عندما نتحدث اليوم عن ميزانية الدفاع الأمريكي ، فلا أحد من البشر اليوم يجرؤ على معرفة أسرار هذا الملف الحساس والغامض منذ فاجعة الحادي عشر م سبتمبر 2001 ، فليس فقط البنتاغون وحده من يقود برامج التسلح العسكري الضخمة الى أقصى معدلتها ، بل حتى تلك المطامع التوسعية الحربية التي تنتهجها ادارة بوش اليوم ،والتي فجرت معدلات خيالية لم تسبق في تاريخ أمريكا الاقتصادي ، كل ذلك من أجل محاربة الارهاب العالمي الذي يهدد أمن العالم على حد زعم صقور الادارة المريكية . ولهذا لا تتوانى الادارة المريكية في ادخال المجتمع المدني المريكي في استنزاف طويل المدى لمقدراته الاقتصادية دون وعي منه ، أسلوب رهيب ينتهج من قبل هذههذه الادارة لاأحد يتنبأ الى أين سيصل ، فبالنظر الى الميزانية المعلنة لعام 2005 والتي قدرت ب420 مليار دولار ، والتي من المتوقع حتما أن تصل الى 757 مليار دولار ، ليبقى السؤال مطروحا أين اختفت ال337 مليار دولار في الاعلانات الرسمية لميزانية الدفاع الأمريكي ؟ وهل من تفسير موضوعي لاخفائها ؟ وما سر اخفائها ودلالاته؟؟
ومنذ عام 1998 أعاد المريكان احياء طموحاتهم الامبريالية وذلك
بتفعيل انفاقهم العسكري الضخم ، هذا الانفاق الذي أنذر بجشع عسكري تسلحي فاق كل التصورات منذ الحادي عشر من سبتمبر الفاجع ، فمن يومها لم يعد هناك شيء غال ، أو مستحيل على الادارة الأمريكية عمله عندما يجري الحديث عن حماية البلد من هجمات الارهاب الدولي ، وعلى ضوء هذه الفلسفة تسير خطط وبرامج التسلح الأمريكية الفرعوني والتي لاتتضح مبشرات جدواها عاجلا أم آجلا ، وبمعدلات انفاق غير مدروسة ، ففي عام 1998 ، بلغت النفقة على التسلح 265 مليار دولار حسب التصريحات الرسمية ، هذا المبلغ ارتفع الى 343 مليار دولار لعام 2002 ، ليصل في بعدها الى 420 مليار دولار متوعة للسنة المالية الجارية ، ويبدو واضحا ومن خلال التحليل الذي سنعرج عليه لاحقا أن البنتاغون يفقد يوما بعد يوم آليات التحكم في تقدير الحسابات المالية المتوازنة التي تستدعي المراعاة بين متطلبات الحرب الخارجية ومستحقات المجتمع بالداخل وصالحه العام ، ولعل من أبرز ملامح فقدان السيطرة والتحكم العقلاني في تسيير ميزانية الدولة مايلي
نفقات العتاد العسكري
القاذفة المستعصية على رصد الرادارات furtive bombarder B-2 Spirit
هذه القاذفة كان من المفروض أن تبلغ قيمتها 280 دولار ، لكنها قدرت في النهاية بمبلغ 5 مليار دولار وذلك طبعا أخذا بعين الحسبان مصاريف البحثالعلمي والتطوير، ولم يمكن التصنيع منها الا خمسة نماذج الأمر الذي عقد التاكليف وأدى بالتالي الى رفعها ، وقد كان من المفترض أن تشتغل هذه القاذفة بتقنية جد عالية مما يستوجب مصاريف ضخمة لذلك ، الأمر الذي أدى في النهاية الى التراجع عن هذه التقنية العالية ، ونشير هنا الى أن هذه القاذفات قد أعدت مسبقا لحمل قنابل اعتيادية كلاسيكية أقل تطورا ولا تستلزم نقلها بطائرات باهضة التكلفة مثل مثل ال بي تو سبيرايت .
2 مشروع ال في 22
Osprey de Bell – Boeing
عبارة عن جهاز يقلع مثل الطائرة العمودية و يطير بعدها مثل الطائرة العادية المعروفة ، ال في 22 يحمل 24 شخصا وحوالي 09 طن من العتاد ، تكلفة الطائرة الواحدة 105 مليون دولار .
