الرئيس: أسعدتم مساء جميعا. تفضلوا بالجلوس
إنه لشرف عظيم لي أن أعود إلى جامعة الدفاع الوطني. لقد خدم هنا، في فورت ماكنير، الأميركيون منتسبو أبناء القوات المسلحة منذ 1791 – حيث كانوا عينا ساهرة على حراسة الثورة منذ الأيام الأولى لقيام الجمهورية، مركزين تفكيرهم وحرصهم هنا على مستقبل الحرب في القرن الحادي والعشرين.
فعلى مدى قرنين من الزمن، ارتبطت الولايات المتحدة ارتباطا وثيقا بالوثائق التأسيسية التي تحدد هويتنا كأميركيين، وتشكل بوصلة ترشدنا في كل تغيير نقوم به. ومسائل الحرب والسلام لا تختلف. فالأميركيون تساورهم شكوك عميقة حيال الحرب، ولكنهم وقد خاضوا الحرب من أجل استقلالنا، فإننا نعلم أن ثمة ثمنًا ندفعه مقابل الحرية. فمن الحرب الأهلية إلى نضالنا ضد الفاشية، حتى نضال المرحلة الرمادية إبان الحرب الباردة، فإن ساحات القتال قد تغيرت وتطورت التكنولوجيا. ولكن التزامنا بالمبادئ الدستورية قد نجت وتحملت كل ويلات الحروب، وقد وضعت كل هذه الحروب أوزارها.
ومع انهيار جدار برلين، بزغ فجر جديد من الديمقراطية في الخارج، وجاءنا عقد من السلام والازدهار في الداخل. وللحظة من الزمن، كان القرن 21 يبدو وكأنه قرن يستتب فيه السلام والهدوء. ثم، في 11 سبتمبر 2001، هزنا هول الصدمة وجعلنا نفيق من غفوتنا. وأودت الأحداث بالآلاف من مواطنينا حين غيمت سحب من النيران والمعادن والرماد على ذلك الصباح المشرق الساطع بأشعة الشمس. كان ذلك نوعا مختلفا من الحرب. لم تأت الجيوش إلى شواطئنا، ولم تكن قواتنا المسلحة هي الهدف الرئيسي. ولكن بدلا من ذلك، جاءت حفنة من الإرهابيين لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين.
وهكذا دخلت أمتنا ساحة الحرب. ومر علينا الآن ونحن في حالة حرب أكثر من عقد من الزمن. ولن أخوض في التاريخ بالكامل. وما هو واضح هو أننا طردنا تنظيم القاعدة من أفغانستان، ولكن بعد ذلك تحول تركيزنا وشننا حربا جديدة في العراق. وقد ترتب على ذلك عواقب وخيمة بالنسبة لحربنا ضد القاعدة، ومكانتنا في العالم، ومصالحنا في هذه المنطقة الحيوية- حتى يومنا هذا.
وفي هذه الأثناء، قمنا بتعزيز دفاعاتنا – وتقوية أهدافنا، وتشديد أمن وسائل النقل لدينا، مما أتاح لعناصر فرض تطبيق القانون أدوات جديدة لمنع الإرهاب. وكانت معظم هذه التغييرات سليمة. وبعضها تسبب في الإزعاج. لكن بعضها، مثل أن توسيع نطاق المراقبة، أثار تساؤلات صعبة بشأن التوازن الذي ننشده بين حرصنا على حفظ الأمن وقيمنا المتعلقة بالخصوصية. وفي بعض الحالات، أعتقد أننا تنازلنا عن بعض القيم الأساسية لدينا - باستخدام التعذيب لاستجواب أعدائنا، واحتجاز الأفراد بطريقة تتنافى مع سيادة القانون.
ولذلك فإنني بعد أن توليت مقاليد منصبي، كثفنا الحرب ضد القاعدة ولكن سعينا أيضا إلى تغيير مسارها. إذ استهدفنا بلا هوادة قادة تنظيم القاعدة. وأنهينا الحرب في العراق، وجلبنا ما يقرب من 150 ألف جندي إلى أرض الوطن. وعكفنا على اتباع استراتيجية جديدة في أفغانستان، ورفعنا مستوى تدريب القوات الأفغانية. وحظرنا بشكل قاطع التعذيب، وأكدنا التزامنا نحو المحاكم المدنية، وعملنا على مواءمة سياساتنا مع سيادة القانون، وتوسيع مشاوراتنا مع الكونغرس.
واليوم، مات أسامة بن لادن، وكذلك معظم كبار معاونيه. ولم تتعرض الولايات المتحدة لأية هجمات واسعة النطاق، ووطننا اليوم أكثر أمنا. وبات تعداد أفراد قواتنا المسلحة المعرضين للأذى أقل من ذي قبل، وعلى مدى الأشهر الـ19 القادمة سوف يواصلون عودتهم إلى أرض الوطن. تحالفاتنا أصبحت قوية، وكذلك مكانتنا في العالم. وخلاصة القول، إننا أصبحنا أكثر أمنا بفضل الجهود التي نبذلها.
ومع ذلك، يجب ألا يخطئن أحد، إن دولتنا لا تزال معرضة لخطر الإرهابيين. فمن بنغازي إلى بوسطن، تم تذكيرنا بشكل مأساوي بهذه الحقيقة. ولكنه يتعين علينا أن ندرك أن التهديد قد تحول وتطور عن ذلك الذي قدم إلى شواطئنا في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. والآن مع وجود عشر سنوات من الخبرة التي يمكن الاستفادة منها، فقد حانت اللحظة التي يمكن أن نسأل أنفسنا فيها الأسئلة الصعبة - حول طبيعة التهديدات الحالية وكيف يتسنى لنا مجابهتها.
إن هذه الأسئلة تهم كل أميركي.
إذ إن دولتنا أنفقت، على مدى العقد المنصرم، ما يزيد على 1 تريليون دولار على الحرب، مما ساعد على تفاقم مستوى العجز لدينا وتقييد قدرتنا على بناء الأمة هنا في الداخل. فقد ضحى منتسبو قواتنا المسلحة وأسرهم بما هو أكثر بكثير نيابة عنا. فقد قدم حوالي 7 آلاف أميركي التضحية النهائية بالنفس. وقدم العديد منهم أجزاءً من أجسادهم في ساحة المعركة، أو جلب معه شبح المعركة إلى الوطن. وابتداءً من استخدامنا للطائرات بدون طيار إلى احتجاز المشتبه بأنهم إرهابيون، سوف تحدد القرارات التي نتخذها الآن نوع الأمة - والعالم - اللذين نخلفهما لأطفالنا.
وهكذا فإن أميركا على مفترق طرق. إذ يجب علينا تحديد طبيعة ونطاق هذا الصراع، وإلا فإنه هو الذي سوف يحددنا. علينا أن نراعي ونعي تحذير الرئيس جيمس ماديسون حين قال: "إنه ما من أمة تستطيع الحفاظ على حريتها في خضم حرب مستمرة." لا أنا، ولا أي رئيس غيري، نستطيع أن نعد بإلحاق الهزيمة الكاملة بالإرهاب. لن نستطيع أبدًا محو الشر الذي يكمن في قلوب بعض البشر، أو القضاء على كل خطر يحيق بمجتمعنا المنفتح. ولكن ما يمكن أن نفعله -وما يجب أن نفعله-هو تفكيك الشبكات التي تشكل خطرا مباشرا علينا، نجعل من العسير على المجموعات الجديدة أن تتخذ لها موطئ قدم، مع الحفاظ على الحريات والمثل العليا التي ندافع عنها. وحتى يتسنى تحديد تلك الاستراتيجية، يتعين علينا اتخاذ قرارات لا تستند إلى الخوف، إنما على الحكمة التي كسبناها بشق الأنفس. وذلك يبدأ بفهم التهديد الحالي الذي نواجهه.
