استؤنفت الجلسة الساعة 15:10.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): وفقا للمادة 37 من النظام الداخلي المؤقت للمجلس، أدعو ممثلي البحرين وبنن وجمهورية فنزويلا البوليفارية إلى المشاركة في هذه الجلسة.
أود مرة أخرى أن أذكّر جميع المتكلمين بأن يقصروا بياناتهم على ما لا يزيد عن أربع دقائق من أجل تمكين المجلس من الإسراع في عمله.
أعطي الكلمة الآن لممثل ماليزيا.
السيد حنيف (ماليزيا) (تكلم بالإنكليزية): اسمحوا لي أولا أن أهنئكم، سيدي، على توليكم رئاسة المجلس، وأن أشكركم على عقد هذه المناقشة المفتوحة عن الحالة في الشرق الأوسط. ثانيا، يود وفد بلدي أن يؤيد البيان الذي أدلى به ممثل مصر بالنيابة عن حركة عدم الانحياز، والبيان الذي سيدلي به ممثل كازاخستان بالنيابة عن منظمة التعاون الإسلامي.
ببالغ القلق والإحباط المتزايد نواصل معالجة الحالة التي لا نهاية لها في الشرق الأوسط، ولا سيما الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وفيما نبدأ عاما جديدا، نحن لا نفعل ذلك على أمل إحراز تقدم ملموس في عملية السلام، كما لا نتوقع أن نخطو خطوة تقرّبنا أكثر صوب تحقيق هدفنا النبيل المتمثل في التوصل إلى حل. بل على العكس من ذلك، نحن نبدأ هذا العام الجديد بشعور من التشاؤم الذي يعتقد وفد بلدي بالتأكيد أن هناك ما يبرره وهو يستند الى التطورات المقلقة التي تحدث على أرض الواقع.
للأسف، لا تزال إسرائيل تقوم بتوسيعها غير القانوني للمستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بما يتناقض مع جميع قواعد القانون الدولي، وعلى الرغم من إدانة المجتمع الدولي لأعمالها غير القانونية. ومع تزايد عدد الوحدات السكنية التي تبنى في الضفة الغربية حيث بلغت 850 1 وحدة سكنية في عام 2011، فإن توسيع المستوطنات غير القانونية منذ عام 2002 يجري على نطاق غير مسبوق. ففي القدس الشرقية وحدها، من المؤكد تقريبا أن بناء آلاف الشقق سوف يغيّر، في نهاية المطاف، الحقائق الجيوسياسية على أرض الواقع.
ورد في تقرير نشره مؤخرا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن إسرائيل أقامت منذ عام 1967 نحو 150 مستوطنة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وبالإضافة إلى الإمعان في توسيع المستوطنات، يجري هدم المساكن والهياكل الفلسطينية في كلٍّ من الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقد عُثِر على أن أكثر من 60 في المائة من الهياكل الفلسطينية التي هدِّمت عام 2011 كانت في المناطق المخصصة للمستوطنات. علاوة على ذلك اقترنت زيادة التوسع في المستوطنات بزيادة مقابلة في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم الذي أصبح متواتراً وليس نادراً.
والنتيجة المترتبة عن هذه الأنشطة هي استمرار معاناة الشعب الفلسطيني. وإلى جانب كون المستوطنات خطأ أخلاقياً، فإنها غير شرعية أيضا بموجب القانون الدولي لأنها تنتهك المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، وتتعارض مع التزامات إسرائيل. في هذا الصدد، تؤيد ماليزيا الإجراءات التي اتخذتها حركة عدم الانحياز لتطلب من سويسرا، بصفتها وديع اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب، أن تدعو في أقرب فرصة إلى عقد مؤتمر للأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة بغرض التمسك بالالتزامات والمسؤوليات المترتبة على الأطراف المتعاقدة السامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. يتم هذا وفقا للتوصيات الواردة في قراري الجمعية العامة 64/10 و 64/254.
وحتى الآن، لا تزال نداءات المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، الداعية إلى وقف هذه الأنشطة غير المشروعة، لا تجد إلا آذاناً صماء من إسرائيل العاكفة بتكالبٍ على مسارها على الجانب الخطأ من التاريخ. وهي تفعل ذلك غير آبهة بأحد وبدون أن تشعر بذرة ندم، الأمر الذي يثير السؤال التالي: في البداية، هل ثمة من التزامات على إسرائيل؟
في هذا السياق، من نافلة القول إن على إسرائيل أن توقف الأنشطة الاستيطانية غير القانونية التي أوقعت ظلماً كبيراً على الشعب الفلسطيني. وكثيراً ما أدت الأنشطة الاستيطانية غير القانونية إلى وقف محادثات السلام المتعثرة. يجب على جميع الأطراف أن تدرك أنّ من أجل تحقيق السلام في فلسطين والشرق الأوسط، ينبغي أن تبدأ المفاوضات بروح ملؤها الإخلاص وحسن النية والثقة. ومن الواضح أن هذا ليس من السهل تحقيقه، ولكن، كبداية، ينبغي أن تحجم الأطراف كافة عن الأعمال الاستفزازية التي تضر بالتأكيد أكثر مما ينفع.
ومع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته المجموعة الرباعية للخروج بمقترحات شاملة بشأن الأراضي والأمن، ترى ماليزيا أن على مجلس الأمن، بوصفه القيِّم على السلم والأمن الدوليين، أن يضطلع بدوره في كفالة أن تكون الظروف مهيأة لجميع الأطراف لاستئناف المفاوضات وصولاً إلى حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وترى ماليزيا أنه إذا أريد تحقيق حل عادل وسلمي للصراع، فإن مسؤولية تقديم التنازلات وإفساح المجال للمفاوضات لا تقع على عاتق فلسطين وحدها. إن إصرار إسرائيل على أن تنخرط فلسطين في المفاوضات المباشرة بدون أي شروط مسبقة لا يعكس رغبة إسرائيل في أن تكون عادلة وأكثر تقبلاً لجارتها في المستقبل.
ومع أن وفدي يتكلم اليوم بشعور من التشاؤم، فأرجو ألا يسيء أحد الظن: نحن ما زلنا حازمين في التزامنا بإيجاد حل دائم يقوم على وجود دولتين ضمن حدود عام 1967، وكون القدس الشرقية عاصمةً لفلسطين، حيث يتسنى للجانبين العيش جنبا إلى جنب في سلام آخذين في الاعتبار الشواغل الأمنية لكليهما. وتحدونا رغبة صادقة في أن نرى المناقشات المقبلة بشأن هذه القضية تأخذ لهجة مختلفة أكثر إيجابية وتعكس تقدما ملحوظاً على أرض الواقع. إن وقت السلام هو الآن، ويجب ألا نهدر هذه الفرصة. إن إطالة أمد الصراع لا تخلق إلا من المزيد من المشاكل، وليست في مصلحة أحد.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة لممثلة أستراليا.
السيدة كينغ (أستراليا) (تكلمت بالإنكليزية): أود أن أهنئكم، سيدي، على تولي بلدكم رئاسة المجلس هذا الشهر، وأشكركم على عقد هذه المناقشة الهامة التي تأتي في وقت حرج بالنسبة للمنطقة. وأود أيضا أن أشكر وكيل الأمين العام فرنانديث تارانكو على إحاطته الإعلامية هذا الصباح.
بعد مرور عام واحد على الأحداث الدرامية في تونس، ثم مصر فليبيا ودول أخرى في الشرق الأوسط، تشير التوقعات بالنسبة للمنطقة إلى إحراز تقدم مشجع مع وجود حالات تبعث على القلق المستمر. ستظل أستراليا تدعم بنشاط عملية التحول الديمقراطي التاريخية الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تمثل الانتخابات خطوة مهمة في هذه العملية، بما في ذلك الانتخابات في مصر، حيث أكدت معدلات المشاركة القوية في الانتخابات الأولى التي شهدها البلد في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي عزم الشعب على العمل من أجل تحقيق تطلعاته المشروعة إلى الحرية والديمقراطية.
وخلال هذه الفترة التي تتسم بالتغيير السياسي العميق في الشرق الأوسط، يتحتم حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني من أجل مستقبل الاستقرار في المنطقة. يتيح التغيير المتسارع في معطيات الجغرافيا السياسية في المنطقة فرصة جديدة للتوصل إلى اتفاق سلام دائم. لكن إنْ لم تُغْتُنم هذه الفرصة ولم تتخذ خطوات إيجابية نحو اختتام عملية السلام في وقت قريب، فإن احتمالات التوصل إلى تسوية دائمة سوف تصبح بعيدةً غايةً البعد.
ما فتئت أستراليا تؤيد التوصل إلى حل تفاوضي على أساس وجود دولتين يسمح لإسرائيل بأن تعيش آمنة جنبا إلى جنب مع دولة فلسطينية آمنة ومستقلة. لكوننا صديقاً لإسرائيل، ندرك مخاوفها الأمنية المشروعة، ولكوننا صديقاً للشعب الفلسطيني، نؤيد إحقاق حقهم في تقرير المصير من خلال دولة خاصة بهم.
إننا نشيد بالجهود الجارية التي تبذلها المجموعة الرباعية لتشجيع استئناف المفاوضات المباشرة. ونشيد أيضا بالجهود المشجعة التي يبذلها الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله، لجمع الطرفين للمرة الأولى منذ أواخر عام 2010. كما نرحب ترحيباً شديداً بالنشاط الأخير الذي قام به الأمين العام دعماً لعملية السلام، بما في ذلك أثناء زيارته الأخيرة إلى لبنان ومن خلال زيارته المقبلة لأماكن أخرى في المنطقة، والتي تأتي في منعطف حاسم، وتتيح لجميع الأطراف الفرصة لدفع قضية السلام إلى الأمام.
ونحث كلا الجانبين على الاستفادة من هذه المبادرات والمضي قدما نحو المفاوضات الجوهرية على وجه السرعة وبدون تأخير. لتحقيق ذلك، يجب على الطرفين أن يثبتا أنهما جادان في استئناف المفاوضات وفقا لبيان المجموعة الرباعية في 23 أيلول/سبتمبر 2011، بما في ذلك الامتناع عن القيام بأعمال استفزازية من شأنها تقويض احتمالات تحقيق الحل القائم على وجود دولتين. ويشمل هذا التوسع في المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، التي دعت الحكومة الأسترالية إسرائيل لوضع حد لها. يجب أيضاً وقف أي نوع من أنوع العنف الذي يستهدف المدنيين. ومع تفهمنا للمخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل، لا بد من بذل المزيد من الجهد لتخفيف الحالة الإنسانية في غزة.
نحيِّ الجهود التي تبذلها القيادة الفلسطينية في بناء القاعدة الاقتصادية والمؤسسية الضرورية لإقامة الدولة الفلسطينية. وتقف خطة التمويل الخمسية الأسترالية البالغة قيمتها 300 مليون دولار دليلاً على دعمنا القوي لهذا المسعى. لقد بات الآن واضحاً أنه يجب أن يوازي هذا البناء المؤسسي تقدمٌ سياسي نحو السلام على الجانبين.
نحن نواصل دعم العمل الذي تقوم به جامعة الدول العربية في المساعدة على التحول الإيجابي في العالم العربي. ويشمل هذا جهودها لوقف إراقة الدماء في سوريا. إن استمرار العنف في سوريا أمر مروع؛ فمنذ أن بدأ العنف في شهر آذار/مارس من العام الماضي، تجاوزت حصيلة القتلى 000 5 وفقا لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. إننا نحث النظام السوري على وقف الأعمال الوحشية وعلى تنفيذ إصلاحات سياسية ذات مصداقية، بما في ذلك إجراء حوار حقيقي مع المعارضة، وفقا لخطة عمل الجامعة العربية. ونحث أعضاء مجلس الأمن على الاضطلاع بمسؤوليتهم في التعامل مع العنف في سوريا فورا وبسرعة.
وختاماً، لا يزال الشرق الأوسط منطقة تواجه تحديات وفرصا. ولدينا مصالح مشتركة في كفالة السلام والاستقرار الدائمين وتلبية التطلعات المشروعة لشعوب المنطقة نحو الإصلاح العملي والفرص الاقتصادية. لا بد أن يتخذ المجلس، والجهات الفاعلة الإقليمية وغيرها من الأعضاء المشاركين في المجتمع الدولي، خطوات عاجلة وإيجابية نحو تحقيق هذه الأهداف.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة لممثل اليابان.
السيد نيشيدا(اليابان) (تكلم بالإنكليزية): أشكركم، سيدي، على إتاحة الفرصة لي لمخاطبة مجلس الأمن بشأن الحالة في الشرق الأوسط.
تتفهم اليابان تماما تطلع الفلسطينيين بشغف إلى بناء دولة خاصة بهم، وتدعم بقوة الحل القائم على وجود دولتين تعيش بموجبه إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقلة المقبلة جنبا إلى جنب في سلام وأمن واعتراف متبادل. تؤيد اليابان الرؤية الداعية إلى أن يتم عبر التفاوض تحديد الحدود في إطار الحل القائم على وجود دولتين، على أساس خطوط 1967 والاتفاق على الأراضي المُبادلة، بطريقة من شأنها أن تحقق التعايش السلمي بين دولة فلسطينية قابلة للحياة وإسرائيل، في إطار حدود آمنة ومعترف بها.
إن حل الدولتين هذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات الصادقة بين الطرفين المعنيين. وتعتقد اليابان اعتقادا راسخا بأنه ينبغي للطرفين أن يبذلا قصارى جهدهما للقيام بالمفاوضات المباشرة وفقا للإطار الزمني الذي حددته المجموعة الرباعية. وفي ذلك الصدد، ترحب اليابان بالاجتماعات التي عقدت بين إسرائيل والفلسطينيين في عمًان هذا الشهر، وتعرب عن احترامها الشديد للجهود التي قام بها الأردن والمجموعة الرباعية في الإعداد لهذه الاجتماعات. وتأمل اليابان بقوة في أن تفضي تلك الاجتماعات إلى الاستئناف المبكر للمفاوضات المباشرة. إن اليابان لا تعترف بأي من التدابير التي تحكم مسبقا على نتيجة مفاوضات الوضع النهائي، وتهيب بالطرفين الامتناع عن أي عمل استفزازي من أجل بناء الثقة المتبادلة. ويتعين على الطرفين التقيد بالتزاماتهما بموجب الاتفاقات السابقة.
تكرر اليابان ندائها الشديد لإسرائيل بالتجميد الفوري لأنشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية التي تشكل انتهاكا للقانون الدولي. وفي الوقت نفسه، نهيب بالسلطة الفلسطينية لمواصلة جهودها لتحسين الأمن والوفاء بالتزاماتها بوقف العنف والعمل ضد التحريض.
وما برحت اليابان تؤيد جهود السلطة الفلسطينية لإقامة الدولة، وهي ملتزمة على الدوام بتقديم المساعدة في ذلك الصدد. كذلك تتابع اليابان باهتمام الجهود الفلسطينية الرامية إلى إقامة حكومة موحدة.
وتشاطر اليابان المجتمع الدولي قلقه الشديد إزاء الحالة في سوريا. وتؤيد اليابان مبادرة جامعة الدول العربية من أجل تحقيق الاستقرار في سوريا، وتأمل أيضا بأن يتصرف مجلس الأمن بفعالية. ومن دواعي استيائنا أن السلطات السورية لا تزال تستخدم القوة على نطاق واسع على الرغم من نشر بعثة المراقبة التابعة للجامعة العربية، ونرى أن من المهم أن تقدم الأمم المتحدة المساعدة التقنية للمراقبين المشاركين في البعثة. وتدين اليابان استخدام السلطات السورية للقوة ضد المدنيين وتكرر دعوتها لها بوقف أعمال العنف على الفور، والعمل فورا على القيام بإصلاحات والدخول في حوار مع الشعب السوري.
وغدا، ستحتفل مصر بالذكرى الأولى للتغيير التاريخي فيها. وترحب اليابان بإجراء انتخابات مجلس الشعب دون وقوع أي اضطراب كبير. ويسرنا أن اليابان ساعدت في إجراء تلك الانتخابات بتقديم الدعم المالي واقتسام الخبرة الفنية في ذلك المجال. وبما أن الاستقرار في مصر هام جدا للحفاظ على استقرار المنطقة برمتها، تأمل اليابان أن تتطور العملية السياسية بطريقة سلمية وأن تفضي الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية إلى نتائج ملموسة في مرحلة مبكرة.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن للسيد توماس ماير - هارتينغ، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة.
السيد ماير - هارتينغ (تكلم بالإنكليزية): أشكركم على إعطاء الكلمة للاتحاد الأوروبي.
يؤيد هذا البيان البلد المنضم كرواتيا، والبلد المرشح الجبل الأسود وبلد عملية الاستقرار والانتساب المحتمل ترشيحه ألبانيا؛ فضلا عن جمهورية مولدوفا.
في السنوات القليلة الماضية، وفي هذه المناقشات المفتوحة التي تجري كل ثلاثة أشهر في مجلس الأمن بشأن الحالة في الشرق الأوسط، كثيرا ما سمعنا أن عملية السلام عند منعطف خطير وأن التقدم الحاسم لازم الآن لتحويل التطلعات المشروعة لشعوب المنطقة نحو السلام، والأمن، وقيام الدولة إلى حقيقة ملموسة. وفي مطلع هذا العام الجديد يقتضي الأمر مرة أخرى، الآن أكثر من أي وقت مضى، قيام المجتمع الدولي إطلاق هذه النداءات من أجل مساعدة الجانبين في هذا الصراع في تسوية خلافاتهما والموافقة على حل شامل.
يرحب الاتحاد الأوروبي بالجهود التي قام بها الأردن لتيسير المحادثات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين بوصف ذلك جزءا من عملية المجموعة الرباعية، ويؤيد الاتحاد تلك الجهود. ويناشد الاتحاد الأوروبي الطرفين التقدم بمقترحات شاملة بشأن الحدود والأمن، كما تُوخي في بيان المجموعة الرباعية الصادر في 23 أيلول/سبتمبر (انظر SG/2178). وهو إظهار شجاع وحاسم للقيادة السياسية اللازمة لدى الجانبين للإبقاء على الزخم في المحادثات. والاتحاد الأوروبي، شأنه شأن الآخرين فعل ذلك خلال هذه الجلسة للتشديد مرة أخرى على الدور المركزي للمجموعة الرباعية في هذا السياق، وللإعراب عن تأييده الكامل للعملية التي تقوم بها المجموعة الرباعية حاليا والتي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق بين الأطراف في موعد لا يتجاوز نهاية عام 2012.
لقد صدر بيان المجموعة الرباعية في 23 أيلول/سبتمبر 2011 ودعا الطرفين إلى إحراز تقدم ملموس خلال ستة أشهر والتوصل إلى اتفاق مع نهاية عام 2012. وعلى نفس المنوال استضافت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المعنية بالشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كاترين أشتون اجتماعا لمبعوثي المجموعة الرباعية عقد في بروكسل بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2011 لإطلاق العنان للعملية. وقد اجتمع مبعوثو اللجنة الرباعية لاحقا مع الطرفين كل على حدة في 26 تشرين الأول/أكتوبر، وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر، وفي 14 كانون الأول/ديسمبر في القدس. ثم قام الأردن بأخذ زمام المبادرة بدعوة المجموعة الرباعية والطرفين إلى اجتماع مشترك في 3 كانون الثاني/يناير. وقد كان ذلك الاجتماع خطوة إيجابية، إذ كان الاجتماع الأول في السياق الحالي الذي اجتمع فيه الطرفان وجها لوجه. ووافق الطرفان في ذلك الاجتماع على عقد المزيد من الاجتماعات الثنائية التحضيرية برعاية أردنية.
إن الاتحاد الأوروبي يؤكد من جديد التزامه بحل الدولتين. وإن مشروعية دولة إسرائيل وحق الفلسطينيين في إقامة دولة أمر لا يجب أبدا التشكيك فيهما. ويؤكد الاتحاد الأوروبي مجددا مواقفه الواضحة بشأن المفاوضات، وفيما يتعلق بالمعايير، والمبادئ والمسائل، بما في ذلك الاستنتاجات التي توصل إليها مجلس وزراء خارجية الدول الأوروبية في شهر كانون الأول/ديسمبر 2009، وكانون الأول/ديسمبر 2010، وأيار/مايو، وتموز/يوليه، وتشرين الأول/أكتوبر 2011 والنتائج التي اعتمدها بالأمس والبيان الذي أُدلي به بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي في 21 نيسان/إبريل 2011 (انظر S/PV.6520). كذلك كرر الاتحاد الأوروبي تأييده لمبادرة السلام العربية. وتستحق المبادرة في الذكرى السنوية العاشرة لها تجديد الاهتمام بها.
