قبل يومين من اختبار الصواريخ الكورية الشمالية، التي اطلقت جرس الانذار النووي في العالم كله، صدر في مجلة "بوليتيكو" (12 ماي) مقال بعنوان "لماذا أحسنت الولايات المتحدة بالاستثمار في الأسلحة النووية؟"، لم يوقعه سابر آراء، بل جنرالان من قيادة "أرباع القوى النووية الثلاثةح الامريكية: رئيس اركان الطيران، داف غولدفاين، ورئيس القيادة الجوية للهجوم الشامل، روبن راند. [1]
لقد أكدا أنه: "مع ان هذا الامر قد يبدو غير منطقي، فإن الاسلحة النووية ادوات اساسية من اجل السلام العالمي". وهو ما يبين –حسبهما- حقيقة انه لم تعد هناك حروب كبرى منذ ان ابتدأ العصر النووي. من اجل ذلك، فمن الضروري –كما يؤكدان- ان تكون مقنبلاتنا وصواريخنا النووية الآن في كامل فاعليتها.
على الولايات المتحدة الآن ان تشرع في تحديث قواتها النووية الخاصة، لانها في مواجهة "اعداء محتملين بصدد تحديث ونشر قواتهم النووية بشكل عدواني، ويريدون فرض انفسم بشكل متزايد".
الجنرالان اشارا الى "التهديدات المفتوحة الصادرة عن كوريا الشمالية"، لكن، من الواضح انهما يحيلان ضمنيا الى روسيا والى الصين.: "على اعدائنا المحتملين -يحذران بنبرة مهددة- ان يعرفوا بان مديريتنا الوطنية ستتخذ دائما قرارات ضرورية قاسية لحماية وضمان حياة الشعب الامريكي وحلفائه".
هذا يعني انها مستعدة لاشعال حرب عالمية ثالثة، حرب نووية، لا ينجو منها احد في الحقيقة. ثم يوجهون التماسا جازما لادارة ترامب: "على الولايات المتحدة ان تصون التزاماتها في تعزيز قواتنا النووية".
الالتزام الذي يحيلان اليه لم يتخذه ترامب الشرس، بل الحائز على جائزة نوبل للسلام، أوباما، الذي توج بها في عام 2009، عن "رؤيته لعالم محرَّر من الاسلحة النووية والعمل الذي قام به في هذا الاتجاه".
ان ادارة اوباما هي من اطلق اكبر برنامج لاعادة التسليح النووي منذ نهاية الحرب الباردة، بتكلفة قدرت بحوالي 1000 مليار دولار، تستهدف بناء 12 غواصة للهجوم النووي (تحمل كل منها 24 صاروخا، ويمكنها اطلاق ما يربو عن 200 رأس نووي)، و100 مقنبلة استراتيجية اخرى (كل منها مسلح بحوالي 20 صاروخا او قنبلة نووية) و400 صاروخ باليستي عابر للقارات بقاعدة ارضية (كل منها يحمل رأسا نوويا شديد الأثر).
في الوقت نفسه، وبتكنولوجيات متطورة جدا، تم اطلاق تحديث القوى النووية الحالية التي -حسب ما يوثقه هانس كريستنسن من فيديرالية العلوم الامريكية- [2] "تضاعِف ثلاث مرات القوى المدمرة للصواريخ الباليستية الامريكية الحالية"، وكأننا بصدد التخطيط لامتلاك "المقدرة القتالية وكسب حرب نووية بتجريد الاعداء من اسلحتهم بواسطة الضربة الاولى المفاجئة"، مَقدرة تتضمن ايضا "الدرع الواقي من الصواريخ"، لإبطال ثأر العدو، كتلك التي نشرتها الولايات المتحدة في اروبا ضد روسيا وفي كوريا الجنوبية ضد الصين.
اننا الان بصدد تسريع وتيرة السباق نحو التسلح النووي. ان القرار الروسي القاضي بنشر صاروخ باليستي جديد عابر للقارات "ار.اس-28 سارمات"، في 2018 لذو دلالة: صاروخ قادر على بلوغ مدى 18 الف كلم، قادر على نقل من 10 الى 15 راسا نووية، من شأنها –عند دخولها المجال الجوي بسرعة تفوق سرعة الضوء (اسرع بـ10 مرات من سرعة الضوء)- ان تناور للافلات من الصواريخ المعترضة لاختراق الدرع.
لكننا نستطيع النوع بسلام، واثقين من ان "الاسلحة النووية هي اداة اساسية للسلام العالمي".
[1] “Why the U.S. Is Right to Invest in Nuclear Weapons”, Dave Goldfein & Robin Rand, Politico, May 12th, 2017
[2] “How US nuclear force modernization is undermining strategic stability : The burst-height compensating super-fuze”, Hans M. Kristensen, Matthew McKinzie & Theodore A. Postol, Bulletin of Atomic Scientists, March 1st, 2017.