لقد وضع الرئيس ترامب نُصب عينيه هدفًا محددا، هو تدمير الرأسمالية المالية للنخب العابرة للقوميات في دافوس، واسترجاع الرأسمالية الإنتاجية "للحلم الأمريكي". وهذا ما قاده، بطبيعة الحال، إلى التشكيك في الأيديولوجيا الإمبريالية للقوات المسلحة الأمريكية.
وفي المقابل، أعاد الرئيس بشار الأسد إلى الأذهان مسألة، أنه بغض النظر عن حسن نية نظيره الأمريكي، إلا أنه لم يستطع أي رئيس للولايات المتحدة تغيير النظام القائم منذ الحرب العالمية الثانية.
بيد أنه على الرغم من ضعف احتمال تمكن الرئيس ترامب من بلوغ هدفه تماما، إلا أن بوادر محاولاته بدأت تعطي بعض النتائج.
لقد دخل دونالد ترامب عالم السياسة للمرة الأولى في 11 أيلول 2001، حين اعترض في ذلك اليوم بصفته كمطور عقاري، على الكذبة الرسمية حول انهيار أبراج مركز التجارة العالمي، في بث مباشر عبر برنامج تلفزيوني.
ثم دُهش في وقت لاحق، ليس من عدم تصفية الجهاديين المسؤولين رسميا عن الهجمات على واشنطن ونيويورك، على حد تعبير بوش الابن وأوباما، فحسب. بل أسوأ من ذلك، لقد دعم كلا الرئيسان بسخاء إعلان دولة مستقلة، داعش.
هذا المنطق هو الذي أوصله أولاً إلى البيت الأبيض، ثم قاده إلى إلقاء خطابه الشهير في الرياض، الذي حث فيه الدول العربية وتركيا على التوقف عن دعم الإرهابيين.
وإذا كان التمويل الهائل لجماعة الإخوان المسلمين والهيئات المرتبطة بالجماعة، قد ذاب كذوبان الثلج تحت أشعة الشمس، إلا أنه لايزال مستمرا، لكن على نطاق ضيق، مع استمرار القوات المسلحة الأمريكية، حتى الأسبوع الماضي، بقيادة لعبة مزدوجة مع كل من تنظيم القاعدة، وداعش، حيث كانت تقصفهم يومًا، وفي اليوم التالي تعود إليهم لتنقلهم بالمروحيات إلى أماكن أخرى.
ما يحدث في درعا حاليا يثبت أن أوامر الرئيس ترامب، بدأت تتجسد تدريجيا على الأرض، بعد أن أبلغت السفارة الأمريكية في عمان، الجهاديين في جنوب سورية بأنه لم يعد بوسعهم الاعتماد على الحماية الأمريكية. ونتيجة لذلك، يقوم الجيش العربي السوري حاليا، مدعوما بالطيران الروسي، بتنظيف المنطقة من الإرهاب بسرعة قصوى.
لقد صبر سيد البيت الأبيض سنة ونصف السنة على توليه الحكم، حتى بدأ قادة جيوشه يطيعونه .
دونالد ترامب يعمل الآن بدأب ممنهج على تقويض المؤسسات الإمبريالية. خفًض بشكل كبير من ميزانية قوات حفظ السلام. هؤلاء المراقبين الذين تحولوا إلى قوات حفظ السلام "الإمبريالي". ثم سحب بلاده من مجلس حقوق الإنسان، وهي منظمة، سجلها حافل بتبرير الأعمال العدوانية لحلف الناتو. بيد أنه فشل في المقابل بكبح سياسة المنظمة الدولية للهجرة.
لكنه تمكن مؤخرا من تفجير التوافق داخل مجموعة جي7، وأرسل مستشاره السابق، ستيف بانون للعمل على تفخيخ الاتحاد الأوروبي. فدعم هذا الأخير، بالتعاون مع مصرف أمريكي، قيام حكومة إيطالية مناهضة للنظام السائد، من شأنها أن تتسبب بصداع لكل من بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا.
ثم عمل على زعزعة التوازن الإقليمي في آسيا (كوريا الشمالية) والشرق الأوسط الموسع (فلسطين) وبدأ على الفور بالتهجم على حلف شمال الأطلسي.
يمكن لخصومه لجم جموحه في أي لحظة، كما حصل لسلفه جون كينيدي. لهذا، ينبغي على سوريا أن تستفيد إلى أقصى حد من هذه اللحظة المكللة بالنوايا الأمريكية الحسنة، ليس فقط بالقضاء على الإرهاب، بل بتحرير الجولان أيضا.