بينما كانت وسائل الإعلام العالمية تنشر محطات من سيرة البابا المحتضر يوحنا بولس الثاني، لفت السيد تييري ميسان الانتباه إلى العمل الدبلوماسي للكرسي ألرسولي داخل المؤسسات الدولية ضد حقوق النساء في الإجهاض. " لم يكن ثمة رهانا أكثر أهمية لدى البابا جون بول الثاني طوال حياته البابوية إلا مؤتمر القاهرة." كتبها رايموند فلين، سفير الولايات الأمريكية المتحدة بالقرب من الكرسي الرسولي. ولم يكتفي فقط بعرقلة هذا المؤتمر من الأمم المتحدة، بل عمل أيضا مقاضاة العديد من الاتفاقيات التي كانت ولازالت تساهم في إعطاء المرأة حقوقها.
نظمت الأمم المتحدة في القاهرة عام1994 مؤتمرا دوليا يحمل
عنوان " السكان و التطور". كان الأمر يتعلق بتحديد العلاقة بين السكان، و التطور الدائم، و النمو الثابت. تذكّر الوثائق الموجودة، من بين أشياء أخرى، أهمية التحكم في الخصوبة بالنسبة للأشخاص، و أن ينموا جنسيا. و هو ما يسمى " بالصحة التناسلية".
إذا كان يوحنا بولس الثاني قد اعترف بإمكانية تهيئة المعيار القانوني الدولي في المجال الجنسي، فانه رفض أن يكون الحديث عن معنى راحة الشخص أو مصلحة الأسرة فقط. فمثلا، حين يكون الحمل صعبا إلى درجة التخوف من موت الأم و الجنين، تطالب الأمم المتحدة بعملية إجهاض وقائية لإنقاذ الأم، بينما الكنيسة الكاثوليكية تعتبر أن الواجب اللجوء إلى الرب، و انتظار اللحظات الأخيرة للتضحية بالأم أو بالجنين، و لا عزاء إن لم يتم إنقاذ كلاهما.
رمزيا، وبتاريخ 28 أبريل 1994، وفي احتفال ديني، خلدت روما ممثلة في الفاتيكان السيدة "جان بريتا مولا" ( 1922/1962) في عداد الشخصيات السعيدة (تقليد ديني كاثوليكي فاتيكاني كتعبير عن رضا الكنيسة عن شخصية ما). "جان بريتا مولا" تلك الأم التي رفضت معالجة سرطان الرحم الذي كانت تعاني منه، لأجل أن تحمل بابنها الرابع إلى الأخير، و الذي توفي أسبوعا بعد ولادته
[1] .
الأمم المتحدة التي بدت بالخصوص قلقة على صحة الخمسين مليون امرأة اللائي يجهضن سنويا، أي ربعهن يعرفن تلك المخاطر و التعقيدات التي تؤدي إلى الوفاة. أرادت الأمم المتحدة أن تحد من اللجوء إلى الإجهاض بنشر الوسائل المانعة للحمل، ومنح أجواء أفضل صحية للإجهاض في الحالات المتبقية. الكنيسة الكاثوليكية ترفض الكلام عن موانع الحمل، إلا إذا تم الأمر بوسائل " أوجينو" و "بيلينع" [2] و بالطبع ترفض تشريع الإجهاض.
عرقلة عمل ندوة القاهرة
صاغ يوحنا بولس الثاني استراتيجية: التشكيك في تحالف الكرسي الرسولي مع الولايات الأمريكية، و التقدم كمدافع عن الدول الفقيرة في مواجهة القطب الأطلنطي، الضغط على أغلبية الحكومات لرفض الوثيقة النهائية للمؤتمر. وقد أدى هذا كله إلى تخريب مجمل المؤتمر، الذي على الرغم من ذلك، يعترف الكرسي الرسولي بضرورة النقاط المهمة التي جاء المؤتمر بها، مثل تسيير الموارد البيئية و تنظيم الهجرة.في البداية، أرسل رئيس الكنيسة الكاثوليكية رسالة إلى اوفيائه محاولا كسب ثقة المسئولين السياسيين الدوليين. وعلى الرغم من تضخيمه للمسألة، فقد بقي حديثه منحصرا في حدود الضغط المعنوي الديني الذي تمارسه الكنيسة.
يوم 2 فبراير 1994، نشر يوحنا بولس الثاني، رسالة إلى العائلات. عن "حضارة الحب" [3] و أدان ما سماه ب " اللا الحضارة".وقد دعا المنظمات الدولية إلى عدم الخضوع للإغراءات الناتجة عن التمدن الخاطئ و للإباحية السلوكية ( الأخلاقية). يوم 15 مارس، استقبل السيدة "نفيسة صادق"، ممثلة المؤتمر، و حذرها من الطريقة التي تتعامل بها الأمم المتحدة مع النمو الديمغرافي.
يوم 19 مارس، أرسل رسالة خطية إلى رؤساء الدول العالم كله، و إلى الأمين العام للأمم المتحدة ( و هو إجراء اتخذ مرتين في تاريخ البابوية من قبل "بينوا 15 " و " بي12 " لتفادي (عبثا الحروب العالمية) و لإدانة الوثيقة التحضيرية للمؤتمر.
في وقت ثاني، استعمل يوحنا بولس الثاني الدبلوماسية الفاتيكانية و الأساليب المحلية للكنيسة الكاثوليكية للضغط السياسي على الحكومات، وقد طلب الكاردينال أنجيلو سودانو، سكرتير الدولة، من كل سفير لدى الفاتيكان أن يعلمه بموقف الدول بشأن ما ائتمنوا عليه.وفي نفس الوقت بوضعية عمل اللوبي الديني، هذا العمل الذي يسبقه تمهيد واسع لعمليات الانتخاب.