اليوم، باتت العناصر الرئيسية لتنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان في طريقها إلى الهزيمة. أما ما تبقى من عملاء التنظيم فهم يقضون جل وقتهم في التفكير حول سلامتهم الشخصية بدلا من التفكير في التآمر ضدنا. إنهم لم يدبروا لا الهجمات التي وقعت في بنغازي ولا التفجيرات التي حدثت في بوسطن. ولم يتمكنوا حتى الآن من تنفيذ أي هجوم ناجح على وطننا منذ الحادي عشر من أيلول/سبتمبر.وبدلا من ذلك، فما نراه هو ظهور فروع مختلفة تابعة لتنظيم القاعدة. من اليمن إلى العراق، ومن الصومال إلى شمال أفريقيا، وباتت التهديدات اليوم أكثر انتشارا، حيث تعتبر العناصر التابعة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الأكثر نشاطا في التآمر ضد وطننا. وفي حين أن أيا من جهود تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لم يكن قريبا من مستوى هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، إلا أنهم ما فتئوا يدبرون لشن أعمال إرهابية، مثل محاولة تفجير طائرة يوم عيد الميلاد المجيد في 2009.
وقد أتاحت الاضطرابات التي اندلعت في العالم العربي لمتطرفين أيضا أن يتخذوا لهم موطئ قدم في دول مثل ليبيا وسوريا. ولكنه يوجد هنا أيضا فرق بينها وبين الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. ففي بعض الحالات، إننا لا نزال نواجه شبكات ترعاها الدول أمثال حزب الله الذي يتورط في أعمال إرهابية لتحقيق أهداف سياسية. والبعض من هذه المجموعات هي مجرد مجموعات من الميليشيات المحلية أو المتطرفة مهتمة بالاستيلاء على الأراضي. وفي الوقت الذي نظل فيه حذرين وعلى يقظة لأي دلائل تشير إلى أن هذه المجموعات قد تشكل تهديدات عابرة للحدود الوطنية، حيث إن عملياتها تتركز في الغالب في البلدان والمناطق التي تعمل فيها. وهذا يعني أننا سوف نواجه تهديدات أكثر محلية مثل ما رأيناه في بنغازي، أو في المنشأة النفطية التابعة لشركة البترول البريطانية في الجزائر، حيث تقوم عناصر محلية – ربما يكون لها ارتباط غير دقيق مع الشبكات الإقليمية - بشن هجمات دورية ضد الدبلوماسيين الغربيين، والشركات الغربية، و الأهداف السهلة الأخرى، أو اللجوء إلى الاختطاف والأعمال الإجرامية الأخرى لتمويل عملياتها.
وأخيرا، فإننا نواجه تهديدا حقيقيا من الأفراد المتطرفين هنا في الولايات المتحدة. سواء أكان ذلك من أطلق النار على معبد للسيخ في ولاية ويسكونسن، أو طائرة تحلق صوب مبنى في ولاية تكساس، أو المتطرفين الذين قتلوا 168 شخصا في المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي، لقد واجهت أميركا العديد من أشكال التطرف العنيف في تاريخنا. إذ إن بإمكان بعض الأفراد المختلين عقليًا أو المغتربين عن الحالة السوية-وغالباً ما يكونون من مواطني الولايات المتحدة أو المقيمين فيها بصفة قانونية- أن يتسببوا في إلحاق أضرار بالغة، ولا سيما عندما تكون أفعالهم مستوحاة من مفاهيم أكبر للجهاد العنيف. وهذا الانجذاب نحو التطرف يبدو أنه هو الذي أدى إلى إطلاق النار في قاعدة فورت هود والتفجيرين في ماراثون بوسطن.
إذن، هذا هو الخطر المحدق في الوقت الراهن— العناصر الفتاكة المنتسبة للقاعدة وإن تكن أقل قدرة من ذي قبل؛ التهديدات التي تواجه المرافق وشركات الأعمال في الخارج؛ والمتطرفون من داخل البلاد. هذا هو مستقبل الإرهاب. وعلينا أن نأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، وأن نبذل كل ما في وسعنا لمجابهتها. ولكن، وفيما نصوغ ردنا، ينبغي علينا أن ندرك أن مستوى هذا الخطر يشبه إلى حد كبير أنماط الهجمات التي واجهناها قبل 9/11.
في الثمانينيات من القرن المنصرم، فقدنا أرواحًا أميركية فريسة للإرهاب في سفارتنا في بيروت، وفي ثكنات مشاة بحريتنا في لبنان، وعلى ظهر سفينة سياحية في عرض البحر، وفي ناد ليلي بمدينة برلين، وعلى متن طائرة بان أميركان-الرحلة 103- فوق لوكربي. وفي عقد التسعينيات، فقدنا أرواحًا أميركية فريسة للإرهاب في مركز التجارة العالمي، وفي منشآتنا العسكرية في المملكة العربية السعودية، وفي سفارتنا في كينيا. كل تلك الهجمات كانت غاشمة، وكانت فتاكة؛ وقد تعلمنا أن هذه التهديدات قد تتفاقم إذا تركت دون رادع. ولكن إذا تصدينا لها بذكاء وبما يتناسب معها، فليس من المرجح أن تتصاعد هذه الهجمات إلى المستوى الذي شهدناه عشية 9/11.
أضف إلى ذلك أن علينا أن نقر بأن هذه التهديدات لا تنشأ من فراغ. فمعظم، إن لم يكن جميع الحوادث الإرهابية التي نواجهها تتغذى من أيديولوجية مشتركة — إيمان بعض المتطرفين بأن الإسلام يخوض نزاعًا مع الولايات المتحدة والغرب، وأن ثمة ما يبرر العنف ضد أهداف غربية، من جملتها المدنيون، سعيًا لتحقيق قضية أكبر. ومن نافلة القول أن هذه الإيديولوجية تقوم على كذبة. فالولايات المتحدة لا تخوض حربًا ضد الإسلام. ناهيك عن أن الأغلبية الساحقة من المسلمين ترفض هذه الأيديولوجية، وهي أكثر ضحايا الهجمات الإرهابية.
ومع ذلك، فهذه الإيديولوجية مستمرة؛ ولا يسعنا في عصر تنتقل فيه الأفكار والصور حول العالم في لحظة خاطفة أن نعول على القوة العسكرية وحدها أو تنفيذ القانون بمفرده. فنحن نحتاج إلى جميع عناصر القوة الوطنية لكسب معركة الإرادة ومعركة الأفكار. وبالتالي فإن ما أود مناقشته اليوم هو عناصر استراتيجية شاملة من هذا القبيل لمكافحة الإرهاب.
أولاً، ينبغي علينا أن نستكمل مهمة دحر القاعدة والقوى المنتسبة لها.
في أفغانستان، سوف نستكمل عملية تسلم الأفغان المسؤولية عن أمن بلادهم. وستعود قواتنا إلى أرض الوطن فيما تنتهي مهمتنا القتالية. وسوف نعمل مع الحكومة الأفغانية على تدريب قوات الأمن والمحافظة على قوة لمكافحة الإرهاب تضمن عدم قدرة القاعدة إطلاقًا على إنشاء ملاذ آمن لها مرة أخرى أو شن هجمات ضدنا وضد حلفائنا.
وبعد أفغانستان، يجب أن نحدد جهدنا ليس "كحرب عالمية على الإرهاب" بغير حدود، بل كسلسلة من الجهود الهادفة والمثابرة لتفكيك شبكات معينة من المتطرفين العنفيين الذين يهددون أميركا. وفي حالات عديدة، سيشمل ذلك قيام شراكات مع دول أخرى. إن آلافًا من الجنود الباكستانيين قد ضحوا بأرواحهم في محاربة المتطرفين. وفي اليمن، نحن ندعم قوات الأمن التي استردت مساحات من الأراضي من قبضة "القاعدة في الجزيرة العربية". وفي الصومال، ساعدنا ائتلافًا من الدول الأفريقية على إخراج حركة الشباب من معاقلها. وفي مالي، نقدم العون العسكري إلى تدخل يقوده الفرنسيون لدحر "القاعدة في بلاد المغرب العربي" ونساعد شعب مالي على استرداد مستقبله.