ويشدد الاتحاد الأوروبي على الحاجة الماسة إلى إيجاد حل تفاوضي، ويحض الطرفين على الامتناع عن أي أعمال تقوض آفاق السلام. ويهيب الاتحاد الأوروبي بالطرفين إظهار التزامهما بالحل السلمي وبعملية المجموعة الرباعية باتخاذهما إجراءات يمكن أن تبني الثقة وتهيئ بيئة تسودها الثقة اللازمة لكفالة إجراء مفاوضات مجدية تفضي إلى سلام شامل ودائم.
إن التطورات على أرض الواقع تؤدي دورا حاسما في رسم إطار لمفاوضات ناجحة. يكرر الاتحاد الأوروبي بأن المستوطنات وإقامة الجدار الفاصل الذي شُيد على أرض محتلة، وتدمير المنازل وطرد السكان كلها أعمال غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة في طريق السلام وتهدد بتعذر حل الدولتين. ويحض الإتحاد الأوروبي حكومة إسرائيل على العمل فورا على إنهاء جميع الأنشطة الاستيطانية في القدس الشرقية وفي بقية الضفة الغربية، وأن يشمل ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات، وتفكيك جميع المخافر الأمامية المقامة منذ آذار/مارس 2001.
إن الاتحاد الأوروبي ما انفك أحد المؤيدين الرئيس ين لإقامة المؤسسات الفلسطينية والمساهمة فيها وفي جهود بناء الدولة التي يقودها الرئيس عباس ورئيس الوزراء فياض. وما فتئ الاتحاد الأوروبي مكرسا لمواصلة تأييده لجهود السلطة الفلسطينية الناجحة في بناء الدولة والتي اعترف بها بوصفها نجاحا باهرا.
إن استمرار الصعوبات المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية تعرض للخطر المنجزات التي تم تحقيقها حتى الآن في عملية بناء المؤسسات. لذلك، يشدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة تقديم الدعم القابل للتنبؤ وتقديم المزيد من الدعم للسلطة الفلسطينية، ويدعو إلى تقاسم العبء بصورة منصفة في مجتمع المانحين الدوليين. وما انفك الاتحاد الأوروبي يدعو إلى المصالحة بين الفلسطينيين والالتفاف حول لرئيس محمود عباس بوصفه عنصرا هاما للوحدة في أي دولة فلسطينية تقام في المستقبل وللتوصل إلى حل الدولتين.
أما فيما يتعلق بغزة، فإن الاتحاد الأوروبي يدعو إلى التنفيذ الكامل للقرار 1860 (2009)، وإلى الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وإلى الفتح الفوري والمستمر وغير المشروع للمعابر لتدفق المعونة والسلع التجارية والأشخاص من غزة وإليها، بما في ذلك السلع الواردة من الضفة الغربية. وفي هذا السياق، يعرب الاتحاد الأوروبي عن دواعي قلقه حيال تفكيك معبر كارني ويكرر دعواته إلى التنفيذ الكامل لاتفاق التنقل والعبور لعام 2005.
ورحب الاتحاد الأوروبي بالتدابير التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية باعتبارها خطوة إلى الأمام. ولكن يلزم القيام المزيد من العمل. ويدعو الاتحاد الأوروبي إلى التنفيذ الكامل واتخاذ تدابير تكميلية من أجل إحداث التغيير الأساسي في السياسات الذي يمكن من اعادة إعمار غزة وانتعاشها الاقتصادي، بما في ذلك من خلال الصادرات. وقدم الاتحاد الأوروبي مساعدته في تحقيق ذلك الهدف. ويدعو الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد حل يعالج الشواغل الأمنية الشرعية لإسرائيل. ويدين الاتحاد الأوروبي إدانة تامة جميع الأعمال التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالمدنيين أو قتلهم.
وفي الختام، وفيما يتعلق بسوريا، لا يزال الاتحاد الأوروبي يشعر بقلق عميق حيال تدهور الحالة في البلد والانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السورية ضد شعبها، وهي قد ترقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. ويدعو الاتحاد الأوروبي إلى الوقف الفوري لأعمال العنف، وهو يشعر بالقلق على وجه الخصوص من تصعيد أعمال العنف مؤخرا، ويكرر إدانته بأقوى العبارات لحملة القمع الوحشية التي تقوم بها الحكومة السورية، وهي تخاطر باستمرار زيادة تصعيد دوامة العنف، والاشتباكات الطائفية وإضفاء الطابع العسكري. ويجب أن يتخلى الرئيس الأسد عن السلطة فورا للتمكين من إجراء انتقال ديمقراطي وسلمي.
ويشير الاتحاد الأوروبي إلى تأييده لجهود جامعة الدول العربية لإنهاء دوامة العنف في سوريا ولنشر بعثة الرصد التابعة للجامعة. ويرحب الاتحاد الأوروبي بقرار الأمم المتحدة تقديم المساعدة لبعثة مراقبي جامعة الدول العربية. ويدين الاتحاد الهجمات على مراقبي بعثة جامعة الدول العربية. وتتحمل السلطات السورية مسؤولية عن حماية المراقبين في بلدها. ويشعر الاتحاد الأوروبي ببالغ القلق من عدم تعاون السلطات السورية ويناشدها الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب خطة عمل جامعة الدول العربية بالوقف الكامل لأعمال العنف ضد المدنيين، وبالإفراج عن المعتقلين السياسيين وبسحب القوات والدبابات والأسلحة من المدن، وبالسماح بسفر المراقبين المستقلين ووسائط الإعلام داخل سوريا وإعدادهم للتقارير عن سوريا.
ويناشد الاتحاد الأوروبي جميع أعضاء مجلس الأمن التمسك بمسؤولياتهم عن إنهاء أعمال العنف ضد السكان السوريين ودعم الشعب السوري في رغبته المشروعة في التمتع بالحرية والحقوق السياسية. وفي هذا الصدد، سيواصل الاتحاد الأوروبي العمل مع الأعضاء الممثلين للمعارضة السورية، مثل المجلس الوطني السوري، الذي يتمسك باللاعنف والشمول والقيم الديمقراطية.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل تركيا.
السيد موفتوأوغلو (تركيا) (تكلم بالإنكليزية): لقد استمعنا باهتمام كبير للإحاطة الإعلامية التي قدمها الأمين العام المساعد أوسكار فرنانديز - تارانكو. وظل الشرق الأوسط دائما منطقة معرضة لنشوب الصراعات طوال تاريخه. وتمر المنطقة بإعادة صياغة هيكلية. ولا تقتصر المسألة بأي حال من الأحوال على المنطقة؛ فهناك تداعيات على نطاق أوسع. وحان الوقت لنا، باعتبارنا دول العالم، لنضطلع بأدوارنا الانفرادية والجماعية في التصدي بشكل فعال للتحديات المقبلة.
وفي الأسبوع الماضي، قدمت للمجلس إحاطة إعلامية بشأن الحالة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويمكن تفسير تلك الإحاطة الإعلامية باعتبارها مناشدة أخرى للمجتمع الدولي لمعالجة الصراع العربي - الإسرائيلي فورا. ولا تزال ذاكراتنا حية للعملية العسكرية المميتة التي شنتها إسرائيل ضد حملة للمعونة الإنسانية المدنية في أعالي البحار. ونلاحظ مع الأسى زيادة الأنشطة الاستيطانية وأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين. وتظل تلك الأعمال عائقا رئيسيا أمام استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين. وفضلا عن ذلك، فإنها تعرض للخطر بصورة جدية رؤية الحل القائم على وجود دولتين.
ولذلك نناشد الحكومة الإسرائيلية التقيد بالقانون الدولي والوفاء بمسؤولياتها نحو المجتمع الدولي. وعلى أي حال، لا يمكن السماح بلجوء أي طرف إلى العنف باعتباره وسيلة لتسوية النزاعات القائمة. والركن الأساسي للتوصل إلى السلام العادل والدائم والشامل في الشرق الأوسط هو تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي. ويجب أن يتمكن الشعب الفلسطيني في أقرب وقت ممكن من الممارسة الكاملة لحقوقه غير القابلة للتصرف وفقا لقرارات الأمم المتحدة العديدة ومبادئ مدريد وخريطة الطريق ومبادرة السلام العربية. وينبغي الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنيا إلى جانب مع إسرائيل في سلام.
وفي الخريف الماضي، رحبنا بانضمام فلسطين إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة. كما أيدنا بكل صدق الطلب الفلسطيني للانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة، الذي قدمه الرئيس عباس في 23 أيلول/سبتمبر 2011. وعلى المجتمع الدولي أن يشجع الكفاح من أجل استيفاء حق الشعب الفلسطيني الذي تأخر كثيرا والمستحق تماما في إقامة الدولة.
ونشيد بالاجتماعات التي عقدت مؤخرا بين الممثلين الفلسطينيين والإسرائيليين في عمان. ونناشد الطرفين عقد الاجتماعات بحسن نية وبهدف تحقيق تقدم ملموس نحو التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة. وفي غضون ذلك، يتسم بأهمية حيوية اتخاذ خطوات نحو تحقيق المصالحة الوطنية في فلسطين. ونثني على جهود الرئيس عباس والممثلين الفلسطينيين في ذلك الصدد. وندعو جميع أعضاء المجتمع الدولي إلى دعم العملية بدون تحيز.
وسيثبت الشعب الفلسطيني أنه، إذا تهيأت الظروف المناسبة، قادر على الأداء باعتباره كيانا سياسيا واقتصاديا مبشرا في المنطقة. ولذلك ندعو المجتمع الدولي إلى تعزيز دعمه لمشاريع التنمية وإعادة الإعمار والمشاريع الإنسانية في فلسطين. والنداء الإنساني الذي وجهته الأسبوع الماضي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى من أجل تمويل تلك القضية السامية جدير باهتمامنا عن حق.
ونود أن نوضح مرة أخرى أن الأوقات المقبلة ستتطلب منا أن نتوخى المزيد من اليقظة. فالشرق الأوسط يمر بعملية انتقالية لا مفر من أن تكون لها تداعيات على نطاق واسع وينبغي أن نتعرف على التحديات بشكل دقيق وأن نحدد أولوياتنا بشكل صحيح. ولا يمكننا أن ندع النزاع المطول يحول مسار الناس للبحث عن مستقبل مشرق وآمن، وينبغي ألا ندعه. والقضية الإسرائيلية - الفلسطينية بالغة الأهمية في ذلك الطريق.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لسعادة السيد عبد السلام ديالو، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف.
السيد ديالو (تكلم بالفرنسية): بالنيابة عن اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، أود أن أهنئكم تهنئة حارة، سيدي، على توليكم رئاسة المجلس لشهر كانون الثاني/يناير وأن أتمنى لكم كل النجاح في مساعيكم. إنني مدين بقدر كبير لكم ولزملائكم في المجلس لإتاحة الفرصة للجنتنا لمخاطبة المجلس في مداولات اليوم، التي تدق ناقوس الخطر مرة أخرى فيما يتعلق بزيادة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
وتكرر لجنتنا شعورها بالقلق من متابعة إسرائيل الجامحة لهذه السياسات غير القانونية، التي تؤدي عن قصد إلى تقويض الرؤية الإبداعية لوجود دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنيا إلى جنب في سلام وأمن دخل حدود آمنة ومعترف بها دوليا. والمستوطنات، التي ظلت محمية لفترة طويلة جدا وراء ثقافة الإفلات من العقاب، تمثل انتهاكا لقوانين الاحتلال وقرارات مجلس الأمن وخريطة الطريق. وفي الواقع، فهي تحول دون تحقيق الحل القائم على وجود دولتين وتشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين.
وحتى الآن، لم يضطلع المجلس بشكل كامل بمسؤوليته الكاملة ولم يتخذ القرارات اللازمة - خلافا لمعظم أعضائه وأعضاء المجموعات الإقليمية، الذين أدانوا بشدة في الشهر الماضي النشاط الاستيطاني اليهودي. واللجنة تشاطرهم مشاعر السخط وتحث مجلس الأمن على اتخاذ تدابير قوية لحماية الحل القائم على وجود دولتين قبل فوات الأوان من أجل الحد من، إن لم يكن تفادي، العواقب التي لا يمكن التنبؤ بها لمأساة رهيبة كانت متوقعة مع ذلك.
والمجلس يجب أن يدرك أن مصداقيته على المحك، لأنه عندما يجري منع السبل القانونية لتسوية هذه الحالة غير المحتملة، فإن السلام والأمن في كل مكان يصبحان في خطر. وفي ظل الظروف الراهنة، يجب على الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة اتخاذ موقف حازم وعقد مؤتمر للأطراف المتعاقدة السامية، وهو أمر كان ينبغي القيام به منذ فترة طويلة. وهذا يعني أن الحل الدائم الممكن الوحيد هو حل من شأنه أن يسفر عن التطبيق الكامل للقانون الدولي، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وبهذه الروح، ينبغي الإشارة، لا بمشاعر الاستياء ولا بتفاؤل ساذج، إلى أن هناك بعض التحرك نحو السلام، وإن كان مؤقتا حتى الآن، استنادا إلى الاجتماعات التمهيدية التي عقدت مؤخرا بين المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين في عمان تحت رعاية الأردن. ويحدونا الأمل أن تمهد الطريق لإجراء مفاوضات سلام ذات مصداقية تركز على الحل القائم على وجود دولتين على أساس حدود عام 1967.
ولذلك، فمن المهم أن تظل المجموعة الرباعية وشركاؤها الإقليميون ملتزمين التزاما راسخا بدعوة الأطراف، بما فيها إسرائيل في المقام الأول، إلى الوفاء بالالتزامات الحالية. وندعو رسميا أصحاب المصلحة إلى العودة بصورة محمودة إلى طاولة المفاوضات على أساس معايير واضحة تضمنها المجموعة الرباعية. في هذا الصدد، لم ننس أنه ينبغي دعم هذا الاستئناف للمفاوضات باتخاذ تدابير لبناء الثقة على أرض الواقع، بما في ذلك وضع حد لأعمال العنف ورفع الحصار عن غزة وإزالة الحواجز وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين.
ومع اقتراب موعد 26 كانون الثاني/يناير النهائي الذي حددته المجموعة الرباعية، نلاحظ أن الطرف الفلسطيني قدم مقترحات مفصلة بشأن الحدود والأمن. ونأمل أن تفعل إسرائيل الشيء نفسه من أجل إظهار وجود التزام مماثل لديها بإيجاد حل للصراع.
لا تزال اللجنة تشعر بالقلق إزاء المأزق الحالي في مجلس الأمن فيما يتعلق بطلب فلسطين الحصول على عضوية الأمم المتحدة. وندعو المجلس والجمعية العامة إلى الوفاء بمسؤولياتهما في هذا الصدد ونكرر النداء للبلدان التي لم تعترف حتى الآن بدولة فلسطين للقيام بذلك. وتغتنم اللجنة هذه الفرصة أيضا لترحب بالتقدم الذي أحرز مؤخرا في عملية المصالحة الفلسطينية والتي تتمحور حول منهاج منظمة التحرير الفلسطينية.
ختاما، نحث المجلس على اتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حد للنشاط الاستيطاني والشروع في تفكيك المستوطنات، فيما لا يزال الحل القائم على وجود دولتين ممكنا. وستواصل اللجنة، من جانبها، الإسهام البناء في تحقيق هذا الهدف، والذي يتطلب أن تُترجم الالتزامات التي قُطعت إلى إجراءات واضحة وقاطعة.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل إندونيسيا.
السيد بيركايا (إندونيسيا) (تكلم بالإنكليزية): بما أن هذه هي المرة الأولى التي أقف فيها أمام المجلس بصفتي الممثل الدائم الجديد لإندونيسيا، أود أن أهنئ جنوب أفريقيا على رئاستها المجلس لشهر كانون الثاني/يناير وأن أتمنى لأعضاء المجلس، لا سيما الأعضاء الذين انضموا في هذا الشهر بصفتهم أعضاء منتخبين، كل النجاح في مساعيهم. وأود أيضا أن أعرب عن خالص تقديري لأعضاء مجلس الأمن لعقد هذه المناقشة المفتوحة بشأن الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين. وأعرب عن تقديري العميق أيضا للأمين العام المساعد للشؤون السياسية أوسكار فيرنانديز - تارانكو على إحاطته الإعلامية بشأن هذه المسألة الهامة.
يؤيد وفد بلدي البيانين اللذين أدلت بهما الممثلة الدائمة لكازاخستان بالنيابة عن منظمة التعاون الإسلامي، والممثل الدائم لمصر بالنيابة عن حركة عدم الانحياز.
إن قضية فلسطين مسألة عزيزة جدا لشعب وحكومة إندونيسيا. ونشعر بقلق عميق إزاء عدم إحراز تقدم في عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين. وسيحل موعد 26 كانون الثاني/يناير النهائي الذي حددته المجموعة الرباعية للطرفين لاستئناف المفاوضات المباشرة في هذا الأسبوع، فيما لا يزال هذا الهدف بعيد المنال. واستمرار إسرائيل في النشاط الاستيطاني غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، لا يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي فحسب، ولكنه أيضا حجر عثرة في هذا الصدد. والتقرير الصادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن الأثر الإنساني للسياسات الاستيطانية الإسرائيلية في كانون الثاني/يناير يبين بإيجاز الخطر الجسيم الذي تشكله مسألة المستوطنات، ليس على آفاق السلام في الشرق الأوسط فحسب، ولكن حتى على إحراز تقدم نحو استئناف المفاوضات.
واستمرار بناء المستوطنات وتوسيعها والتعدي على الأراضي الفلسطينية هو جزء لا يتجزأ من التجزئة المستمرة للضفة الغربية، بما في ذلك عزل القدس الشرقية. وكما نعلم، تواصل إسرائيل أيضا البناء غير القانوني لجدار الفصل في الضفة الغربية، بما في ذلك داخل القدس الشرقية المحتلة وحولها، في تحد لفتوى محكمة العدل الدولية.
ولذلك، ربما لا يكون من المستغرب أن تبقي إسرائيل على نفس النوع من السيطرة في قطاع غزة، حيث لا يزال حصارها يعرقل حركة الناس والبضائع. والحصار ليس مسؤولا عن الحالة الانسانية الرهيبة هناك فحسب، ولكن حتى أيضا عن استفحال البطالة وعن انكماش المؤسسات التجارية للقطاع الخاص والتي يواصل الكثير منها إغلاق أبوابه.
وعلى الرغم من كل ذلك، بل بسبب ذلك، لا يزال وفد بلدي متفائلا إزاء استئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في إطار المبادئ التوجيهية التي حددتها المجموعة الرباعية في بيانها المؤرخ 23 أيلول/سبتمبر (انظر SG/2178). وعليه، تدعو إندونيسيا المجموعة الرباعية والطرفين إلى ضمان بذل جميع الجهود لتقليل كل تأخير إلى أدنى حد وإزالة كل عقبة.
ونحث إسرائيل على إظهار حسن النية من خلال عدم وضع عقبات لا يمكن التغلب عليها، كما نشهد الآن في سياستها الاستيطانية، على طريق السلام. ولن يكون حل الصراع سهلا وينبغي ألا يتوقع أحد أن يكون كذلك. وقضايا الوضع النهائي الجوهرية - الحدود والمياه والأمن واللاجئون والمستوطنات والقدس - تشكل تحديات كبيرة، ولكنها ليست مستعصية على الحل.
ولا نزال نرى أن الطريق إلى السلام يكمن في التصدي للقضايا، وليس في تجنبها أو تعقيدها. وتحقيقا لهذه الغاية، فإن الأمر يستلزم القيادة الحقيقية والشجاعة.