يوم 25 مارس 1994، استدعى يوحنا بولس الثاني السفراء 151 لدى الكرسي الرسولي. شرح لهم أن الكنيسة تحظى بالدعم الذي يحمله الكاثوليك إلى حكوماتهم ومشيدا بالطريقة التي سيتصرف بها ممثليهم في القاهرة.
وم 21أبريل، ل، مختتما مجمعا كنيسيا لأساقفة إفريقيا، أعلن قداسة البابا قائلا: " للدفاع عن الحياة و عن الأسرة، اصنعوا خطا مقدسا. خطا مقدسا، لا يمكن تجنبه هذه المرة."
يومم 28 مايو، كتب رئيس الندوة الأسقفية الأمريكية و ستة من الكاردينال الأمريكيين إلى الرئيس كلينتون لحثه على معارضة نص الأمم المتحدة. الرئيس بيل كلينتون اتصل بيوحنا بولس الثاني لتهدئة الأجواء، بينما ضاعف نائب الرئيس ألغور من التصريحات المهدئة. يوم 2 جوان، توجه بيل كلينتون إلى الفاتيكان للوصول إلى حل عقلاني، لكن يوحنا بولس الثاني رفض الإصغاء.
وم 3 جوانوان، جند "جوليو أندريوتي"، و"سوشوكا دا" النواب الديمقراطيين المسيحيين في الجمعية البرلمانية لدى المجلس الأوروبي.ملأ الحضور نصف القاعة وأدانوا التقرير المقدم من قبل النائب البيئي السويسري ليني روبرت من منظور مؤتمر القاهرة.
العديد من الأساقفة أبدوا امتعاضهم من تحركات الفاتيكان، استدعى يوحنا بولس الثاني، يومي 13 و 14 جوان/حزيران بروما، اجتماع كرادلة كبير و طالب بضرورة أن تعمل الندوات الأسقفية المحلية على دعم الكرسي الرسولي علانية لدى الحكومات.
يوم 27 جوان/حزيران، أقام رئيس الأربعة و العشرين ندوة أسقفية في أمريكا اللاتينية، في سانت دومينغ، وأدان فيها مساعي الأمم المتحدة. " بدل مضاعفة الخبز، يتم الحد من عدد الأشخاص على مقعد الإنسانية" كتبوا قبل أن يدينوا إمبريالية الأمم المتحدة و الولايات الأمريكية. في نفس الوقت، توجهت إحدى عشر ندوة أسقفية أوروبية إلى حكوماتها الموالية. و في فرنسا أيضا، سلم رئيس الندوة الأسقفية، صاحب السيادة دوفال، مذكرة إلى الوزير الأول، ادوار بلادور.
لكن الحجج اللاهوتية لا تقنع إلا المؤمنين، و التهديدات بالعقوبات الانتخابية لم تعد ذات مصداقية. كل حكومة تستطيع التدقيق في أن كاثوليكيي القاعدة لا يقاسمون نفس الموقف مع الكرسي الرسولي، و لا يحدد انتخاباتهم بموجب مؤتمر القاهرة. قرر يوحنا بولس الثاني إذن اللجوء، في مرحلة ثالثة، إلى الطريقة الفلورانتينية ( المليئة بالمؤامرات) الكلاسيكية: كولومبيا.
يمكن القول بأنه الحارس الحقيقي لليقين ذو يقين ضعيف، اختار هدفين: الفدرالية الدولية لجمعيات النهج الأسري " Planned Parenthood Federation (IPPF)" و الأمم المتحدة. يوم 25 مارس 1994، حين استقبل سفراء الكرسي الرسولي، أعطاهم البابا عبر الكاردينال ألفونسو لوبيز تريجيللو، وثيقة من المجلس ألبابوي للعائلة يحمل عنوان:" تطورات ديمغرافية": بعد أخلاقي و رعوي. أدان فيها " شبكة دولية واسعة لمنظمات ممولة جيدا تسعى إلى الحد من السكان". أشار إلى أن الفدرالية الدولية لجمعيات النهج الأسري (IPPF) تنشطها أهدافا سوداء و هي عنصر الأساس لمنتجي أدوات موانع الحمل. أكد أن الجمعية تسعى إلى تحديد النمو السكاني في العالم الثالث لتمنعهم من التطور.
من 4 إلى 22 أبريل، حين انعقدت في نيويورك جمعية اللجنة التحضيرية للندوة (PrepCom3)، ضاعفت بعثة الكرسي الرسولي من الحوادث، أهان صاحب السعادة " ديارميد مارتن" المبعوث الأمريكي "تيموثي ويرث"، كما شتم الكاردينال "روجيه اتشغاراي" رئيس المجلس ألبابوي "عدالة و سلام"، رئيس اللجنة الغاني " فريد ساي" ( الذي يشغل منصب الرئيس الدولي للنهج الأسري )، و الذي قال أنه لا يملك الامتياز الأخلاقي. العديد من وسائل الإعلام الكاثوليكية في العالم نشرت مقالات و ملفات مظهرة الأمم المتحدة كحكومة دولية غير شرعية تسعى إلى التآمر ضد الشعوب.
