تقرير الأمين العام عن التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (تنظيم داعش) على السلام والأمن الدوليين، ونطاق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة دعماً للدول الأعضاء في مكافحة هذا التهديد
أولا - مقدمة
١ - هذا التقرير مقدم عملا بالفقرة 97 من قرار مجلس الأمن 2253 (2015)، الذي طلب فيه المجلس إلى الأمين العام إعداد تقرير أولي على الصعيد الاستراتيجي، يثبت فيه ويبين جسامة الخطر الذي يتعرض له السلام والأمن الدوليين على يد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف أيضا باسم تنظيم داعش)، ومن يرتبط به من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات، بما في ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب، ويقدم معلومات عن مصادر تمويل هؤلاء الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات، بما ذلك الاتجار غير المشروع في النفط والقطع الأثرية والموارد الطبيعية الأخرى، وتخطيطها وتيسيرها للهجمات، ويبين طائفة الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لدعم الدول الأعضاء في مكافحة هذا التهديد( ).
٢ - وقد اعتمد مجلس الأمن القرار 2253 (2015) في جلسة عقدها في 17 كانون الأول/ديسمبر 2015، وضمَّت مشاركة وزراء المالية من جميع أنحاء العالم. ولدى اعتماد القرار، أعرب المجلس عن عزمه على التصدي للتهديد الذي تشكله الجماعات والأفراد المذكورين أعلاه على السلام والأمن الدوليين، وأهمية قطع سبل حصولهم على الأموال، بما في ذلك الاتجار غير المشروع بالنفط والقطع الأثرية، والموارد الطبيعية الأخرى، فضلا عن تخطيطهم وتيسيرهم للهجمات. وفي ذلك القرار، قرر المجلس أن تخضع تلك الجماعات والأفراد للتدابير المفروضة بموجب قرار مجلس الأمن 2161 (2014)؛ وأن تُعرف لجنة مجلس الأمن السابقة المنشأة عملا بالقرارين 1267(1999) و 1989(2011) بشأن تنظيم القاعدة وما يرتبط به من أفراد وكيانات باسم لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرارات 1267 (1999) و 1989 (2011) و 2253 (2015) بشأن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتنظيم القاعدة وما يرتبط بهما من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات؛ وأن تعرف قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم القاعدة باسم ”قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم القاعدة“.
٣ - ويتضمن التقرير أيضا توصيات بشأن تعزيز قدرات الدول الأعضاء على التخفيف من حدة الخطر الذي يشكله تنظيم داعش، فضلا عن السبل التي يمكن بها للأمم المتحدة أن تدعم تلك الجهود. وكما طلب مجلس الأمن، أعد هذا التقرير بمساهمة من المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، بالتعاون الوثيق مع فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات المنشأ عملا بقرار مجلس الأمن 1526 (2014) بشأن تنظيم القاعدة وحركة الطالبان وما يرتبط بهما من أفراد وكيانات التابع للجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرارات 1267 (1999) و 1989 (2011) و 2253 (2015)، وفرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب وغيرها من الجهات الفاعلة في الأمم المتحدة ذات الصلة والمنظمات الدولية. وقدمت بعض الدول الأعضاء أيضا معلومات.
ثانيا - خطورة التهديد الذي يمثله تنظيم داعش والجماعات والكيانات المرتبطة به
ألف - التهديد
٤ - كان مما ييسِّر ظهور تنظيم داعش النزاعات التي طال أمدها في العراق والجمهورية العربية السورية، وما نجم عن ذلك من عدم الاستقرار السياسي والأمني، فضلا عن ضعف مؤسسات الدولة وعدم قدرة الدولتين على ممارسة رقابة فعالة على أراضيهما وحدودهما. ففي أقل من سنتين، استولى تنظيم داعش على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وفي الجمهورية العربية السورية على السواء، وهو يديرها من خلال هيكل متطور شبه بيروقراطي ومدر للدخل يتسم بما يكفي من المرونة والتنوع للتعويض عن انخفاض الإيرادات المتأتية من مصدر إيرادات وحيد. واستفاد تنظيم داعش أيضا من علاقاته بأفراد وجماعات ضالعة في الجريمة المنظمة عبر الوطنية. ويستخدم الموارد المالية لدعم الحملات العسكرية الجارية، وإدارة الأراضي التي استولى عليها وتمويل توسيع نطاق النزاع إلى خارج العراق والجمهورية العربية السورية. وقد وضع استراتيجية فعالة ومتطورة للغاية في مجال الاتصالات لضمان أن تلقى رؤيته المشوهة للعالم صدى لدى عدد صغير، ولكنه متزايد من الأفراد الساخطين الذين انسلخوا من القيم الجوهرية لمجتمعاتهم أو لم يعودوا يعتنقونها.
٥ - وعلى الرغم من الجهود التي بذلها المجتمع الدولي لمكافحة تنظيم داعش من خلال التدابير العسكرية والمالية وتدابير مراقبة أمن الحدود (التي ألحقت به خسائر فادحة في الآونة الأخيرة)، لا يزال هذا التنظيم محافظا على وجوده في العراق والجمهورية العربية السورية. وهو أيضا بصدد توسيع نطاق عملياته لتشمل مناطق أخرى. وتبرهن الهجمات الإرهابية التي وقعت في الأشهر الأخيرة من عام 2015 على أن تنظيم داعش قادر على ارتكاب هجمات ضد أهداف مدنية خارج الأراضي الواقعة تحت سيطرته. وقد تجلى اتساع مداه بوجه خاص في الهجمات الانتحارية بالقنابل التي نفذت في بيروت في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2015؛ والهجمات المنسقة التي وقعت في باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015؛ والهجمات التي نفذتها عناصر منتسبة إلى تنظيم داعش في جاكرتا في 14 كانون الثاني/يناير 2016 والتي تشبه إلى حد بعيد هجمات باريس.
٦ - إن التوسع الأخير لدائرة نفوذ تنظيم داعش في جميع أنحاء غرب أفريقيا وشمالها والشرق الأوسط، وجنوب آسيا وجنوب شرقها يبرهن على سرعة تطور خطورة هذا التهديد ومدى هذا التطور في ظرف 18 شهرا فقط. وهذه الهجمات الأخيرة وما تتسم به من تعقيد وما انطوت عليه من مستوى تخطيط وتنسيق وتطور، كل ذلك يثير القلق بشأن التطور في المستقبل. وعلاوة على ذلك، فإن الجماعات الإرهابية الأخرى، بما في ذلك مجلس شورى شباب الإسلام والدولة الإسلامية في العراق والشام - مقاطعة ليبيا (درنة)، ومجاهدي تونس القيروان، وجند الخلافة في تونس، وحركة أوزبكستان الإسلامية، وحركة الخلافة في باكستان، وأنصار الخلافة في الفلبين، تجتذبها الأيديولوجية التي يقوم عليها تنظيم داعش اجتذابا قويا بما يكفي لكي تعلن الولاء لما يسمى الخلافة وللخليفة المعلن. واستفاد تنظيم داعش أيضا من وصول مدد مستمر من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين ما زالوا يغادرون مجتمعاتهم المحلية لتوسيع صفوف التنظيم. ومما يبعث على القلق الشديد أيضا عودةُ هؤلاء المقاتلين الإرهابيين الأجانب من ميادين القتال في العراق والجمهورية العربية السورية وغيرها من مناطق النزاعات، لأن هؤلاء العائدين يمكن أن يوسعوا نطاق وجود تنظيم داعش في دولهم الأصلية، ويسخروا ما لديهم من مهارات وخبرة قتالية في تجنيد مزيد من المتعاطفين، وينشؤوا شبكات إرهابية، ويرتكبوا أعمالا إرهابية.
1 - تنظيم داعش خارج العراق والجمهورية العربية السورية
٧ - يتجلى تنامي الخطر الذي يشكله تنظيم داعش على السلم والأمن الدوليين في استراتيجيته الرامية إلى التوسع العالمي التي قد يعكس تطورها رد فعل إزاء خسائر الأراضي التي مني بها في العراق والجمهورية العربية السورية بسبب الجهود العسكرية الدولية. ففي 15 كانون الأول/ديسمبر 2015، ورد أن 34 جماعة من جميع أنحاء العالم أعلنت ولاءها للتنظيم. وعلاوة على ذلك، وفي ضوء ادعاءات داعش الإقليمية بالاستيلاء على مزيد من ”المقاطعات“، من المتوقع أن يزيد عدد المنتسبين إليه وأن تتوسع عضويته في عام 2016. وهذه مسألة تثير قلقا بالغا، لأن هذه الجماعات تقتدي فيما يبدو بأساليب تنظيم داعش وتنفذ هجمات بالنيابة عنه.
٨ - وفي عام 2016 وما بعده، ينبغي أن تستعد الدول الأعضاء لمواجهة زيادة إضافية في عدد المقاتلين الإرهابيين الأجانب المسافرين إلى دول أخرى بناء على تعليمات من تنظيم داعش. وقد أعلن العديد من الجماعات والأفراد ولاءهم لأبي بكر البغدادي، و ”للخلافة“ المعلنة منذ عام 2014، على الرغم من أن العناصر المرتبطة به في ليبيا وأفغانستان هي وحدها التي تسيطر حاليا على أراض ذات أهمية. فالجماعة المرتبطة بداعش في ليبيا هي التي تلقت أكبر قدر من الاهتمام، بما في ذلك تقديم الدعم والتوجيه من تنظيم داعش الرئيسي( ). وفي أفغانستان وباكستان، ما فتئ تنظيم داعش ينشئ شبكة من الاتصالات والمتعاطفين معه الذين يشنون الهجمات باسمه. ففي 13 كانون الثاني/يناير 2016، أصدرت جماعة ”مقاطعة خراسان“ التابعة لداعش - التي تنشط في باكستان وأفغانستان - بيانا تعلن فيه مسؤوليتها عن هجوم على القنصلية الباكستانية في أفغانستان.
