في عالم الاستخبارات، مثلما في المافيا، لا توجد اسرار: آجلا أم عاجلا وفي الغالب عاجلا يعرف الجميع من ضغط علي الزناد. وبهرائه نجح الجنرال يحيي رحيم صفوي، من الشخصيات الاكبر في القيادة الايرانية، في التلميح بحل مشوق للغز اغتيال عماد مغنية. يحتمل أن يكون اطلق نظريات كاذبة لاغلاق الحساب مع واحدة من جيرانه. ولكن يحتمل ايضا أن يعرف شيئا ما لا نعرفه نحن.
حسب السيناريو الذي ألمح به المسؤول الايراني الكبير، فان الموساد الاسرائيلي، الي جانب الـ سي.اي.ايه وجهاز استخبارات عربي، صفوا علي نحو مشترك المطلوب الابداعي، الجسور والاكثر ذكاء في العالم. أيبدو الامر مدحوضا؟ في الوهلة الاولي ربما نعم. أما في تفكير ثانٍ ففي عالم تهدد فيه ايران وحزب الله سلامة الشرق الاوسط السني، فان كل ائتلاف ممكن. من الدول العربية التي سترغب في الدخول في هذه المغامرة، فان السعودية هي المشبوهة الفورية. للرياض حساب شخصي مع مغنية. في حزيران (يونيو) 1996 انفجرت سيارة مفخخة في ابراج خُبر ، القاعدة الامريكية في مدينة الظهران في السعودية، وقتل 19 امريكيا وسعوديا واحدا. وتقدر اجهزة الاستخبارات بان خلية نائمة من الحرس الثوري الايراني، الي جانب حزب الله، وقفت خلف العملية.
وحسب منشورات في وسائل الاعلام العربية، وثقت الرياض والقدس علاقاتهما بفضل حرب لبنان الثانية. وعلي الاقل في مجال واحد كان التعاون ضروريا، حتي وان جري بوساطة طرف ثالث: السعودية عمدت الي تنظيم قطار جوي لمساعدة بيروت إبان الحرب. اسرائيل سيطرت علي المجال الجوي للبنان، وكل حركة جوية تمت بمصادقتها. وها هو اتصال اول. وبعد ذلك، حسب تسريبات خرجت من اسرائيل التقت شخصيات اسرائيلية مع مسؤولين سعوديين كبار. ويبدو أنهم لم يتحدثوا هناك عن تبادل الطلاب.
مغنية هو من نوع صانع المشاكل الذي تطلعت دول عربية في خفاء قلبها الي انصرافه. شخصيات مثل حسن نصرالله، الذي شكل مغنية ذراعه التنفيذية، يحرضون الشارع العربي ويدخلون فيه روحا جهادية خطيرة. بالنسبة للسعودية، قائدة كتلة الدول المعتدلة في الشرق الاوسط، حزب الله وايران يشكلان تهديدا. النووي الايراني يهدد السعودية وجيرانها اكثر مما يهدد اسرائيل. ويتمتع السعوديون بقرب من القيادة السنية في لبنان. وهم يعرفون جيدا الساحة اللبنانية وقدرة التأثير المقلقة لحزب الله. هذه المعرفة كفيلة بان تشجعهم علي دق العصي في عجلاته.
ومن جانب آخر فان للسعوديين ايضا اسبابا وجيهة في عدم التدخل في عملية كهذه، مثل تخوف الرياض من تسريب اسرائيلي يورطهم في توتر خطير مع ايران. المضمون هو أنه في القصر السعودي لم يذرفوا دمعة في صباح الثالث عشر من شباط (فبراير)، مع صدور نبأ موت مغنية. بل ربما فتحوا زجاجة كحول، كما ينبغي الافتراض.