إن الشطر الأكبر من أفضل جوانب تعاوننا في مكافحة الإرهاب يتمخض عن جمع ومشاطرة المعلومات الاستخباراتية واعتقال ومقاضاة الإرهابيين. بهذه الطريقة، اعتقل إرهابي صومالي بمحاذاة سواحل اليمن، وهو يقبع الآن في السجن في مدينة نيويورك. وبهذه الطريقة، عملنا مع حلفائنا الأوروبيين لتعطيل دسائس ومؤامرات من الدانمرك إلى ألمانيا والمملكة المتحدة. وبهذه الطريقة، ساعدتنا المعلومات الاستخباراتية التي جمعناها بالتضافر مع المملكة العربية السعودية على الحيلولة دون تفجير طائرة شحن فوق المحيط الأطلسي. هذه هي الشراكات الناجعة.
ومع ذلك، ورغم تفضيلنا الشديد لاحتجاز الإرهابيين ومقاضاتهم، فإن هذا النهج لا يجدي نفعًا في بعض الأحيان. ذلك أن القاعدة والمنتسبين لها يحاولون اتخاذ موطئ قدم لهم في بعض من أوعر وأنأى الأماكن على وجه الأرض. فهم يلوذون في المناطق القبلية النائية، ويختبؤون في المغاور والكهوف والمجمّعات المسورة. إنهم يتدربون في الصحارى الخالية والجبال الوعرة.
في عدد من هذه الأماكن— مثل بعض مناطق الصومال واليمن — تظل سلطة الدولة واهنة للغاية. وفي حالات أخرى، تفتقر الدولة إلى القدرة أو الإرادة لحسم الأمور. وليس من الممكن أيضًا أن تنشر أميركا بكل بساطة فريقًا من القوات الخاصة للقبض على كل إرهابي. وحتى لو كان مثل هذا النهج ممكنًا، فإن هناك أماكن تتعرض فيها قواتنا والأهالي المدنيون لمخاطر جسيمة — أماكن يتعذر فيها اقتحام مجمّع إرهابي بغير اندلاع معركة مع مجتمعات قبلية محيطة ممن لا يشكلون خطرًا علينا. وهناك أيضًا ظروف قد يسفر فيها إرسال قوات أميركية إلى البر عن إشعال أزمة دولية كبرى.
وبعبارة أخرى، فإن العملية التي قمنا بها في باكستان ضد أسامه بن لادن ليست هي المعيار المحتذى. لقد كانت المخاطر في تلك العملية جسيمة جدًا. ومع أننا كنا نفضل القبض عليه حيًا، فإن احتمال حدوث ذلك كان احتمالاً بعيدًا نظرًا للحقيقة المؤكدة وهي أن رجالنا كانوا سيواجهون مقاومة مسلحة. وحقيقة أننا لم نتورط بإصابات مدنية أو بمعركة مطولة هي شهادة قيمة على التخطيط الدقيق لأفراد قواتنا الخاصة ومهاراتهم المحترفة، مشفوعة بقدر من حسن الحظ. ناهيك عن أن العملية كانت مدعومة ببنية تحتية هائلة في أفغانستان.
وحتى مع كل ذلك، كانت التكلفة التي أحاقت بعلاقتنا مع باكستان — وردود الفعل السلبية بين أوساط الجمهور الباكستاني بسبب التعدي على حرمة أراضيهم — من الشدة والجسامة إلى درجة أننا بدأنا الآن في إعادة بناء هذه الشراكة المهمة.
إذن في هذا السياق تعكف الولايات المتحدة على اتخاذ إجراءات هادفة وفتاكة ضد القاعدة والقوى المنتسبة إليها، بما في ذلك استخدام طائرات تتم قيادتها والتحكم فيها عن بعد والتي أصبحت تعرف باسم طائرات بدون طيار.
وكما هو الحال في النزاعات المسلحة السابقة، تثير هذه التكنولوجيا الجديدة تساؤلات عويصة — بشأن من هو المستهدف ولماذا، وبشأن الإصابات المدنية وخطر توليد أعداء جدد، وشرعية مثل هذه الغارات بموجب القانون الأميركي والدولي، وبشأن المحاسبة والجانب الأخلاقي. واسمحوا لي أن أجيب على هذه التساؤلات.
أولاً، إن إجراءاتنا هذه فعالة. وليس عليكم أن تكتفوا برأيي. لقد تبين لنا من المعلومات الاستخباراتية التي جمعناها من مجمّع بن لادن أنه كتب يقول: "إننا قد نخسر الاحتياطي بفعل الضربات الجوية للعدو. فليس بوسعنا أن نحارب الغارات الجوية بالمتفجرات". وتؤكد على ذلك أيضًا اتصالات أخرى بعثت بها عناصر التنفيذ الميداني للقاعدة. ذلك أن هذه الغارات قضت على عشرات من قادة القاعدة والمدربين وصانعي القنابل والعبوات الناسفة وعناصر التنفيذ الميداني من ذوي المهارات العالية، وشطبتهم من ساحات المعارك. كما أن مؤامرات تم تعطيلها وكانت تستهدف الطيران الدولي وأنظمة الترانزيت الأميركية ومدنًا أوروبية، فضلاً عن قواتنا في أفغانستان. وببساطة، هذه الغارات الجوية أنقذت أرواحًا.
أضف إلى ذلك أن إجراءات أميركا قانونية. لقد هوجمنا يوم 9/11. وفي غضون أسبوع، أجاز الكونغرس بأغلبية ساحقة استخدام القوة. إن الولايات المتحدة بموجب القوانين المحلية والدولية تخوض حربًا ضد القاعدة وطالبان والقوى المنتسبة إليهما. إننا نخوض حربًا ضد منظمة تسعى في الوقت الحاضر إلى قتل أكبر عدد تستطيعه من الأميركيين إذا لم نكبحها. إذن هذه حرب عادلة — حرب نخوضها بصورة تتناسب مع حجمها وكملاذ أخير ودفاعًا عن النفس.
ومع ذلك، وفيما يدخل كفاحنا مرحلة جديدة، لا يمكن لدعوى أميركا المشروعة بالدفاع عن النفس أن تصبح القول الفصل. فالقول بأن تكتيكًا عسكريًا هو أمر مشروع أو حتى فعال، لا يعني أنه أمر حكيم أو أخلاقي في كل حالة. ذلك أن التقدم البشري نفسه الذي وهبنا التكنولوجيا التي تمكننا من قصف أهداف في النصف الآخر من الكرة الأرضية، يقتضي في الوقت ذاته أن نتحلى بالانضباط الذي يحد من تلك القوة — وإلا فسنغامر بإساءة استخدامها. ولهذا السبب، عملت حكومتي طيلة السنوات الأربع الماضية بكل همة ونشاط لوضع إطار يحكم استخدامنا للقوة ضد الإرهابيين. وقد أصررت على وضع خطوط مرشدة واضحة وعلى مراقبة وإشراف ومحاسبة أصبحت كلها مدونة في التوجيه السياسي الرئاسي الذي وقعته بالأمس.
وعلى ساحة الحرب الأفغانية، يجب علينا- وسوف- نواصل دعم قواتنا إلى أن تستكمل العملية الانتقالية في نهاية العام 2014. وهذا يعني أننا سنواصل شن غارات ضد أهداف القاعدة ذات الأهمية العالية، وكذلك ضد القوات التي تحتشد لمؤازرة هجمات على قوات التحالف. ولكن بحلول نهاية العام 2014 لن نبقى بحاجة لتوفير الحماية العسكرية نفسها، كما أن التقدم الذي حققناه ضد غلاة أعضاء القاعدة سيقلص الحاجة إلى شن غارات بطائرات من دون طيار.