٢ - انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
٩ - يواصل تنظيم داعش ارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان ضد السكان الرازحين تحت سيطرته( ). فعمليات الإعدام والتعذيب وبتر الأطراف والضرب بالسياط، والهجمات العرقية والطائفية والجلد في الأماكن العامة في حق ”الكفار“، كل ذلك شاهد صارخ على درجة الوحشية التي لا يتورع التنظيم عن استخدامها لتحقيق مآربه. ويستهدف تنظيم داعش على نحو منهجي المجتمعات المحلية وأفراد المجتمعات المحلية التي ترفض اعتناق إيديولوجيته المتطرفة، بمن فيهم المسيحيون واليزيديين والشيعة والسنة. وما برح تنظيم داعش منذ ظهوره يفرض الاسترقاق الجنسي على النساء والفتيات كأداة ترويع من أجل تخويف مجتمعات برمتها وإهانتها وكسر شوكتها. ومن شأن العنف الجنسي في حالات النزاعات، حين يُستخدم أو يُوعز باستخدامه كوسيلة من وسائل الحرب أو تكتيك من تكتيكاتهــا أو في إطار هجوم واسع النطاق أو منظم ضد السكان المدنيين، أن يؤدي إلى استفحال النزاعات المسلحة وإطالة أمدها إلى حد بعيد، وقد يشكل عائقاً أمام إعادة إرساء السلم والأمن الدوليين. وفي ظل هذا السياق، أصبح العنف الجنسي والجنساني الذي يمارسه تنظيم داعش كوسيلة من وسائل الإرهاب جزءا من استراتيجيته الرامية إلى السيطرة على الأراضي، وتجريد الضحايا من إنسانيتهم، وتجنيد المناصرين الجدد. ووفقا للممثلة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النـزاع، فإن الجماعات المتطرفة مثل تنظيم داعش تنظر إلى جسم المرأة كوعاء لإنجاب جيل جديد يمكن أن يربى على صورتهم الخاصة، وفقا لأيديولوجياتهم المتطرفة، ومن هنا تصبح السيطرة على الحياة الجنسية للمرأة وعلى وظيفتها الإنجابية جزءا لا يتجزأ من تطلعات داعش والجماعات المرتبطة به إلى بناء الدولة( ). وتزداد العلاقة بين العنف الجنسي والتطرف العنيف وضوحا، ولذا تشكل مكافحة الجماعات المتطرفة مكونا أساسيا في مكافحة العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات. وقد شدد مجلس الأمن في قراره 2242 (2015) على الحاجة المتزايدة إلى ضمان أن تكون حماية المرأة وتمكينها من الاعتبارات الرئيسية في استراتيجيات مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
١٠ - وأصبح آلاف من الأطفال أيضا ضحايا وجناة وشهودا لفظائع تنظيم داعش. فهذه الجماعة تعمل على نحو منهجي على غرس مذهبها في عقول الأطفال وإعدادهم منذ سن مبكرة لا تتجاوز الخامسة من عمرهم لكي يصبحوا مقاتلين في المستقبل. ولا تزال بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يتلقيان تقارير تفيد بأن تنظيم داعش يجند الأطفال تجنيدا قسريا ويستخدمهم في العمليات العسكرية( ). ونشرت عدة أشرطة فيديو في وسائط التواصل الاجتماعي تُظهر ما زُعم أنه تجنيد وتدريب الأطفال في معسكرات تنظيم داعش في العراق والجمهورية العربية السورية. ومن بواعث القلق البالغ أن تنظيم داعش يعمل بصورة منهجية على تجنيد الأطفال والاعتداء عليهم وأنه ترد تقارير تفيد بظهور معسكرات لتدريب الشباب في عدة مناطق.
٣ - الأزمة الإنسانية
١١ - يواجه المجتمع الدولي أزمة إنسانية ذات أبعاد غير مسبوقة. فالنزاع السوري هو أكبر وأعقد حالات الطوارئ الإنسانية وقد تفاقم حتى أصبح أزمة دولية. وفي الجمهورية العربية السورية وحدها، اضطر نحو 12 مليون شخص (بمن فيهم أكثر من أربعة ملايين شخص التمسوا اللجوء في الدول المجاورة) إلى الفرار من ديارهم، وأكثر من 13.5 مليون دولار يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية( ). وظهور تنظيم داعش في العراق وفي الجمهورية العربية السورية إنما زاد الأزمة الإنسانية تفاقما. وبالنظر إلى أنه لا تلوح في الأفق بوادر حل سياسي وأن المواجهة العسكرية مستمرة، فيرجح أن يزيد في عام 2016 عدد الأشخاص المتضررين من النزاع الداخلي في كلا البلدين. كما أن وجود أعداد غفيرة من السكان المشردين يفرض ضغوطا على موارد الدول المجاورة لمناطق النزاع.
٤ - تدمير ونهب المواقع الثقافية والتحف الأثرية
١٢ - يشكل تدمير ونهب المواقع الثقافية بصوة منهجية وعلى نطاق واسع أيضا جزءا من استراتيجية تنظيم داعش، ويبرز ذلك الصلة القوية بين الأبعاد الثقافية والإنسانية والأمنية للنزاعات والإرهاب. وهذا ما أقرته الأمم المتحدة في العديد من البيانات والإعلانات، بما في ذلك الجمعية العامة في قرارها 69/281، المعنون ”إنقاذ تراث العراق الثقافي“، وعلى الأخص مجلس الأمن في قراره 2199 (2015) الذي نص فيه المجلس على فرض حظر على التجارة في الآثار التي أخذت بصورة غير قانونية من العراق منذ 6 آب/أغسطس 1990 ومن الجمهورية العربية السورية منذ 15 آذار/مارس 2011، وأقر بأن الاتجار غير المشروع بالقطع الأثرية مصدر محتمل لتمويل المنظمات الإرهابية.
٥ - استنتاج
١٣ - يمثل تنظيم داعش خطرا غير مسبوق يهدد السلام والأمن الدوليين. وهو قادر على التكيف بسرعة مع البيئة المتغيرة وإقناع وإلهام الجماعات الإرهابية المشابهة
له في نمط التفكير في مختلف مناطق العالم بتيسير وارتكاب أعمال إرهابية.
١٤ - وبالنظر إلى خطورة هذا التهديد، يجب على المجتمع الدولي أن يتحلى أيضا بالقدرة على التكيف فيما يتخذه من تدابير التصدي مع كفالة تماشيها مع مبادئ سيادة القانون الدولي والقواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني. وينبغي أن تعتمد الدول الأعضاء نهجا شاملة تدمج مبادرات ذات منحى أمني لمكافحة الإرهاب، إلى جانب التدابير الوقائية التي تعالج دوافع التطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب.
باء - مصادر تمويل تنظيم داعش
١٥ - تكشف قدرة تنظيم داعش على تعبئة موارد مالية ضخمة بسرعة وفعالية من أجل التجنيد والتوسع الإقليمي عن جسامة الخطر على السلم والأمن الدوليين الذي تشكله المنظمات الإرهابية التي تستخدم أساليب مماثلة لتلك التي تستخدمها الجماعات الإجرامية المنظمة عبر الوطنية وتكيف باستمرار استراتيجيتها التمويلية لتلائم الظروف المتغيرة.
١٦ - فتنظيم داعش أكثر المنظمات الإرهابية ثراء في العالم. وقد ورد بيان مصادر تمويله بالتفصيل في عدد من التقارير، بما في ذلك تقارير المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب وفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات وفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية. ويستمد التنظيم معظم أمواله من استغلال الموارد الطبيعية والاقتصادية في الأراضي التي يحتلها (بما في ذلك حقول النفط، ومصافي النفط، والأراضي الزراعية)، وكذلك من السطو على المصارف والنهب والابتزاز، ومصادرة الممتلكات، والهبات المقدمة من المقاتلين الإرهابيين الأجانب، ونهب الآثار.
١٧ - وهناك تقارير عديدة - منها التقارير المقدمة من بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق - تقدر الإيرادات التي جناها تنظيم داعش من النفط والمنتجات النفطية في عام 2015 بمبلغ يتراوح بين 400 مليون دولار و 500 مليون دولار. ويستخدم تنظيم داعش الإيرادات المتأتية من مبيعات النفط لشراء مستلزمات منها الأسلحة والمعدات العسكرية والذخائر. ونتيجة للضربات الجوية الدولية ضد مصافي النفط والدبابات، وإغلاق طرق التهريب وبيع وشراء النفط، من المتوقع أن تنخفض إيرادات داعش النفطية، سواء في مجموعها أو كنسبة من الإيرادات الإجمالية، انخفاضا تدريجيا في عام 2016. كما تعرضت موارد أخرى، بما فيها مواقع الغاز والفوسفات، للغارات الجوية. وعلاوة على ذلك، فإن مواصلة استغلال الموارد المتاحة تستلزم خبرة واستثمارا كبيرا قد لا يكونان متاحين. ومع ذلك، فإن أنشطة داعش بلغت درجة شديدة من التنويع بحيث يسهل عليها الاستعاضة بسرعة عن تدفقات الإيرادات المتضائلة بإيرادات أخرى. ولا يمكن للأمم المتحدة التحقق بصورة مستقلة من البيانات والصور المقدمة من الدول الأعضاء عن الطرق المحتملة للاتجار غير المشروع بالنفط والمنتجات النفطية على يد تنظيم داعش. وعلاوة على ذلك، فإن الاختلافات في المواد المقدمة تشير إلى الصعوبة في تحديد الطرق وشبكات التوزيع بدقة بالنظر إلى ما يتسم به تنظيم داعش من تنوع ومرونة، وتؤكد على ضرورة التنسيق والتعاون الوثيقين فيما بين الدول الأعضاء. وهذا المستوى الرفيع من التنسيق والتعاون تجلى في اعتماد قرار مجلس الأمن 2253 (2015).
١٨ - وعلى مدى العام الماضي، أصبح فرض ضرائب والمصادرة مصدرا هاما آخر للإيرادات. وقد استحدث تنظيم داعش نظاما متطورا لمصادرة السلع والممتلكات، بما في ذلك من المصارف (إذ بلغ مجموع الأموال النقدية التي أخذها التنظيم من 90 فرعا تقع في المحافظات العراقية الخاضعة لسيطرته بليون دولار (675 مليون دولار من المصارف في الموصل وحدها)، وفقا لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق).كما يصادر تنظيم داعش منازل المسؤولين وغيرهم ممن يغادرون الأراضي ويبيعها في الأسواق المحلية، مع منح خصومات لأعضائه. ويفرض تنظيم داعش أيضا ضرائب على النشاط الاقتصادي حيث يقوم بابتزاز ما يقدر بثمانية ملايين من الناس الذين يعيشون في الأقاليم الواقعة تحت سيطرته. ويسعى إلى إضفاء الشرعية على هذا النظام بإطلاق لفظ ديني على الضريبة وهو الزكاة. ويصل مبلغ الضريبة إلى 2.5 في المائة على الأقل من الأموال المكتسبة من الأعمال التجارية والسلع والمنتجات الزراعية، بما في ذلك القمح والشعير والقطن، والماشية؛ ومن خدمات المتعاقدين والتجار في محافظات العراق الغربية والشمالية؛ ومن الشاحنات التي تدخل الأراضي الواقعة تحت سيطرته. واستنادا إلى بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق، فإن الضريبة على الشاحنات تدر ما يناهز 900 مليون دولار في السنة. ويبتز تنظيم داعش في بعض الحالات نسبة تصل إلى 10 في المائة، بدعوى ”أن الأمة في زمن الحرب“.
١٩ - وقد قررت الحكومة العراقية في الآونة الأخيرة وقف دفع المرتبات للعاملين في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش، بهدف تقليل فرص فرض هذه الضرائب. ومع ذلك، يبدو أن التحويلات المالية التي يرسلها الأقارب من الخارج تحوَّل بالاستعانة بخدمات محلية من نوع ”الحوالة“ تصعب مراقبتها. غير أن المحافظة على هذا النظام الضريبي سوف تصبح أشد صعوبة في الأمد البعيد. ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن هذا ينطبق بوجه خاص في القطاع الزراعي، حيث تناقصت غلة محاصيل القمح والشعير في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم بسبب رداءة نوعية البذور.
20 - ومثل الجماعات الإجرامية المنظمة العابرة للحدود الوطنية، يعتمد تنظيم الدولة الإسلامية على تقنيات الغسل والتهريب وعلى شبكات التهريب للتحايل على الحظر الدولي. ويبيع تنظيم الدولة الإسلامية النفط والمنتجات الزراعية بأسعار منخفضة باستخدام طرق التهريب القائمة منذ القدم في الجمهورية العربية السورية والعراق وخارجهما. وبمجرد وصول هذه السلع إلى بلدان المقصد، يصبح في غاية الصعوبة اقتفاء أثر منشئها، ولا سيما المنتجات النفطية. وتنقل القوافل الأغذية والمواد الخام الأساسية للسكان ويجري إخفاء البضائع غير المشروعة ضمن هذه القوافل عند مغادرتها الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. ويفرض التنظيم ”ضرائب“ ورسوما على أي شخص يعيش على الأراضي الخاضعة لسيطرته.
