول المواهب الشخصية لكل منهم، وبالتالي أيهم أجدى وأنفع في خدمة إسرائيل من خلال خدمة الحركة اليهودية الصهيونية بوجه عام.
من هذا المنظور يبدو أن المرشح الأسود أوباما هو الأكثر قبولاً لدى القيادات اليهودية رغم حداثة عهده، وبالتالي قلة خبرته في شؤون السياسة وشؤون الحكم. في الأسبوع المنصرم أعلنت صحيفة أسبوعية أميركية اسمها «نيورببليك» من خلال مقالة افتتاحية بقلم رئيس التحرير مارين بيرتز دعماً مطلقاً للمرشح باراك أوباما،
ونعرف مغزى هذا التأييد المطلق إذا أخذنا في الاعتبار أن بيرتز يهودي صهيوني، وأن صحيفته منبر يهودي، وتنحصر رسالتها الإعلامية في الترويج لإسرائيل من ناحية وهجوم منظم وكاسح ضد «الإسلام السياسي»، ومن محاورها التحريرية المنتظمة والمستديمة تبرير الهجمات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والدعوة إلى ضرب إيران.
أوباما يحظى أيضاً بتأييد مكشوف لصحيفة يهودية أخرى اسمها «نيويورك صن»، وهي لسان حال اليمين المتطرف في إسرائيل الذي كان يتزعمه أرييل شارون، ويقوده حالياً بنيامين نتانياهو، وقد نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية الشهيرة تحليلاً مثيراً تشرح فيه،
لماذا تفضل الحركة اليهودية أوباما على ماكين والسيدة كلينتون رغم أن الأخيرين لا يقلان ولاء لإسرائيل واليهود وأنهما أكثر خبرة وأنهما أيضاً أبيضان من أصول أنغلو ـ سكسونية بينما أوباما أسود،
وفي سياق الشرح التحليلي تقول الصحيفة إن سواد أوباما سيكون ميزة ايجابية، إذا تولى منصب رئيس الولايات المتحدة، فعندما ينتهج رئيس أميركي أسود سياسة لصالح إسرائيل والحركة اليهودية فانه سيبدو للعالم وللأميركيين أكثر مصداقية من شخصيات
مثل ماكين وكلينتون اشتهرت بأنها تتخذ من استرضائها لليهود الأميركيين وإسرائيل وسيلة انتهازية لتحقيق طموحات سياسية ذاتية، بمعنى آخر سيكون أوباما الأسود أجدى وانفع لليهود من منظور فن العلاقات العامة،
مما سيؤدي إلى تحسين الصورة الخارجية للولايات المتحدة بصفة خاصة، لأن رئيساً أسود لأميركا سيكون شيئاً جديداً مثيراً. وسواء كان الفوز النهائي في معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية من نصيب أوباما أو ماكين أو كلينتون فان الحركة اليهودية على أية حال لن تخسر.