الجوين سترايك فايتر Joint Strike Fighter JSF-F/35
أو القاذفة الصيادة ، وقد كان من النفروض أن يصنع منها عدد كبير ربحا للمصاريف أولا ، وثانيا لأنه يمكن استعمالها برا وبحرا وجوا ، وثالثا لأنها ستمول من قبل الحلفاء بريطانيا ، هولندا ، الدانمارك ، النرويج ، وقد بلغ السعر المفترض لهذه القاذفة 81 ليون دولار ، هذا السعر الذي رفضه كل الحلفاء، وهم يحاولون الآن التملص منه نهائيا ، والانسحاب كلية من هذا البرنامج ، هذا الانسحاب اذا تم سيؤدي الى تقلص عدد المنتوج وبالتالي الى ارتفاع تكلفته ، وهي طامة أخرى تضاف على كاهل ادارة بوش .
The F-22 Raptor
ال اف 22 أو الطائرة المتعدية لحاجز الصوت
وقد بلغت كلفتها 258 مليون دولار للوحدة .
الاٍجراءات الاٍضافية لتعزيز التسلح
أ/اقحام قوات حفظ الأمن الداخلي ، هذه القوات التي يفترض أن تعنى
بالشأن الأمني الداخلي ، اقحام هذه القوات في احتلال العراق كلف الادارة الأمريكية حوالي 23 مليار دولار لم تكن متوقعة .
ب/ الجنود المريكان الذين اشتركوا في الحرب خارج التراب الأمريكي ، خصصت لهم حقوق ومنح وامتيازات خدمية اجتماعية ، حيث يتوقع فيما بين عامي 2004 و 2008 أن ترتفع ميزانية المحاربين القدامى الى 2.4 مليار دولار .
ج/ الارقام السابقة ما هي الا تقريبية مؤقتة لم تتعود الادارة الأمريكية على احترامها ، فهي تنفق معدل ال
15بالمئة من الميزانية الحربية لتصل الى تقدير صحيح لميزانياتها الضرورية ، وعلى هذا الاساس فميزانية عام 2005 لايمكن أن تكون 420 مليار دولار ، بل 483 مليار دولار ، زيادة على هذا نأخذ في الحسبان المراوغات الادارية الحاصلة اعتياديا في جرد الحسابات ، فمثلا سنجد أن النفقة على تصنيع القنبلة الذرية لا تسجل في ميزانية وزارة الدفاع بل في ميزانية وزارة الطاقة ، الى جانب هذا يجب ان نضيف مبلغ 19 مليون دولار سنويااضافية وهذا الرقم قابل للزيادة اذا قرر دونالد رامسفيلد تفعيل برنامجه المتعلق بمايسمى ببرنامج القنابل الصغيرة .
د/ اعادة المسؤولين الأفغان الى سدة الحكم ، ومكافأة الجنرالات الذي خانوا نظام صدام السابق ، كل هذا يتطلب دفع اجور مستحقة لهؤلاء ، وحتى لاننسى عمليات الرشوة التي قدرت عام 2002 ب 17 مليار دولار .
ه/ خفض تكاليف اجور الموظفين الى نسبة الثلث لتغطية اجور المحاربين القدامى ، فلعام 2002 تقاضى المحاربون القدامى من قبل وزارة قدامىالحرب والتي بلغت ال 50مليار دولار .
و/ أغلب الوكالات والهيئات العسكرية التي انضوت تحت هيئة جديدة تدعى هيئة أمن الوطن ، وقعت على ميزانية قدرها 17 مليار دولار لعام 2002 .
ي/ بعض الدوائر والوكالات الوزارية استهلكت ميزانيات عسكية تدر ب 8 مليار دولار * تقديرات عام2002 *
أخيرا الولايات المتحدة الأمريكية وهي تدعم نفقاتها من مصادر أخرى ، توشك ميزانيتها على مجاوزة الارقام القياسية في تاريخها المعاصر ، فالحكومة الفدرالية ملزمة بدفع ديونها العسكرية التي هي 138 مليار دولار، وعليه تكون نفقاتها الحربية الحقيقة لعام 2005 تفوق ال 757 مليار دولار ، الأمر الذيلمبعلن عنه رسميا في أرقام الميزانيات ، وحتى تفي ادارة بوشبهه المستحقات فهي تقتص وتقلص ميزانيات كثير من وزاراتها الى ابعد مدى ممكن ، والذي يبدو جليا اليوم أنه لااحد قادر على ايقاف هذه الظاهرة التي يمكن ان تكون مجدية وفي صالح هه الدولة بالنظر الجدي الى معطيات واقعها الاقتصادي الذي ينبىء بكل المعايير وبكل بساطة الى أن البنتاغون والادارة الداعمة له في طريقها الى الافلاس لامحالة.
ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: رامي
جميع الحقوق محفوظة 2004©