21 - وتخضع مواقع أثرية عراقية وسورية متعددة لسيطرة مُحكمة من جانب تنظيم الدولة الإسلامية الذي يفرض ضرائب على النهَّابين، بناء على تقييم مسبق لقيمة المأخوذات، ويمنح أيضا تراخيص للتنقيب عن الآثار. ووفقا لما أوردته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، تقدر منظمة المدارس الأمريكية للبحوث المشرقية أن حوالي 25 في المائة من المواقع الأثرية في الجمهورية العربية السورية (بما في ذلك ما يزيد على 21 في المائة في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية) تضررت من أعمال النهب. وقد صادرت الجمهورية العربية السورية، أو استعادت، ما يزيد على 000 6 قطعة من المصنوعات اليدوية الأثرية (بما في ذلك 000 1 قطعة من لبنان) خلال السنوات الأربع الماضية. وتلاحظ اليونسكو أنه بالنظر إلى نطاق عمليات النهب وأثرها الاقتصادي الكبير، من المرجح أن الشبكات الإجرامية تخزن العديد من القطع الأثرية. وبمجرد أن يقل الاهتمام، من المتوقع أن تشرع الشبكات الإجرامية في إدخال مزيد من القطع المغسولة إلى السوق. ووفقا للمعلومات الأولية الواردة من اليونسكو والدول الأعضاء فيها، يُهرب على العموم العديد من القطع الصغيرة، مثل النقود والتماثيل الصغيرة، ثم تعرض هذه القطع للبيع عبر منابر قائمة على شبكة الإنترنت. ولذلك من الضروري أن يتخذ مسؤولو الشرطة والجمارك وأسواق الفن أشد التدابير الممكنة لمكافحة الاتجار غير المشروع بهذه القطع. وتشير اليونسكو أيضا إلى الأهمية الحيوية التي يكتسيها تحديد أماكن تخزين هذه المصنوعات اليدوية الأثرية وهوية من يخزنونها والكشف عن طرق التهريب.
22 - وبالإضافة إلى مصادر الإيرادات المشار إليها أعلاه، ما زال تنظيم الدولة الإسلامية يستفيد من التبرعات الخارجية ومبالغ الفديات المدفوعة من أسر الرهائن، ولا سيما من الطائفة اليزيدية. وتقدر بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق أن تلك المدفوعات تراوحت بين 35 مليون و 45 مليون دولار في عام 2014. ويُعتقد أن مبلغ 000 850 دولار دفع في كانون الثاني/يناير 2015 من أجل الإفراج عن 200 شخص من يزيديي العراق. ويستخدم تنظيم الدولة الإسلامية العنف الجنسي لحشد الموارد وتمويل عملياته،
بما في ذلك طلب الفديات وبيع النساء والفتيات عن طريق الاتجار بالبشر وأسواق الرق. ويتلقى أيضا مبالغ تدفع طوعا من جهات تسعى إلى إخراج مقاتلين إرهابيين أجانب من مناطق النزاع. ووفقا للمديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب وفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات، تمثل الإيرادات المتأتية من المقاتلين الإرهابيين الأجانب مصدرا مهما آخر من مصادر التمويل. فالتحويلات البرقية وعمليات سحب الأموال التي تجري بواسطة بطاقات الائتمان من حسابات مقاتلين إرهابيين أجانب معروفين والتحويلات المالية تكشف عن تدفق مستمر للأموال في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم ومنها. ومن الضروري مواصلة البحث من أجل تحسين فهم الشبكات المالية العاملة في المدن الحدودية، بما يشمل دور الوسطاء.
23 - وبالنظر إلى الضغوط الكبيرة التي يمارسها المجتمع الدولي، من المرجح أن يحاول تنظيم الدولة الإسلامية إيجاد مصادر تمويل أخرى. ومن الضروري التوصل إلى فهم أفضل للآليات المالية التي تستخدمها الجهات المنتسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات التي قدمت الولاء له.
24 - وتشير فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية والجهات المنتسبة له يواصلان استخدام الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي على نطاق واسع من أجل حشد الأموال. فإساءة استخدام هذه التكنولوجيات بطريقة منسقة يمكن أن يولد مبالغ مالية كبيرة من الصعب الكشف عنها بدون دعم من مقدمي خدمات الإنترنت. وهذا مجال من المجالات التي تثير القلق بوجه خاص، لأنه قد يمكِّن المقاتلين الإرهابيين الأجانب العائدين من الجمهورية العربية السورية أو العراق أو المتعاطفين المحليين معه من توليد ما يكفي من التمويل لأغراض التجنيد والتخطيط للهجمات الإرهابية في جميع أرجاء العالم.
جيم - المقاتلون الإرهابيون الأجانب المنضمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات والكيانات المرتبطة به
1 - التجنيد
25 - وفقا لفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات ومصادر أخرى، ارتفع إلى مستوى غير مسبوق استقطاب تنظيم الدولة الإسلامية لمن يحتمل تجنيدهم. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 000 30 من المقاتلين الإرهابيين الأجانب، القادمين من أكثر من 100 دولة عضو، يشاركون بالفعل في أنشطة تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المرتبطة بهما( ). ومن الواضح أن هذه الظاهرة لا تتطلب حلولا عالمية ووطنية فحسب، بل تتطلب أيضا اتخاذ إجراءات عاجلة على الصعيد المحلي. وبالنظر للحالة الراهنة على أرض الواقع، من غير الواضح ما إذا كان معدل النمو الكبير المشهود في الآونة الأخيرة في عدد المقاتلين الإرهابيين الأجانب سيستمر في الأجل الطويل. ومن غير الواضح أيضا ما إذا كانت الوجهات النهائية لمعظم المقاتلين الإرهابيين الأجانب ستظل هي الجمهورية العربية السورية والعراق بما أن تنظيم الدولة الإسلامية يشجع المقاتلين المحتملين على السفر إلى دول خارج الشرق الأوسط.
26 - وفي البلدان المتقدمة النمو والدول النامية على حد سواء، تنظر بجدية أعداد كبيرة من الشباب في السفر إلى مناطق سيكون فيها أمنهم الشخصي عرضة لمخاطر كبيرة. ومغادرة أعداد كبيرة للغاية من الشباب إلى مناطق النزاع تؤثر أثرا عميقا يزعزع استقرار مجتمعاتهم المحلية وفي المقام الأول استقرار أسرهم. ولاجتذاب الأفراد إلى قضية تنظيم الدولة الإسلامية، يستغل التنظيم المظالم الاجتماعية - الاقتصادية والشعور بالاغتراب أو التهميش أو التمييز أو الإيذاء، مما تسببه أمور من بينها الافتقار المتصور أو الحقيقي للحكم الرشيد، وعدم المساواة والظلم، وانعدام الفرص. ويدعي التنظيم منح المجندين المحتملين فرصة لبلوغ ”وضع اجتماعي“ جيد وربط أواصر القرابة وتحقيق الإحساس بالهوية والانتماء، والوفاء بالواجب الديني والغرض. وتقوم أيديولوجيته على تفسير شاذ للإسلام يستغل فيه أيضا المظالم التاريخية (إتاحة فرصة لا تقتصر فحسب على التمرد على فساد النظام السياسي الحالي، بل تشمل أيضا إزالة الحدود ”المصطنعة“ بين الجمهورية العربية السورية والعراق).
27 - وتتزايد المصاعب التي يواجهها من يسعون إلى تحديد هوية المقاتلين الإرهابيين الأجانب المحتملين ومنع سفرهم بسبب عدم وجود ”شخصية نموذجية“ واضحة أكثر عرضة من غيرها للانخراط في الأنشطة الإرهابية. وقد بينت دراسات أولية( ) أن المقاتلين الإرهابيين الأجانب يحركهم عدد من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية - السياسية، إلى جانب ظروف فردية تظهر في لحظة معينة وتجعل الأفراد عرضة للتجنيد أو الانخراط في التطرف العنيف والإرهاب. وعلى ما يبدو أن هذا هو الحال بالنسبة للمجندين الموجودين داخل وخارج أراض لدى تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المنتسبة له وجود كبير فيها. وتنطوي رحلة كل مقاتل من المقاتلين الإرهابيين الأجانب نحو النشاط الإرهابي على مجموعة فريدة من العوامل التي تختلف من حيث الحجم، حسب السياق المحلي.
28 - ووفقا للممثلة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في النزاع المسلح، تشمل أيضا رسائل التجنيد التي ينشرها تنظيم الدولة الإسلامية تقديم وعود بالحصول على النساء للشبان العازبين المهمشين اقتصاديا الذين يسعون إلى بلوغ مركز كبير والوصول إلى السلطة والحصول على إمكانات جنسية لا تتوافر في السياقات المحافظة اجتماعيا. ولدى تنظيم الدولة الإسلامية أيضا فريق كبير من ”المهيِّئين على شبكة الإنترنت“ الذين يكمُن عملهم في تحديد الأفراد الذين يعبرون عن اهتمامهم بالجماعة في المنتديات الإلكترونية. وتهييئ المتعاطفين المحتملين لأغراض القيام بأنشطة إرهابية محليا أو للسفر إلى الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم يقوم على معلومات عن السياق الشخصي والاجتماعي الخاص بالفرد.
29 - وليس تجنيد الإرهابيين حكرا على المجنِّدين التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية. بل ثمة في كثير من الأحيان عنصر مقرب وشخصي. وتبين دراسات أوروبية متعلقة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب(8) أن ضغوط الأنداد أو دعمهم يؤدي دورا فعالا في المراحل النهائية من التطرف، وأن دور أفراد الأسرة، وخاصة الأمهات، يمكن أن يكون مهما بوجه خاص في التصدي لهذه الضغوط.
2 - استخدام الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي بوصفها أداة للترويج والتجنيد
30 - تتزايد خطورة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية بفعل التطور التكنولوجي المتنامي الذي تتسم به هذه الجماعة. فالتنظيم يلجأ بشكل متزايد إلى الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي بغية إيصال رسائله إلى من يحتمل تجنيدهم. وعلى ما يبدو أن التنظيم تمكن، عن طريق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بوجه عام، وأدوات وسائط التواصل الاجتماعي بوجه خاص، من إنشاء نظام قوي ومنخفض التكلفة لبث دعايته، وتحديد من يحتمل تجنيدهم، وتخصيص الموارد البشرية من أجل إقناع الأفراد المستهدفين بالانضمام إلى صفوفه. وقد تسبب هذا في زيادة نمو عدد المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين يسافرون إلى الجمهورية العربية السورية والعراق. ويورد بشكل متزايد المدعون العامون ومسؤولو إنفاذ القوانين في العديد من الدول المتضررة أن المقاتلين الإرهابيين الأجانب والأشخاص المحتمل انضمامهم إلى صفوف المقاتلين الإرهابيين الأجانب والإرهابيون العاملون على انفراد أو في مجموعات صغيرة، ولكن دون أن تكون لهم صلات رسمية بتنظيم الدولة الإسلامية، يستهلكون الدعاية التي ينشرها التنظيم على الإنترنت ويتفاعلون على الإنترنت مع أعضائه والمتعاطفين معه( ). وبعد الإجراءات التي اتخذتها شركة تويتر لإغلاق الآلاف من هذه الحسابات، انتقل تنظيم الدولة الإسلامية إلى أدوات أخرى من وسائط التواصل الاجتماعي، مثل أداة التراسل تيليغرام( ). وعندما ستشرع أداة تيليغرام بدورها في إغلاق القنوات المتصلة بتنظيم الدولة الإسلامية، فمن المرجح أن ينتقل التنظيم وقاعدة الدعم الخاصة به إلى منابر جديدة.