وإندونيسيا تؤكد مجددا دعمها للحل القائم على وجود دولتين، هما، إسرائيل وفلسطين المستقلة التي تملك مقومات البقاء وعاصمتها القدس الشرقية، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام وللسلام الإقليمي العادل والشامل الذي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن وخريطة الطريق للمجموعة الرباعية ومبادرة السلام العربية.
اسمحوا لي أن أشدد أيضا على أن التوصل إلى السلام الحقيقي الشامل والدائم في الشرق الأوسط يتطلب أيضا حلا دائما فيما يخص المسار الإسرائيلي اللبناني والمسار الإسرائيلي السوري. لذلك يجب على إسرائيل الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة المتبقية، وكذلك من الجولان السوري المحتل.
أخيرا، ترغب إندونيسيا أن تؤكد مجددا دعمها لطلب فلسطين عضوية الأمم المتحدة، الذي قدمته في 23 أيلول/سبتمبر 2011.
الأمير زيد بن رعد زيد الحسين (الأردن) (تكلم بالإنكليزية): خلال المناقشة التي دارت في مجلس الأمن بشأن هذا البند خلال العام الماضي، وصف وفد بلدي بقدر من التفصيل القانون الواجب التطبيق في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، كما أكدت ذلك سابقا مقررات المجلس وفتوى محكمة العدل الدولية سنة 2004.
نود أن نلخص وجهة نظرنا الرئيسية بشكل موجز مرة أخرى: إن القانون الواجب التطبيق فيما يتعلق بممارسة إسرائيل للسيطرة العسكرية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليس هو القانون الإسرائيلي، ولا أي قانون محلي تراه إسرائيل مناسبا لفرضه هناك، بل القانون الإنساني الدولي الذي ينطبق على جميع الأطراف السامية المتعاقدة، فضلا عن الالتزامات ذات الحجية المطلقة تجاه الكافة. لذلك، فإن اللوائح التنفيذية الإسرائيلية الإدارية والعسكرية المتعلقة بالضفة الغربية لا يمكن أن تكون قانونية إلا إذا توافقت كلياً مع اتفاقية جنيف الرابعة، وأن تكون سيطرتها خاضعة على نحو صارم لالتزاماتها كسلطة قائمة بالاحتلال.
إن موقف محكمة العدل الدولية من هذه النقطة الأخيرة بالذات لا يشوبه الغموض. فقد ذكرت في الفقرة 78 من فتواها لعام 2004، بشأن الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة، بأنه:
”قد احتلت إسرائيل في عام 1967 الأراضي الواقعة بين الخط الأخضر ... والحدود الشرقية السابقة لفلسطين زمن الانتداب خلال الصراع المسلح بين إسرائيل والأردن. وبموجب القانون الدولي العرفي، كانت هذه الأراضي بناء على ذلك أراض محتلة وكان لإسرائيل فيها وضع السلطة القائمة بالاحتلال. ولم يكن للأحداث التي حدثت بعد ذلك في هذه الأراضي ... أي أثر يؤدي إلى تغيير هذه الحالة. وجميع هذه الأراضي (بما فيها القدس الشرقية) ما زالت أراض محتلة وما زالت إسرائيل لها وضع السلطة القائمة بالاحتلال“. (انظر A/ES-10/273).
جدير بالذكر أيضاً أنه لا توجد استثناءات فيما يخص الأراضي في ذلك الحكم: إن كل أرض الضفة الغربية، حسبما وصفتها المحكمة، تُعتبر ”محتلة“. والقراءة المتأنية للقرار 242 (1967) تبيّن هذه النقطة أيضاً، مثلما أوضحنا أمام محكمة العدل الدولية في 24 شباط/فبراير 2004. ولقد ذكر الراحل السير آرثر واتس، محامي الأردن، في مرافعته الشفوية كيف أن القرار 242 (1967)
”أكّد بالإجماع مبدأ سحب إسرائيل لقواتها المسلحة من ”الأراضي المحتلة في الصراع الأخير“، وعنى ذلك ولا يسعه إلا أن يعني الأراضي الواقعة على الجانب غير الإسرائيلي من الخط الأخضر. لذلك، فإن الخط الأخضر هو خط البداية الذي يقاس منه مدى الاحتلال الإسرائيلي لأرض غير إسرائيلية، وبما أنه برز في عام 1949 كخط الهدنة، فقد أصبح في عام 1967 الخط على الجانب الإسرائيلي الذي تعيّن على إسرائيل أن تسحب قواتها إليه، وعلى الجانب غير الإسرائيلي منه أصبحت الأرض ”محتلة“ من طرف إسرائيل“. (محكمة العدل الدولية، الوثيقة CR 2004/3).
لعلّه جدير بالذكر أيضاً أنه حين كان يجري التفاوض بشأن القرار 242 (1967)، توصل المتحاورون الرئيسيون إلى تفاهم مؤداه أن يكون هناك انسحاب من كامل الأرض غير الإسرائيلية، مع إجراء مجرد تعديلات طفيفة متبادلة على الحدود.
إن إسرائيل ما زالت تستوطن لعقود من الزمن أرضا ليست أرضها، ضد رغبات الشعب الفلسطيني الذي يملك الأرض والذي طال انتظاره للتحرر من الاحتلال العسكري. هل يصح ألا تلقى معاناته - كما سلط عليها الضوء مرة أخرى التقرير الأخير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الذي يركز على الأثر الإنساني لسياسة الاستيطان - منا نحن المجتمع الدولي، سنة بعد سنة، سوى استجابة بسيطة، مغلفة في أحسن الأحوال بعبارة ”أحيط علما بذلك“؟.
من دواعي الأسف الشديد كيف أن مجلس الأمن قد أثبت عجزه في السنوات الأخيرة عن اتخاذ موقف بشأن مسألة المستوطنات. إن نقل السلطة القائمة بالاحتلال لأجزاء من سكانها إلى الأراضي التي تحتلها، يمثل انتهاكا خطيرا واضحا ومستمرا للقوانين والأعراف المطبقة في النزاعات الدولية المسلحة كما نصت على ذلك المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، و تعتبره المادة 8 (2) (ب) ’2‘ من نظام روما الأساسي، جريمة جنائية.
على كل حال، فإن المجلس ملزم بموجب أحكام الفقرة 2 من المادة 24 والفقرة 1 من المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة - وهي مواد تطبق بالضرورة مجتمعة - أن يعمل وفقا لمقاصد الميثاق، ويتمثل أحد تلك المقاصد في ”مبادئ العدالة والقانون الدولي“.
كيف يمكن لممارسة عضو دائم حق النقض على أساس الفقرة 3 من المادة 27 من الميثاق فيما يخص بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن يتفق مع مادتي الميثاق الأخريين، اللتين أشرت إليهما للتو: الفقرة 2 من المادة 24 والفقرة 1 من المادة 1؟ هل نحن راضون عن حقيقة أن بعض الأعضاء الدائمين، يمكنهم من خلال تصرفاتهم، إظهار المجلس متجاوزا لمبادئ العدالة والقانون الدولي؟ والحجة بالطبع، تنطبق ليس فقط على نقل وبناء المستوطنات، ولكن أيضا على غيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي والقانون الجنائي الدولي، ولا تقتصر فقط على النظر في السلوك الإسرائيلي، بل أيضا في سلوك الآخرين في جوارنا المباشر في منطقة الشرق الأوسط. هل يمكن استخدام حق النقض أو التهديد باستخدامه، دون قيود، عندما تكون الانتهاكات بالغة الخطورة؟ ولماذا ينبغي على كل حال، أن تنقص الفقرة 3 من المادة 27 من أهمية الفقرة 2 من المادة 24 والفقرة 1 من المادة 1؟.
أرى أن كل ذلك مؤسف. ومما أثار بعضا من دهشتي، عندما عملت مع الأمم المتحدة في البلقان في أوائل التسعينات من القرن الماضي، أن المجلس وقراراته كانت تبدو لنا في كثير من الأحيان بعيدة عن الأحداث الدموية التي كانت تجري أمامنا هناك.
يتعين أن تتوقف عمليات حركة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأسباب بديهية، كما يتعين وضع حد للمعاناة الشديدة للشعب الفلسطيني، من خلال إقامة دولته على أساس حدود 4 حزيران/يونيه 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن.
الإسرائيليون في بعض الأحيان سوف يقولون لنا إن حل الصراع مسألة نفسية أكثر منه مسألة قانونية، ونظرا لتواترالصدمات المأساوية الحقيقية جدا للتجربة اليهودية التاريخية، فاليهود حذرون من وضع ثقتهم في أي شخص، ناهيك كما يقولون، عن وضعها فينا نحن العرب. وربما يتعين علينا أن نسلم، بأنه كان بوسعنا فعل المزيد لفهم تلك النقطة بشكل أفضل، وبذل المزيد من الجهد لإرساء مزيد من الثقة، من خلال ضمن جملة أمور، شرح شروط مبادرة السلام العربية بشكل أفضل للشعب الإسرائيلي. من ناحية أخرى، يتعين أن تسترشد تصرفات الدول بالقانون الدولي العرفي، الذي يتعين على المجلس نفسه دعمه وعدم تقويضه. علاوة على ذلك، لا ترجع سياستنا المعارضة بشدة لبناء المستوطنات وتنديدنا المتكرر بها، الذي نكرره اليوم، إلى شكل من أشكال العداء الجيني أو التعصب ضد الشعب اليهودي، وكل تأكيد لذلك، هو شيء مقيت جدا بالنسبة لنا، لأنه ببساطة غير صحيح.
ينبني ذلك على ثلاثة عقود مستمرة طويلة من الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي، التي أكدتها محكمة العدل الدولية، في فتواها التي أصدرتها عام 2004، والمفهومة على هذا النحو من قبل السواد الأعظم من الدول الموجودة في العالم اليوم.
أخيرا، فإن المحادثات الاستكشافية الجارية حاليا في الأردن لا تتعارض مع القانون، بل العكس هو الصحيح. إن المفتاح، كما يعرف معظمنا، لحل مسألة المستوطنات سياسيا، يعتمد على صياغة اتفاق مبكر بشأن تعديلات الحدود، على أساس التفسير الذي أشرت إليه للتو في بياني. نأمل أن تكون ثمة نتائج إيجابية في هذا الصدد قريبا، تفتح الطريق أمام المفاوضات التي تشتد الحاجة إليها بشأن الوضع النهائي، والتي سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى الحرية والأمن والسلام.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل بنغلاديش.
السيد مؤمن (بنغلاديش) (تكلم بالإنكليزية): أود أن أستهل بياني بشكر بلدكم، جنوب أفريقيا، وأنتم شخصياً، سيدي الرئيس ، على إدارة هذه المناقشة المفتوحة الهامة بشأن الحالة في الشرق الأوسط. وأعرب عن تقديرنا للأمين العام المساعد للشؤون السياسية، السيد أوسكار فرنانديز - ترانكو، على الإحاطة الإعلامية التي قدمها هذا الصباح. ونحن ممتنون كذلك لمعالي السيد إبراهيم إسماعيل إبراهيم، نائب وزير العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا، على حضوره لترؤس الجلسة والإدلاء ببيان.
ويؤيد وفد بنغلاديش البيانين اللذين أدلى بهما ممثلا مصر وكازاخستان، باسم حركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي، على التوالي. وفضلاً عن ذلك، أود أن أتناول بإيجاز بعض النقاط التي تراها بنغلاديش ذات أهمية.
أود أن أهنئ فلسطين لكونها أصبحت عضواً في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) - وهي أول وكالات الأمم المتحدة التي تقبلها كعضو كامل العضوية، في كانون الأول/ديسمبر 2011. والدول الأعضاء في اليونسكو تستحق الثناء على اتخاذ ذلك القرار.
ووفدي يثني على الاجتماع الأخير للتفاوض بين فلسطين وإسرائيل برعاية الأردن. ونقدر جهود الملك عبد الله الثاني، عاهل الأردن، ووزير خارجيته، السيد ناصر جوده، في تيسير ذلك الاجتماع.
ونؤكد مجدداً قلقنا إزاء استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية وآثاره السلبية على التنمية الاقتصادية ووصول الفلسطينيين إلى الخدمات الأساسية. واستمرار الحصار على غزة وأثر ذلك الإغلاق على التنمية الاقتصادية ومحنة من يعيشون في المنطقة أمر يثير القلق أيضاً.
ونشعر بالقلق كذلك إزاء تدمير قوة الاحتلال للممتلكات والبيوت والمؤسسات الاقتصادية وبناء الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في القدس الشرقية والمناطق المتاخمة، بما يتعارض مع القانون الدولي. فقد أدت تلك الأعمال إلى تفاقم الحالة الاجتماعية - الاقتصادية الحرجة التي يواجهها السكان الفلسطينيون. ونعرب عن قلقنا أيضاً إزاء المعاملة اللاإنسانية للسجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وندين أيضاً احتجاز السيد عزيز دويك، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني. ونتوقع من قوة الاحتلال إطلاق سراحه فوراً لأن سجنه يعد انتهاكاً للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان. وفضلاً عن ذلك، فإن احتجازه لا يساعد على تهيئة مناخ مؤات للحوار بشأن حل الدولتين. ومما يؤسفنا ويحيرنا ونجد صعوبة في فهمه أن الشعب اليهودي الذي عانى من التمييز وسوء المعاملة يبدي الآن معاملة لاإنسانية إزاء الفلسطينيين.
ويرى وفدي أن اتفاقية جنيف الرابعة، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ولاسيما قرارات مجلس الأمن 242 (1967)، 338 (1973)، 425 (1978)؛ ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومرجعيات مدريد، التي تضمن انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة إلى حدود 4 حزيران/يونيه 1967، وخريطة الطريق ومبادرة السلام العربية، هي أفضل الموجهات لتحقيق حل الدولتين.
إن الدعم المبدئي لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير من كل أصقاع المعمورة ، ثنائياً وتعددياً، يعد ركيزة أساسية في صمود الشعب الفلسطيني على مر العقود. ومن المشجع أن نلاحظ أن 131 بلداً على الأقل قد اعترفت بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967. وسيكون من الملائم أخلاقياً لهذه الهيئة أن تحترم جماعياً إرادة أغلبية الدول الأعضاء وتصادق على طلب فلسطين.
وفيما يتعلق بالحالة في لبنان ومرتفعات الجولان السورية المحتلة، يدعو وفدي الأطراف المعنية إلى الاحترام الكامل لسيادة لبنان ووقف الانتهاكات المتكررة للقرار 1701 (2006). كما نحث الدولة القائمة بالاحتلال على أن توقف فوراً تصرفاتها الرامية إلى تغيير الوضع القانوني والمادي والديمغرافي لمرتفعات الجولان السورية المحتلة، وفقاً للقرار 497 (1981).
وختاماً، أود التأكيد على موقف بنغلاديش الثابت بأن استمرار الاحتلال غير المشروع لفلسطين على مدى العقود الستة الماضية هو السبب الأساسي للعنف والقلاقل وزعزعة الاستقرار في المنطقة. ونذكر أصحاب الشأن بأنه لا الاحتلال ولا تدمير المنازل الفلسطينية وأشجار الزيتون يمكن أن يساعد على تحقيق السلام لشعب إسرائيل. ومبدأ عش ودع غيرك يعيش في وئام في إطار الولاية القانونية، وليس ولاية الاحتلال، سوف يفضي إلى السلام والأمن لدولتي إسرائيل وفلسطين.
أود التأكيد كذلك على كامل دعمنا للسلام الدائم لكل سكان المنطقة - العرب والإسرائيليين على السواء، والتزامنا القوي بتحقيق دولة فلسطين مستقلة وذات سيادة تتوفر لها مقومات البقاء وعاصمتها القدس الشريف، تعيش جنباً إلى جنب في سلام مع جميع جيرانها.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل جمهورية إيران الإسلامية.
السيد خزاعي (جمهورية إيران الإسلامية) (تكلم بالإنكليزية): أود أن أشكركم، سيدي الرئيس ، على ترتيب هذه المناقشة المفتوحة بشأن الحالة في الشرق الأوسط وفلسطين. لقد بدأنا عاماً جديداً، والانتفاضات الشعبية وتطلعات الشعوب في الشرق الأوسط إلى الديمقراطية وسيادة القانون والاستقلال ورفض الهيمنة الأجنبية، إلى جانب الإخلاص للقيم الإسلامية، باتت تؤتي ثمارها.
ومن الأهداف الرئيسية لسياستنا الخارجية تعزيز الثقة بين جمهورية إيران الإسلامية وجيراننا وبلدان المنطقة من خلال المشاركة النشطة والتفاعل والشراكة. وبلدان الشرق الأوسط لديها مصلحة مشتركة في أمن المنطقة والاستقرار الطويل الأجل، وينبغي أن يقوم كل منها بدوره في تعزيز التنمية الاجتماعية - الاقتصادية الإقليمية. ومن البديهي، أن الشرق الأوسط المستقر والمزدهر اقتصادياً سيهيئ حالة نموذجية لكل بلد من بلدان المنطقة للمضي قدماً على طريق التنمية والنمو الاقتصادي. ولذلك، فإن التزامنا المستمر بإقامة علاقات أخوية مع جيراننا وشركائنا الإقليميين في مجالي الأمن والتنمية الاقتصادية هدف تسعى حكومة بلدي جاهدة إلى تحقيقه.
وهناك محاولات شريرة تسعى إلى بث بذور الفرقة والانقسام بين الدول في منطقة الشرق الأوسط. وقد حاول هؤلاء إشاعة الانقسام بين الشعوب بإثارة الخلافات الطائفية والعرقية والدينية. والحقيقة أن دول المنطقة، بما تتميز به من تنوع عرقي وديني، عاشت معاً في وئام وتعايش لقرون خلت.
إننا ندين استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة براً وبحراً وجواً. ونرى أن هذا عمل عدواني وحشي ينتهك كل القوانين والأعراف، ويشكل جريمة ضد الإنسانية وخطراً جسيماً للسلم والأمن الدوليين وللاستقرار الإقليمي. كما أن هذا الحصار يمثل عقاباً جماعياً تحظره دون قيد أو شرط اتفاقية جنيف الرابعة، التي تعالج حقوق الدول المتحاربة والتزاماتها.
وجمهورية إيران الإسلامية ترى أن تسوية الأزمة الفلسطينية لا يمكن تحقيقها إلا بالاعتراف بالحقوق الثابتة لشعب فلسطين المحتلة واستردادها وصونها بالكامل. ومن المؤسف، ولعدم إيلاء الاهتمام للأسباب الجذرية للأزمة، ظل نزاع الشرق الأوسط بلا حل لما يزيد على ستة عقود. وهناك أسباب عديدة لهذا الإخفاق، منها استمرار احتلال النظام الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والأراضي العربية الأخرى، إلى جانب الانتهاكات المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق تقرير المصير، وخصوصاً حق اللاجئين الفلسطينيين المشروع والثابت في العودة إلى ديارهم. ونرى أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية ولإقرار السلام يكمن في استعادة حق السيادة الوطنية لفلسطين ووضع حد للاحتلال. وينبغي أن يسمح للشعب الفلسطيني بالتعبير عن رأيه بحرية فيما يتعلق بتقرير مصيره ومستقبله ونوع الدولة والحكم الذي يريده عبر استفتاء يشارك فيه جميع الشعب الفلسطيني.
وترد تقارير مثيرة للقلق بشأن تدهور حالة السجناء والمعتقلين السياسيين الفلسطينيين المسجونين والمحتجزين بشكل غير قانوني من قبل النظام الإسرائيلي في انتهاك للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي. فقد اعتقل النظام الإسرائيلي في الأسبوع الماضي عدداً من المسؤولين الفلسطينيين المنتخبين، بمن فيهم عزيز الدويك، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني. وينبغي لمجلس الأمن أن يدين هذه الموجة الجديدة من حملة الاعتقالات التي تستهدف أعضاء المجلس التشريعي، وأن يطالب النظام الإسرائيلي بالإفراج الفوري عن جميع النواب الذين لا يزالون في السجن أو محتجزين تعسفياً.
