مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر القمة العربية في دمشق ، نهاية الشهر المقبل ، يتكاثر الكلام وتتوالد «الحزازير»، بحيث تختلط فيها التنبؤات بالايحاءات والتوقعات بالتهديدات ، والمواقف بالمناورات،،.
هل تنعقد القمة؟ هل تُؤجل على اعتبار ان «المواعيد ليست مقدسة» على حد تعبير «الشهيد» رابين؟، هل يجري تغيير مكان انعقادها ، كما تحاول بعض الابواق والاقلام ان تشكك وربما.. ان تطلق بالونات اختبارها؟، ثم.. على افتراض انها عُقدت في مكانها المقرر ، فهل من يضمن حضور الملوك والرؤساء جميعهم ، بمن فيهم العاهل السعودي والرئيس المصري اللذان يتخذان موقفا مغايرا للموقف السوري ، فيما يتصل بالازمة اللبنانية؟،،
الاختلاف في الموقف والاجتهاد بين السعودية ومصر بالشأن نفسه أي.. الشأن اللبناني ، لم يمنع الرئيس السوري بشار الاسد من تلبية الدعوة الى حضور القمة التي انعقدت في السعودية العام الماضي ، فماذا يمنع من مقابلة هذا الأمر بمثله لدى المسؤولين السعوديين الذين لم يوضحوا ولم يعلنوا حتى اليوم ، ما اذا كانوا قادمين او.. محجمين؟،،
لن نعود هنا الى الفلسفة التي قامت عليها وانبثقت منها فكرة مؤسسة القمة العربية ، ولكن يمكن القول بأن الاوضاع العربية الراهنة ، بما تشتمل عليه من احداث ماثلة ومتوقعة ، تطال المنطقة كلها.. ابدا كلها ، لا تدفع ولا تحتم الاّ ضرورة بل.. وجوب اللقاء والالتقاء ولو.. لتحقيق امر واحد فقط ، هو .. اعادة بعض الاعتبار للوجود العربي والوزن العربي والارادة العربية في ميادين الاصطراع العالمي،،
عيب وعار وضار واضرار ومثار للشفقة والسخرية ان يظل الوجود العربي متقزما لا يملك من مقوّمات الفعل والتأثير الاّ اتخاذ شكل الدبابيس المغروسة في الخرائط الملونة المعلقة على حيطان غرف العمليات في الدول القوية.. ومعظمها ـ دول استعمارية ذات استراتيجيات جهنمية وغايات مريعة فظيعة،،.
هذه المنطقة.. ليست مجرد آبار نفط وانابيب ومضائق لمرور البواخر ، وليست كذلك ـ مجرد مواد خام واسواق مفتوحة وايد عاملة رخيصة ، وانما هي شعوب حضارية عريقة اعطت البشرية والتاريخ كل ما رفع الانسان عن مرتبته الحيوانية والغرائزية التي كانت عليها شعوب اوروبا والعالم،،
المفروض بالقمة العربية ، لكي يصّح أن تُسمي قمة ان تكون محاور البحث والحوار بين اعضائها ، قمة المواضيع وقمة القضايا والمسائل المتصلة اتصالا عضويا وثيقا بحياة شعوب المنطقة ومستقبلها ومصالحها.
القمة.. قمة قضايا قبل أن تكون قمة اشخاص، ، والقضايا العربية في هذه المرحلة المفصلية بل المصيرية لا تملك ترف الانتظار ولا ترف الاخذ بسياسة النكايات والمناورات الصغيرة او فلسفة «جدع الانف نكاية بالعين»،،.
فلسطين العراق.. لبنان.. الخليج.. اصرار الاستعماريين وحليفتهم دولة الارهاب والاغتصاب في فلسطين ، على تفتيت المنطقة وتمزيق وحدة المجتمعات عبر التركيز على تعميق ظاهرات التخلف والانحطاط المذهبية والطائفية والاثنية والانانيات الفردية كل هذه ملفات ساخنة.. ساخنة تستوجب من كل ذي عقل سليم وادراك فاعل ونيّات صادقة ان يسارع ويبادر الى الارتفاع الى مستوى الواجب المنوط به ، لدرء الخطر الداهم ، ولاشاعة الوعي بمسؤوليات المواطنة وحقوقها وواجباتها،،
واجب السرعة والمبادرة هنا. ينبغي ان يكون شأن كل عربي ، حيث كان موقعه في مراتب الدولة ، وفي طليعته صانع القرار لعلنا في ذلك.. نعيد لتعبير «مؤتمر القمة» بعضا مما فقده من سمعة وقيمة وجدّية،،