في جوان/ حزيران، اجتمع الكاردينال ألفونسو لوبيز تريجيللو في "براسكاتي" بمسؤولين من اثني و عشرين حركة مناهضة للإجهاض العمدي، وعهد لهم استغلال اللغو الذي لا تستطيع الدبلوماسية الفاتيكانية الاستمرار في تبنيه علانية. بلغت تعليمات الكرسي الرسولي أيضا إلى مليوني و خمسمائة إطار دولي من منظمة" أوبيس دي" المجتمعين في مونتيري، تحت رئاسية الرئيس الأساقفة صاحب السيادة "اشفاريا رودريغيز" لإنشاء خط "ماجينو" جديد". قبل افتتاح المؤتمر، نشر الدكتور جواكين نفاروـ فالس، الناطق الرسمي للكرسي الرسولي عمودا حرا في "وال ستريت جورنال". شرح فيه أن " قداسة البابا لا يدافع فقط عن وجهة نظر كاثوليكية غريبة حول حياة الأسرة. في الحقيقة، هو يوجه الإصبع نحو المسألة الجوهرية التي سوف ترد عليها الإنسانية القادمة. مسألة الحياة و السكان القابلة للتقسيم." و لمساندة تصريحه، لخص الناطق الرسمي للكرسي الرسولي الطرق التي تسعى إلى الحد من السكان والتي تسعى الأمم المتحدة إلى فرضها على العالم, حسبه، فهي تحوي على " السيطرة الإجبارية على الولادة، الإجهاض، الشذوذ الجنسي، و رؤية عن حقوق النساء التي تجرح النساء." لا يهم كثيرا أن تتعارض الوثائق التحضيرية للأمم المتحدة مع سياسات الإكراه للهند و الصين، و أنهما لا تتعاملان مع الإجهاض الا من زاوية الصحة التناسلية، و أنهما لا تتناولان أبدا مسألة الشذوذ الجنسي، و أنهما ترتقيان بالمساواة بين الرجل و المرأة ، الأكاذيب الكبيرة تبدو ممكنة " Ad Majorem Dei Gloriam " [4]، و الحال أن الناطق الرسمي باسم الكرسي الرسولي، الدكتور جواكين نفارو ـ فالس، هو طبيب نفساني مختص في التدليس العقلي. الدكتور نفارو ـ فالس يضاعف التدخلات للتشكيك في نائب الرئيس "آل غور" الذي يتهمه بالمستثمر لهذا " التواطؤ ضد الإنسانية" بهدف إقامة " حقا دوليا للإجهاض".
انشأ مقاربة بين موقف نائب الرئيس و ذلك المرتبط بفرعون آمرا بقتل المواليد الجدد اليهود لضمان أمن و استقرار إمبراطوريته
[5] . في الوقت نفسه، رغم الصراعات القائمة و دون اخذ بعين الاعتبار مصالح الجالية الكاثوليكية المعنية، تحالف مع الولايات الأمريكية متفاوض عليه، على أساس " أيها المؤمنين من كل ملة، اتحدوا" [6] . لقد نجح يوحنا بولس الثاني في التحاور مع العربية السعودية، التي لا يملك الكرسي الرسولية علاقات دبلوماسية معها و التي هي في حالة برودة معها منذ نشر موسوعة" Redemptori Missio " [7] (1991). مبعوثين عنه اقنعوا الملك فهد بمقاطعة المؤتمر. نفس الشيء فعلوه لدى السودان، في الوقت الذي أعلن فيه الكرسي الرسولي أن الكاثوليكيين مضطهدين هناك. نفس النجاح حظي به لدى الجنرال عمر البشير. مقاطعة مقاسمة بين لبنان والعراق. في طهران، تمكن سفير البابا روميو باسيرولي [8] من التوقيع على اتفاق سري مع آيات الله هاشمي رافسنجاني. القضية وصلت إلى نقطة سخيفة بأن إيران تريد أن تكون الدولة الإسلامية العلامة في مجال منع الحمل و أنها تيسمح بالإيقاف الإرادي للحمل.
[9] . قطعيا قادت البعثة الإيرانية الى المؤتمر الابنة المطلقة لآيات الرب. إيران الشيعية ساندت تنظيم النسل، لكنها عارضت الإجهاض الذي تمارسه. في ليبيا، السفير البابوي الماروني إيدموند فرحات، الذي يعرف بالدهاء و معارضة الأمريكيين، اقترح مساعدة الكرسي الرسولي للعقيد القذافي للحصول على رفع الحظر الذي فرضه عليه الأنجلوسكسونيين بعد أحداث لوكربي. توجه شخصيا صاحب السيادة جون لوي توران، المكلف بالعلاقات مع الدول إلى طرابلس لضمان للعقيد بأنه من الآن فصاعدا يحظى بتأييد الفاتيكان " لأسباب إنسانية". ليبيا التي أرادت أن
تجسد الطراز الإسلامي في تحرير المرأة، أعلنت أنها ضد الإجهاض.
قريبا، جامعة الأزهر في القاهرة، السلطة الدينية السنية في العالم، نشرت بدورها وثيقة استعادت فيها حرفا بحرف محاذير الكرسي الرسولي ضد المؤتمر. الصدمة كبيرة بالنسبة للحكومة المصرية التي حاولت استغلال المؤتمر لإظهار للعالم أنها نجحت في السيطرة على التطرف الديني. توسع التجنيد. في 3 سبتمبر، العالم الإسلامي الذي يضم العلماء في العديد من الدول، أدان بدوره الندوة.
العديد من رؤساء الحكومات ذات الأغلبية المسلمة، مثل الوزير الأول التركي "تانسو سيلي" أو البنغالي " خاليدا زيا"، تراجعا عن التوجه إلى القاهرة كي لا يواجهوا المتدينين. أخيرا، أشبه ما بكون الأمر بكرزة على كعكه، رفع يوحنا بولس الثاني سريا الرئيس النمساوي "كورت فالدهايم" إلى منصب بارز من رتب "سانت بي 9 ". أن يكون كورت فالدهايم في مقعد الأمم منذ اكتشاف ماضيه الإجرامي في تنظيم " SS " لا يهم، المهم أنه سكرتير سابق للأمم المتحدة و انه لم يتردد أبدا في خدمة المصالح البابوية..
من 5 إلى 13 سبتمبر 1994، جمع المؤتمر الدولي في القاهرة 182 دولة و 1300 منظمة دولية غير حكومية. بعثة الكرسي الرسولي ضمت 17 دبلوماسيا [10] يقودها صاحب السعادة روناتو ر.مارتينو، المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة. في الفاتيكان، علق صاحب السعادة ألفونسو لوبيز تريجيللو: " تبدأ المذبحة في القاهرة".