ويواصل النظام الإسرائيلي انتهاكاته للمجالات البرية والبحرية والجوية في لبنان، ويرفض الانسحاب من القرى التي يحتلها هناك. ولا تزال مرتفعات الجولان تحت الاحتلال. وعلى الرغم من تزايد النداءات الدولية والجهود المبذولة لإنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي التي يحتلها، يواصل النظام الإسرائيلي انتهاكه للقانون الدولي. وينبغي إنهاء ذلك الاحتلال ووضع حد للأعمال العدوانية فورا.
وأود قبل أن أختتم بياني أن أرد على إشارة ممثل النظام الإسرائيلي إلى بلدي في البيان الذي أدلى به صباح اليوم. فقد عمد هذا الممثل مرارا وتكرارا إلى الانحراف بالمناقشة الرئيسية في هذه القاعة - ألا وهي مسألة فلسطين - وإثارة مسائل ليست لها صلة بالمناقشة الرئيسية الجارية الآن. ومن الواضح أنه يحاول صرف الانتباه عن القائمة الطويلة من الجرائم والفظائع التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها النظام الإسرائيلي، مثل الاحتلال والعدوان والنزعة العسكرية وإرهاب الدولة - بما في ذلك التدبير لاغتيال العلماء النوويين الإيرانيين الأبرياء - وارتكاب الجرائم ضد الإنسانية.
وغني عن القول إن بلدي يضطلع بدور رائد في رفض ومعارضة جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية. وجمهورية إيران الإسلامية، بوصفها دولة طرفا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، قد أعلنت في مناسبات عديدة، بما في ذلك في هذه القاعة، بوضوح وبصوت عال أنه لا وجود للأسلحة النووية في استراتيجيتنا الدفاعية بسبب الطابع اللاإنساني لتلك الأسلحة. وعلاوة على ذلك، تخضع أنشطة إيران النووية السلمية لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. فقد زارت العديد من فرق التفتيش منشآتنا، ومن المتوقع أن يزور فريق آخر من الوكالة إيران في نهاية هذا الأسبوع. وعلاوة على ذلك، فقد كافحت إيران، في إطار الأمم المتحدة، من أجل إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
بيد أن الأمر الملح الذي ينبغي أن ينظر ويبت فيه المجلس على وجه الاستعجال هو حيازة إسرائيل للأسلحة النووية بطريقة غير مشروعة، علماً بأن النظام الإسرائيلي يمثل أكبر وأخطر تهديد للعالم. ولا يزال هذا النظام يشكل المصدر الوحيد و الرئيسي لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. ونظرا لتاريخه المعروف بالعدوان وارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك التطهير العرقي على مدى العقود الماضية في المنطقة، فإن من واجب المجلس كما هو متوقع أن يدين نظام الاحتلال لحيازته للأسلحة النووية، وأن يحثه على التخلي عن تلك الأسلحة، وأن يدعوه إلى الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي دون تأخير، فضلاً عن مطالبته بوضع جميع مرافقه النووية تحت نظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. فلا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط ما دامت الترسانات النووية الإسرائيلية الضخمة والحرب الكلامية التي يشنها مسؤولو النظام تهدد أمن المنطقة وما ورائها.
أخيرا، أود أيضا أن أرد باختصار على إشارة إلى بلدي وردت في البيان الذي أدلى به سفير فرنسا، الذي اتهم إيران بإرسال أسلحة إلى سوريا. ونحن نستغرب سماع ذلك الادعاء الخاطئ الذي لا أساس له. فمثل هذا الادعاء ليس سوى محاولة أخرى للتنصل مما أكده التقرير الذي جرى التحقق من صحة ما ورد فيه من أن فرنسا هي التي تعمل على تسليح الجماعات المسلحة غير الشرعية في سوريا، تمشيا مع سياسات هيمنتها في الماضي، وأنها هي المسؤولة عن تأجيج نيران الصراع وانتهاكات حقوق الإنسان وعن وفاة العديد من المدنيين في سوريا.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل سري لانكا.
السيد كوهونا (سري لانكا) (تكلم بالإنكليزية): أشارك المتكلمين الآخرين في الثناء على وفدكم، سيدي الرئيس ، لعقد هذه المناقشة الهامة. ويؤيد وفد سري لانكا البيان الذي أدلى به ممثل مصر باسم حركة عدم الانحياز.
لقد سعت الأمم المتحدة منذ إنشائها إلى تحقيق الهدف السامي المتمثل في التوصل إلى تسوية سلمية للقضية الفلسطينية. بيد أننا لم نشهد على مر السنين تقدما ملموسا يذكر، على الرغم من الجهود المحمودة التي بذلت لأجل تحقيق ذلك الهدف، في حين أسفر الصراع الدائر عن عواقب واسعة النطاق على السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي. ويحدونا الأمل على خلفية التحولات التي تجتاح المنطقة في أن يتمخض هذا العام عن أمل جديد بين طرفي الصراع، وتجدد في الثقة والتفكير البناء بينهما على نحو يؤدي إلى إحراز قدر كبير من التقدم اللازم في هذه المسألة.
ويسر وفد بلدي أن يلاحظ في هذا السياق أن الأشهر الأخيرة شهدت بعض التطورات الهامة التي تبشر بالخير للمستقبل. فقد واصل الجانبان منذ كانون الأول/ديسمبر 2011 مناقشاتهما مع المجموعة الرباعية. ونأمل أن يساهم هذا الجهد في التخفيف من تصعيد حدة التوتر. واستأنفت الحكومة الإسرائيلية تحويل عائدات الضرائب والجمارك إلى السلطة الفلسطينية، ومضت قدما في تنفيذ المرحلة الثانية من تبادل الأسرى.
وقد رفع الحصار المفروض على قطاع غزة إلى حد ما. وأحرزت قوات الأمن الفلسطينية تقدما في الحالة الأمنية في الضفة الغربية، بما في ذلك مصادرة الذخائر غير المنفجرة. ولم تكن هناك أي حوادث إطلاق صواريخ على إسرائيل مؤخراً. ويتواصل تنفيذ مشاريع الأمم المتحدة في غزة، وخصوصاً إنشاء وتعمير المدارس، بمواد البناء التي تدخل عن طريق معبر كيريم شالوم. ونأمل أن تواصل هذه التطورات الإيجابية تعزيز بناء الثقة، وأن تؤدي إلى زيادة توطيد عملية السلام.
وإلى جانب هذه التطورات الإيجابية، هناك أيضا بعض المسائل المثيرة للقلق، بما في ذلك حوادث العنف في غزة، وهدم المباني الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، واستمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، والحصار المستمر على قطاع غزة، وأثر ذلك على النشاط الاقتصادي، وخصوصاً على الأطفال في تلك المنطقة، على نحو ما أبرزته إدارة الشؤون السياسية في الإحاطة الإعلامية التي قدمتها بشأن الحالة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فهذه الأفعال لن تساعد في بناء الثقة، بل تؤدي إلى توسيع الشقّة بين الطرفين فيما يتعلق بتهيئة مناخ مؤات يؤدي إلى تمهيد الطريق للمضي قدما نحو حل الدولتين العزيز على النفوس. وينبغي ألا ننسى ضرورة انسحاب إسرائيل من الجولان السوري وجنوب لبنان المحتلين. ذلك أن عدم انسحابها سيؤدي إلى زيادة عدم الثقة والإحباط والتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة. ويجب على جميع الأطراف أن تلتزم بالامتناع عن الأفعال التي تولّد عدم اليقين والشك والتعصب.
ونحن نقدر الجهود التي تبذلها حاليا الجهات المانحة الدولية والمنظمات الإقليمية ووكالات الأمم المتحدة في التخفيف من معاناة المدنيين الأبرياء، ولا سيما الأطفال، وتوفير الحماية لهم. وأود أيضا أن أثني على العمل الذي اضطلعت به وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى في مساعدة الملايين من الفلسطينيين المحتاجين، وخصوصا في قطاع غزة.
على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أيضا دور حاسم تضطلع به في إنفاذ القوانين الدولية ذات الصلة وقرارات الأمم المتحدة. ونتفق مع رأي حركة عدم الانحياز القائل بأن الجهود التي تبذلها الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة لضمان احترام الاتفاقية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ستشكل إسهاما حيوي الأهمية.
إن موقف سري لانكا في ما يتعلق بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ثابت. لقد أيدنا دائما التوصل إلى تسوية سلمية عن طريق التفاوض للقضية الفلسطينية ودعونا إلى تنفيذ قرارات الجمعية العامة المتعلقة بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في إقامة دولته وتحقيق حل الدولتين. ونأمل أن يلقى طلب فلسطين من أجل الانضمام عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة نظرة متعاطفة هذا العام.
ولا نزال مقتنعين بأن الحل القائم على دولتين هو الحل الوحيد المستدام لهذه القضية كي تتعايش إسرائيل وفلسطين وجيرانهما في سلام ووئام. إن الوحدة السياسية والتقدم الاقتصادي للشعب الفلسطيني سيسهم في إمكانية تحقيق الحل القائم على دولتين. وفي هذا الصدد، نرحب بإجراء الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية المقبلة. وتود حكومة وشعب سري لانكا أن تؤكد لهم دعمنا وتضامننا المستمرين.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل أيسلندا.
السيدة غونارسدوتير (أيسلندا) (تكلمت بالإنكليزية): اسمحوا لي أن أتطرق أولا إلى الحالة في سوريا. تدين أيسلندا انتهاكات حقوق الإنسان التي تجري في سوريا. وندين أيضا الهجمات الإرهابية الأخيرة في البلد. على السلطات السورية أن توقف أعمال العنف فورا. ونحث الحكومة السورية على الاستجابة لنداء الأمين العام من أجل عملية تغيير سياسي شامل موثوقة وشمولية وشرعية تقودها سوريا تلبي التطلعات الديمقراطية للشعب السوري. كما نحث مجلس الأمن على بذل قصارى جهده للحيلولة دون تفاقم الحالة في سوريا والإسهام في حل من شأنه الحفاظ على السلام والأمن.
وإذ أنتقل إلى قضية فلسطين، اسمحوا لي في البداية التأكيد على دعم أيسلندا الراسخ لحل سلمي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني والحل القائم على دولتين. إن التطورات على أرض الواقع، مثل الأنشطة الاستيطانية المستمرة في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، لا تزال عقبة رئيسية في طريق السلام. ما برحت الأنشطة الاستيطانية، التي تقوم بها من جانب واحد السلطة القائمة بالاحتلال وفي انتهاك للقانون الإنساني الدولي، تخلق وقائع تجعل بسرعة حل الدولتين بعيد المنال. إن الوقت ينفد، وعلى المجلس أن يأخذ ذلك في الاعتبار في مداولاته.
إن العيش تحت نير الاحتلال يثير في حد ذاته شاغلا أمنيا للفلسطينيين. وقد أضاف عنف المستوطنين، بما في ذلك ما يسمى سياسة الثمن، على نحو متزايد شاغلا آخر. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن المتوسط الأسبوعي لهجمات المستوطنين التي تسفر عن سقوط ضحايا من الفلسطينيين وإلحاق أضرار بالممتلكات زاد بنسبة 40 في المائة في عام 2011 مقارنة مع عام 2010، وبنسبة تتجاوز 165 في المائة بالمقارنة مع عام 2009. وفي الوقت نفسه، فإن أكثر من 90 في المائة من الشكاوى التي جرى رصدها في ما يتعلق بعنف المستوطنين والتي تقدم بها الفلسطينيون إلى الشرطة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة أقفلت من دون توجيه اتهامات. نحن ندعو إسرائيل إلى تحمل التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان لمنع الهجمات ضد المدنيين وممتلكاتهم وضمان التحقيق في جميع حوادث عنف المستوطنين بطريقة محايدة ومستقلة.
ورحبت أيسلندا بالاتفاق بين فتح وحماس في الربيع الماضي على المصالحة، لكننا ننتظر مزيد من الخطوات من جانب الفصيلين. إن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في فلسطين ذات أهمية حاسمة لدفع فلسطين إلى الأمام، ونحث الأطراف الفلسطينية على الاستجابة لدعوات شعبها للعمل من أجل التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن.
ومنذ خاطبت المجلس في آخر مرة (انظر S/PV.6636)، اعترف بلدي رسميا بفلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة داخل حدود ما قبل عام 1967 وأقام علاقات دبلوماسية كاملة معها. وأود أن أذكر أن أيسلندا أيدت إسرائيل عندما رفعت قضيتها إلى الأمم المتحدة وخرجت دولة. وفي رأينا، فإن المطالب الفلسطينية من أجل تقرير المصير وإقامة دولة مشروعة بنفس القدر. وفي خضم الثورة الديمقراطية الناشئة عن نسيم الربيع العربي، لا يمكن إنكار حق فلسطين في إقامة دولة. في الواقع، لقد تأخر ذلك كثيرا.
تكرر أيسلندا نداءها إلى أعضاء مجلس الأمن لاغتنام الفرصة التاريخية الممنوحة لهم للإسهام في إعمال الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني من أجل تقرير المصير من خلال توصية الجمعية العامة بقبول فلسطين بوصفها العضو الـ 194 في الأمم المتحدة. لا تعارض بين سعي فلسطين لنيل عضوية الأمم المتحدة وعملية السلام التي تقودها المجموعة الرباعية، التي نؤيدها تماما. إن عضوية الأمم المتحدة ستكون تأكيدا من قبل الدول الأعضاء بشأن التزامنا بالحل القائم على دولتين.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل تونس.
السيد جيراندي (تونس): أود في البداية أن أتوجه إليكم بأصدق عبارات التهنئة على توليكم رئاسة مجلس الأمن خلال هذا الشهر، وعلى ما برهن عليه وفدكم من حكمة واقتدار في إدارة أعماله وإثراء مداولاته عبر تنظيم مناقشات عامة بشأن مواضيع ذات أهمية بالغة، ومن بينها المناقشة العامة الدورية بشأن الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك قضية فلسطين، التي نحن الآن بصدد تناولها. والشكر موصول كذلك للسيد أوسكار فيرنانديز تارانكو، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية، على إحاطته الإعلامية هذا الصباح، وعلى ما قدمه لنا من معطيات وملاحظات هامة بشأن آخر التطورات في المنطقة.
في الوقت الذي تعرف فيه منطقتنا تحولات عميقة تميزت بكفاح شعوبها من أجل استرداد الحرية والكرامة والحق في العيش الكريم وأخذ الزمام في تحديد مصيرها. وفي الوقت الذي تتطلع فيه إلى مستقبل أفضل وأكثر عدلا، لا نزال نشهد استمرار المعاناة المحزنة للشعب الفلسطيني الشقيق الباسل الذي يكافح منذ عقود من أجل نفس الحقوق، وفي مقدمتها حقه في العيش في أراضيه التاريخية في دولة حرة ومستقلة. كما لا نزال نشهد جمودا خطيرا للأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة، ونعايش نفس الممارسات القمعية والاستفزازية لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، التي تنال من كرامة الفلسطينيين وتحرمهم من ممارسة أبسط حقوقهم وتهددهم في حياتهم وممتلكاتهم وحرمتها.
وإذ تقف المجموعة الدولية وقفة إعجاب أمام تجارب التحول الديمقراطي ومسيرة إرجاع الكرامة للشعوب وتهنئها على ما حققته من انجازات أولية في هذا الإطار، فإن جانبا منها لا يزال يمارس سكوتا مخيفا أمام التحدي السافر لإسرائيل لجميع المواثيق والأعراف الدولية المعمول بها، لا سيما تلك المتعلقة بالتزامات سلطة الاحتلال أمام الشعب المحتل.
ويود وفد بلادي في هذا الإطار أن يذكر أعضاء مجلس الأمن ببعض الحقائق المؤلمة حول الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة وأن يشاطر الدول الأعضاء المشاركة في هذا النقاش العام بعض المعطيات التي تهدد بزيادة تصعيد الوضع في المنطقة والتي تستوجب منا جميعا وقفة حازمة ومواقف شجاعة لتجنيب المنطقة مزيدا من التوتر ولتحقيق السلام المنشود فيها.
أولا، خطورة عمليات تهويد القدس وتغيير خصائصها الدينية والديمغرافية والجغرافية. إن الإيمان بالتعايش السلمي للديانات الثلاث والحث على احترام بعضها البعض هما من مقومات تمتين السلم والأمن في العالم ومن المسائل التي لا يجب أن يتخلف فيها اثنان. ومدينة القدس الشريف هي من أكثر الأمثلة جزما بهذه الحقيقة التاريخية التي يجب حمايتها من أي تحريف أو تغيير أو تلاعب. والكل يعلم حق العلم أهمية هذه المدينة المقدسة بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين واليهود جميعهم. وهو ما يتوجب منا الانتباه إلى مخططات تغيير خصائصها الدينية والديمغرافية والجغرافية التي انطلقت فيها سلطة الاحتلال منذ سنوات عديدة وتواصل فرضها رغم النداءات المتعددة والمتكررة للمجموعة الدولية بوقفها. وإذ تدين بلادي بشدة كل محاولة لتهويد المدينة المقدسة، فإنها تدعو المجموعة الدولية إلى حمل سلطة الاحتلال على احترام وضع القدس الديني وكذلك وضعها القانوني الذي لم يحسم فيه القرار 181 (د-2) لسنة 1947 لأسباب معلومة من الجميع.
ثانيا، تصاعد وتيرة العمليات الاستيطانية وتهديد فرص بناء الدولة الفلسطينية وتحقيق السلام. من الغريب أن تواصل الحكومة الإسرائيلية زعمها حول جديتها في استئناف مسيرة السلام واقتناعها بأحقية الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة على أراضيه، بينما أن كل ما تقوم به يتعارض في شكله وجوهره وأهدافه مع أبسط مقومات المسار السلمي وأكثر قواعد القانون الدولي رسوخا وقوة.
ونتساءل هنا عن حقيقة هذه المزاعم من سلطة سمحت ببناء وحدات استيطانية سكنية ارتفع عددها سنة 2011 بنسبة 20 في المائة مقارنة بسنة 2010، فضلا عن التعجيل بتبني أطر قانونية تقر بشرعية المستوطنات، حسب التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة لشهر كانون الأول/ديسمبر 2011.
إن الأراضي التاريخية الفلسطينية تتقلص يوميا بفعل الممارسات التي تم ذكرها آنفا والتي تهدف حتما إلى تعزيز الوجود الديمغرافي للإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية وإلى فرض واقع على الميدان يؤثر على مستقبل أية مفاوضات مستقبلية ممكنة على قضايا الحل النهائي، في حين أن عديد الأطراف الفاعلة، بما في ذلك اللجنة الرباعية، اعتبرت مرارا وتكرارا أن كل عمل أحادي من شأنه أن يمس بهذه القضايا الجوهرية هو لاغ وباطل ولا أساس قانونيا له. كما أن الاستيطان يتسبب بتجزئة الأرض الفلسطينية، مما يهدد فرص بناء دولة فلسطينية قابلة للحياة وتحظى بتواصل جغرافي إلى جانب إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال. كما أن الاستيطان عمل حسم القانون الدولي بوضوح وبشكل لا يقبل الاختلاف أو الاجتهاد في التأويل أو التعليل، في عدم شرعيته من خلال اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص في مادتها التاسعة والأربعين على أنه يحظر على القوة المحتلة نقل سكانها إلى الأراضي التي تحتلها، والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية المؤرخ 4 تموز/يوليه 2004 حول ”التبعات القانونية لبناء الجدار في الأرض الفلسطينية المحتلة“، فضلا عن قرارات سابقة لمجلس الأمن ومواقف رسمية للدول الأعضاء في منظمتنا الدولية.
فوقف الاستيطان واجب تمليه التزامات واضحة بموجب القانون الدولي، وعليه، لا يمكن اعتباره بأي شكل من الأشكال كضرب من ضروب التضحية أو التنازلات من قبل سلطة الاحتلال، وإنما يتعين فرضه عليها، بعيدا عن الانتقائية في التعامل والتمييز بين الدول، كأية دولة أخرى لا تحترم القانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية.