وبالنسبة لما يتجاوز الساحة الأفغانية، إننا نستهدف فقط القاعدة والقوى المنتسبة إليها. وحتى في هذه الحالة، هناك قيود مشددة على استخدام الطائرات من دون طيار. إن أميركا لا تشن غارات جوية حينما نمتلك القدرة على القبض على الإرهابيين كأفراد؛ فنحن نفضل على الدوام احتجازهم واستجوابهم ومقاضاتهم. إن أميركا لا تشن غارات جوية حيثما نشاء، وإن تصرفاتنا محدودة بمشاورات مع الشركاء وباحترام سيادة الدول.
إن أميركا لا تشن غارات جوية لمعاقبة أفراد؛ فنحن نتصرف ضد إرهابيين يشكلون خطرًا داهمًا ومتواصلا على الشعب الأميركي، وحينما لا تكون هناك حكومات قادرة على التصدي لذلك الخطر بفعالية. وقبل الشروع في أي غارة جوية، يجب أن يكون هناك يقين تام تقريبًا بأن الغارة لن تقتل مدنيين أو تصيبهم بجراح — وهذا هو أعلى معيار يمكن أن نضعه نصب أعيننا.
والآن، فهذه النقطة الأخيرة هي نقطة حاسمة تنطوي على أهمية بالغة، لأن كثيرًا من الانتقادات المتعلقة بالغارات التي تشنها الطائرات الزنّانة المسيّرة عن بُعد - سواء كانت هذه الانتقادات هنا في الداخل أو في الخارج – يتركز، وهذا أمر مفهوم، على تقارير تفيد بسقوط ضحايا مدنيين. هناك فجوة واسعة بين تقييمات الولايات المتحدة لمثل هذه الإصابات والتقارير غير الحكومية. ومع ذلك، فالحقيقة الصعبة هي أن هذه الغارات الجوية الأميركية قد أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين، وهي مخاطرة موجودة في كل حرب. وبالنسبة لأسر هؤلاء المدنيين، فلا توجد كلمات أو أطر قانونية يمكنها تبرير فقدانهم. أما بالنسبة لي، ولأولئك المنضوين تحت إمرتي، فسوف يظل مقتلهم هاجسًا يطاردنا ما دمنا أحياء، تماما كما يطاردنا هاجس الإصابات التي وقعت في صفوف المدنيين خلال الأعمال القتالية في أفغانستان والعراق.
لكن، بصفتي القائد الأعلى للقوات المسلحة، لا بد لي أن أوازن هذه المآسي المفجعة مقابل البدائل. فعدم القيام بفعل شيء في مواجهة الشبكات الإرهابية إنما هي دعوة لوقوع مزيد من الضحايا المدنيين - ليس فقط في مدننا في الداخل ومنشآتنا في الخارج، ولكن أيضًا في أماكن مثل صنعاء وكابُل ومقديشو حيث يسعى الإرهابيون إلى تأمين موطئ قدم لهم. تذكّروا أن الإرهابيين الذين نطاردهم يستهدفون المدنيين؛ وأعداد القتلى بسبب أعمالهم الإرهابية ضد المسلمين تفوق أي تقدير للضحايا المدنيين من جراء الهجمات التي تشنها الطائرات الزنّانة المسيّرة عن بُعد. لذلك فليس خيارًا ألاّ نفعل شيئًا.
وأينما لا تستطيع أو لا تقوم الحكومات الأجنبية بوقف الإرهاب في أراضيها بصورة فعالة، فإن البديل الأساسي للتدابير الاستهدافية الفتاكة سيكون استخدام الخيارات العسكرية التقليدية. وكما سبق أن قلت، حتى العمليات الخاصة الصغيرة تحمل مخاطر هائلة. لكن القوة الجوية التقليدية أو الصواريخ هي أقل دقة بكثير من الطائرات الزنّانة المسيّرة عن بُعد، ومن المحتمل أن تتسبب في سقوط المزيد من الضحايا المدنيين وتثير المزيد من الغضب المحلي. وعمليات اجتياح هذه الأراضي يجعلنا نبدو كجيوش احتلال، ويطلق العنان لسيل من العواقب غير المقصودة، كما يصعب احتواؤه، ويؤدي إلى وقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، وفي نهاية المطاف يمكّن أولئك الذين يزدهرون من جراء الصراع العنيف.
ولذلك فمن غير الصحيح التأكيد على أن نشر جنود على الأرض سيكون أقل احتمالا لأن يؤدي إلى مقتل مدنيين أو أقل احتمالا لأن يخلق أعداءً في العالم الإسلامي. إن النتائج ستكون مقتل مزيد من الأميركيين، وسقوط مزيد من طائرات بلاك هوك، ومواجهات أكثر مع السكان المحليين، ومهمة لا مفر منها تتزايد أعباؤها دعمًا لمثل هذه الهجمات التي قد تتصاعد حدتها وتتحول بسهولة الى حروب جديدة.
نعم، إن الصراع مع تنظيم القاعدة، مثل جميع النزاعات المسلحة، يجلب المآسي. ولكن من خلال تحديد إجراءاتنا التي تستهدف بدقة أولئك الذين يريدون قتلنا وليس أفراد الشعب الذي يختبئون بين ظهرانيهم، فإننا نختار مسار العمل الأقل احتمالا أن يسفر عن خسائر في الأرواح البريئة.
إن جهودنا يجب أن تُقاس بالمقارنة بتاريخ نشر قوات أميركية في بلاد نائية بين شرائح سكانية معادية. ففي فيتنام، مات مئات الآلاف من المدنيين في حرب لم تتضح فيها حدود المعركة. وفي العراق وأفغانستان، وعلى الرغم من الشجاعة الفائقة والانضباط الشديد لقواتنا، فقد قُتل الآلاف من المدنيين. لذلك لا العمل العسكري التقليدي ولا انتظار حدوث الهجمات يوفر الملاذ الأخلاقي الآمن، كما لن يوفره الاعتماد الوحيد على تنفيذ القانون في أراضٍ ليس بها شرطة أو أجهزة أمنية تؤدي وظيفتها على نحو فعال - وبالفعل، ليس بها قانون يجري العمل به.
والآن، هذا لا يعني أن المخاطر ليست حقيقية. فأي عمل عسكري أميركي في أراضٍ أجنبية يجازف بخلق المزيد من الأعداء ويؤثر على الرأي العام في الخارج. وعلاوة على ذلك، فلدينا قوانين تحد من سلطة الرئيس حتى في زمن الحرب، وقد أخذتُ عهدًا للدفاع عن دستور الولايات المتحدة. إن الدقة الشديدة لهجمات الطائرات الزنّانة المسيّرة عن بُعد، والسرية الضرورية التي غالبًا ما تقتضيها مثل هذه التدابير يمكن في نهاية المطاف أن تقيا حكومتنا من التفحص العام الذي يجلبه نشر القوات. كما يمكن أن يؤدي ذلك أيضًا إلى أن يرى الرئيس وفريقه الغارات التي تشنها الطائرات الزنّانة المسيّرة عن بُعد بوصفها علاجًا ناجعًا للإرهاب.