إلى هنا ندوات الأمم المتحدة أعطت المكان لصراع مقسم إلى ثلاثة، بين القطب الأطلنطي و القطب السوفيتي و عدم الانحياز. مع انهيار الاتحاد السوفييتي، النقاشات تحولت نحو البحث عن التوافق الدولي، بالخصوص حول الهموم البيئية و المساواة بين الجنسين. بفرض إشكالية القانون الأخلاقي، أظهر الكرسي الرسولي الانشقاقات من جديد التي لم تستطع التعبير عن نفسها إبان الحرب الباردة. تفاجأ الخبراء الذين لم يستوعبوا ضخامة العمل التخريبي للفاتيكان، دار المؤتمر إلى لعبة المجزرة.
الدول الكاثوليكية ( الأرجنتين، بينين، الفليبيين، الخ) و الإسلاميون تحركوا جميعهم في اتفاق لمنع كل تقدم عن صحة النساء الذين لجأوا إلى الإجهاض. صفق الدبلوماسيين حين صاح الوزير الأول النرويجي، غروهاردم برنتلاند: " ما معنى أخلاقيات الحياة التي تقبل الموت أثناء الوضع لمئات الآلاف من النساء، إن لم تكن نفاقا!". بتشدد البعثات الكاثوليكية و الإسلامية مارست انسدادا منهجيا على كل المواضيع و شلت الأعمال. للوصول إلى حل، تم تنظيم تفاوضات ثنائية بين صاحب السعادة مارتينو، و نائب الرئيس آل غور بمعية الاتحاد الأوروبي.
هذه الأخيرة اقترحت تسوية من ثلاث نقاط: أعلنت الندوة أن الإجهاض لا يمكن أن يكون طريقة منهجية عائلية، رفضت اللجوء إلى تشريع خاص و اعترفت أن الإجهاض يمس فعالية الدول، نادت الحكومات إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية من الإجهاض. لكن بعثة الكرسي الرسولي رفضت الفكرة و قررت رفض كل التسوية. بعد خمسة أيام من الانغلاق، أي مدونة توافقية لم تكن ممكنة، الفقرات التي تجادل عليها البابا الروماني تم نزعها من الوثيقة العامة. تمنى الدبلوماسيين العمل بجدية، لكن هذا لم يتم: حاولت البعثة الرسولية فرض رؤيتها الخاص للنص العام. تساءل وزير السكان المصري ماهر مهران، في المنصة: " هل يحكم الفاتيكان العالم؟" حين عادت البعثة الرسولية إلى العمل ثانية، أغلبية الدبلوماسيين المتواجدين في القاعة، صاحوا ساخرين. اختتمت الندوة أعمالها في ضبابية كبيرة بعد أن أبدى الفاتيكان موفقته على تبني جزء من النص العام.. لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة، ندوة دولية تفشل على الرغم من التوافق الذي نشط الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن.
يوم 29 سبتمبر 1994، تبنى البرلمان الأوروبي قرارا يتأسف فيه على " مسألة الإجهاض بالطريقة التي طرحها الفاتيكان و المتشددين الإسلاميين، استطاعوا تحويل مسار النقاش في ندوة القاهرة، بإهمال التفكير العميق في مسائل التطور و الاكتظاظ السكاني."
الظلامية السمتية
جدالا حول ألأدبيات الطبية تم ترقيته في الولايات الأمريكية. في سنوات الستينات، تساءلت " النخبة العالمة" عن شرعية بعض التجارب الطبية، بالخصوص بعد اكتشاف التجارب التي قام بها أطباء سابقون نازيون، أدمجتهم وكالة الاستخبارات الأمريكية، للبحث حول الأمراض العقلية. هذه الحركة من الاعتراض على السلطة الطبيبة وجدت تمجيدها مع لجنتي تحقيق برلمانية ( تقرير بلمونت عام 1973، و تقرير كنيدي عام 1978). أخذت بعدا جديدا مع اختراع العبقرية الوراثية. تدريجيا، أخذت النقاشات حول الأخلاقيات الطبية طابعا متعدد الاختصاصات و ضمت أراء فلاسفة و منظرين. الفرصة جيدة: صنعت أوبيس دي جملة من المؤسسات و المعاهد من كل نوع لتطوير" أخلاقيات الحياة"، [11] تسللت إلى أماكن الحوارات المؤسساتية لأدبيات الطب. هكذا، ظهرت المؤسسة البابوية يوحنا بولس الثاني للدراسات حول الزواج و العائلات في جامعة " لاتران" 1982، " Libero Istituto Universitario Campo Bio-Medico "، في روما (1993)، المعهد الأخلاقي لجامعة نافار في اسبانيا، الشركة السويسرية للأخلاقيات، المعهد البشري الطبي و الأخلاقي في النمسا، المعهد العملي للزواج و العائلة لجامعة "أوسترال" في الأرجنتين، الأكاديمية الدولية للفلسفة ب"ليشتنشن" ( َ994) الخ. في عام 1991، تأسست المؤسسة الفرنسية للأخلاقيات، حول ماري هلين كونغوردو [12] و دومينيك فولشيد، الذي نشرت طوال خمسة أعوام مجلة فصلية، الأخلاقيات، مسألة حياة.
في هذه النقاشات، لم يكتف الكرسي الرسولي بطرق دروسه في مجال الإجهاض و قتل الرحم. بل ركب ثلاثة أحصنة للسباق:
– منع اقتطاع خلية من المضغة التي تأتي من التوقيف الإرادي للحمل، و منع ثقافية المضغة الزائدة.
– منع الترخيص للعمليات البيوتكنولوجية و المنتجات الصيدلية التي تستعمل الخلايا النطفية أو البويضات الآتية من " I.V.G "، أو من الثقافة " اللا شرعية".
– منع الاستنساخ لنهايات تقليدية، منع ثقافة التبويض غير الشرعي الزائد، تلك الأهداف تم التوصل إليها بشكل شامل على المستوى الدولي، لشل البحث العلمي.
