رأى متابع الشؤون العربية في"هآرتس" تسفي برئيل ان الإنتخابات اللبنانية التي جرت اول من امس عكست الإنقسام الذي يعانيه هذا البلد. وكتب: "(...) أظهر ميشال عون في أهم معركة انتخابية انتهت دورتها الأخيرة في الشمال، إنتهازية من طراز رفيع. فالرجل الذي كان في نظر اللبنانيين رمزاً لمعارضة النظام السوري وللسيطرة السورية على لبنان غيّر مرة واحدة وجهه وعقد تحالفاً مهماً مع مؤيدي سوريا بالذات. ورغم ادعاء المعارضة بالفوز، لا يزال من غير الواضح ما اذا كان مؤيدو سوريا خسروا في الإنتخابات وسيقومون هم بتأليف الحكومة، ام ان هؤلاء سيتحولون معارضة تمارس الضغط على حكومة يترأسها سعد الحريري.
ولكن رغم طموح عون في استطاعة لائحة الحريري الإستفادة من كل الامور معاً. في حال فوز الحريري، يحتمل ان يغادر عون مع انصاره صفوف الموالين لسوريا والإنضمام الى معسكر الحريري للحصول على موقع له تأثير وربما على تعهد بدعم ترشيحه لمنصب رئاسة الجمهورية. ولكن من ناحية اخرى، لو فاز عون سيحتاج الى نوع من تهدئة من جانب الحريري الذي قد يدعوه الى المشاركة في حكومة اتحاد وطني.
مجريات المعركة الإنتخابية كما برزت في الدورات الأربع والتحالفات الغريبة التي قامت بين معارضي سوريا السابقين والمؤيدين لها مستقبلاً، وبين جزء من الدروز وقسم من المسيحيين، وبين اليمين المسيحي والمسلمين السنة، وبين جزء من الشيعة والدروز ، كل ذلك يشير الى ان السياسة اللبنانية لا تزال رغم طرد السوريين تعاني امراضاً مستعصية.
لقد كان الأمل أن الصراع ضد سوريا والشعور بالوحدة الوطنية سيبني نظاماً سياسياً يتعالى عن الإعتبارات الطائفية، لكن هذا الأمل لم يتحقق. والمعركة الإنتخابية امس في دائرة الشمال بالذات، حيث يتساوى عدد المسيحيين والمسلمين كانت الدليل على ذلك، فلقد توقع الحريري دعم المسلمين كما توقع عون دعم المسيحيين. وعلى هذا الأساس خاض الإثنان معركتهما في هذه الدائرة. لكن السؤال الاساسي الآن الى اي حد سيكون في امكان الحكومة ومجلس النواب الجديدين مواجهة الضغوط الخارجية والدولية في موضوع تطبيق القرار 1559. وفي الوقت الذي تتألف الكتلة الشيعية لـ"أمل" و"حزب الله" من 35 نائبا ، سيحتاج عون والحريري الى شجاعة سياسية استثنائية لإقناع "حزب الله" بالتخلي عن سلاحه. ولأن بنية الكتل البرلمانية تجعل حتى تلك التي فازت لا تحظى بالغالبية المطلقة، فكل ضغط خارجي سيجعل من الصعب تطبيق القرار 1559 وسيدفع بالخصوم السياسيين الى التكتل ليظهروا كأنهم لا يخضعون للضغط الدولي. في مثل هذا الوضع باستطاعة سوريا الإستمرار في ممارسة نفوذها على السياسة اللبنانية، ولا سيما الان بعد انسحابها ، وليس في امكان احد مطالبتها بتجريد الحزب من سلاحه بعدما اصبح هذا مهمة لبنانية".