ولهذا السبب، فقد أصررتُ على فرض رقابة قوية على جميع الإجراءات الفتّاكة. فبعد أن توليتُ منصبي، بدأت حكومتي في إحاطة اللجان المعنية بالكونغرس بجميع الغارات خارج العراق وأفغانستان. واسمحوا لي أن أكرر أن: الكونغرس لم يُجِز استخدام القوة فحسب، وإنما أُحيط علمًا بكل غارة جوية تشنها أميركا. كل غارة. ويتضمن ذلك الحالة الوحيدة التي استهدفنا فيها مواطنًا أميركيًا - أنور العولقي، رئيس العمليات الخارجية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
هذا الأسبوع، أذنت برفع الحظر عن المعلومات الخاصة بهذا الإجراء وبمقتل ثلاثة أميركيين آخرين في غارات شُنت بالطائرات الزنّانة المسيّرة عن بُعد، لتسهيل الشفافية والنقاش حول هذه المسألة، ولدحض بعض المزاعم الأكثر غرابة التي طُرحت. وليسجل التاريخ، إنني لا أعتقد أنه أمر دستوري بالنسبة للحكومة أن تقوم باستهداف وقتل أي مواطن أميركي - بطائرة زنّانة أو ببندقية - بدون محاكمة عادلة، ولا ينبغي لأي رئيس أن ينشر طائرات زنّانة مسيّرة عن بُعد تكون مسلحة فوق الأراضي الأميركية.
ولكن عندما يذهب مواطن أميركي إلى الخارج لشن حرب ضد أميركا ويخطط بنشاط لقتل مواطنين أميركيين، وعندما لا تكون الولايات المتحدة، ولا شركاؤنا في وضع يمكّننا أو يمكّنهم من إلقاء القبض عليه قبل أن ينفذ مؤامرة، فإنه جنسيته لا يمكن أن تكون بمثابة درع واق له تمامًا مثلما لا يجب أن يكون القناص الذي يُطلق النار باستمرار على حشد من الأبرياء محميًا من فريق مكافحة الجرائم المجهّز بالأسلحة والوسائل الخاصة.
هذا هو أنور العولقي - كان يحاول باستمرار قتل الناس. ساعد في الإشراف على مؤامرة العام 2010 لتفجير عبوات ناسفة على طائرتي شحن متجهتين إلى الولايات المتحدة. وشارك في التخطيط لتفجير طائرة ركاب في العام 2009. عندما ذهب فاروق عبد المطلب - انتحاري يوم عيد الميلاد المجيد - إلى اليمن في العام 2009 استضافه العولقي، ووافق على قيامه بالعملية الانتحارية، وساعده في تسجيل شريط فيديو يُعرض بعد الهجوم ليظهره كاستشهادي، وكانت التعليمات الأخيرة له أن يقوم بتفجير الطائرة أثناء تحليقها فوق التراب الأميركي. كنتُ سأعتقل وأحاكم العولقي إذا كنا ألقينا القبض عليه قبل أن ينفذ مؤامرة، ولكننا لم نتمكن. وبصفتي الرئيس، كنت سأُعتبر مهملا في أداء واجبي إنْ لم أكن قد أذنتُ بالغارة التي قضت عليه.
بطبيعة الحال، فإن استهداف أي أميركي يثير إشكاليات دستورية ليست موجودة في غارات أخرى - وهذا هو السبب في قيام حكومتي بتزويد وزارة العدل بمعلومات عن العولقي قبل أشهر من قتله، وبإطلاع الكونغرس قبل الشروع في الغارة كذلك. ولكن هذه العتبة العالية التي حددناها لاتخاذ إجراءات فتاكة تنطبق على جميع الأهداف الإرهابية المحتملة، بغض النظر عمّا إذا كانوا أو لم يكونوا مواطنين أميركيين. هذه العتبة تحترم الكرامة الأصيلة لحياة كل إنسان. وإلى جانب قرار وضع رجالنا ونسائنا في القوات المسلحة على درب المهالك، فإن قرار استخدام القوة ضد الأفراد أو الجماعات - حتى ضد العدو اللدود للولايات المتحدة - هو أصعب شيء أفعله كرئيس. ولكن نظرًا لمسؤوليتي عن حماية الشعب الأميركي، يجب اتخاذ هذه القرارات.
وإذ نمضي قدمًا، فقد طلبتُ من حكومتي أن تستعرض مقترحات لتوسيع مجال الرقابة على التدابير الفتاكة خارج مناطق الحرب التي تتجاوز تقاريرنا إلى الكونغرس. كل خيار له فضائل من الناحية النظرية، لكنه يشكل صعوبات عند التطبيق. على سبيل المثال، فإن إنشاء محكمة خاصة لتقييم وتفويض القيام بالتدابير الفتاكة أمر له فائدة في جلب فرع ثالث من أجهزة الحكومة إلى هذه العملية، ولكنه يثير قضايا دستورية خطيرة حول السلطتين الرئاسية والقضائية. وقد اقتُرِحت فكرة أخرى - إنشاء مجلس رقابة مستقل في السلطة التنفيذية – لتجنب تلك المشاكل، ولكنها فكرة قد تُقحم طبقة من البيروقراطية عند اتخاذ قرارات تتعلق بالأمن القومي، دون أن تحظى هذه العملية بالثقة الإضافية للجمهور. ولكن على الرغم من هذه التحديات، فإنني أتطلع إلى مشاركة الكونغرس بنشاط لاستكشاف هذه الخيارات وغيرها لزيادة الرقابة.
ومع ذلك، فإنني أعتقد أن استخدام القوة يجب أن ينظر إليه باعتباره جزءًا من مناقشة أوسع نحتاج إلى طرحها حول استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب - وذلك لأن بسبب كل هذا التركيز على استخدام القوة، لا يمكن للقوة وحدها أن تجعلنا نشعر بالأمان. كما لا يمكننا استخدام القوة في كل مكان تتجذر فيه أيديولوجية راديكالية متطرفة، وفي غياب استراتيجية تحد من منبع التطرف، فإن حربًا دائمة إلى الأبد - من خلال الطائرات الزنّانة المسيّرة عن بُعد أو القوات الخاصة أو نشر القوات النظامية - سوف تبرهن على أننا نُلحق الهزيمة بأنفسنا ونُغيّر بلدنا بطرق مقلقة.
ولذلك، ينطوي العنصر التالي لاستراتيجيتنا على معالجة المظالم الكامنة والصراعات التي تغذي التطرف – من شمال أفريقيا إلى جنوب آسيا. وكما تعلمنا في هذا العقد المنصرم، فهذه مهمة ضخمة ومعقدة. يجب علينا أن نكون متواضعين في توقعاتنا بأننا سنتمكن بسرعة من حل المشاكل العميقة الجذور مثل الفقر والكراهية الطائفية. وعلاوة على ذلك، ليس هناك بلدان متشابهان، وسيخضع بعض البلاد لتغيير فوضوي قبلما تتحسن فيها الأمور. لكن أمننا وقيمنا تقتضي منّا أن نبذل الجهد.
هذا يعني تقديم الدعم بصبر إلى عمليات التحول إلى الديمقراطية في أماكن مثل مصر وتونس وليبيا - وذلك لأن التحقيق السلمي للتطلعات الفردية سيكون بمثابة توبيخ للمتطرفين العنفيين. يجب علينا أن نعزز المعارضة في سوريا، في الوقت الذي نعزل فيه العناصر المتطرفة - وذلك لأن نهاية طاغية لا يجب أن تفسح المجال لطغيان الإرهاب. كما أننا نعمل بنشاط لتعزيز السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين – لأنه هو الصواب، ولأن هذا السلام يمكن أن يساعد في إعادة تشكيل المواقف في المنطقة. ويجب علينا أن نساعد البلدان في تحديث اقتصاداتها، ورفع مستوى التعليم، وتشجيع روح المبادرة - لأن القيادة الأميركية كانت تعلو دائمًا في الأعين من خلال قدرتنا على التواصل مع آمال الناس، وليس مجرد مخاوفهم.