31 - وقد برهن تنظيم الدولة الإسلامية أيضا على قدرته على تكييف مواصفات رسائله المنشورة عبر شبكة الإنترنت حسب جمهوره. فخلال العامين الماضيين، عرضت أشرطة الفيديو التي يبثها التنظيم ما يلي: أعمال حربية (30 في المائة)؛ ومقابلات مع المجاهدين (25 في المائة)؛ وصور تبين التنظيم بمثابة ”دولة“ طوباوية تؤدي مهامها (18 في المائة)؛ وعمليات إعدام (15 في المائة)( ). أما المواضيع الدينية البحتة فأقل شيوعا. وكثيرا ما تكون أشرطة الفيديو مُعدَّة بشكل جيد ومستوحاة من أفلام الإثارة وألعاب الفيديو. ولا يسعى هذا النهج إلى اجتذاب الشباب الساعين إلى القتال فحسب، بل أيضا إلى اجتذاب الاختصاصيين مثل الأطباء والمهندسين وأخصائيي تكنولوجيات المعلومات والاتصالات والنساء والفتيات. وتقترن حملات تمييز الأنشطة والترويج التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية بحملات ذات مواصفات فردية لزرع التطرف والتجنيد يقوم بها مهيؤون مدربون تدريبا جيدا باستخدام تطبيقات الدردشة المباشرة والتداول بالفيديو وغيرها من أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
32 - وقد تبين أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تقوم بدور بالغ الأهمية في الأعمال التحضيرية لسفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أجل الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المنتسبة لها، وفي التدريب وتبادل ”الممارسات الفعالة“ والتخطيط للهجمات. وفي منتديات الإنترنت التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية تناقش أفضل سبل تفادي الكشف أثناء عبور الحدود باستخدام الطرق التي لن تثير الشكوك، ومن خلال الدول التي تعتبر في عداد الدول التي لا تراقب حدودها مراقبة كافية. واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لبيان كيفية تركيب الأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع موثق أيضا توثيقا جيدا. وقد أثار مجلس الأمن هذه المسألة في قراريه 2161 (2014) و 2178 (2014) إذ يمكن لتنظيم الدولة الإسلامية والجهات المنتسبة له استغلال ذلك. وأعرب مدعون عامون وموظفون مكلفون بإنفاذ القوانين عن قلقهم إزاء الاستخدام الروتيني لتكنولوجيات التشفير من جانب إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية. فالمنتديات المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية المقامة على شبكة الإنترنت الخفية تزود بانتظام أعضاءها بمعلومات عن أنجع أدوات التشفير وتوصي باعتماد منتجات جديدة عندما يُرتأى أن تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قد تعرضت للكشف.
33 - ومن التحديات الأخرى تعقد الإطار العالمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي يثير عدة مسائل متصلة بالولاية القضائية فيما يتعلق بانطباق القوانين المحلية وامتلاك الدول سلطات إنفاذها. وعلى الشركات الخاصة أن تجد سبلا لمعالجة تضارب القوانين المحلية في عملياتها الدولية. فمثلا، وضعت شركة فيسبوك مبادئ توجيهية للتعاون مع وكالات إنفاذ القوانين على نطاق العالم، بما في ذلك مبادئ توجيهية لحفظ البيانات والطلبات العاجلة. والعديد من الشركات الخاصة تطبق بالفعل شروط الاستخدام التي تضعها ويمكنها إما حذف محتويات تنظيم الدولة الإسلامية أو إنهاء حسابات المستخدمين الذين ينتهكون تلك الشروط. وتتخذ الشركات تدابير من هذا القبيل في سياق الأنشطة الإرهابية مثل التجنيد والتحريض على الإرهاب. وبصورة استباقية وطوعية، معظم الشركات الكبيرة تخفف حدة المحتويات التي يحمِّلها المستخدمون أو تحذف المحتويات التي تخالف أحكامها وشروطها( ).
34 - ويتواصل بيع القطع الأثرية العراقية والسورية على شبكة الإنترنت رغم حظر تجارتها على الصعيد العالمي، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن 2199 (2015). ويستخدم البائعون غير الشرعيين لهذه القطع الأثرية، الذين ربما تكون لهم علاقات مباشرة أو غير مباشرة بتنظيم الدولة الإسلامية، منابر وسائط التواصل الاجتماعي لإيجاد زبائن للمصنوعات اليدوية الأثرية المتحصل عليها والمصدرة بطرق غير مشروعة. وتعمل اليونسكو على التوعية بهذه الظاهرة منذ عقد من الزمن( ). وينبغي لدوائر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الصعيد العالمي أن تتخذ التدابير المضادة اللازمة وفقا للممارسات الجيدة المتبعة( ).
دال - سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب
35 - ما زال مقاتلون إرهابيون أجانب من العديد من الدول يصلون إلى الجمهورية العربية السورية والعراق عبر البلدان المجاورة. وما ييسر ذلك في بعض الحالات هو التشابه اللغوي وعدم الحاجة إلى الحصول على تأشيرة دخول. وقد برهن تنظيم الدولة الإسلامية على فعاليته في تحديد التدابير المضادة التي تضعها الدول الأعضاء والتحايل عليها. وأثبت أيضا براعته في إبلاغ المقاتلين الإرهابيين الأجانب المحتملين بأي مواطن ضعف، وذلك باستخدام الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي. وحتى عندما تكشف دولة من الدول عن أحد مواطن الضعف التي تيسر تنقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب عبر الحدود، فتنظيم الدولة الإسلامية ربما يستغل موطن الضعف نفسه بسهولة في إحدى الدول المجاورة. ولذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يضع طريقة أكثر فعالية لتحديد أوجه الضعف التي يستغلها التنظيم وأن يعمم هذه المعلومات على الدول الأخرى المتضررة من هذه التدابير بحيث يمكن تنفيذ استجابات جماعية على وجه السرعة.
36 - وقد أصدر تنظيم الدولة الإسلامية مؤخرا مبادئ توجيهية على الإنترنت تساعد على تيسير سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى الجمهورية العربية السورية والعراق. وتبين تلك المبادئ التوجيهية بوضوح وعي تنظيم الدولة الإسلامية بالتقنيات التي عادة ما تستخدمها الدول الأعضاء لتحديد هوية المقاتلين الإرهابيين الأجانب، فضلا عن أوجه النقص العامة في التدابير القائمة لتتبع أنماط سفرهم. ومن الواضح أيضا أن التنظيم يدرك جيدا صعوبة تحديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب قبل مغادرتهم. فالعديد من المحتمل انضمامهم إلى صفوف المقاتلين ليسوا أشخاصا مشتبها بهم لدى مسؤولي إنفاذ القوانين في دول منشئهم أو إقامتهم، وبالتالي فهم لا يخضعون للرصد. وتشمل أيضا المبادئ التوجيهية التي يضعها تنظيم الدولة الإسلامية معلومات مفصلة عن طرق السفر الأكثر سهولة من حيث المنفذ، والطرق التي يجب تفاديها بسبب المراقبة المعززة المفروضة عليها، وأفضل وسائل النقل التي ينبغي استخدامها للوصول إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم. وقد أبلغت الدول الأعضاء فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات بأن المقاتلين الإرهابيين الأجانب يسافرون إلى مناطق النزاع في الجمهورية العربية السورية والعراق عبر طرق جوية وبحرية وبرية من خلال الدول الأوروبية والدول المجاورة( ).
37 - وأظهر تنظيم الدولة الإسلامية أيضا اهتماما متزايدا بشن الهجمات خارج الأراضي التي يسيطر عليها وقدرة متزايدة على ذلك. ولا تنفذ هذه الهجمات فحسب على يد إرهابيين محليين، بل أيضا على يد أفراد تلقوا تدريبا في الخارج، بما في ذلك في الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. وهذا يبين الحاجة الملحة إلى ألا تقتصر الدول الأعضاء على كفالة عدم سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب من بلدانهم الأصلية إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، بل أيضا أن تحد من تدفق هؤلاء المقاتلين من الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم إلى دول ثالثة يمكن لهم منها تيسير القيام بهجمات إرهابية. وقد أثيرت شواغل بشأن احتمال أن يستخدم المقاتلون الإرهابيون الأجانب التدفق الهائل لملتمسي اللجوء إلى أوروبا وسيلةً لنقل عملاء التنظيم إلى أوروبا.
38 - وفيما يتعلق باللاجئين الذين يدخلون دولا ثالثة عن طريق برامج إعادة التوطين التي تنظمها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من غير المرجح إلى حد كبير أن يحاول تنظيم الدولة الإسلامية الاستفادة من هذه البرامج لنقل الإرهابيين إلى الخارج. وبالنظر إلى اتساع نطاق تدابير الفرز وعمليات التحري عن الخلفيات التي يعتمدها معظم الدول التي تقبل إعادة توطين اللاجئين، وطول فترات الانتظار المرتبطة بعمليات التحري تلك، على ما يبدو أن إعادة التوطين لن تكون من السبل الجذابة.
هاء - تخطيط الهجمات وتيسيرها من جانب تنظيم الدولة الإسلامية
39 - تشكل الدعاية التي يبثها تنظيم الدولة الإسلامية باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جزءا من استراتيجيته العسكرية الرامية إلى زعزعة استقرار الدول خارج الجمهورية العربية السورية والعراق عن طريق إثارة مواجهة بين ”المؤمنين“ و ”الكفار“. وقد غير التنظيم أساليبه منذ سيطرته على أراض في عام 2014، ولا سيما خلال النصف الثاني من عام 2015 عندما شرع في توسيع النطاق الجغرافي لهجماته. وأدى ذلك إلى سلسلة من الهجمات التي ارتكبها متعاطفون مع التنظيم لوحدهم أو في إطار مجموعات صغيرة (بما في ذلك الهجمات التي وقعت في: متحف في بروكسل؛ وفي مقهى في سيدني بأستراليا؛ وفي متحف ومنتجع سياحي في تونس؛ وفي قطار متوجه إلى باريس؛ وفي إدارة الصحة العامة في مقاطعة سان برناردينو). وكان الطابع الرئيسي لهذه الهجمات هو انخفاض مستوى تعقدها.
٤٠ - ويظهر من الهجمات الأخيرة، بما في ذلك تلك التي نفذت في باريس وجاكرتا، حدوث تحول كبير نحو تنفيذ عمليات واسعة النطاق خارج الشرق الأوسط. ومن المحتمل جدا أن تتواصل أيضا الهجمات التي يرتكبها إرهابيون منفردين. وكانت هجمات تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في باريس، على وجه الخصوص، على النمط المعتاد في هجمات تنظيم القاعدة: من طول مدة التحضير، وتعدد الأهداف، وتنفيذ الهجمات في تتابع محكم التخطيط، ومشاركة هيكل منسق متعدد الخلايا يديره قائد عمليات ميداني ويقوده مكلفون بالتخطيط من الجمهورية العربية السورية، مع تدخل مساعدين من خارج فرنسا. ولقد ظهر تحد جديد ومعقد مرده إلى اجتماع ظاهرة الخلايا الصغيرة التي تنشأ داخليا وظاهرة سفر الإرهابيين من الجمهورية العربية السورية والعراق وإليهما جيئة وذهابا. ويبدو مما اجتمع من أدلة منذ كانون الثاني/يناير 2015 أن ثمة بالفعل ارتباطا على صعيد العمليات بين تنظيم داعش ومقاتليه في الخارج. وتنم هذه الهجمات أيضا عن امتلاك قدرات وضاحة على: تحديد أهداف كبيرة الحجم (كالمطاعم والملاعب الرياضية والبنى التحتية السياحية وقاعات الحفلات الموسيقية)؛ والاهتداء إلى طرق السفر بعيدا عن الأنظار؛ وتنظيم الدعم اللوجستي؛ والتدريب على استخدام وسائل الاتصالات والأسلحة والمتفجرات؛ وتعهُّد قائمة أشخاص على أهبة الاستعداد لتنفيذ هجمات وإدارة القائمة عن بعد؛ والاستعانة بشبكة عالمية من المتعاطفين لتيسير هذه العمليات.