تخوفا من أن يكون الإجهاض مشجعا أو مستغلا لطريق الخلايا البويضية من قبل الباحثين العمليين منع، الكرسي الرسولي معظم السلطات المدنية الفاعلة من أخذ خلايا عن البويضة التي تأتي من " IVG ". نجح في فرض رؤيته الدينية في المعهد الأمريكي" National Institutes of Health "، في المجلس الاستشاري الوطني الأخلاقي الفرنسي [13]، المجلس الأوروبي [14] و الجمعية الطبية الدولية
[15] . نفس الشيء، حصل عليه الكرسي الرسولي، عبر إعلان مكسيكو عام 1988، إلغاء كل تمويل فدرالي أمريكي على مستوى هذا النوع من البحث. هذا الأجل أبطله بيل كلينتون عام 1993. مدمجا في المفاوضات حول اتفاقات " Marrackech institutant "، المنظمة الدولية للتجارة ( 15 أبريل 1994)، نجح الكرسي الرسولي في تعديل ملحق 1س حول مظاهر حقوق التأليف التي تمس التجارة (ADPIC). حظي بالإضغان لحق الشهادة ل" الحقوق في الحياة"
[16] .
تستطيع الدول رفض منح التصاريح و الشهادات للمنتجات الصيدلية أو للعمليات البيوتكنولوجية التي تستعمل خلايا المضغة أو البويضة المجهضة. هكذا حد يوحنا بولس الثاني البحوث في هذه المجالات، بما أنه في غياب التصاريح و الشهادات الجامعية المعترف بها، العمليات المختصة ستكون منقولة تماما من دون أن تعطي أي عائدات. نفس الاستعدادات، بالإضافة إلى منع الاستنساخ تم ضمها إلى معاهدة المجلس الأوروبي، و في إطار الإعلان العالمي حول نوعية الخلقة البشرية، المصادق عليها من قبل اليونسكو، ثم من قبل الأمم المتحدة. تم صياغتها في العديد من التشريعات الوطنية للأمم المتطورة، بدءا بفرنسا. بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية، يعد الاستنساخ البشري رمزا حاملا لنوعين من الانحرافات: " محاولة الموازاة بالخالق عبر البحث العلمي"، و الإدراك العقلاني ل" الجهاز الآلي". أثناء عقود، هذان التصوران شكلا تابوها حول التشريح البشري و عطل البحث التشريحي. ترددتالبابويةفيإدانة ممارسة التشريح، و هي التي كانت تعترف بشرعيته في بعض الحالات كحالات تشريح الطب الشرعي. إلى هذه الإشكاليات الرمزية، يضيف الاستنساخ البشري مشاكل جديدة: إمكانية الانتقاء الاصطناعي، الهوية العضوية للمستنسخ و للمتبرع( حتى الآن، الهوية العضوية للتوائم الحقيقيين لم تطرح كمشكلة)، و انفجار علاقة الوصل والقربى التقليديين. مهما يكن، فإنه لغرض آخر أدانت الكنيسة الكاثوليكية الاستنساخ منذ تأسيس " Donum Vitæ " عام 1987 من الأبرشية لعقيدة اليقين: " حق الطفل في أن يتكون و أن يولد في إطار زواج و عبر الزواج". هذه النظرية تم أخذها و تطويرها من قبل الأكاديمية البابوية في رؤاها حول الاستنساخ بتاريخ 30 سبتمبر1997.
الاستنساخ يعتدي على المبدأين اللذين يؤسسان ما يسميه الكرسي الرسولي ب" حقوق الإنسان" [17] : التكافؤ ( بمعنى الاختلاف الحتمي و التكامل بين الرجال و النساء) و اللا تمييز.
في أغسطس 2000، سمحت حكومة توني بلير في المملكة المتحدة بالاستنساخ البشري لأغراض علاجية. تعلق الأمر بإنشاء المضغة عبر الاستنساخ، أخذ الخلايا، و زرعها في المتبرع لعلاج أمراض التفسخ. هذا السياق يساهم في تدمير المضغات المستنسخة. بسرعة، تحركت الأكاديمية البابوية " بروفيتا" نشرت إدانة مفصلة حول هذا الموضوع. بينما بتاريخ 29 أغسطس2000، انتقل قداسة البابا شخصيا إلى الندوة الثامنة عشر لزرع الأعضاء لوعظ العلماء و دعوتهم إلى التخلي عن بحوثهم و التحول إلى يقين " الآمال العلاجية"، كانت تلك أول مرة يتوجه فيها البابا إلى مؤتمر طبي.
يومي 11 و 12 مارس 1995، نظمت الأمم المتحدة قمة دولية حول " التطور الاجتماعي". بعثة الفاتيكان، التي قادها شخصيا الكاردينال " أنجلو سودانو" سكرتير الدولة للكرسي الرسولي، اقترح على الدول الأعضاء قانونا جديدا للمحاسبة الوطنية. لأجل التطوير الإنتاجي الوطني الإجمالي في الدول، لأجل ضم قيمة العمل العائلي. الاقتراح لم يتجاوز مجال مجموعة العمل، لكن الإشكالية طرحت. الفكرة العامة هي انه يتوجب الاعتراف بعمل الأمهات في منازلهن، و في المستقبل ستدخل، الدول المتطورة، في ميزانيتها رواتب الأمهات في بيوتهن. للرد على البؤس الاقتصادي، الذي يمس عادة النساء الحوامل و يجبرهن على اللجوء إلى الإجهاض. عام 1990، ألم تطلب الندوة الأسقفية البولونية، العزيزة على يوحنا بولس الثاني، إغلاق أبواب دور الحضانة و طرد النساء إلى البيت " لمكافحة البطالة"؟ و في اسكتلندا، ألم يشرف الكاردينال توماس ويننغ، على تأسيس راتب أمومة، دائما لأجل" مكافحة البطالة"؟ عام 1995، في المكسيك، و نيكاراغوا و في الفليبيين، افتتحت أوبيس دي حملة من الشائعات ضد الأمم المتحدة. المنظمة الدولية للصحة (OMS ) و صندوق الإسكان (FNUP )، حاولت الحد من السكان العالميين، بإثارة حالات الإجهاض غير الحقيقية لدى النساء.