وتحقيق النجاح في جميع مجالات العمل هذه يقتضي تعاملا متواصلا وقد يتطلب كذلك توفير موارد. وأنا أعلم أن بند المعونات الأجنبية هو الأقل شعبية من بنود نفقات الموازنة. وهو أمر يتفق عليه الجمهوريون والديمقراطيون— وأنا أطلعت على نتائج الاستطلاعات حول هذا الموضوع— رغم أن مجموع المساعدات هذه يشكل أقل من نسبة 1 في المئة من مجمل الميزانية الفدرالية. وفي الحقيقة يعتقد الكثير من الناس أن النسبة هي بحدود 25 في المئة، وهو ما سيكون الرد إذا سألت رجل الشارع. أنها تساوي أقل من 1 في المئة— رغم ذلك، فإنها غير مستحبة إلى حد كبير. لكن لا يجوز النظر إلى المساعدات الأجنبية على أنها من قبيل أعمال الخير والإحسان بل تعتبر أساسية لأمننا القومي. وهي أساسية لأية استراتيجية طويلة الأجل لمحاربة التطرف، أساسها الحس السليم.
زيادة على ذلك، إن المساعدات الأجنبية ما هي إلا جزء بسيط مما ننفقه على خوض الحروب وهي حروب قد تعمل المساعدات الأجنبية على منعها في نهاية الأمر. ذلك لأنه ما أنفقناه في العراق خلال شهر في أوج الحرب هناك، يمكننا أن نوظفه لتدريب قوات أمن في ليبيا، والمحافظة على اتفاقيات السلام بين إسرائيل وجاراتها، وإطعام الجوعى في اليمن، وتشييد مدارس في باكستان، وتأسيس مخزون من النوايا الطيبة التي تعمل على تهميش المتطرفين. وهذا يتعين أن يكون جزءا من استراتيجيتنا.
علاوة على ذلك، لا يمكن لأميركا أن تقوم بهذا العمل في غياب دبلوماسيين يخدمون بلادنا في أماكن محفوفة بالأخطار البالغة. وعلى مدى العقد الماضي عززنا أمن سفاراتنا فيما أعكف أنا على تنفيذ كل توصية رفعها مجلس مراجعة المحاسبة الذي كشف عن نواحي فشل لا يمكن قبولها في بنغازي. وإنني دعوت الكونغرس لتمويل هذه الجهود بالكامل لتدعيم المنشآت الدبلوماسية وتعزيزها، وتحسين وسائل الاستخبارات وتيسير فترة رد أسرع من جانب مؤسستنا العسكرية في حال نشوب أزمة.
لكن حتى لو اتخذنا تلك الخطوات ستبقى هناك مخاطر يستحيل تقليصها أمام دبلوماسيينا. وهذا هو الثمن الذي سنتحمله من أجل البقاء أقوى أمة في العالم، لا سيما في الوقت الذي تجتاح العالم العربي موجة تغيير. وفي التوفيق بين متطلبات الأمن والدبلوماسية الناشطة أنا أعتقد بصورة راسخة أن أي تراجع من المناطق المحفوفة بالتحديات إنما سيزيد الأخطار التي نواجهها في المدى البعيد. ولهذا السبب علينا أن نكون ممتنين لأولئك الدبلوماسيين المتأهبين للخدمة.
إن الإجراءات التي تستهدف الإرهابيين والشراكات الفعالة والتعامل على المستوى الدبلوماسي والمساعدات — من خلال مثل تلك الاستراتيجية الشاملة يمكن أن تقلص بصورة ملحوظة فرص حصول هجمات على نطاق كبير على وطننا وأن تخفض التهديدات الماثلة أمام الأميركيين في الخارج. لكن في الوقت الذي نتوخى الحذر ضد الأخطار من الخارج لا يسعنا أن نهمل التحدي المروع للإرهاب داخل حدود بلادنا.
وكما أسلفت، إن هذا التهديد ليس تهديدا جديدا. لكن التكنولوجيا وشبكة الإنترنت زادتا من تواتره وفي بعض الحالات من مدى فتكه. فاليوم يمكن لشخص ما أن يستهلك دعاية حاقدة وأن يتعهد بالالتزام بأجندة تدعو للعنف وأن يتعلم كيف يقتل دون أن يغادرمنزله. ومن أجل التصدي لهذا التهديد أقدمت حكومتي على إجراء مراجعة شاملة قبل عامين، وتعاملت مع أجهزة تنفيذ القوانين.
والطريقة المثلى لمنع التطرف العنيف المستلهم من قبل تكفيريين يسخرون العنف هي العمل مع الجالية الإسلامية في أميركا التي درجت على نبذ الإرهاب بصورة مستمرة، وتحديد إشارات على التطرف والتعاون مع أجهزة تنفيذ القوانين حينما ينساق فرد نحو العنف. وتلك الشراكات يمكن أن تفعل فعلها حينما تقرّ بأن المسلمين هم عضو أساسي في العائلة الأميركية. وفي الحقيقة فإن نجاح الأميركيين المسلمين وتصميمنا على الاحتراس ضد أية تعديات على حرياتهم المدنية هما بمثابة أقصى توبيخ لأولئك الذين يزعمون أننا في حالة حرب مع الإسلام.
إن إحباط المؤمرات المحلية يمثل تحديات معينة ويعود ذلك جزئيا إلى التزامنا الأبيّ بالحريات المدنية لكل من يعتبر أميركا وطنا له. ولهذا السبب في السنوات القادمة سيتعين علينا أن نواصل العمل بكل جهد لإيجاد التوازن المتناسب بين حاجتنا للأمن والحفاظ على تلك الحريات التي تحدد شخصيتنا. وسينطوى ذلك على مراجعة صلاحيات تنفيذ القوانين كي يمكننا اعتراض أشكال جديدة من الاتصالات لكن في الوقت ذاته تأسيس حمايات للخصوصية منعا لسوء استخدام السلطة.
وهذا يعني— حتى بعد حادثة بوسطن— أننا لن نرحّل شخصا ما أو نودع شخصا السجن في غياب الأدلة. وهذا يعني وضع قيود حذرة على الأدوات التي يسخرها الحكم لحماية معلومات حساسة مثل نظرية أسرار الدولة. وأخيرا، سينطوي ذلك أيضا على وجود مجلس قوي للحريات المدنية والخصوصيات لغرض مراجعة تلك القضايا حينما يحصل توتر نتيجة لتعارض قيمنا مع جهودنا لمحاربة الإرهاب.
إن تحقيقات وزارة العدل في تسريبات الأمن القومي توفر مثالا حديثا على التحديات التي تتجلى في إيجاد توازن لائق بين أمننا ومجتمعنا المنفتح. وبصفتي قائدًا أعلى للقوات المسلحة أعتقد أنه علينا أن نحافظ على سرية الاستخبارات التي تصون عملياتنا وتحمي موظفينا في الخارج. ومن أجل عمل ذلك علينا أن نشرح العواقب لأولئك الذين يخرقون القوانين ويخالفون التزامهم بحماية المعلومات السرية. لكن وجود صحافة حرة ضروري لديمقراطيتنا. فهذا ما يحدد هويتنا. وإنني منزعج من احتمال أن التحقيق بالتسريبات قد ينال من فعالية التحقيقات الصحفية التي تحاسب الحكومة على أعمالها.
والصحفيون يجب ألا يواجهوا خطرا قضائيا لقيامهم بمهماتهم. بل يجب أن يتمحور تركيزنا على أولئك الذي يخالفون القانون. ولهذا السبب دعوت الكونغرس كي يقر قانونا لحماية الإعلام للوقاية ضد التسلط الحكومي. وإنني أثرت هذه المسائل مع وزير العدل الذي يشاركني القلق. وهو بالتالي وافق على مراجعة إرشادات وزارة العدل الحالية بخصوص التحقيقات التي تطال المراسلين. وسيقوم بتنظيم اجتماع لمؤسسات إعلامية للاستماع إلى مشاكلهم كجزء من هذه المراجعة. وإنني وجهت وزير العدل لأن يرفع لي تقريرا في موعد لا يتجاوز 12 تموز/يوليو القادم.