٤١ - وإن في قدرة تنظيم داعش والجهات المنتسبة إليه ومن يعلنون عضويتهم فيه وتبعيتهم له على التواصل على الصعيد الدولي بواسطة التكنولوجيات المتطورة، بما في ذلك الهواتف النقالة والأدوات المشفرة، وعلى تحويل الأموال، وتقديم الدعم اللوجستي (كاستئجار الشقق والسيارات، وشراء الأسلحة، وصنع أحزمة المتفجرات)، وعلى استخدام طرق للسفر بعيدا عن الأنظار للتحضير للهجمات، دليلا على قدرتهم على إعداد عمليات خارج الأراضي التي يسيطرون عليها.
٤٢ - وبانتقال تنظيم داعش إلى استخدام المهاجمين الانتحاريين خارج المناطق الواقعة تحت سيطرته المباشرة، يكون التهديد المحدق بالسلام والأمن الدوليين قد زاد حدة. ومع أن هذه الهجمات لا تعتمد على استخدام الأسلحة المتطورة (إذ تعتمد أساسا على الرشاشات الخفيفة وأحزمة المتفجرات)، فإن فعاليتها تظهر في ما تحدثه بالفعل من خسائر في الأرواح وما تبثه في نفوس السكان المدنيين من شعور بعدم الاستقرار وانعدام الأمن. وثمة أمارات على أن تنظيم داعش ربما يكون يسعى إلى تطوير قدرة طويلة الأمد على استخدام أسلحة أكثر تطورا في هذا النوع من الهجمات، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
٤٣ - ومما يدعو إلى القلق الشديد أيضا تنامي قدرة الجماعات الإرهابية على تجنيد مهاجمين من قائمة من المقاتلين الإرهابيين الأجانب يُختارون ويُدربون لتنفيذ مثل هذه الهجمات تحديدا. ومن هؤلاء أفراد يعرف بعضهم بعضا لسنوات مديدة، ومنهم من كانوا محبوسين في نفس السجون، أو سافروا معا إلى الجمهورية العربية السورية، أو يتكلمون نفس اللغة، أو ينتمون إلى نفس البلد أو حتى نفس المجتمع المحلي. وهذا ما يسهل عليهم الانسجام فيما بينهم ويزيد من فرص نجاحهم.
٤٤ - ويبدو من الطابع المعقد للعديد من الهجمات التي وقعت في الآونة الأخيرة أن مقاتلي تنظيم داعش يتكيفون مع ما يُتخذ في مواجهتهم من إجراءات أمنية وإجراءات إنفاذ القانون. والحالة هذه، كثيرا ما تكون السلطات القضائية ووكالات إنفاذ القانون والأجهزة الأمنية في وضع غير موات في الحالات التي يتصرف فيها الإرهابيون منفردين أو يكونون أكثر تخفيا. وينطبق ذلك بصفة خاصة على أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات التي تعتمد على المصادر الاستخباراتية البشرية. تشير الأدلة التجريبية إلى أنه، في العموم، حتى لما يكون هناك - في الفترة التي تسبق معظم الأحداث الإرهابية التي ينفذها جناة منفردين - أشخاص على علم بنـزوع فرد إلى التشكي وإبداء أفكار وآراء متطرفة و/أو التصميم على ارتكاب العنف، فإن هؤلاء الأشخاص لا يبلغون هذه المعلومات إلى السلطات المختصة. ومن ثم تكون ضئيلة فرص التعرف على الجاني أو الحصول على معلومات قبل حدوث الهجوم.
واو - العائدون
٤٥ - ومن الشواغل الرئيسية الأخرى لدى كثير من الدول التهديد الذي يشكله مواطنوها ممن يكونون ضمن الإرهابيين الأجانب الذين يقاتلون في صفوف تنظيم داعش ثم يعودون من ميادين القتال في العراق والجمهورية العربية السورية ومن غيرهما من مناطق النـزاع. فهؤلاء العائدون هم عموما وسيلة لتوسيع حضور تنظيم داعش ليمتد إلى دول أخرى، ولإقامة شبكات لتنفيذ هجمات في المستقبل والتخطيط لها والمساعدة عليها( ). وليس معروفا في الوقت الحالي عدد الإرهابيين الأجانب الذين يقاتلون في صفوف تنظيم داعش المحتمل أن يعودوا إلى بلدانهم الأصلية (بدلا من البقاء في مناطق النـزاع أو السفر إلى دول ثالثة)، ولا إلى أي حد يُحتمل أن ينخرطوا في العمل الإرهابي لدى عودتهم. ولكن من المحتمل جدا أن يختار الكثير من هؤلاء العودة إلى بلدانهم بعد أن تنجلي عنهم الأوهام. ويشير واقع التجربة إلى أن عددا قليلا جدا من الإرهابيين الأجانب الذين يقاتلون في صفوف تنظيم داعش هم الذين ينخرطون فيما يبدو في العمل الإرهابي بعد عودتهم إلى بلدانهم، غير أن الهجمات التي ينفذها مدرَّبون من المقاتلين الإرهابيين الأجانب تكون أوفر حظا في النجاح وإسقاط قتلى( ). وتجدر الإشارة أيضا إلى أن العائدين مصدر قيّم للمعلومات، وأنه من الممكن أن يستعينوا بالتجربة التي مروا بها ليقنعوا غيرهم بعدم الدخول في العمل الإرهابي، بما في ذلك من خلال حملات فعالة تعتمد خطابا مضادا.
ثالثا - نطاق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في دعم جهود الدول الأعضاء في التصدي لتهديد تنظيم داعش
٤٦ - وتقع على الدول الأعضاء المسؤولية الرئيسية عن التصدي لتهديد تنظيم داعش. غير أن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، التي لها دور حاسم تضطلع
به في دعم الجهود التي تبذلها الدول، قد اتخذت عددا من التدابير، بما في ذلك إجراء تقييمات للتهديد، ولمدى قدرة الدول على التصدي له، وصياغة توصيات لمعالجة أوجه القصور المحددة، ووضع وتنفيذ برامج لبناء القدرات. ومع ذلك، وبالنظر إلى استفحال خطورة التهديد الذي يشكله تنظيم داعش، يجب على الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية أن تعتمد نهجا جماعيا يكون منسقا وأكثر شمولا.
٤٧ - وقد أعد فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات سلسلة من التقارير فيها تقييم للتهديد العالمي الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب، والتهديد الذي يشكله تنظيم داعش وجبهة النصرة، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط، والتهديد الإرهابي في ليبيا وأفغانستان الذي يشكله تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى. وقدم فريق الرصد عددا من التوصيات للتخفيف من حدة التهديد( ).
٤٨ - وأجرت لجنة مكافحة الإرهاب تقييما لمدى قدرة الدول الأعضاء على وقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب، مركزة في ذلك على أكثر الدول تضررا، وقدمت للدول الأعضاء توصيات بشأن السبل الكفيلة بمعالجة الثغرات التي تم تحديدها في التقييمات( ). وعقدت لجنة مكافحة الإرهاب في الآونة الأخيرة جلسة إحاطة مفتوحة في نيويورك بشأن ”دور المرأة في مكافحة الإرهاب والتطرف المصحوب بالعنف“، واجتماعا استثنائيا في مدريد بشأن ”وقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب“، واجتماعا استثنائيا في نيويورك بشأن ”منع الإرهابيين من استغلال الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في تجنيد الإرهابيين والتحريض على الأعمال الإرهابية، مع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية“. وأسفر الاجتماع الاستثنائي الذي عُقد في مدريد عن مجموعة من المبادئ التوجيهية لوضع اليد على أعمال تحريض المقاتلين الإرهابيين الأجانب ومساعدتهم، والتدخل ضد تلك الأعمال ومنعها؛ والحيلولة دون سفر أولئك المقاتلين؛ وتجريم تلك الأعمال وملاحقة مرتكبيها أمام القضاء؛ والتعاون على الصعيد الدولي؛ وتأهيل العائدين من المقاتلين الإرهابيين الأجانب وإعادة إدماجهم( ).
٤٩ - وفي أعقاب إنشاء فرقةِ العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب فريقاً عاملا مخصصا مشتركا بين الوكالات معنيا بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب، وُضعت خطة تنفيذ لبناء القدرات في مجال مكافحة تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب، بالتشاور الوثيق مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب وفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات. وكان مجلس الأمن دعا إلى وضع هذه الخطة في بيانه الرئاسي المؤرخ 29 أيار/مايو 2015 (S/PRST/2015/11).
٥٠ - وتتضمن الخطة توصيات بشأن الأولويات التي ينبغي مراعاتها لتلبية ما للدول الأعضاء الأكثر تضررا من احتياج إلى المساعدة في بناء القدرات، مستندة في ذلك إلى التقييم الذي أجرته المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، كما تشمل الخطة قائمة بالمشاريع ذات الأولوية في مجال بناء القدرات والمساعدة التقنية قدمتها الكيانات الممثلة في فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك لغرض تنفيذها على مدى الـ 24 شهرا التالية. والخطة هي أول محاولة لوضع نهج أكثر تنسيقا وتماسكا لبناء القدرات.
ألف - مكافحة تمويل داعش
٥١ - لقد تجمع لدى البرنامج العالمي لمكافحة غسل الأموال التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة كم من الممارسات الجيدة في تعطيل التمويل الموجه للجماعات الإرهابية والجماعات الإجرامية المنظمة. فحسب ما أورده البرنامج العالمي، ساعد ”دليل لاعتراض عمليات التمويل“ (Financial Disruption Workbook) أُعد واستُخدم في أفغانستان على تقليص الميزانية السنوية لحركة طالبان في جنوب أفغانستان بأكثر من الثلث. ويعتزم المكتب المعني بالمخدرات والجريمة أيضا الشروع في تنفيذ مبادرة تتعلق بتعزيز القدرة في مجال العمليات لدى بلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمكافحة تمويل الإرهاب في سياق التصدي لظاهرة المقاتلين الأجانب.
٥٢ - وقد أعلن الفرع المعني بالجريمة المنظمة والاتجار غير المشروع التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة برنامجا عالميا جديدا في الآونة الأخيرة، واسم البرنامج بناء شبكات فعالة مناهضة للجريمة المنظمة عبر الوطنية، وهو يهدف إلى تعزيز تبادل المعلومات الاستخبارية الجنائية بين الأقاليم وتمتين التعاون الدولي بشأن الجريمة المنظمة عبر الوطنية والإرهاب. وسيحقق هذا المبتغى من خلال مبادرة ”الربط بين الشبكات“ التي أقامت شبكة تضم مراكز وكيانات إنفاذ القانون الدولية والإقليمية القائمة للتشجيع على تبادل المعلومات الاستخبارية الجنائية والعمليات المتعددة الأطراف التي تستهدف الجريمة المنظمة. ومجال التركيز الثاني هو إنشاء شبكة من مؤسسات التدريب في مجال إنفاذ القانون لتشجيع التدريب المهني. وأما المجال الرئيسي الثالث، فهو تعزيز القدرات في مجال إجراء التحقيقات المالية.
٥٣ - وللتصدي للنهب والاتجار غير المشروع بالملكية الثقافية في حالات النـزاع، ستزيد اليونسكو من تعزيز تعاونها مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) ومنظمة الجمارك العالمية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص والشرطة الوطنية المتخصصة ووحدات الجمارك ومجلس المتاحف الدولي وسائر الشركاء الرئيسيين، مثل المتاحف والجهات العاملة في سوق التحف الفنية، وذلك لتقفي أثر الأشياء المسروقة والتي وقع تصديرها على نحو يخالف القانون والتأكد من صحتها وحجزها وحفظها وردها.