قيل أنه تم إقحام مادة لمعالجة الكزاز تثير الإجهاض لدى النساء. صادق يوحنا بولس الثاني على الإشاعة بالإشارة إليها في النشرة الإنجيلية " Evangelium Vitæ ": "متصرفا في الحقيقة كأسلوب مجهض لكل مراحل التطور الحياتي للشخص الجديد" [18] . هذه الحملة نشطها في الفلبين السيناتور "فرانسيسكو تتاد"، من أوبيس دي. و بينما كانت تدور في مانيلا الأيام الدولية للشبيبة الكاثوليكية، طالبت الندوة الأسقفية الفلبينية الحصول من الحكومات على منع التلقيح المضاد للكزاز. تم التوقيع على بروتوكول بين وزير الصحة الفلبيني و ندوة الأساقفة لاختيار لجنة ثنائية متكونة من اختصاصيين. إلى جانب العلماء المختارين من قبل الحكومة، ضمت أيضا لاهوتيين و معارضين للإيقاف العمدي للحمل" IVG ". لم تقدم هذه اللجنة تقريرها قط. تم ضمان السماح بمداولة اللقاح سنة من بعد ان أثبتت العديد من السلطات الأجنبية سخافة الاتهامات.
من 30 إلى 15 أغسطس 1995، أقيمت في بكين الندوة الدولية حول حقوق المرأة، تحمل عنوان " المساواة، التطور، السلام". بتاريخ 26 مايو 1995، تلقى يوحنا بولس الثاني في مقر بالفاتيكان رئيسة المؤتمر "جرترود موجيللا" جاءت لتطمئن أنه لن يكرر عملية القاهرة. مسؤولون من مجلس المشيخة شكروها لتجنبها صياغة مسألة الصحة التناسلية للنساء كقضية أساسية، و تنوع الحوارات حول المساواة رجال/نساء. لكن، كان مؤسفا أن إشكالية المساواة بين الجنسين أخذت مأخذا بحيث تناول مسألة الإجهاض بطريقة مخالفة. و أمام " جرترود موجيللا " القلقة، ذكر البابا بعض الشروحات. حسبه، الرجل و المرأة غير متساويان في الحقوق، لكن " في الكرامة"، لأن الله خلقهما معا بالصورة التي رآها، لكن منحهما وظائف جلية و مكملة. " مثلما تقول بعظم النساء: المساواة في الكرامة لا تعني التماثل مع الرجال." قالها.
أن كانت الكنيسة الكاثوليكية تعارض التمييز في العمل، إلا أنها تعتبر ألا يحق للأم العمل خارج بيتها و أن على المجتمع " أن يجتهد لتحسين أوضاعهن الاجتماعية بحيث لن يجبرن على مغادرة بيوتهن للبحث عن العمل". بتاريخ 29 جوان 1995، نشر يوحنا بولس الثاني رسالة إلى النساء طور فيها نظرته نحو النساء في المجتمع، كانت الرسالة موجة إلى عناية النساء أنفسهن و إلى مؤتمر بكين. كان شديدا و هو يتكلم عن إدانته للإجهاض و حث النساء المغتصبات، سواء اغتصبن في حالات السلم أو من قبل جنود الأعداء، أن يتمسكن بحملهن " بحب بطولي".
من جهتها، حرصت إدارة الأمم المتحدة على التحذير من التخريب. عمل إعلامي كبير تم القيام به أثناء اللجنة التحضيرية، إقليميا و دوليا، بطريقة لا يمكن على إثرها نشر الأكاذيب و تشويه صورة الأمم المتحدة. الدول التقدمية عبئت الدعوة للجمعيات النسائية في العالم بأسره، ممولة أحيانا رحلات الجمعيات الأجنبية التي لم تتمكن من الحصول على الدعم من حكوماتها. غير أن الكرسي الرسولي نجح في اختيار ملكة بلجيكا، الملكة فابيولا [19] لإرشاد الأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي حول قانون المرأة.
تكونت بعثة الكرسي الرسولي من 22 دبلوماسي [20]، لم تكن موجة من قبل أسقف. لكن قادتها امرأة " ماري آن غلندن، أستاذة القانون في جامعة هارفارد.
التحالف مع الدول الإسلامية لم يعد مناسبا. بمجرد افتتاح الأعمال، قامت ماري آن غلندن بنفي أن يكون ولد شي اسمه القطب الإسلامي الكاثوليكي. بتطبيق استراتيجيتها، أوقفت بعثة الكرسي الرسولي كل أشكال الاحتقان و بدأت بالتعاون بشكل ايجابي مع الأعمال. الأم تريزا من كالكوتا التي سترت وسائل الأعلام تورطها في فضائح مالية و مساندة ديكتاتوريين لأجل تقديمها بشكل القديسة الحية [21]، أرسلت رسالة إلى المؤتمر. " لا أستطيع الفهم لماذا يقول البعض أن الرجل و المرأة متساويان، و يرفضون الاعتراف بالفوارق القائمة بين المرأة و الرجل؟ (...) الأمومة هي هبة الرب إلى النساء. لا يمكننا تدمير هذه الهبة بالخصوص بجريمة الإجهاض. و بالإيمان أن ثمة أشياء أهم من الحب، إن تكون في خدمة الآخرين: المستقبل المهني مثلا، العمل خارج البيت."
باختصار، عمل النساء يبدو اخطر من الإجهاض باعتباره يغير من منحنى الدول الاجتماعي المسطر من الرب: إنجاب الأطفال و تربيتهم في البيت.