ثالثا، شرعية طلب العضوية الكاملة لفلسطين في منظمة الأمم المتحدة وضرورة دعمه وتحقيقه. إن بلادي كانت في صادرة المنادين بضرورة دعم هذا المطلب المشروع والشرعي، تاريخيا، وقانونيا وحتى أدبيا. وترى تونس أنه من حق الشعب الفلسطيني الأبيّ أن ينعم بعد كفاح لعقود ستة طويلة، باعتراف من هذا القبيل يكون بمثابة خطوة على درب بناء دولة حرة مستقلة ذات سيادة مطلقة على أرضها التاريخية، على حدود حزيران/يونيه 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في كنف الأمن والسلام.
ودعوني أذكر في هذا السياق بأن ثورة الكرامة والحرية التي قادها شعب بلادي في بداية السنة الماضية ضد مظاهر الاستبداد والتفرد والتي ناشد فيها استرجاع الحقوق المسلوبة والحريات المفقودة، كانت ثورة تنادي في نفس الوقت، وبنفس الحماس والحرص بإعادة الحقوق إلى الشعب الفلسطيني الشقيق والاعتراف بدولته المستقلة. وستظل تونس تدعم بقوة هذا المطلب الشرعي، وستعمل جاهدة على الإسهام في تحقيقه، إيمانا منها بشرعيته وعدالته، تماما كما تؤمن به الأغلبية الساحقة للدول الأعضاء بمنظمتنا. ولا ترى بلادي في هذا المطلب أي نوع من أنواع العمل الأحادي، إذ إنه تم اللجوء إلى الأمم المتحدة في إطار احترام كامل للقواعد المعمول بها في هذا الإطار، كما أن نجاح المساعي الفلسطينية بدعم دولي واسع للحصول على العضوية بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة هو دليل على أحقية الشعب الفلسطيني في الحصول على اعتراف مماثل داخل منظمتنا الدولية.
رابعا، أهمية تحقيق المصالحة بين الأشقاء الفلسطينيين. يثمّن وفد بلادي الجهود المبذولة من قبل الأشقاء الفلسطينيين على درب تحقيق المصالحة. ويشيد بحكمة قادتهم ورصانتهم، وتغليبهم للمصلحة الوطنية، وسعيهم الدؤوب لتجاوز الاختلافات في الرؤى والمقاربات. وترى تونس أن ذلك سيخدم حتما المطالب الفلسطينية المشروعة ويعزز فرص نجاح المساعي لتحقيقها لدى الدوائر الدولية. كما تأمل تونس أن تسهم وحدة الصف الفلسطيني في تفويت الفرصة على من يتعلل بالانقسامات الداخلية لتبرير تنصل سلطة الاحتلال من التزاماتها وإمعانها في ممارساتها القمعية.
وتدعو بلادي إلى الإنهاء الفوري والتام للحصار الجائر على قطاع غزة، الذي لا يزال يتسبب في معاناة إنسانية لما يقارب مليوني فلسطيني. ورغم ادعاءات إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بأن الإجراءات التي اتخذتها قد ساهمت في التخفيف من الأزمة الإنسانية في غزة، فإن تقارير رسمية، واستنتاجات صادرة عن جهات أممية مختصة، لا سيما الأمينة العامة المساعدة للشؤون الإنسانية نفسها، تؤكد أن الحصار قد ازداد شدة مؤخرا، خاصة في ظل إغلاق معبر كارني وعدم قدرة معبر كيرم شالوم على تلبية احتياجات القطاع.
إن الدول العربية قدمت لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، مبادرة سلام التزمت باحترامها، تعكس رغبتها الصادقة في تحقيق سلام دائم وعادل وشامل، بما يحقق الاستقرار والأمن في المنطقة ويفسح المجال لشعوبها للتفرغ إلى جهود التنمية والإعمار. وفي المقابل، فإن سلطة الاحتلال لا تزال تتبع نفس سياسات التنصل من المسؤوليات والالتزامات، وتطبق أعمالا وبرامج تهدف إلى ترسيخ حقائق مغلوطة في الميدان، وتعاقب بصفة جماعية شعبا بأكمله، كل ما يرغب فيه هو أن ينعم بنعمة العيش الكريم حرا في دولته المستقلة على أراضيه التاريخية.
إن الديمقراطية لم تعد حكرا على إسرائيل في المنطقة، كما يزعم ممثل إسرائيل أمام مجلسكم، وكأن الديمقراطية تعطي لكيانه الحق في التعدي على حقوق وأمن الآخرين وعلى الشرعية الدولية برمتها. إن الديمقراطية تتنافى كليا وببساطة مع الاحتلال وممارساته.
أخيراً، فإن تونس تنبه إلى خطورة الاستمرار بدون حدود في هذه السياسة الاستعمارية القمعية، في وقت يشهد فيه العالم موجات تحرير واسعة من الظلم والقهر والاستبداد، وفي الوقت الذي يرحب فيه البعض، انتقائياً، بهذه التحولات وكفاح الشعوب من أجل الحرية، ويتجاهل كفاحاً مريراً لشعب أبيٍّ استمر لستة عقود لاسترجاع أرضه وكرامته. إننا جميعاً أمام مسؤولية تاريخية، ومسؤولية الأطراف المؤثرة التي يجب أن تحسم مواقفها وتحدد إجراءات أكثر إقداماً لتحقيق السلام الذي نتطلع إليه.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل الجمهورية العربية السورية.
السيد الجعفري (الجمهورية العربية السورية): أشكركم، معالي الوزير، على مجيئكم إلى نيويورك وترؤسكم هذه الجلسة الهامة. وهذا الاهتمام ليس بالغريب على بلدكم جنوب أفريقيا التي سبق أن عانت، لعقود من الزمن، من الظلم والتمييز العنصري والقمع والاضطهاد من جانب أقلية كانت تدعي فوقيتها على شعبكم الأصيل لمجرد أنها أتت من بلد أوروبي.
عندما كانت سوريا تدافع، وبجرأة، عن نضال حزب المؤتمر الأفريقي، بزعامة القائد الزعيم نيلسون منديلا، القابع آنذاك في سجن الفصل العنصر، كان البعض، ممن هو مؤتمن على صون السلم والأمن الدوليين في هذا المجلس، يعتبره إرهابياً. لذلك أكرر شكري لكم على حضوركم هذه الجلسة وإظهار الاهتمام البالغ الذي يوليه بلدكم الصديق لموضوع الحالة في الشرق الأوسط.
يسعى البعض جاهدا منذ إدراج بند ”الحالة في الشرق الأوسط“ على جدول أعمال مجلس الأمن إلى تحويل مداولات المجلس بشأنه إلى مجرد إلقاء بيانات خطابية تخدم أغراضا سياسية لا علاقة لها بالموضوع المطروح. وها نحن نعاود الاجتماع مجددا اليوم لمطالبة مجلس الأمن بالتحرك الجاد لإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية ووقف سياساتها العنصرية واللاإنسانية وانتهاكاتها للمواثيق والأعراف الدولية، إضافة إلى مساءلتها على حملات الاستيطان المحمومة وأعمال القتل الممنهجة بحق المدنيين في الأراضي العربية المحتلة الفلسطينية وغيرها، كما نطالبه بالتحرك لمنح الشعب الفلسطيني كل حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران/يونيه 1967 وعاصمتها القدس، مع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وفقا للقرار 194 (1948). هذا هو جوهر البند وليس أي شيء آخر يريد البعض إقحامه في هذه المداولات الهامة وزج المجلس في ألاعيب ومناورات لا تخدم الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وإنما تهدف إلى تقويضهما. لقد استمعنا بعناية إلى مداخلات عديدة في جلسة الصباح وفوجئنا بأن بعض المتكلمين قد اكتشف متحمسا أن موضوع البند قيد النقاش لم يعد ”الحالة في الشرق الأوسط“، وهو كما تعرفون بند يتصل مباشرة بإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية ومنع إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، من تقويض عملية السلام، ولفت انتباه المجتمع الدولي إلى قرع إسرائيل طبول الحرب في المنطقة في ظل تنسيق فاضح مع بعض الدول الأعضاء في هذا المجلس الموقر ومع غيرها من الدول في المنطقة. إذن اكتشف هذا البعض متحمسا أن بند ”الحالة في الشرق الأوسط“ لم يعد ذي صلة بإسرائيل واحتلالها للأراضي العربية وإنما له صلة بسوريا. وإنما في حين أن بعضا آخر تفتق خياله على أن الموضوع هو ”إيران“، وقد يخطر ببال آخر أن بند ”الحالة في الشرق الأوسط“ قد انتهى مفعوله في جدول أعمال مجلس الأمن باعتبار أنه يرى أن ”إسرائيل“ قد طبقت فعلا قرارات الشرعية الدولية عندما قتلت القضية الفلسطينية واغتالت مبادئ القانون الدولي حتى وإن لم تنسحب من الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، وحتى وإن لم توقف الاستيطان وآلة القمع والقتل والاضطهاد في الأراضي العربية المحتلة، وحتى وإن لم تطبق قرار الجمعية العامة رقم 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم التي طردوا منها في العام 1948 والعام 1967.
هذا هو الاكتشاف الكبير الذي توصل إليه بعض المتكلمين في جلسة هذا الصباح.
على الرغم من كل المطالبات والقرارات الأممية المرجعية بالنسبة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وإقامة الدولة الفلسطينية، فإن مجلس الأمن لم ينجح، للأسف، في الارتقاء إلى مسؤولياته وفقا للميثاق ولم يتم إحراز أي تقدم في هذا الشأن، لا بل على العكس ازداد الوضع سوءا كما تعرفون في ظل تصعيد إسرائيلي عدواني وفلتان استيطاني غير مسبوق وصل في عام 2011 إلى أعلى معدل له منذ عشر سنوات حيث إن بناء المستوطنات زاد بنسبة 20 في المائة خلال عام 2011. وهذه النسبة المقلقة أعدتها منظمة ”السلام الآن“ الإسرائيلية في 11 كانون الثاني/يناير 2012، هذا إضافة إلى ازدياد نسبة اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على المدنيين الفلسطينيين وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية بما لا يقل عن 50 في المائة في هذا العام مقارنة بالعام الماضي. نضيف إلى ذلك كراهية سلطة الاحتلال الإسرائيلية لأشجار الزيتون الفلسطينية تحديدا، فهذه السلطة القائمة بالاحتلال، لديها هوس إجرامي بقطع أشجار الزيتون. كل هذه الاعتداءات تحدث إما بقرارات من الحكومة الإسرائيلية أو تحت حماية مباشرة من قوات الاحتلال. وقد امتدت يد الظلم الإسرائيلي إلى سكان النقب من العرب الفلسطينيين، حيث عملت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا على إجلاء 000 90 منهم عن بيوتهم وقراهم.
وما فتئنا نكرر، المرة تلو المرة، بأن هذا الواقع العدواني ينذر بعواقب كارثية في المنطقة، ويزيد من فرص الحرب على حساب فرص السلام. والمثير للريبة هنا، أن هذا التصعيد الإسرائيلي يحظى بدعم سياسي وعسكري ومالي غير محدود من قبل بعض الدول، المسؤولة أساسا عن كل الصراعات والتوترات في منطقتنا منذ اتفاقية سايكس - بيكو في عام 1916، وإطلاق ما يسمى بوعد بلفور في العام 1917. وقد أثبتت مؤخرا الأبحاث التاريخية المتعمقة، أن اتفاقية سايكس - بيكو في عام 1916، وهي اتفاقية سرية بين القوتين الاستعماريتين فرنسا وبريطانيا آنذاك، هذه الاتفاقية كان هدفها أساسا التمهيد لوعد بلفور الذي تلاها بعام واحد أي في عام 1917.
إن هذه الدول نفسها التي نصبت نفسها زيفا، مدافعا عن حقوق الإنسان وحياة المدنيين، وهم منها براءة. وتدعي أيضا بأنها ضد الاستيطان ومع حل الدولتين، هذه الدول نفسها لم نرها يوما تتخذ إجراء واحدا لوقف حملات الاستيطان المتصاعدة التي تقوض أي أمل في قيام دولة فلسطينية وفي الوصول إلى سلام في المنطقة.
كما أن ذات هذه الدول، لم تحاول حتى مجرد انتقاد إسرائيل، أو ممارسة أي ضغط جاد عليها، لا بل تعمل على إعاقة اتخاذ أي إجراء أو تحرك في هذا الشأن من قبل مجلس الأمن.
ونستذكر في هذا الصدد، قيام الولايات المتحدة الأمريكية بعرقلة إصدار المجلس حتى لبيان صحفي يدين الاستيطان، مانحة بذلك إسرائيل حصانة غير شرعية ضد كل جرائمها المرتكبة في الأراضي العربية المحتلة. في هذا الصدد، سيدي الرئيس ، نشير إلى أن جامعة الدول العربية كانت قد حذرت من استمرار تدفق المال القادم من أوروبا وأمريكا إلى منظمات إسرائيلية متطرفة تعمل على تعزيز الاستيطان في فلسطين والجولان السوري المحتل. وهنا نضع الكثير من علامات الاستفهام لكون التحذير المذكور لم يلق أي اهتمام يذكر من قبل تلك الدول التي أشرت إليها آنفا. مثله كمثل جميع القرارات والبيانات والمناشدات التي أصدرتها الجامعة العربية، طيلة عقود طويلة، والتي طالبت كلها باتخاذ إجراءات لوقف الانتهاكات والمجازر الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة.
لكن هذه الدول، نعود إليها نفسها، وهذه الدول ذاتها تسارعت لتتلقف أي شيء يخرج عن هذه الجامعة العربية بخصوص سوريا، في ظل غياب سوريا نفسها عن مداولات الجامعة. حتى لو كان هذا الشيء الذي خرج عن الجامعة العربية غير توافقي. الهدف هو استغلال هذا الشيء بطريقة سلبية ضد سوريا، واستعماله كحصان طروادة لتأزيم وتدويل ما يجري في سوريا، تنفيذا لأجنداتهم التدخلية المفضوحة التي عبرت عنها بجلاء بعض المداخلات التي أدلى بها بعض الزملاء هذا الصباح. وذلك على الرغم من رفض عدد من دول الجامعة العربية لمحاولات البعض الآخر فيها بجعل الجامعة أداة لاستدعاء التدخل الخارجي العدواني في الشؤون السورية. بعد ما أفشلت سوريا مراهناتهم على دفع بعثة المراقبين العرب إلى الفشل، وهو الأمر الذي حدا بهم إلى العمل على استهداف مصداقية مهمة المراقبين العرب، ونسف تقريرها بقصد استدعاء العدوان على سوريا بجميع أشكاله، العسكرية والدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والإعلامية، مهما كان الثمن.
سيدي الرئيس ، في إطار نفس السياسة الإسرائيلية المتحدية للشرعية الدولية، ما زالت إسرائيل ترفض إعادة الجولان السوري المحتل إلى وطنه الأم سوريا، والانصياع إلى القرارات الشرعية الدولية، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 497 (1981)، الذي اعتبر قرار إسرائيل بضم الجولان السوري المحتل لاغيا وباطلا وليس له أي أثر قانوني.
كما تستمر إسرائيل في سياسات الاستيطان في الجولان السوري المحتل، والإرهاب، وممارسة سياسة التمييز العنصري والقمع بحق المواطنين السوريين الرازحين تحت نير احتلالها. كما تواصل عمليات الاعتقال التعسفي اللاإنساني التي لا تفي بأدنى معايير الأمم المتحدة في معاملة السجناء. هذا ناهيكم عن بدء سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في إطار حملتها المستمرة لتقطيع أوصال الجولان السوري المحتل، كما فعلت في الضفة الغربية، وكما تفعل في القدس، بناء جدار عازل وفصل عنصري في الجولان، شرقي بلدة مجدل شمس. ولم تكتف إسرائيل بذلك بل امتدت سياساتها العدوانية لتشمل الإضرار بالبيئة وسُبل عيش المواطنين السوريين في الجولان، بما في ذلك حرق الأراضي وتدمير المحاصيل والتوزيع غير العادل للموارد المائية بين السكان السوريين الخاضعين للاحتلال من جهة والمستوطنين الإسرائيليين من جهة ثانية. بما في ذلك قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلية بسرقة مياه بحيرة مسعدة من خلال سحب مياهها وتحويلها إلى مزارع المستوطنين، الأمر الذي أدى إلى وقوع خسائر مادية وبيئية كبيرة.
لقد نقلنا، سيدي الرئيس ، إلى عناية الأمين العام وأعضاء مجلس الأمن من خلال عدد من الرسائل الرسمية، شكاوى رسمية بشأن تلك الانتهاكات الإسرائيلية، إلا أنه وللأسف، لم تلق هذه الشكاوى آذانا صاغية، لا بل أن ممثلي الأمين العام، لم يتطرقوا إلى هذه الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة في إحاطاتهم الإعلامية الشهرية أمام مجلس الأمن. مما شجع إسرائيل على التمادي في سياساتها العدوانية وانتهاكاتها الفاضحة لكل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وهذا الصمت المريب من قبل ممثلي الأمانة العامة يثير الكثير من الأسئلة، حول حيادية وموضوعية التعامل مع قضايانا المحقة والمشروعة.
وهنا وفي هذا السياق، أسجل امتعاض وفد بلادي، من إغفال السيد تارانكو، في إحاطته الإعلامية التي قدمها هذا الصباح، ذكر الأوضاع السيئة جدا في الجولان السوري المحتل.
وهو تجاهل لم يعد من الممكن السكوت عنه، بعد أن لفتنا عناية ممثلي الأمانة العامة عشرات المرات إلى ضرورة أن تتضمن إحاطاتهم إلى المجلس فقرة عن آخر الممارسات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل. ورغم قبولنا بالقليل من الإشارات في بعض الإحاطات السابقة، فإن ما حدث اليوم كان مجحفا بالفعل ويستدعي من الأمانة العامة أن تعيد النظر في موقفها هذا.
ختاما، سيدي الرئيس ، أرحب بالزملاء الجدد أعضاء هذا المجلس، ممثلي المغرب وباكستان وأذربيجان وغواتيمالا وتوغو، متمنيا لهم كل النجاح والوقوف إلى جانب قضايا العدل والإنصاف ورفض منطق الهيمنة.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل كوبا.
السيد نونييز موسكويرا (كوبا) (تكلم بالإسبانية): يؤيد وفد بلدي البيان الذي أدلى به صباح هذا اليوم ممثل مصر بالنيابة عن حركة عدم الانحياز.
وللأسف، منذ المرة الأخيرة التي عقد فيها مجلس الأمن جلسة لمناقشة هذه البنود، قبل ثلاثة أشهر تحديدا (انظر S/PV.6636)، لم تتغير الحالة في الشرق الأوسط بأي شكل يذكر. وتكرر كوبا تأييدها للطلب الذي قدمه رئيس السلطة الفلسطينية للاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
ولكن، كما نعلم جميعا، تعارض ذلك الطلب مصالح قوية، وتلك المصالح نفسها هي التي سحبت دعمها لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة لأنها قبلت فلسطين عضوا كاملا في تلك المنظمة، على النحو العادل. ولم تؤد جولات المفاوضات التي عقدتها المجموعة الرباعية بصورة منفصلة مع ممثلي إسرائيل وفلسطين خلال الأشهر الثلاثة الماضي إلى أي تخفيض في الاستفزازات أو تسفر عن أي اقتراحات ملموسة بشأن مسائل مثل تعيين الحدود وآليات الأمن في المنطقة، بالرغم من كون الطرفين أبديا استعدادهما لإجراء تقييم بطريقة بناءة للإجراءات المتبادلة التي قد تساعد على تخفيض حدة التوترات وحددت المجموعة الرباعية 26 كانون الثاني/يناير موعدا نهائيا لتقديم الطرفين للاقتراحات.
ويجب استئناف عملية المفاوضات، التي أدى إلى قطعها تعنت إسرائيل وقرارها بمواصلة بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتواصل إسرائيل، كما نعلم جميعا، إتلاف الأصول الفلسطينية، بما في ذلك في القدس. وتقوم السلطات الإسرائيلية بتحديد مناطق في القدس الشرقية لتنشئ فيها حدائق وطنية، ومن الواضح أن القصد منها إعاقة تطوير الأحياء والمناطق الفلسطينية.
