منذ عملية تهجير الفلسطينيين من ديارهم عام 1948، ورفض الشعب العربي لهذا التطهير العرقي، فقط السلام المنفصل بموجب اتفاقات كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر عام 1978، والوعد بحل الدولتين بموجب اتفاقات أوسلو عام 1993، غيرا جزئيا بالوضع القائم.
لكن بعد الكشف عن مفاوضات سرية جرت بين إيران والولايات المتحدة، قررت كل من المملكة العربية السعودية وإسرائيل الدخول في حوار مباشر فيما بينهما، فتوصلتا بغضون سبعة عشر شهرا من اللقاءات السرية، إلى إبرام اتفاق موقع بين خادم الحرمين، والدولة اليهودية، تجسد واقعيا من خلال مشاركة الجيش الإسرائيلي في حرب اليمن، ونقل القنابل النووية التكتيكية إلى السعودية.
لنتذكر جيدا أن هذه الاتفاقية تضمنت أيضا تطوير المملكة العربية السعودية بحيث يبقى مجتمعها سلفيا، فيما تصبح مؤسساتها علمانية. كما تضمنت، فيما تضمنته، مسألة استقلال كردستان العراق (الذي سيعرض على الاستفتاء العام في شهر أيلول القادم) واستغلال كل من حقول الغاز في صحراء "الربع الخالي" (الممتدة بين السعودية واليمن، حيث الحرب الحالية) وحقول أوغادين (التي ستشهد انسحاب القوات القطرية من الحدود مع جيبوتي هذا الأسبوع).
أخيرا، قررت مصر أن تتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، كما وعدت بذلك قبل عام.
مما يعني أن الرياض تكون قد اعترفت بحكم الأمر الواقع باتفاقية كامب ديفيد، التي تشمل إدارة نظام هذه الأراضي. وقد أكدت إسرائيل أنها تلقت ضمانات سعودية بهذا الخصوص.
لاحظوا أن القرار المصري لم يتخذ تحت ضغط سعودي ( رغم قرار الرياض العبثي بإيقاف تسليم شحنات النفط، وتجميد قرض بقيمة 12 مليار دولار)، بل بسبب أزمة الخليج. فقد توج آل سعود رسميا القطيعة التي كانت تختمر مع الإخوان المسلمين، إثر نقل الرئيس السيسي وثائق تثبت تورط أعضاء في الجماعة في مشروع انقلاب ضدهم.
اعتقدت السعودية في مرحلة أولى أنها قادرة على التمييز بين السيئين والجيدين في جماعة الأخوان، ورغم اتهامها لقطر بدعم مشروع الانقلاب ضدها، إلا أن الأمور تطورت بشكل سلمي في تلك المرة. أما الآن، فتعتزم الرياض القضاء على جماعة الأخوان، الأمر الذي سيقودها حكما إلى مراجعة موقفها من سورية.
أما المرحلة اللاحقة فستتجلى بإقامة علاقات تجارية علنية بين الرياض وتل أبيب، وفقا لما نشرته صحيفة التايمز في 17 حزيران الجاري (سوف يتم الترخيص لشركات إسرائيلية في السعودية، كما سيمكن لشركة الطيران الإسرائيلية العال استخدام الأجواء السعودية) ثم يأتي بعد ذلك الاعتراف بمبادرة السلام العربية التي قدمها الأمير عبد الله لقمة جامعة الدول العربية، المنعقدة في بيروت عام 2002، وإقامة علاقات دبلوماسية يكون الأمير الوليد بن طلال أول سفير للمملكة في تل أبيب.
يمكن لهذا المشروع أن يقود إلى سلام في فلسطين عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية والتعويض للاجئين، وفي لبنان إلى الانسحاب من مزارع شبعا.
أما في سوريا فسيقود إلى وقف كل أشكال الدعم للجهاديين، والانسحاب من الجولان المحتل.