٥٤ - وشرعت الإنتربول، بدعم من الاتحاد الأوروبي وبالتعاون مع السوقين المشتركتين في شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي، في تنفيذ برنامج يرمي إلى تنمية القدرات في مجال منع المجرمين والإرهابيين من استغلال المؤسسات المالية. وسيزيد البرنامج من التعاون بين وحدات الاستخبارات المالية وموظفي إنفاذ القانون ومسؤولي العدالة الجنائية في إجراء ملاحقات قضائية للضالعين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سواء من خلال النظام المصرفي الرسمي أو من خلال الخدمات التي من قبيل الحوالة.
باء - إجراءات العدالة الجنائية في مواجهة التهديد الإرهابي
٥٥ - تعمل العديد من كيانات الأمم المتحدة بنشاط في دعم الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء لتقديم رد فعال في إطار العدالة الجنائية على التهديد الذي يمثله تنظيم داعش. وتلتقي هيئات الأمم المتحدة الرئيسية التي تُعنى بهذه المسألة في إطار فريق أُنشئ حديثا، هو الفريق العامل المعني بالإجراءات القانونية وإجراءات العدالة الجنائية في مواجهة الإرهاب، التابع لفرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب. وتكرس كيانات الأمم المتحدة جهودا كبيرة لتحديد الممارسات الجيدة ومساعدة الدول الأعضاء على تجريم الأعمال الإرهابية والتحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها قضائيا وإصدار الأحكام بحقهم، بمن فيهم المقاتلون الإرهابيون الأجانب. وهي تدعم أيضا الجهود التي تبذلها الدول لتطوير الاستراتيجيات المتعلقة بملاحقة العائدين قضائيا وتأهيلهم وإعادة إدماجهم. وتقدم المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب المساعدة للجنة مكافحة الإرهاب لرصد تنفيذ الدول لمتطلبات العدالة الجنائية الواردة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالموضوع، وتيسر أنشطة المساعدة التقنية ذات الصلة، بالتعاون مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين والإقليميين. فقد أعلن فرع منع الإرهاب، على سبيل المثال، مبادرة مدتها خمس سنوات بشأن إجراءات العدالة الجنائية في مواجهة المقاتلين الإرهابيين الأجانب في بلدان من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة البلقان، بالتعاون مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط والمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون.
جيم - منع وعرقلة سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب
٥٦ - أعد مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مشروعا للتوعية بالتحديات التي تواجه أكثر الدول تضررا في تنفيذ نظم المعلومات المسبقة عن الركاب، ولجمع المعلومات عن تلك التحديات، أعده في إطار التعاون الوثيق مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب وعدة شركاء آخرين (من بينهم اتحاد النقل الجوي الدولي، ومنظمة الطيران المدني الدولي، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية، والمنظمة الدولية للهجرة، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ومنظمة الجمارك العالمية). وسيجري المركز أول دراسة متعمقة في هذا الموضوع خلال الربع الأول من عام 2016. ويقوم حاليا مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بتوسيع نطاق مشروعه المسمى مشروع التخاطب بين المطارات ليشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بهدف تعزيز قدرات أجهزة إنفاذ القانون في المطارات الدولية على كشف واعتراض طريق المسافرين المشتبه فيهم، بما في ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب.
٥٧ - ولا تزال المنظمة الدولية للشرطة الجنائية تطور قاعدة بياناتها العالمية بشأن المقاتلين الإرهابيين الأجانب وتساعد الدول الأعضاء على تكثيف وتسريع عملية تبادل المعلومات. وستواصل العمل على استغلال البيانات المتاحة عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب وإعداد المزيد من التقارير التحليلية، عند الطلب، بهدف تحديد الطرق الجديدة أو أنماط السفر أو أساليب المراوغة التي يستخدمها هؤلاء الإرهابيون في السفر من وإلى مناطق النـزاع. وستواصل الإنتربول العمل مع الدول الأعضاء فيها على تحديث وتعزيز قواعد بياناتها، وستوسع نطاق نظامها من النشرات الخاصة وقواعد البيانات (بما في ذلك قاعدة البيانات المتعلقة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب) ليكون متاحا لموظفي الهجرة ومراقبة الحدود الميدانيين. وتقوم الإنتربول أيضا بمساعدة أعضائها في وضع نظام كشف متعدد الطبقات بهدف توقيف المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين ينجحون في الإفلات من مراقبة الحدود.
دال - مكافحة تجنيد ومنع/مكافحة التطرف المصحوب بالعنف
٥٨ - في 15 كانون الثاني/يناير 2016، قدمت إلى الجمعية العامة خطة العمل لمنع التطرف العنيف( ). وتتضمن الخطة، التي تعتمد أسلوبا عمليا وشاملا لمعالجة دوافع التطرف المصحوب بالعنف، أكثر من 70 توصية للعمل الجماعي على الصعيد العالمي والإقليمي والوطني، استنادا إلى خمس أولويات رئيسية هي: (أ) الوقاية؛ (ب) القيادة القائمة على المبادئ والمؤسسات الفعالة؛ (ج) تعزيز حقوق الإنسان؛ (د) اتباع نهج شامل؛ (هـ) مشاركة الأمم المتحدة. وستجري الجمعية العامة مناقشة رسمية تتناول الخطة في الأشهر المقبلة، كما سيُعقد مؤتمر في نيسان/أبريل 2016، يشارك في تنظيمه كل من سويسرا والولايات المتحدة. وسيكون الاستعراض الخامس الذي من المقرر أن تجريه الجمعية العامة لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب في حزيران/يونيه 2016 فرصة أخرى للدول الأعضاء ومنظومة الأمم المتحدة للنظر في التوصيات الواردة في خطة العمل.
٥٩ - ولا تزال لجنة مكافحة الإرهاب ومديريتها التنفيذية تيسران حلقات عمل إقليمية ووطنية بشأن وضع نهج شاملة للتصدي للتحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابية والتطرف المصحوب بالعنف، وفقا لقراري مجلس الأمن 1624 (2005) و 2178 (2014)، بما في ذلك حلقات العمل التي عقدت في كينيا وتونس في عام 2015. وقد كانت حلقات العمل هذه مفيدة في تطوير مفهوم الشراكات الاستراتيجية في هذا المجال بين طائفة عريضة من الوزارات الحكومية والجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك زعماء المجتمعات المحلية والزعماء الدينيون ومنظمات المجتمع المدني وجماعات النساء والشباب.
٦٠ - وقد أعد مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مشروعا يرمي إلى تعزيز فهم الإرهابيين الأجانب الذين يقاتلون في الجمهورية العربية السورية، بما في ذلك الدوافع التي تجعل أفرادا ينضمون إلى الجماعات المتطرفة في العراق والجمهورية العربية السورية، وفهم العوامل الرئيسية التي تؤثر في تفكيرهم، واستجلاء الأسباب التي تجعلهم يعودون إلى بلدانهم. والهدف من هذا المشروع، الذي سيكتمل في عام 2016، هو دعم الدول في وضع سياسات ترمي إلى ثني من يُحتمل أن يصبحوا من المقاتلين الإرهابيين الأجانب من السفر، وتوفير مواد للاتصالات الاستراتيجية، والمساعدة في تصميم برامج فعالة للتأهيل وإعادة الإدماج.
٦١ - وتقوم هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (هيئة الأمم المتحدة للمرأة)، بالتشاور الوثيق مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، بإعداد برنامج عالمي للبحث في العوامل المساعدة على التجنيد، ولا سيما تجنيد النساء، في صفوف تنظيم داعش وغيره من الجماعات الإرهابية. وسيزيد البرنامج أيضا من قدرة جماعات المجتمع المدني النسائية على المشاركة في منع عنف المتطرفين وتمكين النساء والفتيات في المناطق المتضررة من العنف من الاستفادة من استراتيجيات شاملة ومتكاملة. وفي إطار استراتيجية الأمم المتحدة المتكاملة لمنطقة الساحل، ستدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة عددا من المبادرات، في شراكة مع وكالات الأمم المتحدة المعنية، بقصد تمكين المرأة الريفية على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
٦٢ - ويقوم حاليا معهد الأمم المتحدة الأقاليمي لبحوث الجريمة والعدالة بجمع سلسلة من الدروس المستفادة والممارسات الواعدة، وبإجراء عمليات محاكاة لإشراك الدول الأعضاء في وضع خطط عمل لمكافحة التطرف المصحوب بالعنف والتصدي للتحديات التي يشكلها العائدون من المقاتلين الإرهابيين الأجانب. وستُنفذ هذه الأنشطة على الصعيد الإقليمي للتشجيع على تبادل الخبرات والمعارف. ويقوم المعهد الأقاليمي أيضا بإعداد برنامج للمقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين يُحتجزون و/أو يسجنون عند عودتهم.
هاء - تعطيل أعمال التخطيط لهجمات تنظيم داعش ومنع المساعدة عنها
٦٣ - لقد أعدت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية مشروعا يُرمز إليه بتسمية ”Watchmaker“، الغرض منه تحليل ونشر المعلومات، بما في ذلك المعلومات البيومترية، التي تُجمع عن الأجهزة المتفجرة المرتجلة في جميع أنحاء العالم. وستواصل المنظمة العمل مع فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات ومع غيره من شركاء الأمم المتحدة لتحديد الشبكات المسؤولة عن صنع هذه الأجهزة، بغية تطوير قدرة الدول الأعضاء على منع الهجمات التي تستخدم فيها الأجهزة المتفجرة المرتجلة وإجراء التحقيقات للوصول إلى الأشخاص المسؤولين عن هذه الهجمات. وستظل النشرات الخاصة المشتركة بين المنظمة الدولية للشرطة الجنائية ومجلس الأمن أداة عالمية هامة لمكافحة الإرهاب، وستواصل منظمة الإنتربول العمل مع فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات لتعزيز النشرات الخاصة، بما في ذلك من خلال تضمينها معلومات بيومترية.
رابعا - الإجراءات الاستراتيجية
٦٤ - إن تسوية النـزاعات التي تدور رحاها في الوقت الحاضر، وبخاصة النـزاع السوري، سيكون له أثر مباشر في العوامل التي تساعد تنظيم داعش على تجنيد المقاتلين الإرهابيين الأجانب. ولذلك يتعين في الإجراءات التي تتخذها الدول الأعضاء والأمم المتحدة أن تكون ذات بعد استراتيجي ومتسقة في التصدي للأسباب السياسية والاجتماعية - الاقتصادية الكامنة وراء كل من النـزاع السوري وتجنيد المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وفي كفالة إعمال العدالة والمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان. فالعمل يجب أن يكون متعدد الأوجه وأن يركز على الأهداف جميعها، ما كان منها قصير الأمد، وما كان منها متوسط الأمد، وما كان طويل الأمد.
٦٥ - ومن أجل التصدي للتهديد الخطير الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى الجمهورية العربية السورية والعراق والأنشطة التمويلية الواسعة النطاق للتنظيم، من الضروري إيجاد حل سياسي للنزاع السوري. وستتطلب هذه العملية التزاما دوليا متواصلا وراسخا وتنفيذا فعالا لقرار مجلس الأمن 2254 (2015) الذي يرسم الطريق نحو مفاوضات رسمية بين السوريين بشأن عملية انتقال سياسي عملا ببيان جنيف لعام 2012، بموازاة مع وقف لإطلاق النار في جميع أنحاء البلد. وستتطلب أيضا قيام جميع الدول بالتعجيل بتنفيذ قرارات المجلس 2178 (2014) و 2199 (2015) و 2253 (2015). وينبغي للعملية أيضا أن ترد المظالم التي يستغلها تنظيم الدولة الإسلامية لكسب دعم بعض المجتمعات المحلية لوجوده بين ظهرانيها.