وأصبحت أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين وأصولهم أعمالا منهجية. ويكفي القول إن المتوسط الأسبوعي للهجمات التي يشنها المستوطنون ازداد بنسبة 40 في المائة في عام 2011 مقارنة بالعام السابق، وبنسبة 165 في المائة مقارنة بعام 2009. وتستمر إساءة معاملة ومضايقة السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ونكرر شعورنا العميق بالقلق فيما يتعلق بالحالة الإنسانية الحرجة في غزة، التي يؤدي إلى تفاقمها استمرار فرض إسرائيل الحصار التام، مما يمنع الحصول على المعونة الإنسانية والسلع والإمدادات وحركة التنقل إلى قطاع غزة ومنه. وتلك حالة لا بد من حسمها بدون المزيد من التأخير.
ولا يمكن لمجلس الأمن أن يقف متفرجا وأن يكتفي بمجرد عقد الجلسات والمناقشات المواضيعية كل ثلاثة أشهر بشأن هذه المسائل. ومن الضروري أن يضطلع مجلس الأمن بدوره السليم في الدفاع عن السلام والأمن الدوليين، وأن يتخذ تدابير ملموسة وعملية لضمان أن تنهي إسرائيل سياساتها المتعمدة، التي تنتهك القانون الدولي. ويجب ألا يسمح للدول التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) الذي عفا عليه الزمن بإدامة تواطئها في هذه الحالة الراهنة أو بمواصلة التلاعب بمجلس الأمن سعيا لتحقيق مصالحها الخاصة بالذات، على نحو ما حصل في فرض القرارين 1970 (2011) و 1973 (2011) وإعادة تفسيرهما.
واليوم نعلم أنه بدأ في القواعد نشر طائرات بدون طيار، مما يسبب المزيد من عدم اليقين؛ وأنه يجري استغلال الموارد لمنفعة مصالح خارجية؛ وأن انعدام الأمن يزداد في مناطق الشرق الأوسط التي من المفترض أن يتم الدفاع عنها من خلال تلك القرارات. وتكرر كوبا مرة أخرى أن جميع تلك التدابير والإجراءات، بما في ذلك البناء غير القانوني للمستوطنات الإسرائيلية وتوسيعها في الجولان السوري منذ عام 1967، تشكل انتهاكات للقانون الدولي والاتفاقات الدولية، وانتهاكات لقرارات الأمم المتحدة وميثاقها.
وليس من قبيل المصادفة أن تجري محاولات لكي يوضع لسوريا السيناريو نفسه للتلاعب وممارسة الضغط الذي جسد في القرارين 1970 (2011) و 1973 (2011). وذلك تحديدا هو ما تسعي له بعض الدول الكبرى وحلفاؤها بغية إدخال سوريا في نزاع مع أشقائها في جامعة الدول العربية. ولدى شعب سوريا القدرة والحكمة لتسوية المسائل المتعلقة به بدون تداخل خارجي أو ممارسة ضغط من أي نوع.
وتؤكد كوبا مجددا على موقفها المؤيد للتوصل إلى السلام العادل والدائم لجميع شعوب الشرق الأوسط الذي ينهي احتلال إسرائيل لجميع الأراضي منذ عام 1967 ويضمن ممارسة جميع الحقوق، بما فيها حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بإنشاء دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثلة كازاخستان.
السيد أتيموفا (كازاخستان) (تكلمت بالإنكليزية): أشكركم، سيدي، على عقد هذه الجلسة الهامة وعلى إتاحة الفرصة لي لأخذ الكلمة.
وإذ ابدأ بياني، يسرني، بالنيابة عن مجموعة منظمة التعاون الإسلامي في نيويورك، أن أعرب عن التهاني الصادقة للدول التي انضمت إلى مجلس الأمن باعتبارها أعضاء غير دائمين، وأن أتمنى لها كل النجاح.
وبادئ ذي بدء، تود مجموعة منظمة التعاون الإسلامي أن تشيد بالقرار الهام الذي اتخذته مؤخرا مملكة تايلند بالاعتراف بدولة فلسطين على أساس حدود 4 حزيران/يونيه 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وتدعو مجموعة منظمة التعاون الإسلامي الدول التي لم تفعل ذلك بعد إلى تحمل مسؤولياتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين ودعم الجهود التي تبذل لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وأخذ مكانها اللائق بين مجتمع الدول.
ومداولاتنا اليوم لها أهمية خاصة، نظرا لأنها تتزامن، بكل أسف، مع الإجراءات الإسرائيلية غير المشروعة المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
فإسرائيل تواصل تجاهل النداءات والجهود الدولية المتزايدة لفرض قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي العربية وانتهاكاتها للقانون الدولي وإنكارها للحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني. ومجموعة منظمة التعاون الإسلامي لا تزال مقتنعة اقتناعا راسخا بأن مجلس الأمن يجب أن يعمل بفعالية لضمان امتثال إسرائيل الكامل لواجباتها والتزاماتها القانونية وإنهاء أعمالها العدوانية اليومية.
وإسرائيل تمضي قدما في محاولاتها لتغيير النسيج الديمغرافي للقدس الشرقية المحتلة بطرد الآلاف من الفلسطينيين وإحلال مستوطنين غير شرعيين في محلهم. ويترافق مع هذا الانتهاك جهد متعمد وواع لتشييد وتوسيع هذه المستوطنات التي لا يمكن تبريرها وبناء ”جدار الفصل العنصري“ حول مدينة القدس الشرقية المحتلة.
وبالمثل، فإن أعمالا غير قانونية مثل مصادرة وضم الأراضي الفلسطينية والأعمال العسكرية وفرض تدابير أمنية قمعية وتقييد الحركة وتقييد الوصول إلى الأماكن الدينية، بما في ذلك أماكن العبادة المسيحية والإسلامية، قد أصبحت جزءا من القمع اليومي للفلسطينيين. بل وحتى اليوم، فإن إسرائيل تجري حفريات تحت المسجد الأقصى المقدس، والتي تهدف إلى تغيير كامل للحقائق على أرض الواقع وعزل القدس الشرقية المحتلة عن محيطها الفلسطيني الطبيعي.
ودورة القمع والخوف هذه لا تمثل فحسب انتهاكا خطيرا من قبل السلطات الإسرائيلية والمستوطنين بحق المدنيين الفلسطينيين الضعفاء غير الخاضعين للحماية، ولكنها تشكل أيضا تحديا للمجتمع الدولي والأمم المتحدة، التي تتحمل مسؤولية خاصة عن دعوة إسرائيل بقوة إلى وضع حد لهذه الأعمال العدوانية واحترام القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة.
والسياسات والممارسات الإسرائيلية في القدس الشرقية تثير بالغ القلق في ضوء المداولات التي جرت مؤخرا في الكنيست الإسرائيلي حول مشروع قانون يعلن القدس عاصمة إسرائيل والشعب اليهودي. وتلك المداولات ليست موجهة ضد تراث الإنسانية وتاريخها فحسب، ولكنها تتحدى أيضا القانون الدولي والقرارات الدولية، التي تضفي الشرعية وتؤكد على حقيقة أن القدس جزء من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في عام 1967. ومن ثم، فإن مجموعة منظمة التعاون الإسلامي تساورها مخاوف جدية للغاية بشأن هذه المسألة، التي تهدد الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
وفي ضوء كل تلك الظروف، فإن الرؤية الدولية للحل القائم على وجود دولتين آخذة في الاضمحلال مع استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات غير القانونية، مع كل العواقب المصاحبة لذلك.
وبناء جدار الفصل يشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي والفتوى القاطعة لمحكمة العدل الدولية. وقد أدت هذه الأعمال غير القانونية والاستفزازية من جانب إسرائيل إلى وصول عملية السلام في الشرق الأوسط برمتها إلى طريق مسدود وقوضت جهود السلام الدولية.
ومجموعة منظمة التعاون الإسلامي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن التوصل إلى توافق دولي في الآراء على إيجاد حل عادل وشامل للصراع في الشرق الأوسط يتطلب إنفاذ القانون الدولي والقرارات الدولية. ويجب أن يكون هناك إقرار واحترام كاملان للالتزامات والتعهدات التي قُطعت في هذا الصدد، على نحو ما تجسده مرجعيات عملية السلام، ألا وهي، قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة؛ ومرجعية مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام؛ ومبادرة السلام العربية؛ وخريطة طريق المجموعة الرباعية. ولذلك، يجب على مجلس الأمن والمجموعة الرباعية، في المقام الأول، بذل كل جهد ممكن للاضطلاع بالمسؤوليات القانونية والأخلاقية الجماعية عن الحفاظ على السلام والعدالة في المنطقة. ولن يكون هذا ممكنا إلا بإجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي واحترام اتفاقية جنيف الرابعة.
وفي هذا المرحلة الحاسمة من التاريخ، يتعين أن يكون هناك إقرار بجهود بناء الدولة الفلسطينية، الجديرة بالثناء، وتقديم الدعم الكامل لها. ولأن عملية السلام لا تزال، للأسف، راكدة، فقد حان الوقت للاعتراف بدولة فلسطين المستقلة على أساس حدود 4 حزيران/يونيه 1967. وهذا، في الواقع، حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار والسلام والأمن لفلسطين وإسرائيل وغيرهما من البلدان المجاورة في المنطقة.
تعيد مجموعة منظمة التعاون الإسلامي التأكيد على أن القدس الشرقية لا تزال جزءا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وعلى أن المجتمع الدولي لم يعترف بضمها غير القانوني من قبل إسرائيل. والمجموعة تؤكد مجددا على مركزية القضية الفلسطينية للعالم الإسلامي بأسره؛ وتشدد على الطابع والسمات الفلسطينية والعربية والإسلامية للقدس الشرقية المحتلة؛ وتؤكد بقوة من جديد على ضرورة الاحترام الكامل لقدسية الثقافتين الإسلامية والمسيحية.
أخيرا، تنضم منظمة التعاون الإسلامي إلى المجتمع الدولي في إعادة التأكيد على أن جميع الإجراءات التي اتخذتها، أو ستتخذها، إسرائيل لتغيير الوضع القانوني والمادي والديمغرافي والهيكل المؤسسي للجولان السوري المحتل، وكذلك لفرض ولايتها القضائية وإدارتها هناك، لاغية وباطلة وليس لها أي أثر قانوني. وتطالب المنظمة إسرائيل بأن تلتزم بالكامل وعلى الفور بقرار مجلس الأمن 497 (1981) والانسحاب الكامل من الجولان السوري المحتل إلى خطوط 4 حزيران/يونيه 1967، وبالتالي تنفيذ قراري مجلس الأمن 242 (1967) و 338 (1973).
وفي الختام، تود مجموعة منظمة التعاون الإسلامي أن تؤكد مجددا دعمها التام للشعب الفلسطيني وتضامنها الكامل معه في نضاله لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة وغير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في العودة وتقرير المصير وفي إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
السيد سين سون هو (جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية) (تكلم بالإنكليزية): أود بادئ ذي بدء، سيدي الرئيس ، أن أعرب عن امتناني لكم لعقد مناقشة اليوم المفتوحة لمجلس الأمن بشأن الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين في الوقت المناسب تماما. ووفد بلدي يؤمن تماما بأنه في ظل قيادتكم القديرة، ستسفر المناقشة الحالية عن نتائج جوهرية.
ويقدر وفد بلدي تقديرا عاليا ويؤيد تأييدا تاما البيان الذي أدلى به سعادة السفير ماجد عبد العزيز، الممثل الدائم لجمهورية مصر العربية ورئيس مكتب تنسيق حركة عدم الانحياز.
إن قضية الشرق الأوسط، والتي نشأت مع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في عام 1948، لا تزال في طريق مسدود على الرغم من قرارات الأمم المتحدة الكثيرة التي اتخذت حتى الآن والمقترحات المختلفة التي طرحت على طاولة المفاوضات، بما فيها مبادرة السلام العربية. ويرجع ذلك بصورة كلية إلى موقف إسرائيل المناهض للسلام وإلى السياسات الضارة التي تتبعها بعض الدول بشأن الشرق الأوسط. وما زالت الأراضي الفلسطينية وأراض عربية أخرى، منها القدس، تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي. واستخدام القوة ما زال سائداً، وبناء المستوطنات ما زال في ازدياد. وهذا الواقع يؤثر سلباً على عملية السلام والأمن في الشرق الأوسط.
ووفدي يرى أن التوصل إلى حل مبكر للمشكلة الفلسطينية هو العنصر الرئيسي في قضية الشرق الأوسط. وبالتالي، يجب إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي والتمييز وانتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين في أقرب وقت ممكن والسماح للشعب الفلسطيني بممارسة حقوقه الكاملة في تقرير المصير الوطني.
كما يرى وفدي أن الوساطة في محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل ينبغي أن تقوم على أساس المبادئ التي ذكرتها آنفاً.
والعضوية الفلسطينية في الأمم المتحدة تكتسي أهمية خاصة لتسوية مشكلة الشرق الأوسط. وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية اعترفت رسمياً بفلسطين كدولة في عام 1988. ومنذ ذلك الحين، نقدم دعمنا وتضامننا بدون تحفظ لجهود الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولة مستقلة ذات سيادة. وفي هذا الصدد، يحث وفدي مجلس الأمن بقوة على اتخاذ إجراء فيما يتعلق بطلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة الذي تقدمت به فلسطين في 23 أيلول/ سبتمبر 2011. وسيستمر وفدي في تقديم كامل التأييد للعضوية الفلسطينية في الأمم المتحدة.
ووفدي يغتنم هذه الفرصة لاسترعاء انتباه المجلس إلى انتهاك طائرة تجسس بدون طيار تابعة للولايات المتحدة للمجال الجوي الإيراني في 4 كانون الأول/ديسمبر 2011. واختراق طائرة بدون طيار تابعة للولايات المتحدة المجال الجوي الإيراني يشكل انتهاكاً سافراً لاستقلال وسلامة أراضي دولة ذات سيادة. وهذا العمل يتنافى مع كل المعايير الدولية المقبولة عالمياً بشأن السيادة وعدم جواز انتهاك المجال الجوي لبلدان ذات سيادة. وفي حين أننا ندين هذا العمل، يطالب وفدي مجلس الأمن باتخاذ التدابير من أجل وقف مثل هذه التصرفات ضد دول ذات سيادة.
ووفدي يود أن يسترعي انتباه المجلس إلى لبنان ومرتفعات الجولان السورية المحتلة. يجب التصدي لاستمرار الانتهاكات الإسرائيلية لسيادة لبنان ووقفها فوراً، حيث أنها تشكل انتهاكات خطيرة للقرار 1701 (2006). ووفدي يدين إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، بشدة على كل محاولاتها لتغيير الوضع القانوني والمادي والسكاني لمرتفعات الجولان السورية المحتلة، ويطالب بعودة إسرائيل إلى حدود 4 حزيران/يونيه 1967 بدون شروط، وفقاً للقرارين 242 (1967) و 338 (1973).
وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية ستواصل الوقوف بثبات مع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية في كفاحها من أجل السلام والاستقرار وقضيتها العادلة.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل النرويج.
السيد ويتلاند (النرويج) (تكلم بالإنكليزية): تترأس النرويج فريق دعم المانحين للأراضي الفلسطينية. ونأخذ الكلمة اليوم لاسترعاء الانتباه إلى التهديدات المحدقة بأسس دولة فلسطينية تتوفر لها مقومات البقاء والتأكيد على أن إزالة هذه التهديدات والعراقيل يمكن أن يهيئ الطريق لقيام دولة فلسطين بدون مزيد من التأخير.
في السنوات الأخيرة، شهدنا تقدماً لا مثيل له في نوعية المؤسسات الفلسطينية وعملها، ومستويات نمو مرتفعة، إلى جانب تحسن الأحوال المعيشية والأمن في الضفة الغربية وتجدد الأمل لدى الشعب. وقد توقفت تلك التوجهات الإيجابية في عام 2011، وها هو مسارها ينعكس الآن. والآن، ونحن في بداية عام 2012، فإن الدعم المالي الدولي المنخفض وانكماش استثمارات القطاع الخاص يزيد من عجز الميزانية ويتسبب في أزمة سيولة حادة للسلطة الفلسطينية. وعلاوة على ذلك، فإن الاحتلال الإسرائيلي يقوض القدرة على النمو. وبصفة خاصة، فإن القيود الإسرائيلية على وصول الفلسطينيين تعرقل النشاط الاقتصادي في المنطقة جيم بالضفة الغربية.
والنرويج تشعر بالقلق البالغ إزاء التوسع المستمر في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. فالأنشطة الاستيطانية غير مشروعة بموجب القانون الدولي، كما أنها تعرض حل الدولتين لخطر قاتل. وأمام الأطراف فرصة لإثبات التزامها بحل الدولتين من خلال إجراءات ملموسة على أرض الواقع. وباستمرار الأنشطة الاستيطانية، فإن إسرائيل تفعل عكس ذلك تماماً. وعليها أن تتوقف عن بناء أي مستوطنات. فالطريق المسدود العميق بين الأطراف لا يمكن أن يستمر دون تقويض الرؤية المتمثلة في حل الدولتين. وبالتالي، فإن جهود الأردن في تيسير المحادثات في الإطار الذي اقترحته المجموعة الرباعية تكتسي أهمية كبيرة ويجب دعمها.
وسوف يعود فريق دعم المانحين إلى الاجتماع في بروكسل في 21 آذار/مارس. وسيناقش في هذا الاجتماع كيفية تعزيز استدامة السلطة الفلسطينية، وتعزيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص في الاقتصاد الفلسطيني وكيف يمكن تحسين الحالة في غزة. والنقاط الأربع التالية أساسية.
أولاً، يجب زيادة الإيرادات الفلسطينية بتوسيع القاعدة الضريبية وتحسين تحصيل الضرائب. فإسرائيل تُحصِّل ثلثي تلك الإيرادات ثم تنقلها إلى السلطة الفلسطينية كل شهر. وهناك مجال لتحسين كفاءة تلك الآلية وزيادة شفافيتها وإمكانية التنبؤ بها.
ثانياً، على إسرائيل أن تتخذ مزيداً من الخطوات لتخفيف أثر القيود على الوصول والتنقل على التنمية والتجارة والتصدير في الضفة الغريبة وغزة. فالقيود، لا سيما تلك المفروضة في المنطقة جيم، بما فيها القدس الشرقية، تقلص الحيز الذي يمكن أن يكسب منه الفلسطينيون أسباب رزقهم. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن نسبة 43 في المائة من أراضي الضفة الغربية بات محظوراً على الفلسطينيين استخدامها اليوم. ولا بد أن يتمكن الفلسطينيون من استخدام مواردهم الطبيعية والإنتاجية والأراضي في المنطقة جيم، وهي أساسية لاقتصاد فلسطيني قابل للبقاء.
ثالثاً، يتعين على المانحين أن يستمروا في تقديم الدعم لتغطية التكاليف المتكررة الفلسطينية لفترة انتقالية. وبدون هذه المساعدة، سيكون من الصعب ضمان الاستدامة طويلة الأجل للسلطة الفلسطينية، واستعداد المؤسسات الفلسطينية لإقامة الدولة.
أخيراً، وفيما يتعلق بغزة، فإن القرار 1860 (2009) يدعو الدول الأعضاء إلى دعم الجهود الدولية لتخفيف الحالة الإنسانية والاقتصادية في غزة. ويدين القرار أيضاً كل العنف والعمليات القتالية الموجهة ضد المدنيين وكل أعمال الإرهاب. وفي حين تحقق تقدم مهم فيما يتعلق باستيراد البضائع وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، فإن هذه التحسينات غير كافية لتحقيق النمو الاقتصادي الذي يحقق القدرات الاقتصادية والاجتماعية الكاملة للسكان في غزة. وفي اجتماعهم التالي، يتعين على المانحين أن يتخذوا مزيداً من الخطوات لإيجاد حل في إطار القرار 1860 (2009) الذي يرفع الإغلاق ويكفل التنقل والحركة من خلال نقاط العبور الشرعية، مع أخذ التحديات الأمنية في الاعتبار.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل الكويت.
السيد المطيري (الكويت): يود وفد بلادي أن يتقدم بالشكر لجنوب أفريقيا، دولة الرئاسة، على المبادرة بعقد هذه الجلسة لمجلس الأمن بشأن الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين. كما أتقدم بالتهنئة للدول الأعضاء غير الدائمة العضوية الجديدة في المجلس.
