قبل أحد عشر عاماً وبالتحديد في عام 1997م نشرتْ الكاتبة البلجيكية "ميشا ديفونسيكا" كتابا لاقى رواجا واسعا ، وترجم إلى 18 لغة مختلفة ، وألقى في خزينتها 19 مليون و 88 ألف دولار ؛ أثارت شجون قرائها وهي تحكي من خلاله قصة هروبها عندما كانت طفلة ذات ثماني سنوات من "محارق النازية التي طاردت اليهود" في الحرب العالمية الثانية أو ما يعرف "بالهولوكوست" ، وفقدانها لوالديها خلال اجتياح النازيين لعدة بلدان في أوروبا ، وتنقلها وحيدة بين الحدود تقتفي أثر أبويها !! وتجربتها في العيش لمدة شتاءين قارسين بين مجموعة من الذئاب !!
والآن عادت لتفاجئ الجميع ، بقولها: "لقد اخترعت كل ما ورد في الكتاب، بل إنني لم أكن أصلا يهودية"!! ووفقاً لما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية اعترفت "ديفونسيكا" واسمها الحقيقي "مونيك دي وايل" بأن ما ورد في كتابها : المسمى : "ذكرى من سنوات الهولوكوست" ، كان مجرد قصص مختلقة وسيناريوهات لا أصل لها ، أو بحسب تعبيرها الدقيق : "لم تكن حقيقة"!!
"كذبت بشأن الهولوكوست.. سامحوني"!!
وتعترف الكاتبة : " أنها لم تعش مع الذئاب – كما زعمت في كتابها - ولم تقضي أربعة أعوام من عمرها تعبر بين حدود أوروبا من بلجيكا إلى أوكرانيا خلال الحرب العالمية الثانية؛ بل إنها لم تكن يهودية!! فهي نصرانية تلقت نشأة كاثوليكية صارمة" !! وتطلب الغفران من كل أولئك الذين شعروا بأنها خانتهم . هذا ما قالته ميشا خلال اعترافاتها.
وتضيف صحيفة "الديلي ميل" : " أنه في الوقت الذي ادعت فيه "ميشا" ، أنها كانت تسلخ الأرانب في الثلج ، وتسرق الطعام من منازل الفلاحين في طريقها إلى بولندا للبحث عن والديها، فإنها في الواقع كانت طفلة تعيش مع جديها في شقة بالعاصمة البلجيكية بروكسل ؛ والشيء الوحيد الحقيقي في روايتها كان اختفاء والديها ؛ وتعلق الصحيفة : " للأسف أن هذه القصة ... كانت مجرد حكاية مختلقة " !!
وثارت الشكوك لأول مرة بشأن ما ورد في قصة "ميشا" عندما تساءل خبراء في علم الحيوان بشأن ما إذا كانت الذئاب المتوحشة فضلت أن تعاملها كأحد صغارها - بدلاً من افتراسها - كما ادعت !!
صناعة الهولوكوست وإنكار المحرقة:
حين قرأت هذا الخبر عن تلك الكاتبة البلجيكية وما سطرته من خيالات في كتابها الذي استغل حدثاً تاريخياً وظروفاً دولية ، لتحقق أحلام الثراء عن طريق دغدغة المشاعر واستغلال الدعم اليهودي لكل ما يثبت الهولوكوست أو المحرقة النازية ؛ أعاد للذاكرة ما جاء في كتاب" كيف صنع اليهود الهولوكوست ؟" للكاتب اليهودي "نورمان فنكلشتاين" الذي سرد فيه حقائق وأرقام مذهلة حول "صناعة الهولوكوست" تبهر كل من يقرأها ...وكيف أصبح اتحاد منظمات الهولوكوست يضم في الولايات المتحدة وحدها أكثر من مئة مؤسسة للهولوكوست ، وتدير سبع متاحف كبار للهولوكوست ، وتبلغ الميزانية السنوية لمتحف الهولوكوست في واشنطن والذي أُنشىءَ بقرار فيدرالي هي خمسون مليون دولاراً ... وكيف أصبح الهولوكوست صناعة " يطلق عليها " صناعة الهولوكوست " واستخدمت الأموال " لتعليم الهولوكوست " .