بدت بعثة الكرسي الرسولي مشاغبة إزاء الوثيقة الختامية. استعملت كل جهودها لتغيير عبارة " حقوق النساء" بعبارة " الكرامة الإنسانية"، و حاولت إلغاء عبارة " النوع" بدل الاعتراض بوضوح على عبارة " مكافحة التمييز بحجة الجنس أو النوع"
أعلنت ماري آن غلندن:" الكرسي يعلن الرسولي بإصرار في هذا المؤتمر كما بمناسبة القمة الدولية حول التطور الاجتماعي، انه من المهم إيجاد طريق جديدة لمعرفة القيم الاقتصادية و الاجتماعية بالعمل غير المكافئ للنساء، داخل أسرهن، في إنتاج و المحافظة على الغداء و في جملة من الوظائف الاجتماعية الضرورية في وسطهن الحياتي" [22] . أجدر من مواصلة فرض رؤيتها على الجميع عمدت بعثة الكرسي الرسولي على تحسين صورتها بالموافقة على الإجراءات الخاصة بمحو الأمية لدى النساء. بشكل سري، ألغمت الوثائق الرسمية بتوصيات غامضة و حضرت لحملاتها القادمة. في نهاية المؤتمر، نسقت توقيعها بملحق تفسيري يتكون على 13 تحفظات التي شوهت تماما المعنى الحقيقي للوثيقة الرسمية.
عام 1996، و بطلب من " صندوق الإسكان " و من اليونيسيف، المجلس الأعلى للاجئين للأمم المتحدة (HCR) وضع قيد التنفيذ في رواندا برنامجا " لمنع الحمل الجماعي" الذي يسمى أيضا " منع الحمل الاضطراري". كما وضح ناطق رسمي:" مئات الشابات تعرضن إلى الاغتصاب في مراكز اللاجئين و توزيع موانع الحمل كانت الطريقة الوحيدة للوقوف في وجه هذه المأساة لبنات صغيرات السن، لا تتجاوز أعمارهن عادة الثانية عشرة، و اللائي يتعرضن لخطر الحمل الصادم". فيما بعد، تم توسيع البرنامج إلى مناطق صراع أخرى، و تم نشره بمشاركة كل من " صندوق الإسكان " و "اليونيسيف " و ال" Interagency Field Manual ". غضب يوحنا بولس الثاني و أصدر تعليمات إلى جمعيات الإحسان الكاثوليكية المتواجدة في مناطق الصراع تلك لرفض تطبيق أوامر الأمم المتحدة في هذا المجال. ألغى التمويل المالي [23] للكرسي الرسولي، و تم تقسيمها إلى نصفين، نصف إلى "المنظمة الدولية للصحة " و النصف الثاني إلى برنامج " الحرب على المخدرات".
يوم 7 جويلية1998، أثناء الأعمال التحضيرية للأمم المتحدة لإنشاء المحكمة الجزائية الدولية (TPI)، حصلت بعثة الكرسي الرسولي على إلغاء تجريم " الحمل الإجباري أو الاضطراري". أعلن الأب روبرت جون أراوجو أن لوائح المحكمة الجزائية الدولية تنبأت بتجريم الاغتصاب و الابادة. هذا الأخير غطى أربعة حالات واضحة، ضم فكرة إجبار النساء من سكان ما، لوضع إلى الحياة أطفال جراء اغتصاب مرتكب من سكان آخرين. خشي الكرسي الرسولي أن يتوجه المدافعين عن الحريات الشخصية إلى المحكمة الجزائية الدولية ضد السلطات التي ترفض منح النساء المغتصبات الحق في الإجهاض. في الأخير، لن تكون محميات من قانون الأمم المتحدة.
عكس الصورة المنتشرة، تطور الموقف اللاهوتي للكنيسة الكاثوليكية فيما يخص الإجهاض طوال العقود، و تلك الخاصة بيوحنا بولس الثاني فهي خاصة به فعلا. عمله السياسي ليس له مثيل في تاريخ البابوية.
ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: ياسمينة صالح جميع الحقوق محفوظة 2005©
[1] هذا التطويب جاء كدعم لتصريحات الأبرشية لعقيدة الإيمان حول عزل الرحم (31 جويلية 1993). منع الكاردينال جوزيف رتزينجر باستئصال الرحم إلا في حالة ألا تكون المرأة و أن يكون ثمة إصابة بمرض تهدد حياتها. منع الأمر في كل الحالات. في نفس سياق الفكرة، رفضت الكنيسة الكاثوليكية منع السر المقدس لزواج النساء اللائي فمن باستئصال الرحم و الرجال الذين قاموا بعمليات استئصال الأسهر، مهما كانت الأسباب.
[2] لا تسمح الكنيسة الكاثوليكية إلا الطرق المتحكمة في الخصوبة و التي تتأسس على التعفف أثناء مرحلة الخصوبة. طريقة " أوجينو كيوساكو" و " هرمان كنوس" ترتكز على مراقبة التحولات الحرارية لتحديد تلك المراحل، الطريقة الخاصة ب" إفلين بيلينغ" ( أكاديمي بابوي ) ترتكز على مراقبة تحولات الإفرازات المهبلية".
[3] " حضارة الحب" عبارة أضافها بول السادس في العقيدة الكاثوليكية عام 1974. يوحنا بولس الثاني فضل استبدالها بعبارة " ثقافة الحب"، ثم " ثقافة الحياة" و " سياسة الحياة".
[4] حملة المسيح التي تعني " لأجل مجد الرب".
[5] سفر الخروج، الفصل الأول، آية 7 الى 22
[6] يحظى الكرسي الرسولي باحترام كبير في العالم الإسلامي لكونه عارض عام 1991 حرب الخليج.