ونود أن نعبر عن تأييدنا ودعمنا لبيانات المجموعة العربية وحركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي.
لا شك أن عقد هذه الجلسة وفي هذا الوقت لبحث الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية أمر في غاية الأهمية، ويعبّر عن الاهتمام الدولي بأمن المنطقة وبأحوال الشعب الفلسطيني في ظل الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المتحلة. وتعقد شعوب ودول المنطقة الآمال على المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته، وبخاصة عما يجري في الأراضي العربية المحتلة، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، حيث ما زالت المنطقة تعاني من عدم الاستقرار بسبب توقف مفاوضات السلام.
من الواضح استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي وقواعد القانون الإنساني ولحقوق الإنسان، وحصار قطاع غزة وإخضاع سكانه للعقاب الجماعي، وعدم إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، وهدم الممتلكات والمباني الفلسطينية، وعمليات التشريد القسري، ومصادرة الأراضي بهدف تغيير الطابع الديموغرافي وتهويد القدس. ولقد أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى (الأونروا) عن تعرض ما يقارب من 100 1 فلسطيني للتشريد بسبب عمليات الهدم في القدس الشرقية، مقارنة بـ 606 فلسطيني شردوا في 2010.
وإذا أضفنا إلى العوامل السابقة، الأوضاع الاقتصادية الصعبة لأبناء الشعب الفلسطيني، كتزايد حدة الفقر، وارتفاع معدل البطالة، والبناء المتسارع لآلاف الوحدات الاستيطانية غير الشرعية وغير القانونية، فضلا عما أفاد به مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، من ازدياد عدد الاعتداءات على المدنيين الفلسطينيين عام 2011 بنسبة لا تقل عن 50 في المائة عن العام الذي قبله، وذلك على مرأى ومسمع من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وكلها عوامل تؤدي إلى تقويض الفرص الممكنة للسلام المنشود وقد تترتب عنها عواقب وخيمة.
منذ عام 1967 لم تتوقف إسرائيل عن بناء المستوطنات الجديدة وتوسيع القائم منها، حيث تم إنشاء حوالي 150 مستوطنة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذا يمس بحقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في القانون الدولي كحقه في تقرير المصير، والمساواة، وحرية التنقل، كما تعد خرقا لكل المبادئ الدولية، ولاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وميثاق الأمم المتحدة، هو الأمر الذي أكدته العديد من قرارات الشرعية الدولية بإنكار أي صفة قانونية للاستيطان أو الضم، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات.
إن إصرار إسرائيل وإمعانها في مواصلة سياساتها الاستيطانية غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، فضلا عن الغارات الجوية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية على المدنيين العزّل، دليل على أن إسرائيل تعمد على نقض الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعتها مع السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال عملية السلام، وتتجاهل كافة التزاماتها الدولية وتعمل على تقويض جميع الجهود الدولية الهادفة إلى استئناف العملية السياسية ومفاوضات السلام على أساس حل الدولتين في إطار حدود الرابع من حزيران/يونيه 1967، وخريطة الطريق التي أقرتها اللجنة الرباعية.
ونظرا لاستمرار الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المدنيين الفلسطنيين في الأراضي المحتلة، وعدم احترام إسرائيل لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، فمن الضروري أن يقوم المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن، بإرسال رسالة لا لبس فيها إلى السلطة القائمة بالاحتلال، مفادها أن الأعمال غير القانونية التي تقوم بها يجب وقفها، وإلا فإننا سنشهد المزيد من التدهور في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يزيد من إخفاق الجهود التي تبذل لاستعادة الثقة بين الجانبين - الفلسطيني والإسرائيلي، ويهدد الحل السياسي وحل الدولتين وإنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي نرى فيه استعداد الفلسطينيين لإقامة دولتهم وفقا لشهادة المؤسسات الدولية ومنظمة الأمم المتحدة، وهي تحظى بتأييد عدد كبير من الدول.
تؤكد دولة الكويت على أن المجتمع الدولي تقع على عاتقه مسؤوليات قانونية وأخلاقية مباشرة لضمان حماية السكان المدنيين الفلسطينيين في ظل إجراءات سلطات الاحتلال، وأهمية ضمان التزام الجميع بمسؤولياتهم وفقا لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة، لا سيما تنفيذ قرارات مجلس الأمن 242 (1967)، 338 (1973)، 1397 (2002)، 1515 (2003)، 1860 (2009)، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وخريطة الطريق. إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو أكبر استثمار لضمان السلام في المنطقة.
اتخذت الجامعة العربية في 22 كانون الثاني/يناير 2012 عدة قرارات بشأن سوريا، ونؤكد في هذا الصدد على أهمية الالتزام بخطة الجامعة وقراراتها، وبضرورة تنفيذ سوريا لمتطلبات عناصر هذه الخطة وإجراء عملية سياسة تضمن تحقيق تطلعات الشعب السوري.
ونؤكد في هذا المجال على أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن 497 (1981) الذي ينص على انسحاب إسرائيل من الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران/يونيه 1967، كما نطالب بضرورة الضغط على إسرائيل لتتوقف عن انتهاكاتها المتواصلة لسيادة الدولة اللبنانية والانسحاب الكامل من جميع المناطق التي تحتلها، وتلتزم بتنفيذ القرار 1701 (2006) بكافة مضامينه، وتأكيد حقوق لبنان في مياهه الإقليمية. ونرحب في هذا السياق بالمحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الأردن، إلا أنه من الأهمية أن تولي اللجنة الرباعية الأولوية للتوسع الاستيطاني غير المسبوق، وإلا فلا جدوى من أي مفاوضات. وإن عدم تحمل الجميع مسؤولياتهم، سيُفشل عملية السلام برمتها، ولن يؤدي إلى الحل العادل والشامل والدائم الذي ينشده الجميع لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي.
السيد آل ثاني (قطر): أهنئكم برئاستكم لمجلس الأمن وبما قمتم به حتى الآن من إدارة ناجحة لجدول أعمال المجلس الحافل في هذا الشهر، وأشكركم على عقد هذه المناقشة المفتوحة، وأشكر السيد فيرنانديز - تارنكو على الإحاطة التي قدمها صباح اليوم.
عندما اقترحت المجموعة الرباعية في بيانها في شهر أيلول/سبتمبر الماضي (انظر SG/2/178) خطة زمنية لتفعيل المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، تهدف إلى التوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام 2012 يشمل المسائل الرئيسية، لاقى منا ذلك المقترح دعما وأملا بأن ينجح في تحقيق الهدف المنشود من الجميع، وذلك على الرغم أن مواقف الجانب الإسرائيلي السابقة لم تكن مشجعة. وقد أكدنا في مناسبات سابقة ضرورة ألا ينتهي عمل المجموعة الرباعية عند وضع مواعيد وخطط زمنية، بل يجب أن يمضي إلى ضمان وضع الشروط الملائمة لتنفيذها.
لكن، كما كان متوقعا، لم تتخل حكومة إسرائيل عن العائق الأساسي أمام نجاح المفاوضات، أي الاستيطان غير المشروع. وإن كانت قد عقدت اجتماعات مع الجانب الفلسطيني مؤخرا في عمان، فإن ذلك غير كاف للخروج من الحلقة المفرغة للقضية الفلسطينية، ما دامت لا توجد نية حقيقية ولتحقيق السلام لدى الحكومة الإسرائيلية التي تجاهلت كل الدعوات الدولية إلى وقف الاستيطان وتفكيك المستوطنات في الأراضي المحتلة في عام 1967 لأنها مستوطنات غير شرعية، مع علمها بأن ذلك هو تهديد حقيقي لمفاوضات السلام ولحل الدولتين عدا عن كونه تجاوزا خطيرا للقانون الدولي. ومنذ بضعة أيام، اطلع المجلس من خلال السيدة فاليري أموس، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية، على الأثر الإنساني الفادح لوجود المستوطنات غير الشرعية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وعندما يظن المرء أن إسرائيل قد تجاوزت كل الحدود، تفاجئنا حكومة رئيس الوزراء نتنياهو بتجاوزات أكبر من سابقتها. فمنذ أيام حاولت الحكومة إضفاء الشرعية حتى على المستوطنات التي تعتبرها إسرائيل نفسها مستوطنات غير قانونية، وذلك من خلال اقتراح بناء مساكن جديدة في الضفة الغربية بدل المساكن التي يقطنها حاليا المستوطنون في مستوطنة ميغرون. أليس اتخاذ قرار كهذا في هذا الوقت بالذات مخلا بكل الخطوات التي تنازل الجميع ليتفقوا عليها في شهر أيلول/سبتمبر؟
ومن هذا المنطلق، فمن الضروري التحرك من قبل الدول التي رعت مقترح الرباعية والتي تؤمن بالحل التفاوضي لوضع الضغوط السياسية اللازمة لإنجاح ذلك المسعى.
وفي هذا السياق، لـمّح البعض إلى أن الجانب الفلسطيني لم ينح منحى مواتيا لتحقيق تلك الخطوات، لأنه دفع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية دون موافقة إسرائيل على ذلك. وإننا نجد أشد العجب في هذه المساواة بين المطالبة بحقوق شرعية اعترف بها العالم وبين مواصلة انتهاكات أدانها العالم. إن المسعى الفلسطيني للاعتراف بدولة فلسطين دولة مستقلة لا يقوّض حل الدولتين أبدا. ولهذا فإننا لا نجد حرجا في دعوة هذا المجلس إلى دعمه، في نفس الوقت الذي ندعو هذا المجلس إلى تحمّل مسؤوليته تجاه الإجراءات الإسرائيلية التي تقوّض حل الدولتين من خلال فرض أمر واقع يجعل من المستحيل بناء دولة فلسطينية قابلة للحياة في الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 بما فيها القدس الشرقية.
وقد أصبح من المسلّمات أن حل الأزمة في الشرق الأوسط سيعتمد على انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل وما بقي من الأراضي اللبنانية المحتلة من قبل إسرائيل، ووقف إسرائيل لانتهاكاتها السيادة اللبنانية، وجميع الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي وللشرعية الدولية ممثلة بقرارات هيئات الأمم المتحدة.
ومما يثير قلقنا بصورة خاصة تصعيد السلطات الإسرائيلية للتدابر غير القانونية التي تهدف إلى تهويد القدس المحتل. وفي هذا الصدد، نود أن نشدد على رفضنا القاطع لتلك التدابير من قبل إسرائيل ومحاولاتها تغيير الهوية العربية للمدينة وتكوينها الديمغرافي ومركزها القانوني وطابعها الديني. كما نؤكد أن جميع هذه المحاولات لاغية وباطلة ولا أثر لها.
وإننا نحث المجتمع الدولي على التعبير عن رفضه لمحاولات الحكومة الإسرائيلية المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، وهدم منازل المدينة وطرد سكانها العرب منها وسحب هوياتهم، بهدف تهويد المدينة، ذلك لأن تلك المحاولات تخالف التزامات إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وفق القانون الدولي وتناقض قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة كما تقوض أسس الحل السلمي للقضية الفلسطينية والنزاع العربي الإسرائيلي.
ولا تقل المسألة السورية إلحالحا، سواء من حيث العدد الهائل والمؤسف لضحايا العنف في سوريا، كما ورد في الإحاطة الإعلامية للأمين العام المساعد، أو من حيث طبيعة الحالة في ذلك البلد بتركيبتها المعقدة وأبعادها الإقليمية، أو من حيث خطورة انزلاق البلد نحو مستوى أكبر من العنف. وإننا - كغيرنا من الدول التي يقلقها تواصل أزمة خطيرة في بلد عربي شقيق، ويهمها وقف نزيف دم الشعب السوري الشقيق - طالبنا بوضع حد للعنف والقتل وانتهاك الحريات الأساسية وحقوق الإنسان في سوريا الشقيقة، واضطلاع الحكومة السورية بمسؤوليتها عن حماية مواطنيها، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإنهاء الأزمة فورا. وقد أكدنا في الوقت نفسه على ضرورة حماية تماسك الشعب السوري ووحدته وسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها.
لقد حاولت الجامعة العربية جاهدة القيام بدور إيجابي لحل الأزمة السورية في إطار إقليمي بعيد عن العنف أو التدخل العسكري وذلك من خلال مبادرتها التي تبعها إرسال بعثة مراقبين إلى سوريا لمراقبة تنفيذها بموافقة الحكومة السورية التي قامت بتوقيع بروتوكول يتضمن آلية التنفيذ.
وفي يوم الأحد الماضي، وبعد أن اطلعت اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالملف السوري على تقرير بعثة المراقبين العرب في سوريا وتقدمت بتوصياتها إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب، قام المجلس الوزاري بتطوير خطة عمل الجامعة العربية من خلال وضع مبادرة هامة لحل عربي للأزمة السورية على غرار الحل الذي طرح لأزمة اليمن، وأقرها مجلس الأمن وهي بعيدة عن العنف والتدخل العسكري أيضا. وقد طلبت الجامعة من رئيس اللجنة الوزارية والأمين العام إبلاغ هذا المجلس لدعم الخطة.
إننا إذ نثني على مطالبة الأمين العام هذا المجلس بأن يضطلع بمسؤولياته، فإننا نرى تحديدا أن طلب الجامعة العربية من مجلسكم تبني خطتها طبقا لقرارات الجامعة العربية جاء منسجما مع مطلب الأمين العام ومطلب المجتمع الدولي، لا سيما وأن الخطة واقعية وتلبي مختلف توجهات الشعب السوري. وبالإضافة إلى ذلك، فإننا نؤكد على ضرورة دعم جهود الجامعة العربية من قبل هذا المجلس الذي طالما أكد أعضاؤه والمتحدثون أمامه على أهمية الحلول الإقليمية وتفعيل الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل المملكة العربية السعودية.
السيد المعلمي (المملكة العربية السعودية): السيد الرئيس ، يطيب لي أن أتقدم إليكم بالتهنئة على تولي بلادكم، جنوب أفريقيا، رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، وإنني لعلى ثقة بأن قيادتكم لأعمال المجلس سوف تكون مدعاة لنجاحه في مداولاته. كما أود أن أعبر عن التقدير والاحترام للدول التي أنهت مهمتها في مجلس الأمن وأن أهنئ الدول الصديقة والشقيقة التي حازت على عضوية المجلس وهي المغرب وباكستان وأذربيجان وتوغو وغواتيمالا.
وأود أيضا أن أشكر السيد أوسكار فيرناندز ترانكو على تقديم تقريره حول الوضع في الشرق الأوسط وأن أعرب عن تأييد بلادي للبيانات التي تقدمت بها مجموعة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية.
تأتي هذه المناقشة في ظل ظروف سياسية واقتصادية حرجة يتمثل أبرز معالمها في ما يلي.
أولا، ما زالت سلطة الاحتلال الإسرائيلي تمارس في الأراضي الفلسطينية المحتلة سياسة تهدف إلى زيادة المستوطنات التي بلغت في عام 2011 حدا قياسيا، وإلى مزيد من مصادرة الأراضي الفلسطينية خاصة في القدس الشريف، وإلى إحباط تطلعات الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال ضمن إطار القرارات الدولية ذات الصلة.
ثانيا، تبدو إسرائيل غائبة تماما عن حقائق الوضع المتجدد في الشرق الأوسط وهي تنظر باستخفاف وغطرسة إلى تطلع شعوب المنطقة نحو الحرية وتحسب إنها تستطيع أن تحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني ضمن حدود الرابع من حزيران/يونيه 1967 وعاصمته في القدس الشريف.
ثالثا، إن المملكة العربية السعودية التي تتشرف برعاية الحرمين الشريفين تنظر بقلق بالغ إلى الممارسات الإسرائيلية في القدس الشريف التي ترمي إلى طمس هويتها العربية الإسلامية وإلى التعدي على حقوق المسلمين والمسيحيين في هذه المدينة المقدسة. والمملكة العربية السعودية تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه ما يجري في القدس الشريف من عمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي والمنازل الفلسطينية وطرد قاطنيها وتهديد الحرم القدسي الشريف.
رابعا، إن المملكة العربية السعودية تطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف جريء وحاسم يتمثل في الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران/يونيه 1967 وعاصمتها القدس الشريف، والتعامل بإيجابية مع الطلب المقدم إلى مجلس الأمن لقبول عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة ودعوة إسرائيل إلى إنهاء الاحتلال وفك الحصار عن قطاع غزة وإزالة المستوطنات والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين. إن أي تخلف عن هذا الإجراء سوف يشكل تخليا عن المسؤولية الأخلاقية لمجلس الأمن والمجتمع الدولي.
لقد تقدم بلدي إلى المجتمع الدولي بمبادرة سلام شاملة تهدف إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بجميع جوانبه بما في ذلك إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان العربي السوري المحتل والأراضي اللبنانية وإقامة الدولة الفلسطينية، تلك المبادرة التي تبنتها الدول العربية جمعاء، وإن من المؤلم أن تستمر إسرائيل في تجاهلها لهذه المبادرة ظانة أنها يمكن أن تظل مطروحة إلى الأبد. إن سياسة الاستيطان الإسرائيلية تنسف مفهوم حل الدولتين وبالتالي فإنها تقوض الأسس والمبادئ التي تستند عليها المبادرة العربية.
تشعر المملكة العربية السعودية بالألم العميق بما يواجهه الشعب العربي السوري الشقيق من مآس وآلام. وندعو السلطات السورية إلى التوقف عن مجابهة التطلعات المشروعة لمواطنيها بالعنف والرصاص، ونأمل أن تستجيب الحكومة السورية لنداء العقل والحكمة وتلتزم ببنود المبادرة التي تقدمت بها جامعة الدول العربية لإيجاد حل سياسي متوازن يحقق للشعب السوري تطلعاته ويحافظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها ويوقف حلقة العنف فيها ويُجنِّبها التدخل الأجنبي في شؤونها. لقد قرر بلدي سحب مراقبيه من بعثة المراقبين العرب في سوريا لأننا لم نشعر بجدية السلطات السورية في الاستجابة للمبادرة العربية، ولأننا نربأ بأنفسنا أن نكون شهودا وأعوانا على ممارسات القتل والاضطهاد التي يتعرض لها الشعب السوري العظيم. كما نرى أن الوقت قد حان لكي يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه سوريا، وأن يبادر مجلس الأمن إلى اتخاذ القرارات اللازمة بتأييد المبادرة العربية وتبني بنودها الأمنية والاقتصادية والسياسية، ودعم الجهود التي تهدف إلى الالتزام بتنفيذ جميع جوانبها.
إن بلادي تنظر بقلق إلى التهديدات الإيرانية المتعلقة بأمن الخليج العربي وسلامة ممراته المائية، وتدعو إيران إلى الامتناع عن كل ما يمكن أن يعرض أمن المنطقة إلى الخطر. وفي هذا الصدد نأمل أن تبادر إيران إلى الاستجابة لنداءات المجتمع الدولي فيما يتعلق ببرنامجها النووي وضرورة إخضاعه للرقابة الدولية حتى لا يخرج عن إطاره المشروع في الاستخدام السلمي للطاقة، كما نطالب بالعمل على أن تكون منطقة الشرق الأوسط، بدون استثناء، خالية من الأسلحة النووية وجميع أنواع أسلحة الدمار الشامل.
إن ما يحتاج إليه الشرق الأوسط الجديد هو مزيد من الرخاء وليس مزيدا من السلاح النووي، ومزيد من الإعمار وليس مزيدا من المستوطنات، ومزيد من الحريات وليس مزيدا من القتل، ومزيد من العدالة، وليس مزيدا من الظلم والقهر والاستبداد ... هذه هي آمال الشرق الأوسط وتطلعات شعوبه وهي نفسها مسؤوليتكم وواجباتكم.
السيد شلقم (ليبيا): في البداية، أود أن أعرب لكم، سيدي الرئيس ، باسم المجموعة العربية في الأمم المتحدة عن شكرنا لكم لتنظيمكم هذا الاجتماع حول الشرق الأوسط، وأعرب أيضا باسم المجموعة العربية، التي أتشرف برئاستها هذا الشهر، عن شكرنا وتقديرنا لجميع أعضاء مجلس الأمن الموقر على حرصهم الدائم على متابعة التطورات بمنطقة الشرق الأوسط وخاصة، قضية الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي لأرضه.