ونعود للكاتبة التي ما كان لها أن تنجح في ترويج كتابها لولا دعم اللوبي اليهودي لها ولمؤلفَها الذي نسجته من مخيلتها !! وقد حوله اللوبي اليهودي إلى فيلم بعنوان : " الحياة مع الذئاب " والذي لاقى نجاحا كبيراً في أوروبا !! فبعد أن اتخمت رصيدها البنكي بملايين الدولارات ... تجرأت وقالت أن الحكاية كلها كذب ُ بكذب !! وبالتالي أصبح القائمون على صناعة الهولوكوست يعترفون بأكاذيبهم وأساطيرهم التي أشاعوها لتصبح مناهج دراسية تدرس في الكثير من الجامعات والمدارس !!
المؤرخون اليهود الجدد والأساطير:
وهذا يعيدنا إلى أكاذيب اليهود ومؤلفاتهم والتي تدافع عن حقهم في سلب فلسطين من أهلها !! وتشويه الحقائق التاريخية والوقائع السياسية !! فقد قال "مؤرخو اليهود الجدد" : قِفوا !! فهناك الكثير من أكاذيب اليهود التي ترادفت مع قيام الكيان اليهودي على أرض فلسطين وتحولت إلى مسلمات ، وحقيقتها أنها كانت أساطير وأكاذيب مركبة من مجموعة مقولات وادعاءات باطلة أو غير دقيقة على الأقل ، واتفقوا على تسميتها بـ " الأساطير الصهيونية " كون الصهيونية نجحت في ربط كل كذبة من أكاذيبها بواحدة من الأساطير اليهودية ، وذلك حتى تقنع الرواية الرسمية بالمنطوق التاريخي الموحد بان الصهيونية قد حققت معجزة إقامة "دولة إسرائيل" !!
يقول "بني موريس" بهذا الشأن وهو أحد ابرز المؤرخين اليهود الجدد: " نحن الإسرائيليين ...نشرنا الكثير من الأكاذيب وأنصاف الحقائق ، التي أقنعنا أنفسنا وأقنعنا العالم بها ... للأسف كان ثمة فصول سوداء لم نسمع شيئا عنها ، لقد كذبوا علينا عندما اخبرونا أن عرب اللد والرملة طلبوا مغادرة بيوتهم بمحض إرادتهم ؛ وكذبوا علينا عندما أبلغونا أن الدول العربية أرادت تدميرنا ، وإننا كنا الوحيدين الذين نريد السلام طوال الوقت ؛ وكذبوا عندما قالوا : " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض " ، وكذبة الأكاذيب التي سموها الاستقلال . ويضيف بني موريس " لقد حان وقت معرفة الحقيقة ، كل الحقيقة ، وهذه مهمة ملقاة على عاتقنا نحن المؤرخين الجدد" !!
من الضحية ؟ ومن الجلاد ؟!!
تلك الأكاذيب مازالت مستمرة ... فمشاهدة فضائية من فضائياتنا العربية ولقاءاتها مع "متحدثين يهود" يبررون كل ممارساتهم وقتلهم الأطفال والنساء في فلسطين وتشريد شعب بأكمله ، وتصريحاتهم التي تحمل الفلسطينيين المسؤولية عن المجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحقهم ؛ ووصفهم الضحية بالإرهاب... لعلها كافية للوعي العربي والإسلامي لتدرك حجم الدعاية الصهيونية وخداعها الذي تسلل إلى بعض أبناء جلدتنا ليتبنى وجهة نظر اليهود بعد أن تَقَبل الرواية اليهودية بالمطلق والتي تقول بأن الفلسطينيين هم الجلادون بعد أن كانوا هم الضحية ، أو بأن الفلسطينيين هم سبب كل ما يجري في قطاع غزة على الرغم من أن ما يحدث في غزة يعد بلا شك تصفية عرقية وجرائم حرب وإبادة جماعية ، وإذلال لم يسبق له مثيل ، وكارثة إنسانية بمعنى الكلمة ، وحصار خانق ، أعوزهم الغذاء والدواء !!
ولهذا نقول إذا أراد أحد المهرجين أن يتعلم فن الخداع والكذب فما عليه إلا أن يتبنى أساليب اليهود وإعلامهم قديماً وحديثاً ... ولكن ولله الحمد ستبقى الحقيقة ساطعة لأصحاب البصر والبصيرة ...