٦٦ - ومن شأن اتباع نهج استراتيجي قائم على سيادة القانون في الحد من عدد المقاتلين الإرهابيين الأجانب، مع مواصلة تضييق الخناق على الأنشطة التمويلية لتنظيم الدولة الإسلامية، أن يساعد في النهوض بتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتخذة في هذا الشأن، بما فيها تلك التي تسعى إلى تحقيق السلام المستدام عن طريق إدماج الأطراف الفاعلة على الصعيد المحلي (مثل النساء والشباب)، التي لها فهم عميق لديناميات النزاع، في العمليات السياسية الدولية.
خامسا - التوصيات
٦٧ - تقدَّم التوصيات التالية لتنظر فيها الدول الأعضاء وكيانات منظومة الأمم المتحدة.
ألف - تعزيز قدرات الدول الأعضاء
١ - مكافحة تمويل الإرهاب
68 - تشجَّع الدول الأعضاء على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة تمويل الإرهاب على النحو المبين أدناه:
(أ) تؤكد من جديد قدرة تنظيم الدولة الإسلامية على تعبئة موارد مالية كبيرة بسرعة وفعالية الحاجة الماسة إلى تعزيز التدابير الرامية إلى منع ووقف تمويل الإرهاب في جميع أرجاء العالم. ومن أجل تنفيذ سياسات فعالة لمكافحة تمويل الإرهاب، يجب أن نفهم طبيعة تمويل التنظيم ونواكب تطوره. ولذلك أدعو الدول الأعضاء إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لرصد هذا التهديد والتصدي له، وإلى تبادل المعلومات باستمرار مع هيئات التقييم الدولية ذات الصلة، بما في ذلك المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب وفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات وفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية والهيئات الإقليمية التي هي على غرار فرقة العمل، حتى يتسنى لها فهم خطورة التهديد وإعداد استجابات عالمية وإقليمية فعالة؛
(ب) أدعو الدول الأعضاء أيضا إلى أن تنفذ بالكامل، وبهمة متجددة، نظام الجزاءات المفروض بموجب قرارات مجلس الأمن 1267 (1999) و 1989 (2011) و 2253 (2015). ووفقا للقرار الأخير، ينبغي للدول الأعضاء أن تواصل اقتراح أسماء الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات ممن يشاركون، بأي وسيلة، في تمويل أو دعم أنشطة تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة ومن يرتبط بهما من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات، وذلك من أجل إدراج هذه الأسماء في قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم الدولة الإسلامية (تنظيم داعش) وتنظيم القاعدة. ووفقا للقرار 1373 (2001)، ينبغي للدول أيضا أن تقوم بدون تأخير بتجميد أصول الإرهابيين في إطار التدابير الوقائية المتخذة لوقف الأنشطة الإرهابية، عوض الاعتماد على أحكام القوانين الجنائية الوطنية؛
(ج) مع أن الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطنية ظاهرتان منفصلتان، تشجَّع الدول الأعضاء على عدم الاعتماد فقط على الصكوك الدولية لمكافحة الإرهاب فيما تبذله من جهود لمكافحة تمويل الإرهاب. إذ بإمكانها الاستناد إلى صكوك دولية أخرى ذات صلة، منها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية لعام 2001 وبروتوكولاتها، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004، والاتفاقيات ذات الصلة المتعلقة بالمخدرات. فجميع هذه الأدوات يمكن وينبغي الاستفادة منها لتيسير التعاون الدولي والإقليمي بطريقة فعالة؛
(د) أحث الدول الأعضاء على اتخاذ خطوات فورية لتعزيز علاقاتها مع القطاع الخاص، بما في ذلك المؤسسات المالية (المصارف والمؤسسات التجارية التي تتعامل بالأموال والأصول ذات القيمة بجميع أنواعها والمؤسسات والمهن المالية الأخرى) وتجار القطع الأثرية ومقدمو خدمات الإنترنت، في مكافحة أنشطة تنظيم الدولة الإسلامية في مجال تمويل الإرهاب. وينبغي للدول الأعضاء أن تقيم شراكات مع المؤسسات الدولية ذات الصلة ومع القطاع الخاص لكفالة اتساق وفعالية مبادرات مكافحة تمويل الإرهاب الرامية إلى منع التنظيم والتابعين له من الاستفادة من النظام المالي الدولي؛
(هـ) يكتسي تبادل المعلومات الاستخبارية المالية واستخدامها في الوقت المناسب أهمية قصوى، ليس فقط في التحقيق في الهجمات الإرهابية، بما فيها تلك التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن أيضا في وقف التخطيط للهجمات وتيسيرها. وينبغي للدول الأعضاء أن تعطي الأولوية للتبادل الفعلي للمعلومات المالية (على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي) وأن تعتمد نهجا شموليا يشرك جميع أجهزة الحكومة فيما تقوم به جميع المؤسسات ذات الصلة من تبادل للمعلومات المالية. وينبغي أن تخضع عمليات جمع المعلومات الاستخبارية المالية واستخدامها، شأنها في ذلك شأن أي شكل آخر من أشكال جمع المعلومات الاستخبارية، للتنظيم بموجب القانون لكي لا يؤدي ذلك إلى انتهاك حقوق الإنسان دون مسوغ، ولا سيما الحق في الخصوصية؛
(و) أخيرا، ينبغي للدول الأعضاء كفالة أن تكون لديها القدرة على مكافحة تمويل تنظيم الدولة الإسلامية بطريقة تتناسب وخطورة التهديد، وذلك من أجل كفالة الوقف الفعال للتدفقات المالية غير المشروعة التي يستفيد منها التنظيم.
٢ - مكافحة التجنيد عبر شبكة الإنترنت واستخدامها في مكافحة التشدد والتطرف العنيف
69 - تشجَّع الدول الأعضاء على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة التجنيد عبر شبكة الإنترنت واستخدامها في مكافحة التشدد والتطرف العنيف على النحو المبين أدناه:
(أ) تتضمن خطة العمل لمنع التطرف العنيف توصيات بشأن الإجراءات التي ينبغي اتخاذها على الصعيد العالمي والإقليمي والوطني لمعالجة دوافع التطرف العنيف. وسيساعد تنفيذ هذه الخطة على تعزيز التنفيذ الشامل للركيزة الأولى من استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، المتعلقة بالظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وبالتالي المساعدة على منع تنظيم الدولة الإسلامية من التجنيد. وأدعو الحكومات إلى وضع خطط عمل وطنية لمنع التطرف العنيف، وأشجع بصفة خاصة المبادرات المتخذة في هذا الإطار على مستوى القواعد الشعبية، بما فيها على وجه الخصوص تلك التي تعزز إشراك المرأة والشباب؛
(ب) من الضروري تعزيز الإجراءات الوقائية والاستباقية من خلال التعليم. فقطاع التعليم يمكن أن يؤدي دورا حاسما في مكافحة جاذبية تنظيم الدولة الإسلامية عن طريق تعزيز البرامج التعليمية والتدريبية ذات الصلة، وتعميم مفهوم منع التطرف العنيف عن طريق وزارات التعليم، ووضع مبادئ توجيهية وممارسات للمدرسين وغيرهم من القائمين على قطاع التعليم بشأن تحديد التطرف العنيف والتصدي له في البيئات الرسمية وغير الرسمية؛
(ج) أشجع الدول الأعضاء أيضا على وضع برامج ترفيهية فعالة للشباب تحد من إمكانية تعرضهم للتجنيد والاستغلال على يد تنظيم الدولة الإسلامية والتابعين له. وينبغي للدول الأعضاء التي لديها نسبة عالية من المهاجرين المنحدرين من مناطق نزاع أن تعد أنشطة إدماج تستهدف الأطفال والشباب؛
(د) أحث الدول الأعضاء على اعتماد استراتيجيات فعالة للتصدي للتهديد المتمثل في نشر تنظيم الدولة الإسلامية لفكره المتشدد عبر الإنترنت. وسيتطلب ذلك أن تتجاوز الإجراءات التي تتخذها الحكومات نطاق تدابير سن التشريعات وإنفاذ القوانين لتشمل التواصل مع المجتمعات المحلية والجهات الفاعلة في هذا المجال. ولتكون هذه الحملات فعالة، ينبغي أن يشارك فيها القطاع الخاص بنشاط؛
(هـ) أحث الدول الأعضاء على استعراض أطرها القانونية المحلية لتعزيز قدرتها على تقديم من يدعى تورطهم في الاستخدام الإجرامي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات دعما لتنظيم الدولة الإسلامية إلى العدالة، وذلك بما يتماشى والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
٣ - منع ووقف سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب
70 - تشجَّع الدول الأعضاء على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع ووقف سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب على النحو المبين أدناه:
(أ) من الضروري أن تجرّم الدول الأعضاء سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وفقا لقرارات مجلس الأمن المتخذة في هذا الشأن، وأن تتخذ التدابير اللازمة لتعزيز نظم إدارة حدودها من أجل معالجة مواطن الضعف الخطيرة التي يستغلها تنظيم الدولة الإسلامية لتيسير تنقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى داخل وخارج الأقاليم الخاضعة لسيطرته. وقد تأكدت مجددا هذه الحاجة الملحة، في الآونة الأخيرة، من خلال حالات نجح فيها إرهابيون بارزون في السفر دون أن يكتشف أمرهم؛
(ب) أدعو الدول الأعضاء إلى كفالة اطلاع موظفي الهجرة مباشرة على جميع قواعد بيانات الإنتربول ذات الصلة المتاحة عبر منظومة الاتصالات الشرطية العالمية I-24/7، بما في ذلك النشرات الخاصة والبيانات الاسمية وقاعدة البيانات الخاصة بوثائق السفر المسروقة والمفقودة وتلك الخاصة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب؛
(ج) أدعو الدول الأعضاء إلى إجراء تقييم مستمر لطرق السفر التي يستخدمها المقاتلون الإرهابيون الأجانب وتبادل ما تتوصل إليه هذه التقييمات من نتائج بهدف اتخاذ تدابير محددة لكشف ومنع هؤلاء المقاتلين من السفر للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية من خلال سلك هذه الطرق. وأحث الدول الأعضاء على تحديد جهات اتصال مخصصة لهذا الغرض و/أو محددة بوضوح داخل الإدارات المعنية بإنفاذ القانون والاستخبارات والأمن والهجرة، ونظيراتها في شركات الخطوط الجوية، لتيسير التبادل السريع لبيانات الركاب على مدار الساعة، طوال أيام الأسبوع، وذلك بهدف وقف سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب.