لم تعد معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي بحاجة إلى حديث أو شرح، فوسائل الإعلام العالمية، تنقل بلا توقف بالصوت والصورة والأرقام، والوقائع، ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون، من قمع للمواطنين الفلسطينيين العزل، ومصادرة أراضيهم، وتشتيت عائلاتهم، وإقامة المستوطنات. ولا يتوقف المستوطنون الإسرائيليون عن الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين جسديا.
لن أسهب في الحديث عن عدد المستوطنات، وعدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، والعنف المتزايد من المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، فمنذ أيام تحدثت أمام هذا المجلس السيدة فاليري آموس، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية، وعرضت التفاصيل المطولة عن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي على أرض الضفة الغربية.
تؤكد تلك الحقائق وبالأرقام أن إسرائيل لا تريد السلام، وأن حديثها عن المفاوضات مجرد تضييع للوقت حتى تواصل قضم الأراضي الفلسطينية، إلى أن تأتي عليها كلها، وتطرد الفلسطينيين إلى خارج الضفة وتضم الضفة إلى الدولة الإسرائيلية.
إن سياسة الاستيطان الإسرائيلي خطة ممنهجة لتحقيق هدف ”الدولة اليهودية“ على كامل التراب الفلسطيني، لكن السؤال الذي لا بد من طرحه في هذا المقام هو: ألا يرى مجلس الأمن ما يجري على الأرض من استيلاء المستوطنين على الأراضي وقيود على المواطنين الفلسطينيين، وتضييق على أعضاء السلطة الفلسطينية بمن فيهم الرئيس محمود عباس، واعتقال عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، ألا يرى المجلس ذلك، أم أنه لا يريد أن يرى؟! أو لا يريد أن يفعل شيئا؟.
هل هناك في هذا المجلس من يوافق على ما تقوم به سلطة الاحتلال مخالفة لكل المواثيق الدولية؟
إن الصمت الآن يصل إلى حد التأييد لما تقوم به إسرائيل من جرائم علنية في الضفة الغربية، ولا بد أن يتحمل هذا المجلس مسؤوليته، وأن يتخذ إجراءات عملية وصارمة لإيقاف تلك الجرائم.
يشهد وطننا العربي ثورة تاريخية، ترسم منعطفا جوهريا في مسيرة الشعب العربي. إنها ثورة الحرية والديمقراطية، والتقدم، ضد الطغيان والتسلط.
هذه الثورة، سترد القرار إلى الشعب، بعد أن انتزع حريته بالدم. هذه الشعوب الحرة هي القادرة على إقامة السلام الحقيقي، سلام الشجعان، لأن الطغاة جبناء، ليست لهم القدرة على بناء السلام. هم يمارسون الخضوع فقط للاحتلال، ليس لهم ولاء لأوطانهم وأرضهم، يسكتون على احتلال أراضيهم. الطغاة أرانب أمام أعدائهم، أسود على شعوبهم. لكن ثورة الحرية، التي فتحت الربيع العربي ديمقراطية، ونهوضا، هي التي ستفتح أبواب التحرير، وتعبر طريق السلام. وعلى إسرائيل، حكومة وشعبا، أن تعلم أن العرب الأحرار، الذين أنهوا الطغيان، وأزالوا الطغاة، لن يقبلوا مطلقا أن يبقى أخوتهم في فلسطين يعانون ويلات الظلم والقهر والطغيان تحت الاحتلال الإسرائيلي.
على إسرائيل أن تبادر إلى انتهاج سياسة السلام، وأن تنبذ قضم الأراضي الفلسطينية، وبناء المستوطنات وتهويد القدس، وأن تتخلى عن التطرف العنصري، لأن ذلك لن يحقق لها السلام، بل يؤجج مشاعر العداوة والمواجهة.
تشهد منطقتنا تصعيدا سياسيا وعسكريا ينذر بمواجهة تلحق ضررا خطيرا بالسلام العالمي، وبالاقتصاد العالمي، في وقت تتطلع فيه البشرية إلى تجاوز الاختناقات الاقتصادية، ويشع الأمل الإنساني، إلى آفاق أرحب للتعاون، بما يجعل هذا الكوكب، كيان رفاهية وسلام، ونحن نؤمن بأن إنسان اليوم، الذي حصل على العلم، وامتلك وسائل الاتصال والتواصل، وأدرك مخاطر المواجهات والحروب والدمار، نؤمن أن هذا الإنسان قادر على حل كل المشاكل بالحوار وبالتسويات، فليس هناك منتصر في الحروب، وليس هناك مستفيد من المواجهة.
إن شعبنا العربي الذي انطلق في ربيع الحرية ربيع الحياة، يريد السلام، يريد الحرية، يريد التقدم، يؤمن بالتعايش. كل ذلك على أساس العدل واحترام الحقوق ورفض الظلم والتسلط والاحتلال.
نحن على استعداد للعمل معكم من أجل تحقيق أهداف منظمتنا الدولية، الأمم المتحدة من خلال المجلس الموقر، من أجل خدمة السلم والأمن الدوليين.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل جمهورية فنزويلا البوليفارية.
السيد فاليرو بريسينيو (جمهورية فنزويلا البوليفارية) (تكلم بالإسبانية): سيدي الرئيس ، نود أن نحييكم ونحيي بلدكم، جنوب أفريقيا، على توليكم رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر. كذلك نرحب بالأعضاء الجدد في مجلس الأمن.
منذ عام 1947، ما انفك مجلس الأمن يتخذ العديد من القرارات بشأن الحالة في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية. ومن دون استثناء، لم تمتثل حكومة إسرائيل لأي قرار من تلك القرارات. لقد ركز المتكلمون بصورة رئيسية في جلسة اليوم على عدم امتثال إسرائيل المتكرر لهذه القرارات وإفلاتها من العقاب نظير الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني، مما يشكل اليوم عقبات رئيسية في طريق السلم اللازم بشدة في الشرق الأوسط.
إن من مسؤولية المجلس رفض استمرار عدم امتثال إسرائيل للقرارات المتعلقة بالسلم والأمن في الشرق الأوسط. فقد منح ميثاق الأمم المتحدة المجلس الصلاحيات اللازمة للقيام بذلك، وتقرير ما إذا كانت تلك الدولة مستعدة أم غير مستعدة للوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الميثاق.
بما أنه يتم تأخير جهود مجلس الأمن أو كبحها للقيام بعمل ما في حالة متوترة تنطوي على ازدواجية في المعايير، أو في مناخ سبب التوتر الذي يسوده هو ازدواجية المعايير، ستظل الأمم المتحدة تواجه حالة من التناقض، أي أن تظل تضم فيما بين دولها الأعضاء دولة تزدري إلى ما لا نهاية المبادئ التي تأسست عليها الأمم المتحدة والعدالة الدولية، وتفعل ذلك بمنتهى الصفاقة، بينما في الوقت نفسه ترفض الاعتراف بدولة فلسطين التي تمتثل امتثالا تاما لجميع متطلبات الانضمام للعضوية والتي تم الاعتراف بها بالفعل من جانب الأغلبية الواسعة من الدول الأعضاء في المنظمة.
وعلينا أن نكفل إحراز تقدم حاسم نحو تحقيق حل سلمي ودائم للقضية الفلسطينية. إن إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني شرط لا غنى عنه كذلك لا بد من منع التطهير العرقي الذي يستهدف اقتلاع ذلك الشعب من أرض أجداده. لذلك نؤيد دعوة حركة عدم الانحياز إلى العمل من دون تأخير على عقد مؤتمر الأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية جنيف الرابعة لضمان احترام الاتفاقية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
وندين أعمال الحكومة الإسرائيلية الرامية إلى منع تشكيل حكومة وحدة فلسطينية، وخاصة اعتقال السيد عزيز الدويك، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني من دون توجيه أي تهمة له. ونطالب إسرائيل بإطلاق سراحه فورا مع العدد الكبير من السجناء السياسيين الفلسطينيين المعتقلين حاليا في السجون الإسرائيلية.
إن الاستقرار في سوريا أمر أساسي للسلام في الشرق الأوسط. ونرحب بمساعي حكومة الرئيس بشار الأسد من أجل الحفاظ على الوحدة وسلامة واستقرار بلده وإيجاد حل سلمي وسياسي وشامل. وفي ذلك السياق، ندين جميع الأعمال الإرهابية والأعمال المناهضة للديمقراطية التي ترمي إلى عرقلة برنامج الإصلاحات برعاية الحكومة السورية وبتأييد كبير من الشعب، وهو برنامج يمضي قدما في ذلك البلد العربي. إن التطلعات التي انتظرها لزمن طويل شعب كريم لا بد من توجيهها من خلال الحوار السياسي والوسائل السلمية. ونأسف للتلاعب بالمطالب المشروعة للشعب أدى إلى الفوضى وبث الرعب من أجل فرض نظام مصمم لكي يرضي المصالح الإمبريالية والصهيونية.
إن ازدواجية المعايير لدى دول معينة تجردها من الأهلية تماما للحكم بأي شكل من الأشكال على الحالة في سوريا. وندين بشدة الذين يروجون للجزاءات التطفلية ويسعون إلى تكرار الممارسات العسكرية والسياسية الشاذة التي ارتكبت بحق ليبيا.
أجندة الحوار والسلام هي التي لا بد من أن تسود وليس أجندة إشعال الحروب والتدخل التي تريد الدول الاستعمارية فرضها بأي ثمن. ومن هنا نرحب بالنداءات التي وجهتها بلدان عديدة، بما في ذلك أعضاء مجلس الأمن، من أجل التوصل إلى حل سلمي ودستوري وشامل لمسألة سوريا.
إن القلب يُدمى عندما تهدر أي أرواح بشرية في أي مكان من العالم. إننا نتكلم عن تفادي الأسى الإنساني، ولا بد من التغلب على الاختلافات السياسية أو الثقافية أو الدينية عن طريق الحوار والتفاهم.
إن الذين يروجون للأعمال الانفرادية التطفلية ضد سوريا حكومة وشعبا إنما ينتهكون القانون الدولي ويزدرون المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة.
أما المعلومات القيمة التي قدمها ممثل الحكومة السورية إلى مجلس الأمن فلا بد من استخدامها على نحو بنَّاء. والعديد من التدابير التي اتخذتها الحكومة السورية ذات السيادة، واستعدادها للأخذ في الحسبان والتوصيات الإيجابية للجامعة العربية، إنما تدل على روح الحوار والإرادة السياسية التي تهتدي بها سلطات ذلك البلد.
ونشدد على أن احترام سيادة الدول وعدم التدخل وتسوية المنازعات بالطرق السلمية مبادئ أساسية للقانون الدولي وشروط ضرورية لصون السلام والأمن الدوليين.
وتستغل الحكومة الإسرائيلية الظروف الحالية في الشرق الأوسط لإدامة احتلالها للجولان السوري ومواصلة فظائعها ضد الشعب الفلسطيني. ولذلك نؤكد مجددا على تأييدنا لتنفيذ القرار 497 (1981) الصادر في 17 كانون الأول/ديسمبر 1981. ونشير إلى أن ذلك القرار يؤكد مجددا على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة ويعلن أن قرار إسرائيل فرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل لاغ وباطل وليس له أثر قانوني دولي.
ونجدد دعوة دولة إسرائيل إلى احترام سيادة لبنان وإلى تجنب المزيد من الصراعات، مثل الصراع الذي نشب في تموز/يوليه 2006. ولا يمكن التوصل إلى حلول بناءة إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، على النحو الوارد في القرار 1701 (2006).
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أعطي الكلمة الآن لممثل بنن.
السيد زنسو (بنن) (تكلم بالإنكليزية): بادئ ذي بدء، أود، سيدي، بالنيابة عن المجموعة الأفريقية أن أهنئ جنوب أفريقيا على توليها رئاسة مجلس الأمن وعلى قيادتها الحكيمة للمجلس. كما أود أن أشيد بوجود نائب وزير العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا، الذي يتولى رئاسة هذه الجلسة الهامة التي تعقد اليوم. وتود المجموعة الأفريقية أيضا أن تعرب عن تقديرها للاتحاد الروسي على قيادته المحنكة للمجلس خلال شهر كانون الأول/ديسمبر. وفضلا عن ذلك، تعرب المجموعة الأفريقية عن تهانيها الحارة لأعضاء مجلس الأمن الجدد وتعرب عن تقديرها للأعضاء الذين انتهت فترة ولايتهم في كانون الأول/ديسمبر.
ولا تزال المجموعة الأفريقية تشعر بالقلق العميق من الحالة الخطيرة السائدة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، من جراء استمرار وتصعيد السياسات والممارسات الإسرائيلية غير القانونية. وقد أسهمت إجراءات إسرائيل غير المشروعة وممارساتها غير القانونية في تدهور الحالة الإنسانية وفي التدهور الاقتصادي في الأرض الفلسطينية المحتلة. وفي هذا الصدد، تدعو المجموعة الأفريقية إلى إنهاء جميع تلك الممارسات والسياسات غير القانونية، وإلى الرفع الفوري والكامل للحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وتشعر المجموعة الأفريقية بالقلق على وجه الخصوص من استمرار بناء وتوسيع المستوطنات غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. وتؤكد المجموعة الأفريقية مجددا على أن جميع أنشطة الاستيطان الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي ولجدوى الحل المتفق عليه دوليا القائم على وجود دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن.
وتناشد المجموعة الأفريقية المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، العمل متحدا على حمل إسرائيل على الوقف الفوري لبناء المستوطنات وتوسيعها وعلى التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وذلك أمر حتمي لإنقاذ آفاق تحقيق الحل القائم على وجود دولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967.
وتشعر المجموعة الأفريقية بالأسف من عدم إحراز تقدم في عملية السلام وتدعو إلى استئناف محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهي تؤكد مجددا على تأييدها للتوصل إلى حل سلمي للصراع العربي - الإسرائيلي على أساس مبادئ القانون الدولي وجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مع التركيز على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في اطار حدود 4 حزيران/يونيه 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وحان الوقت ليتصرف المجتمع الدولي بشكل حاسم، مسترشدا بقواعد ومبادئ القانون الدولي والعدالة، لوضع حد نهائي للاحتلال الإسرائيلي. وآن الأوان لتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والحرية. وحان الوقت لتسوية جميع مسائل الوضع النهائي الأخرى وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
(تكلم بالفرنسية)
وبعد الإدلاء ببيان المجموعة، أود أن أوضح بعض النقاط بصفتي الوطنية. في البداية، أود أن أقول إن التاريخ يعلمنا أن أكبر التهديدات للسلام والأمن الدوليين يتأتى من الأشخاص الذين أصيبوا بالإحباط لفترة طويلة. والقضية الفلسطينية تجعل المجتمع العربي مجتمعا محبطا. وتعتقد بنن اعتقادا جازما أن لدى الأمم المتحدة، مع الديناميكية التي تتسم بها في الوقت الحاضر - وبنن تقدرها تقديرا كبيرا - الموارد اللازمة لإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وأن عليها ألا تتنصل من مسؤوليتها التاريخية عن القيام بذلك العمل.
لقد أيدت بنن دائما ولا تزال تؤيد إنشاء دولة فلسطينية حرة ومستقلة تتعايش في سلام مع إسرائيل. وتعرب بنن عن دعمها الثابت للحل القائم على وجود دولتين وتناشد مجلس الأمن تيسير التنفيذ الفوري لذلك الحل بغية التخفيف من المعاناة المضاعفة التي تتسم بها الحياة اليومية للشعب الفلسطيني.
ونؤمن بفضائل الوساطة وبفضائل اتخاذ ذلك الخيار باعتباره وسيلة لتسوية النزاعات في العالم المعاصر.
لذلك، نحث المجموعة الرباعية على تكثيف جهودها لكي يعود الطرفان إلى الحوار بسرعة من أجل إيجاد حل دائم لهذه الحالة التي طالت أكثر من اللازم بكثير.
وينبغي أن يترافق مع إيجاد تسوية للحالة الفلسطينية تسوية جميع القضايا العالقة في الشرق الأوسط، بما في ذلك إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية واحترام حقوق الإنسان وتعزيز المساواة بين الجنسين في جميع بلدان المنطقة واحترام المبادئ والقيم الأساسية الواردة في ميثاق الأمم المتحدة.
السيد الرويعي (البحرين): أشكركم، سيدي الرئيس ، على عقد هذه المناقشة المفتوحة حول مسألة ظلت تشغل بال منظمتنا منذ أكثر من ستة عقود، وستظل معنا إلى أن يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة، بما فيها حقه في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما لا يفتوني أن أتوجه بالتهنئة إلى الأعضاء الجدد في المجلس وهم، المغرب وأذربيجان وباكستان وغواتيمالا وتوغو.
قبل أسابيع، احتفلنا باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وفي تلك المناسبة، كما في المناسبات السابقة، كان واضحا أن القضية الفلسطينية هي لب مشكلة الشرق الأوسط ثم كان واضحا أن مسألة سياسة الاستيطان الإسرائيلية هي أساس الجمود في العملية السلمية. وإذا كانت العملية السلمية قد دخلت طريقا مسدودا، فإن أحد الأسباب الرئيسية بل وأكثرها خطورة، لهذا الجمود هو تعنت إسرائيل في تنفيذ سياستها الاستيطانية المستمرة والتي أدت إلى الإحباط الذي أصاب الفلسطينيين بقيادة السلطة الفلسطينية ومعهم اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف. واستمرار رفض إسرائيل تنفيذ التزاماتها الدولية بموجب القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة وخريطة الطريق ومرجعية مدريد وغيرها من قرارات الشرعية الدولية يشكل خرقا صارخا لمبادئ القانون الدولي، الأمر الذي سيؤدي لا محالة إلى مواجهات وعنف وتوتر مستمر في المنطقة بأسرها.
لقد استعرض المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، في دورته الثانية والثلاثين في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، مستجدات القضية الفلسطينية وأكد أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود 4 حزيران/يونيه 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وأدان الأنشطة الاستيطانية وأكد أن القدس الشرقية خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه، معربا عن تأييده ودعمه لطلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، باعتباره انتصارا للحق والعدالة والشرعية الدولية وتعزيزا لفرص نجاح المفاوضات.
أمام مجلس الأمن اليوم فرصة تاريخية لحل القضية الفلسطينية من خلال رؤية حل الدولتين، وذلك عن طريق تحقيق آمال الشعب الفلسطيني وقيادته، ممثلة في السلطة الفلسطينية، بقبول دولة للفلسطينيين من خلال العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ضمن حدود 4 حزيران/ يونيه عام 1967. ولا ريب في أن الخطوة الرائدة التي اتخذتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بقبولها فلسطين عضوا كامل العضوية تشكل مرحلة هامة في الطريق إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني.
وأود أن أكرر هنا الموقف الذي أعرب عنه بكل وضوح حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، في كلمته أمام الجمعية العامة في 22 أيلول/سبتمبر 2011 (انظر A/66/PV.15) حيث ناشد جلالته المجتمع الدولي انتهاز الفرصة المواتية لإنصاف الشعب الفلسطيني الشقيق وتحقيق تطلعاته المشروعة بالاعتراف بدولته المستلقة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية وذلك لإنهاء حقبة مريرة من الصراع العربي الإسرائيلي الذي يتطلب انسحابا إسرائيليا كاملا من جميع الأراضي العربية المحتلة إلى خطوط 4 حزيران/يونيه 1967 في فلسطين والجولان العربي السوري المحتل والأراضي المحتلة في جنوب لبنان، وذلك وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة
السلام العربية. ذلك هو موقف البحرين الثابت والراسخ من مسألة السلام في الشرق الأوسط.
وفي الختام، تناشد مملكة البحرين مجددا مجلس الأمن تكثيف جهوده الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط، بالاستناد إلى قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة ووضع حد للاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة ومتصلة الأجزاء، تعيش في سلام جنبا إلى جنب مع إسرائيل.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): لا يوجد متكلمون آخرون في قائمتي. بذلك يكون مجلس الأمن قد اختتم هذه المرحلة من نظره في البند المدرج في جدول أعماله.
رفعت الجلسة الساعة18:30 .