ما يعنيه إطلاق "ساعة الصفر قبل أيام من تطبيق خطة كوفي عنان هو "عبث سياسي" بكل المقاييس، فالمعلومات الأولية تحدثت عن قبول أطراف المعارضة المسلحة بالخطة، لكنها في نفس الوقت تحدثت عن "ساعة الصفر" ووفق بيانات من رياض الأسعد وكمال اللبواني في مؤشر لعدم إدراك أي معنى سياسي لخطة كوفي عنان.

بالتأكيد فإن المهم ليس إطلاق "ساعة الصفر" بل نوعية التفكير التي دفعتهم لهذا الموضوع، في ظل ظرف سياسي يُراهن على ما يقوم به كوفي عنان بشأن الأزمة السورية، فهذه الدعوة ظهرت على يوتوب، وهي بالتالي لا تملك صفة رسمية يمكن الاعتماد عليها وجاءت أيضا وفق حالة من عدم التنسيق بين الأطراف، فالمسألة باكملها تحمل مسألتين: الأولى مرتبطة بالآليات السياسية التي تتبعها بعض أطراف المعارضة، حيث لا تنظر إلى الأزمة السورية بكليتها، محاولة اجتزاء الموقع الذي تطمح الوصول إليه، بينما تبدو الأزمة أكثر تعقيدا وتشابكا من "الحلول الداخلية" فقط، فلا التظاهر ولا "التمرد المسلح" يمكن أن يحسم الموضوع باتجاه "الطرف" الداعي لـ"إسقاط النظام".

فالمعارضة عموما، رغم تنسيقها مع جهات إقليمية واعتمادها على الضغوط الدولية، تريد قراءة الأمر خارج أي انعكاس إقليمي أو دولي، وهي لم تطرح أي رؤية لما يمكن أن تؤول إليه الأمور نتيجة إدخال مبادرة دولية وبعثات أممية إلى سورية، فهي تكتفي فقط بالتداعيات الناتجة، ومن الصعب الرهان على نظرة للمرحلة القادمة من وجهة نظر "معارضة مسلحة" أو "ناشطين" تحولوا إلى مفاوضين في الشأن السوري.

المسألة الثانية هي التوجه الإقليمي الذي يستوعب معارضة تطلق مثل هذه التصريحات، فما يقوله رياض الأسعد لا يمكن فصله عن السياسة التركية مهما كانت نوعية تصريحات أنقرة بشأن خطة كوفي عنان، فما يقدمه عنان حتى اللحظة هي خطوات لا تخلق توازن بل تسعى لخفض التوتر ولإيجاس "عملية" يمكن أن تخلق نوعا من التداخل السياسي للأطراف الإقليمية مع أي حوار قادم.

ربما يكون العنف سجل تصاعدا في الأيام الأخيرة، لكن الموضوع لا يتعلق برسم خطوط بيانية وإلقاء المسؤولية على طرف دون آخر، لأن القضية حتى اللحظة هي في خطة عنان التي تحمل راهانات مختلفة للأطراف الإقليمية تنعكس مباشرة على المعارضة وعلى تحرك دمشق تجاه الخطوات التي تضمنتها خطة عنان، فالتوازن الإقليمي مازال بعيدا، والصراع ربما يشهد فصولا مختلفة من انخفاض أو ارتفاع التوتر وذلك وفقا لرؤية كل جانب لمسار خطة عنان، وتحسين الشروط لمراحل ما قبل الحوار.