ضمن التاريخ المعاصر خاضت الولايات المتحدة جملة من الحروب لمناصرة الديمقراطية، داخل دول اشتهرت بحالة فساد "فاقعة" ..
ضمن التاريخ المعاصر خاضت الولايات المتحدة جملة من الحروب لمناصرة الديمقراطية، داخل دول اشتهرت بحالة فساد "فاقعة" .. فمن كوريا إلى فيتنام وصولا إلى العراق كان العنوان العريض "حروب بالنيابة عن الفساد".
لكن الصورة المقابلة ظهرت في "إسرائيل" على وجه التحديد، حيث لم تقم الولايات المتحدة بخوض حرب بالمعنى التقليدي لبقائها، بل مارست جملة من المعارك السياسية الضخمة، سواء داخل أروقة الأمم المتحدة أو على صعيد الدبلوماسية بشكل عام. وما يميز العلاقة الأمريكية مع تل أبيب ليس فقط هذا الدفاع الطويل عنها سياسيا، وتوفير مجال عالمي لأمنها، بل أيضا القدرة على الفصل بين حروب الولايات المتحدة في المنطقة والعلاقة مع إسرائيل ... وبالطبع فإن الربط الاستراتيجي موجود، ولكن الحركة الآنية تسعى لخلق مفاصل جديدة تبعد "إسرائيل" عن تلك المعارك ..
هذه العلاقة خضعت لتفسيرات متعددة بدأت بمسألة المصالح الدولية وانتهت قبل عدة اعوام بالحديث عن الترابط الثقافي، وبغض النظر عن دقة التوصيف لمبرراتها أو نتائجها، ولكن في النهاية نموذج تم تشيده في الشرق الأوسط ليكسر حواجز العلاقات الدولية المفروضة على المنطقة منذ فترة الامتيازات الأجنبية داخل العثمانية.
فإسرائيل وجدت ضمن التكوين الدولي سواء في مرحلة السيطرة الأوروبية، او حتى في فترة الحرب البارد، واليوم هي داخل الإستراتيجية الأمريكية في حروبها الاستباقية .. وإذا كنا اليوم نعرف سلفا استحالة قيام أي دولة عربية بمهام وظيفية مشابهة لما قامت وتقوم به إسرائيل كي تبقى ضمن التكوبن الدولي، فإننا على الأقل نعرف سلفا أن الولايات المتحدة وأوروبا غير خاضعة لتل أبيب، وهي أيضا تعرف موقع إسرائيل في الإستراتيجية الدولية.
إحدى التفسيرات التي تتحدث عن سر العلاقة ما بين إسرائيل و "الغرب" تلخص الأمر بأن أوروبا تنظر إلى هذا "الكيان" على انه وجود للحداثة في منطقة لم تستطع أوروبا أن تخترقها بآلياتها .. لابما يكون هذا التفسير صحيحا أو خطأ .. ولكنه لا يعفينا من تجربة الحداثة لأنها المغامرة الوحيدة التي لم نجربها بعد .. بل على العكس جربنا صياغة التراث بأساليب كثير لتجنب الخوض في "الحداثة".