لا تطرح روسيا وفق المواقف الرسمية لها اعتراضات على مناقشة أي قرار دولي بشأن سورية، رغم أنها استخدمت الفيتو قبل أشهر،
لا تطرح روسيا وفق المواقف الرسمية لها اعتراضات على مناقشة أي قرار دولي بشأن سورية، رغم أنها استخدمت الفيتو قبل أشهر، لكننا في الواقع أمام معادلة صعبة في الحراك داخل مجلس الأمن، فالمسألة تسير باتجاه فرز قوى حتى عربية حيال المسألة السورية، ويتجه هذا الفرز عند رسم ملامح مشروعين دوليين متداخلين أحيانا، فهم حتى اللحظة لم يضعا ملامح نظام دولي، لكنهما ينتظران معركة فاصلة تضع حدا لهذا التداخل، وهو أمر يزيد من تعقيد المسألة السورية، فهي وجدت نفسها داخل معركة دولية بعد مجموعة تحولات استراتيجية على المستوى الدولي.
عمليا فإن موسكو تنظر إلى المشروع "الغربي – العربي" على أنه يحمل شروطا مسبقة، والمقصود هنا تسليم الرئيس السوري صلاحياته لنائبه، أما باقي البنود فهي مطروحة للنقاش ويمكن الدخول في تعديلات أو مفاوضات حولها، وفحواها العام يتضمن عملية سياسية عامة تحتاج إلى الكثير من التفاصيل، إلا أن شرط "التنحي المعنوي" حمل بذاته كسرا واضحا لتوازن المعادلة داخل أي عملية سياسية، فهو تفكيك مسبق للشرعية داخل سورية قبل البدء بالعملية السياسية، وهي تحمل معها أمرين:
الأول تغير المعادلة السياسية الداخلية لتصبح حوارا على نفس القياس الاستراتيجي بالنسبة لمحور الولايات المتحدة، فهو حوار ترتيب البيت الداخلي بعيدا عن المساحة الأكبر التي كان لها التأثير الأقوى في وصول الأزمة السورية إلى وضعها الراهن، فالمطلوب من تلك القوى المتحاورة الابتعاد عن الأسئلة التي تحدد المساحة السياسية الإقليمية لسورية، وهو ما يضع موسكو وبشكل سريع خارج معالة التوازن الجديد في الشرق الأوسط.
الثاني أن مسألة التركيز على تنحي الرئيس ليست لتحميله المسؤولية فقط، بل أيضا لكسر أي شرعية مسبقة، والمهم بالنسبة للولايات المتحدة شرعية التحالفات السورية مع بعض القوى الإقليمية، فصلاحياته الممنوحة لنائبه وفق الخطة العربية، أو الغربية، هي لإدارة الحوار دون التسلح بأي شرعية أخرى غير شرعية التواجد ضمن المبادرة العربية، وعلينا أن نتذكر أن نائب الرئيس هو الذي أدار الحوار سابقا وقاطعته المعارضة، لذلك فإن الشرط الجديد في المبادرة هي وجود نائب الرئيس دون أي موقع مرتبط بمساحة النظام السياسي، فكيف يمكن تحقيق هذا الشرط إلا باعتبار "نائب الرئيس" متحررا من كل التزامته السياسية الداخلية أو الخارجية.
بالتأكيد فإن المشروع الغربي – العربي وضع موسكو في موقع يملك حساسية، وهو يدرك مسبقا أن كسب النقاط لا يحسم الجولة داخل مجلس الأمن لكنه على الأقل يربك الموقف الروسي الذي طرح أكثر من مرة مسألة الحوار وإطلاق العملية السياسية، ولكن في المقابل فإن ما حدث وعلى المستوى الدولي يساعد روسيا في التعامل مع عملية الفرز، وربما يدفعها لحراك سياسي على المستوى العربي طالما أن المشروع يطرح من بعض الأطراف العربية، بينما تقف البقية من أعضاء الجامعة العربية دون حراك حقيقي.
المعركة السياسية القادمة ستكون أكثر حدة لأنها ستنعكس داخل سورية في تزايد العنف، فالجميع يريد طرح أوراقه لأن الزمن لا يحمل الكثير من أجل حسم المعركة دوليا ولكن عبر التصعيد داخل سورية كجبهة في صراع معقد.