انفرجت أسارير الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بابتسامته المعروفة، وقال إن «العراقيين لا يحبون أميركا» وعلى الولايات المتحدة «أن تقبل الحقائق في المنطقة»، وكان بذلك يرد على تصريحات للرئيس جورج بوش الذي طالب طهران بعدم التدخل في الشؤون العراقية، لكنه تمسك خلال زيارته التاريخية لبغداد بتحفظه على مناقشة القضايا الخلافية علناً، ولم يشر إلى المعاهدة الأمنية التي يجري التحضير لعقدها بين العراق والولايات المتحدة.
الاجراءات الأمنية المشددة التي صاحبت زيارة نجاد، تخللها قطع للطرق واغلاق للأحياء في معظم بغداد، وخلت الشوارع التي سار فيها موكبه من الدوريات الأميركية. وانطلقت تظاهرات منددة بإيران في الفلوجة، وأعلنت هيئات عشائرية استنكارها.
وفيما تقدم مستقبلي الضيف الايراني الرئيس جلال طالباني أمام منزله، حيث اقام نجاد في منطقة الجادرية، خارج المنطقة الخضراء وداخل منطقة أمنية محصنة، فيها أيضاً منزل رئيس كتلة «الائتلاف» الشيعي عبدالعزيز الحكيم، غاب عن الاستقبال الحافل نائب رئيس الجمهورية السنّي طارق الهاشمي. ويقابل مقر اقامة الرئيس الايراني من الجهة الاخرى لبلدة الدورة ذات الغالبية السنّية التي أبدت، كسائر المدن السنّية الاخرى، امتعاضاً من الزيارة على خلفية اتهام ألأجهزة الايرانية بدعم ميليشيات مارست القتل الطائفي وتسعى لإحباط تجربة «مجالس الصحوة».
وأعرب نجاد عن سعادته لوجوده في بغداد بعد زوال نظام الرئيس الراحل صدام حسين الذي وصفه بـ «الدكتاتور»، متعهداً تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات. أما طالباني فأسرع في الاجابة عن سؤال عن منظمة «مجاهدين خلق» المعارضة لطهران وتتخذ العراق قاعدة لها، فكرر نجاد كلمة «مجاهدين» بتعجب، ليصحح الرئيس العراقي بقوله «منافقين»، وهي التسمية الإيرانية الرسمية للجماعة. وأوضح طالباني أيضاً ان العراق يحاول طرد الجماعة. وقال: «إن وجودها محرم استناداً الى الدستور وسنعمل على التخلص منها». وأضاف ان محادثاته مع ضيفه تناولت «القضايا السياسية والاقتصادية وسيتمخض عنها توقيع اتفاقات مهمة بين الجانبين». ويتوقع ان تقدم ايران للعراق منحة بقيمة بليون دولار، على شكل مشاريع تنفذها شركاتها.
الى ذلك، التقى نجاد في بغداد رئيس الوزراء نوري المالكي وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك معه ان «توجيه الاتهامات يزيد مشاكل الولايات المتحدة في المنطقة. يجب ان يفهم الاميركيون ان الشعب العراقي ليس معجباً بأميركا».
ورداً على سؤال عن الاتهامات الاميركية لإيران، قال مخاطباً الصحافيين: «بمقدوركم القول للسيد بوش ان اتهام الآخرين سيزيد مشاكل اميركا في المنطقة ولن يحلها». واضاف: «يجب ان يتقبلوا (الأميركيون) الحقائق في المنطقة». وعن الحوار بين ايران والعراق، قال: «اجرينا حواراً لتحقيق تعاون في مجالات الطاقة والصناعة والنقل»، مشيراً الى «نقاشات حول الأمن والعلاقات الاقليمية». وتابع ان «مصالح الشعب العراقي هي ما يقرره الشعب العراقي (...) ونحن نعتقد بأن الحكومة والشعب العراقيين هما في ذروة الوعي، ومن هذا المنطلق فإن الشعب والحكومة في مقدورهما ان يعرفا أين تكمن مصالحهما حتى على الصعيد الاقليمي».
من جهته، دعا المالكي الدول العربية والاسلامية الى ان تحذو حذو ايران وتساعد في اعادة بناء العراق. وقال: «كانت آفاق التعاون والتعامل بين البلدين واسعة جداً وفي مختلف القطاعات والمجالات، وسنوقع اتفاقات بين الطرفين». واضاف: «لذلك، لا حدود بالنسبة الينا في العراق ان ننفتح على أي فرصة من هذه الفرص للتعاون مع دول الجوار لا سيما ايران».
وزاد: «أوكد مرة اخرى ان هذه الزيارة وما ترتب عليها وما تمخض عنها من نتائج ستكون قطعاً مشجعة وباعثة للأمل ودافعة لبقية اخواننا وأشقائنا من دول الجوار لزيارة العراق والانفتاح على تجربة العراق الديموقراطي الجديد». وأكد ان الحوار الذي جرى بينه وبين احمدي نجاد كان «ودياً وايجابياً ووجهات النظر متطابقة، واعتقد ان درجة الثقة عالية جداً وأقول بصراحة إن الموقف الذي وقفته الجمهورية الايرانية الاسلامية في الفترة الأخيرة كان مساعداً الى درجة كبيرة جداً».
وعن وجود منظمة «مجاهدين خلق» الايرانية قال إن «العراق الجديد ليس عراق الديكتاتورية، بل هو بلد دستوري ديموقراطي اتحادي لا يسمح باستخدام أراضيه منطلقاً للمنظمات الإرهابية ضد اصدقائه واشقائه». واضاف: «سنسعى لإنهاء وجود المنظمات الارهابية كالقاعدة ومنظمة مجاهدين خلق وحزب العمال الكردستاني وأي جهة تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار وتسيء الى علاقاتنا مع دول الجوار».