وجميع هذه المسائل تذكرنا بأن الخيارات التي نتخذها بخصوص الحرب يمكن أن تؤثر، أحيانا بطرق غير مقصودة، على الانفتاح والحرية اللتين يعتمد عليهما طراز حياتنا. ولهذا السبب أنوي إشراك الكونغرس في النقاش حول الصلاحية الحالية باستخدام القوة العسكرية من أجل تحديد كيف يمكننا أن نواصل الحرب ضد الإرهاب دون إبقاء أميركا في حالة جهوزية للحرب بصورة دائمة.
وقانون الصلاحيات هذا يعود إلى 12 عاما. وفيما تشرف الحرب في أفغانستان على نهايتها أصبحت نواة تنظيم القاعدة قوقعة فارغة. ويجب التصدي لتنظيمات مثل تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية لكن في السنوات المقبلة لن تتمكن كل مجموعة من "البلطجية" تلقب نفسها بالقاعدة من تشكيل تهديد ملموس للولايات المتحدة. وما لم نتمكن من ضبط تفكيرنا وتعريفنا وأفعالنا فقد ننجر إلى مزيد من الحروب التي لن نكون بحاجة لخوض غمارها أو نستمر في منح الرؤساء الأميركيين سلطات غير محدودة تليق أكثر بفترات الحروب المسلحة التقليدية بين الدول.
وفي ضوء ذلك إني أتطلع إلى إشراك الكونغرس والشعب الأميركي في جهود تتوخى تنقيح، وفي نهاية المطاف إلغاء، التفويض بـ"صلاحية استخدام القوة المسلحة". وإنني لن أوقع على قوانين ترمي إلى توسيع ذلك التفويض. كما أن مجهودنا المنهجي لتفكيك التنظيمات الإرهابية يجب أن يتواصل، لكن الحرب الحالية، شأن كل الحروب الأخرى، يجب أن تنتهي. وهذا ما يشير علينا التاريخ وهذا ما تقتضيه ديمقراطيتنا.
وهذا يقودني إلى موضوعي الختامي وهو احتجاز المشتبهين الإرهابيين. وأنا سأكرر مرة ثانية من منطلق سياستنا: إن الولايات المتحدة تفضل القبض على مشتبهين إرهابيين وحينما نحتجز مشبوها نقوم باستنطاقه وإذا أمكن مقاضاة مشتبه سوف نقرر ما إذا سنحاكمه في محكمة مدنية أو أمام هيئة عسكرية.
وخلال العقد الماضي كانت الغالبية العظمى من أولئك الذي احتجزتهم مؤسستنا العسكرية قد ألقي القبض عليهم في ميدان المعارك. ففي العراق سلمنا آلاف الأسرى بالتزامن مع إنهائنا للحرب هناك. وفي أفغانستان حولنا مرافق الاعتقال إلى الأفغان كجزء من عملية استعادة السيادة الأفغانية. وهكذا فإننا نسدل الستار على قانون الاعتقال في زمن الحرب ونحن ملتزمون بمقاضاة الإرهابيين أينما تمكننا من ذلك.
إن الاستثناء الصارخ لهذا النهج الذي اختبره الزمن ماثل في مركز الاعتقال في خليج غوانتانامو. والافتراض الأساسي من افتتاح معتقل غونتانامو، وهي أن المحتجزين لن يتمكنوا من الطعن باعتقالهم، تبين أنها منافية للدستور قبل 5 أعوام. ومنذ ذلك الحين أضحى ذلك المعتقل في العالم أجمع رمزا لأميركا التي تضرب عرض الحائط بسيادة القانون. كما أن حلفاءنا لن يتعاونوا معنا إذا ظنوا أن إرهابيا ما سينتهي به المطاف في معتقل غوانتانامو.
وخلال هذه الفترة من تخفيض النفقات في الميزانية نجد أننا ننفق 150 مليون دولار شهريا لاعتقال 166 شخصا— أي حوالي مليون دولار على كل سجين. وتقدر وزارة الدفاع أنه علينا إنفاق مبلغ 200 مليون دولار إضافي لإبقاء غواتانامو مفتوحا في الوقت الذي نخفض من استثماراتتنا في التعليم والأبحاث هنا في الوطن وفي وقت يقاسي البنتاغون من خفض اعتمادات الموازنة والتسريح المؤقت.
وعملا بصلاحياتي كرئيس، حاولت إغلاق المعتقل، فوجهت بنقل 67 معتقلا إلى بلدان أخرى قبل أن يفرض الكونغرس قيودًا منعتنا فعلا من نقل معتقلين إلى بلدان أخرى أو سجنهم هنا في الولايات المتحدة.
وهذه القيود غير منطقية. فخلال عهد الرئيس السابق بوش نقل 530 معتقلا من غونتانامو بموافقة الكونغرس. وحينما رشحت نفسي للرئاسة لأول مرة أيد جون ماكين إغلاق المعتقل وحظيت هذه المسألة بدعم الحزبين. ولم يفر قط أي معتقل من سجوننا العسكرية الخاضعة لحراسة مشددة قصوى هنا في الولايات المتحدة. كما أن محاكمنا أدانت مئات الأشخاص بتهم الإرهاب أو الجنايات المتصلة بالإرهاب وفي عدادهم بعض الأفراد الذين هم أشد خطرا من معتقلي غوانتانامو. وهم يقبعون في سجوننا في الوقت الحالي.
وفي ضوء ملاحقة حكومتي الحثيثة لقياديي القاعدة لا يوجد من مبرر للكونغرس أن يمنع إغلاقنا لمنشأة كان يجب ألا تفتتح أبدا في الأصل.(تصفيق).
شخص من الحضور: عفوًا، الرئيس أوباما –
الرئيس: إذًا - اسمحي لي أن أنهي كلمتي، سيدتي. إذًا اليوم، مرة أخرى –
شخص من الحضور: هناك 102 شخص مضربون عن الطعام. هؤلاء أناس يائسون.
الرئيس: سأتطرق إلى ذلك، سيدتي، ولكن دعيني أكمل حديثي. سأتطرق إلى ذلك.
شخص من الحضور: أنت قائدنا الأعلى –
الرئيس: دعيني أتطرق إلى ذلك.
شخص من الحضور: - أنت أغلقت خليج غوانتنامو.
الرئيس: لماذا لا تدعيني أتطرق إلى ذلك، سيدتي.
شخص من الحضور: لا يزال هناك أسرى –
الرئيس: لماذا لا تجلسين وسوف أخبرك بالضبط ماذا سأفعل.
شخص من الحضور: وذلك يشمل 57 يمنيًا.
الرئيس: شكرًا لك، سيدتي. شكرًا لك. (تصفيق) سيدتي، شكرًا لك. يجب أن تسمحي لي بإنهاء جُملتي.
اليوم، أدعو الكونغرس مرة أخرى لرفع القيود المفروضة على نقل المعتقلين من غوانتانامو. (تصفيق).
وقد طلبت من وزارة الدفاع تحديد موقع في الولايات المتحدة حيث يمكننا أن نقيم محاكم عسكرية. سأعين مبعوثًا جديدًا رفيع المستوى في وزارة الخارجية ووزارة الدفاع ستكون مسؤوليته الوحيدة نقل المعتقلين إلى دول ثالثة.
وقد رفعت الحظر عن نقل المعتقلين إلى اليمن كي نتمكن من مراجعة قضيتهم على أساس كل حالة بمفردها. وإلى أقصى حد ممكن، سوف ننقل المعتقلين الذين سُمح لهم بالذهاب إلى بلدان أخرى.
شخص من الحضور: - هم لا يزالون سجناء. أطلق سراحهم اليوم.
الرئيس: وحيث يكون ذلك مناسبًا، سوف نقدم الإرهابيين إلى العدالة في محاكمنا وأمام نظامنا القضائي العسكري. وسوف نصرّ على أن تتوفر المراجعة القضائية لكل محتجز.
شخص من الحضور: يجب أن تكون –
الرئيس: الآن، سيدتي، دعيني أُنهي كلامي، دعيني أُنهي كلامي، سيدتي. جزء من حرية التعبير هو أن تتمكني من الكلام، ولكن أيضًا، أن تصغي أنت وأن أتمكن أنا من الكلام. (تصفيق).