[7] وبخ البابا الدول التي منعت دخول مبعوثين إلى أراضيها، و منعت التدين بالمسيحية و الاحتفاء بطقوس الكاثوليك، إشارة مباشرة إلى العربية السعودية و الكويت.
[8] كان صاحب السعادة روميو بانسروللي، الناطق الرسمي للكرسي الرسولي في سنوات السبعينات.
[9] عكس الصورة الدعائية الأمريكية، و حتى إن كان ثمة الكثير ينتظر العمل عليه، فإن الدولة الإسلامية ساهمت بشكل كبير في تقدم حقوق النساء إزاء ما كانت عليه في مرحلة الشاه. بثت إيران آيات الرب برامج تلفزيونية تعليمية حول منع الحمل، و منحت مجانا وسائل منع الحمل للنساء المتزوجات، و سمحت التوقيف الإرادي للحمل إلى غاية اليوم العشرين من انقطاع الطمث.
[10] كانت البعثة مكونة من صاحب السعادة روناتو ر.مارتينو ( المراقب الدائم لدى الأمم المتحدة ) و صاحب السعادة ديارمويد مارتن، ( المجلس الأسقفي للعدالة و السلام"، صاحب السعادة جامس ماكهوج ( الولايات الأمريكية)، برناندو كولومبو ( أكاديمية الأساقفة للعلوم)، الأب غوزمان كاريرجيري ( مجلس الأساقفة للعلمانيين)، جواكين نافارو فالس ( الناطق الرسمي للكرسي الرسولي، أوبيس دي)، صاحب السعادة منجد الهاشم ( سكرتير الدولة للشؤون العامة)، صاحب السعادة مايكل كورتني ( السفارة البابوية في مصر)، صاحب السعادة بيتر إليوت ( المجلس الأسقفي للعائلة)، الكونتيسة كريستين دو مارسوليس دو فولمر ( أكاديمية الأساقفة برو فيتا) و عدد من الأمناء الآخرين.
[11] تعابير الأخلاق و الأدبيات غامضة تماما. تنحدر العبارة الأولى من كلمة لاتينية تعني السلوك، و الثانية للمثيل اليوناني، و لكن باستعمال مختلف هكذا، يتم اقتراح الأخلاق الدينية و الآداب الدنيوية، أو الأخلاق الاجتماعية و الآداب الشخصية. كلمة "بيوتيكي" ظهرت لأول مرة في الأدب العلمي مع مقال لأخصائي الأورام الأمريكي " فان رنسلاير بوتر، المنشور سنة 1970.
[12] لم يكن لأوبيس دي أن تحظى في فرنسا بشخصيات ضرورية لهذه العملية: السيدة كونجوردو تقدم نفسها كباحثة في المعهد الوطني للبحوث العلمية. هي في الحقيقة أخصائية في التاريخ البيزنطي.
[13] رأي رقم 1، حول اقتطاع خلايا من المضغة ومن بويضة الموتى (22 مايو1984)، رأي رقم 3 حول النساء الحاملات ( 23 أكتوبر1984)، رأي رقم 8 حول استعمال البويضة لأغراض البحث (15 ديسمبر1986).
[14] توصيات 1046/86
[15] تصريحات هونكونغ
[16] مثال 27 و 73
[17] نذكر أن الكرسي الرسولي أدان تصريح حقوق الإنسان و المواطن لعام 1789، بالخصوص فيما تحمله من حرية التعبير و حرية الإدراك (Quod Aliquantum ) كان الثوار الفرنسيون يركزون على هذين المبدأين: التفريق بين الفلك العام و الفلك الخاص من جهة، و خلاصية الشخص من جهة أخرى. يوحنا بولس الثاني اكتفى بأخذ عبارة "حقوق الانسان" ( من دون حقوق المواطن) و غير معناها.
[18] " Evangelium Vitæ "، الفقرة 13.
[19] تعد الملكة فابيولا عضو في أوبيس دي. زوجها بودوان الأول، اختار الاستقالة من مهامه على أن يوقع على قانون يقر بحق الإجهاض. صعد إلى العرش يومين من بعد. طلب الكاردينال دانيلس من الأبرشية لقضية القداسيين فتح قضية في تطويب " الملك المقدس"
[20] كانت البعثة مكونة من " ماري آن غلندن" ( رئيسة البعثة، الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية)، صاحب السعادة ريناتو ر.مارتينو (سفير بابوي لدى الأمم المتحدة)، صاحب السعادة ديارميد مارتن ( مجلس الأساقفة للعدالة و السلام)، الأب فرانك ديوان ( مجلس الاساقفة "كور إينوم"، باتريسيا دوناهوي، تيريزا إ.شول (مجلس اساقفة للعلمانيين)، بيتر ج.اليوت ( مجلس الأساقفة للعائلة)، كارمن ديل بلار، اسكوديرو دو جنسن، جان هالاند ماتلاري ( مجلس الاساقفة للعدالة و السلام)، كلوديت هابش ( مجلس الاساقفة كور أنم)، كاثرين هاوا هومكواب (مجلس الاساقفة للثقافة)، جون كلينك، ايرينا كوالسكا، جون لويس (Vatican Information Service)، صاحب السعادة دافيد جون مالوي ( أمانة السفارة البابوية لدى الأمم المتحدة)، جواكين نافارو فالس ( الناطق الرسمي للكرسي الرسولي)، السيد آن نغوين ذي ثانه، غال كوين، لويس جنسن، أكونا شري ريكر، لوسيين سالي ( مجلس الاساقفة للعلمانيين)، كونغ سي مي.
[21] السيرة الذاتية التي خصصها لها "كريستوفر هيتشن" " أسطورة الأم تريزا كيف الوصول الى القداسة في الحياة بفضل خطة إعلامية جيدة، منشورات داغورنو1996.
[22] خطاب بتاريخ 5 سبتمبر1995، فقرة 2.
[23] يتعلق بالقاطنين مساعدة رمزية، بما أنها لا تزيد عن 2000دولار في السنة.