٤ - شل القدرة على التخطيط لهجمات إرهابية وتيسيرها باسم تنظيم الدولة الإسلامية
71 - تشجَّع الدول الأعضاء على اتخاذ الإجراءات اللازمة لشل قدرة الإرهابيين وهم يتصرفون بمفردهم أو في إطار خلايا صغيرة على التخطيط لهجمات إرهابية وتيسيرها باسم تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك على النحو المبين أدناه:
(أ) أدعو الدول الأعضاء إلى استخدام كل ما لديها من أدوات مراعية لحقوق الإنسان، من تدابير التدخل ”الناعمة“ إلى تدابير العدالة الجنائية، من أجل إحباط هجمات الإرهابيين، سواء كانوا يتصرفون بمفردهم أو في إطار خلايا صغيرة تعمل باسم تنظيم الدولة الإسلامية. وينبغي للدول الأعضاء أن تعزز التعاون وتبادل المعلومات بين وكالات الاستخبارات والوكالات الأمنية والادعاء وأن تتبع نهجا استباقيا في التحقيق في الجرائم التي يرتكبها المقاتلون الإرهابيون الأجانب، وذلك بهدف التعرف على هويتهم ومنع الهجمات؛
(ب) جمع الأدلة ضد المقاتلين الإرهابيين الأجانب مهمة معقدة ومتعددة الأوجه. لذلك ينبغي للدول الأعضاء أن تنظر في استعراض التشريعات الوطنية لكفالة اعتبار الأدلة التي تُجمع من خلال أساليب التحقيق الخاصة أو من بلدان المقصد أو الأدلة التي تُجمع عن طريق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي، بسبل منها المراقبة الإلكترونية، أدلةً مقبولة في القضايا المتعلقة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين يعملون لحساب تنظيم الدولة الإسلامية، مع الحرص على احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان؛
(ج) أشجع الدول الأعضاء على اتخاذ خطوات تكفل التنسيق الفعال بين الوكالات، بسبل منها إنشاء أفرقة عمل وجهات تنسيق مشتركة بين عدة وكالات من أجل كفالة استجابة جماعية في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية. وينبغي للدول الأعضاء أن تنظر أيضاً في وضع قوانين وآليات ملائمة تتيح التعاون الدولي على أوسع نطاق ممكن، بما يشمل إجراء تحقيقات مشتركة فعالة وتعيين مسؤولي الاتصال والتعاون فيما بين أجهزة الشرطة وإنشاء شبكات للتعاون تعمل على مدار الساعة، طوال أيام الأسبوع، ونقل الإجراءات الجنائية ونقل الأحكام القضائية.
٥ - التعامل مع المقاتلين الإرهابيين الأجانب العائدين إلى بلدانهم الأصلية
72 - تشجَّع الدول الأعضاء على اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع المقاتلين الإرهابيين الأجانب العائدين إلى بلدانهم الأصلية، وذلك على النحو المبين أدناه:
(أ) يمكن أن تسفر السياسات والممارسات الصارمة لملاحقة المقاتلين الإرهابيين الأجانب قضائيا عن نتائج عكسية تعرقل تنفيذ الاستراتيجيات الشاملة الرامية إلى مكافحة أنشطتهم ومكافحة التطرف العنيف الذي قد يؤدي إلى الإرهاب. ولذلك ينبغي أيضا للدول الأعضاء أن تنظر في بدائل للسجن وفي إمكانية إعادة إدماج العائدين والسجناء والمحتجزين التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية وإعادة تأهيلهم؛
(ب) أحث الدول الأعضاء على كفالة أن تتبع سلطاتها المختصة نهجا يتناول كل حالة على حدة فيما يتصل بالعائدين من صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، استنادا إلى تقييم المخاطر ومدى توافر الأدلة وما يتصل بذلك من عوامل، وعلى أن تضع وتنفذ استراتيجياتٍ للتعامل مع فئات معينة من العائدين، ولا سيما القصّر والنساء وأفراد الأسر وغيرهم من الأفراد الذين يحتمل أن يكونوا ضعافا، ومقدمو الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات المتعلقة بتلبية الاحتياجات الإنسانية، والعائدون المحبطون الذين ارتكبوا جرائم أقل خطورة؛
(ج) يمكن للعائدين أن يؤدوا دورا فعالا بوجه خاص في حملات بث الرسائل المضادة، نظرا لما يتمتعون به من مصداقية بحكم تجاربهم الشخصية في مناطق النزاع. وينبغي للدول الأعضاء أن تنظر في تشجيع مشاركتهم النشطة في البرامج الوقائية، حسب الاقتضاء.
٦ - حماية التراث الثقافي
73 - تشجَّع الدول الأعضاء على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التراث الثقافي على النحو المبين أدناه:
(أ) أدعو الدول الأعضاء إلى المساعدة في تعزيز قدرة الدول المتضررة على الحيلولة دون فقدان التراث والتنوع الثقافي بسبب النزاع الدائر في الجمهورية العربية السورية والعراق والتخفيف من حدته، وذلك عن طريق تطوير القدرات المؤسسية والمهنية لتعزيز الحماية. وأشجع الدول الأعضاء على إطلاع اليونسكو والإنتربول على جميع القطع الأثرية المضبوطة حتى يتسنى لهاتين المنظمتين أن تساعدا في كفالة إعادتها بأمان وفقا لقرار مجلس الأمن 2199 (2015)؛
(ب) أحث الدول الأعضاء على تعزيز الضوابط الجمركية وتنظيم سوق الأعمال الفنية من خلال تحسين تطبيق مبادئ بذل العناية الواجبة وتعزيز التحقيقات الجنائية بهدف الكشف عن الصلات المحتملة مع تنظيم الدولة الإسلامية في ما تضبطه من قطع أثرية سورية أو عراقية داخل أراضيها.
باء - تعزيز استجابة الأمم المتحدة
١ - مكافحة تمويل الإرهاب
74 - كما ورد في تقريري المؤرخ 21 أيار/مايو 2015 عن خطر استفادة الإرهابيين من الجريمة المنظمة عبر الوطنية (S/2015/366)، لا يزال هناك مجال لتحسين استجابة الأمم المتحدة لخطر تمويل الإرهاب وصلاته بالجريمة المنظمة عبر الوطنية في إطار الجهود المبذولة لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية والتابعين له. ويجب أن تكون استجابة المنظمة أكثر منهجية وأشمل ومتعددة الأبعاد، وبخاصة على الصعيد الميداني، حيث تواجه عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام والبعثات السياسية الخاصة هذه التحديات بالفعل:
(أ) بالإضافة إلى العمل الذي تقوم به بالفعل وكالات من قبيل المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب والإنتربول ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب واليونسكو ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ينبغي إجراء المزيد من البحوث والأعمال التحليلية بشأن العلاقة بين الأنشطة الإرهابية لتنظيم الدولة الإسلامية والجريمة المنظمة عبر الوطنية، وتحديدا بشأن الطريقة التي تتبعها الجريمة المنظمة عبر الوطنية في تمويل الأنشطة الإرهابية لهذا التنظيم. وينبغي لكيانات الأمم المتحدة المعنية ذات الوجود الميداني في مناطق العمليات الرئيسية للتنظيم أن تقوم بتحسين فهمها للتهديدات الأمنية الجديدة والطريقة التي تمول بها، وينبغي لها أن تقدم تقارير منتظمة إلى كيانات الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب؛
(ب) سأتخذ الخطوات اللازمة لكفالة أن تعطي الأمم المتحدة الأولوية لهذه المسألة الشاملة ذات الأهمية القصوى وتدعم الدول الأعضاء التي تحتاج وتطلب المساعدة التقنية لبناء قدراتها في مجال مكافحة تمويل الإرهاب. وسأنظر في عدد من الخيارات، منها إرساء نهج على نطاق المنظومة ككل في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وتمويل الإرهاب، بما يكفل إبقاء التصدي لتمويل الإرهاب ضمن الأولويات الاستراتيجية؛ ووجود مراقبة استراتيجية، داخل الأمم المتحدة، للصلات القائمة بين الجريمة المنظمة عبر الوطنية والإرهاب من أجل كفالة استجابة منسقة وشمولية من جميع الوكالات ذات الصلة؛ وقدرة الدول الأعضاء على مواجهة الجريمة المالية، بما في ذلك تمويل الإرهاب.
٢ - مكافحة التجنيد عبر شبكة الإنترنت واستخدامها في مكافحة التشدد والتطرف العنيف
75 - بفضل اعتماد نهج وحدة العمل في الأمم المتحدة، من خلال حشد جهود جميع وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها ذات الصلة، سواء في المقر أو في الميدان، ستتمكن المنظمة من تقديم دعم شامل للدول الأعضاء في تنفيذ خطة العمل لمنع التطرف العنيف:
(أ) أعتزم إنشاء فريق عمل رفيع المستوى لمنع التطرف العنيف، تحت قيادتي المباشرة؛
(ب) يجب على منظومة الأمم المتحدة أن تحشد مواردها لإشراك طائفة واسعة من الأطراف الفاعلة، بما في ذلك النساء والشباب، في وضع استراتيجيات لمكافحة التجنيد والتشدد المفضي إلى الإرهاب. وكيانات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومبعوثي المعني بالشباب ومبعوثي الخاص للاجئين الشباب، ملتزمة بدعم الرؤية التي طرحها مجلس الأمن في قراريه 2242 (2015) و 2250 (2015) بشأن دور المرأة والشباب في الإسهام في السلام والأمن الدوليين؛
(ج) على وجه التحديد، من الضروري كفالة تزويد المكاتب ذات الصلة بخبراء متخصصين وبما يلزمها من هياكل وآليات مناسبة ذات صلة لتنظر تحديدا في البعد الجنساني للتجنيد ونشر الفكر المتشدد وتمويل أنشطة وعمليات التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم الدولة الإسلامية. وهيئة الأمم المتحدة للمرأة والممثلة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النـزاع على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم في هذا الصدد. وأدعو مكاتب الأمم المتحدة إلى دعم الدول الأعضاء في جهودها الرامية إلى وضع أدوات جديدة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتيسير التعاون بين المحققين والمدعين المشاركين في قضايا الإرهاب؛
(د) ينبغي لكيانات الأمم المتحدة، بما فيها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، دعم الجهود الرامية إلى تعزيز قدرات وكالات إنفاذ القانون على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية. وأدعو جميع كيانات الأمم المتحدة إلى العمل من أجل تمكين المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم من مواجهة الخطابات التي يبثها التنظيم عبر الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي.
٣ - منع ووقف سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب
76 - تشجَّع الدول الأعضاء على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع ووقف سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب على النحو المبين أدناه:
(أ) أدعو المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تشجيع حرس الحدود وأجهزة الاستخبارات وسلطات الهجرة واللجوء في الدول المعنية والدول الأخرى الواقعة على طول طرق السفر، وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة، على التعاون في المساعدة على تحديد هوية الإرهابيين المشتبه فيهم في وقت مبكر؛
(ب) أشجع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب وفرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، إلى جانب اتحاد النقل الجوي الدولي ومنظمة الطيران المدني الدولي والإنتربول ومنظمة الجمارك العالمية، على تنفيذ سلسلة من الأنشطة خلال عامي 2016 و 2017 بهدف تشجيع الدول الأعضاء على أن تُلزم شركات الطيران العاملة في أراضيها بتقديم معلومات مسبقة عن المسافرين إلى السلطات الوطنية المختصة لكي تتمكن من الكشف عن أي حالة مغادرة لأراضيها أو محاولة لدخول تلك الأراضي أو عبورها من قِبل مقاتلين إرهابيين أجانب؛
(ج) أدعو المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب إلى أن تقوم، بالتعاون مع الدول الأعضاء ذات الصلة، بتحديد الاحتياجات العامة وتلك الخاصة ببلدان محددة في مجال بناء القدرات اللازمة لوقف سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين يحاولون الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وينبغي إطلاع فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب والدول المانحة والكيانات الأخرى المكلفة بتقديم المساعدة التقنية للدول على ما حُدّد في هذا الإطار من احتياجات ذات أولوية عليا.
٤ - حماية التراث الثقافي
77 - من أجل حماية التراث الثقافي للدول المتضررة، أحث مجلس الأمن على أن يدرج هذه الحماية في إطار العمل الإنساني للأمم المتحدة؛ والاستراتيجيات الأمنية، بما في ذلك إجراءات مكافحة الإرهاب؛ وعمليات بناء السلام.