والآن، وحتى بعد أن نتخذ الخطوات سوف تبقى هناك مسألة عالقة- كيف نتعامل مع هؤلاء المعتقلين في غوانتانامو الذين نعرف أنهم قد شاركوا في مؤامرات أو هجمات خطيرة ولكن لا يمكن محاكمتهم، على سبيل المثال، لأنه قد تمّ التلاعب بالأدلة ضدهم أو أنها غير مقبولة في محكمة قانونية. ولكن بمجرد أن نلتزم بعملية إغلاق معتقل غوانتانامو، أنا واثق من أن هذه المشكلة العالقة يمكن حلها، بما ينسجم مع التزامنا بسيادة القانون.
إنني أعلم أن السياسة صعبة. ولكن التاريخ سوف يصدر حكمًا قاسيًا على هذا الجانب من كفاحنا ضد الإرهاب وعلى أولئك منّا الذين فشلوا في وضع حد له. تصور المستقبل - بعد 10 سنوات من الآن أو بعد 20 سنة من الآن - عندما تكون الولايات المتحدة الأميركية ما زالت تحتجز أشخاصًا لم يُتهموا بارتكاب أي جريمة على قطعة من الأرض ليست جزءًا من بلادنا. انظر إلى الوضع الحالي، حيث نقوم بإطعام قسري للمعتقلين المضربين عن الطعام. إنني مستعد لأن أتساهل مع الشابة التي قاطعتني لأن الوضع يستحق هذا الحماس. هل هذا ما نحن عليه؟ هل هذا شيء توقعه الآباء المؤسسون؟ هل هذه هي أميركا التي نريد أن نتركها لأطفالنا؟ إن حسّنا بالعدالة أقوى من ذلك.
لقد حاكمنا عشرات الإرهابيين في محاكمنا. وهذا يشمل عمر فاروق عبد المطلب الذي حاول تفجير طائرة فوق ديترويت، وفيصل شاهزاد، الذي وضع سيارة مفخخة في ساحة تايمز سكوير. وفي محكمة القانون أيضًا سنحاكم دزوخار تزرناييف، المتهم بتفجير ماراثون بوسطن. وريتشارد ريد، مفجر الحذاء، وهو، بينما نتحدث الآن، يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في سجن يخضع لحماية أمنية مشددة هنا في الولايات المتحدة. وأثناء النطق بالحكم على ريد، قال له القاضي وليام يونغ "إن الطريقة التي نتعامل بها معك هي مقياس لحريتنا نحن أنفسنا."
شخص من الحضور: وماذا عن عبد المطلب – احتجاز شاب عمره 16 سنة – هل هذه هي الطريقة التي نتعامل بها مع شاب عمره 16 سنة؟ (غير مسموع) – هل يمكنك أن تأخذ الطائرات بدون طيار من أيدي وكالة المخابرات المركزية؟ هل يمكنك إيقاف ضربات من توقيعهم لقتل الناس على أساس نشاطات مشبوهة؟
الرئيس: نحن نعمل من أجل معالجة ذلك، سيدتي.
شخص من الحضور: - الآلاف من المسلمين الذين قُتلوا – هل ستعوض العائلات البريئة- هذا سيجعلنا بأمان أكبر هنا في بلادنا. أنا أحب بلادي. أنا أحب (غير مسموع) –
الرئيس: أعتقد أنه – وأنا أخرج عن النص، كما قد تتوقعون هنا. (ضحك وتصفيق). صوت تلك الشابة يستحق الاهتمام. (تصفيق) من الواضح، إنني لا أتفق مع الكثير مما قالته، ومن الواضح أنها لم تكن تستمع إلى الكثير مما قلته. ولكن هذه قضايا صعبة، واقتراح أننا يمكن أن نتستر عليها أمر خاطئ.
وعندما حَكَم ذلك القاضي على السيد ريد، مفجر الحذاء، أشار إلى العلم الأميركي الذي كان مرفوعًا في قاعة المحكمة. وقال "هذا العلم"، "سوف يبقى مرفوعًا هناك لفترة طويلة بعد نسيان كل هذا. هذا العلم لا يزال يرمز للحرية."
لذا، أميركا، لقد واجهنا مخاطر أكبر بكثير من تنظيم القاعدة. ومن خلال البقاء أوفياء للآباء المؤسسين لبلادنا، وباستخدام بوصلتنا الدستورية، تغلبنا على الرق والحرب الأهلية والفاشية والشيوعية. وخلال هذه السنوات القليلة الماضية في منصبي كرئيس، شاهدت الشعب الأميركي يستعيد توازنه بعد الركود المؤلم، وإطلاق النار الجماعي، والكوارث الطبيعية، مثل الأعاصير الأخيرة التي دمرت أوكلاهوما. وكانت هذه الأحداث مؤلمة، وهزت مجتمعاتنا في الصميم. ولكن بسبب صمود الشعب الأميركي، لم تتمكن هذه الأحداث من كسرنا.
وإنني أفكر في لورين مانينغ، الناجية من أحداث 11 أيلول/سبتمبر التي أصيبت بحروق شديدة تفوق نسبة 80 بالمئة من جسدها، والتي قالت، "هذه هي حقيقتي. أضع ضمادة عليها، حرفيًا، وأمضي قُدمًا."
وأفكر في سكان نيويورك الذين ملأوا ساحة تايمز سكوير بعد يوم من محاولة تفجير سيارة مفخخة وكأن شيئًا لم يحدث.
وأفكر بالوالدين الباكستانيين الفخورين اللذين كتبا لنا، بعد دعوة ابنتهما إلى البيت الأبيض، ليقولا لنا، "لقد ربينا ابنة مسلمة أميركية لتحلم أحلامًا كبيرة وألا تتخلى عنها أبدًا لأنها تتحقق."
وأفكر في جميع المحاربين الجرحى وهم يعملون لإعادة بناء حياتهم، ويساعدون المحاربين القدامى الآخرين للعثور على وظائف.
وأفكر في العداء الذي يخطط للمشاركة في ماراثون بوسطن في العام 2014، الذي قال: "في العام القادم، سيشارك بأعداد أكثر من أي وقت مضى. إن قوة التصميم شيء لا يمكن العبث به."
هؤلاء هم الشعب الأميركي – قوة التصميم، ولا يمكن العبث بها. والآن نحتاج إلى استراتيجية سياسة تعكس هذه الروح الصامدة.
إن انتصارتنا ضد الإرهاب لن تُقاس بالاحتفال بالاستسلام على سفينة حربية، أو بتمثال يُجرّ على الأرض. إنما يقاس النصر من خلال الآباء الذين يأخذون أطفالهم إلى المدرسة، والمهاجرين القادمين إلى شواطئنا؛ والمشجعين المشاركين في مباراة كرة، وأحد قدامى المحاربين الذي يبدأ مشروعًا تجاريًا، وشارع المدينة الذي يعج بالحركة، والمواطنة التي تعبر عن مخاوفها بالصياح في وجه الرئيس.
هذا التصميم القوي الهادئ، وتلك الشخصية القوية وعلاقة الزمالة المتينة، وهذا الرفض للخوف – هذا هو سيفنا ودرعنا. وبعد فترة طويلة من تلاشى رسل الكراهية الحاليين من ذاكرة العالم، إلى جانب الطغاة الوحشيين، والمجانين المختلين، والدهماء المتحجري القلوب الذين يلوثون التاريخ – فإن علم الولايات المتحدة سوف يبقى مرفرفًا على المقابر في البلدات الصغيرة والنُصب التذكارية الوطنية، وعلى مراكز البعثات البعيدة في الخارج. وسوف يبقى العلم رمزًا للحرية.
وشكرًا جزيلا لكم، جميعًا. بارككم الله. وليبارك الله الولايات المتحدة الأميركية (تصفيق).