حاول أن تتخيل ذلك,,, وحاول أن تتخيل بأنك بلغت من الوصـولية وتلمـيع النـظام إلى الـدرجـة التـي أهلتك للحصول على منصب وزير إعلام سورية في مثل هذه الظروف، عزلة دولية وتحقيق أممي مع النظام ووزير الداخلية «ينتحر» ومدير مكتب وزير الداخلية يعلم عن ملابسات الموضوع وسينتحر قريبا وزوجته ستنتحر كذلك لأنها أجرت مكالمة هاتفية معه من بيت جارتها التي ستنتحر أيضا,,, حاول أن تتخيل ذلك وحاول أن تتخيل بأنك مسؤول عن نفي وتكذيب كل ذلك.
مهدي دخل الله وزير الإعلام السوري يعيش هذا الرعب واقعا لا خيالا، لذلك فأنا أحد الذين يتفهمون موقفه الحرج وتصريحاته المكشوفة التي يطلقها من دون تفكير خوفا من «الانتحار».
السيد مهدي دخل الله صرح بأن «انتحار» غازي كنعان وزير الداخلية السوري ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالتحقيق الدولي ولا بالملف اللبناني من الأساس! لكنه لم يبين لنا سبب انتحار كنعان, هل لأنفلونزا الطيور علاقة بذلك الأمر أم أن القضية لها صلة بالعشق والغرام؟ أم بسبب ديون القتيل أم ماذا بالضبط؟
في سورية، عليك -كـوزير إعلام - أن تنفي كل شيء يسيء للنظـام حتـى لو كـان مكشوفا, في سورية، عليك أن ترضي الرئيـس حتى لو أسأت للدولة, في سوريا، عليك أن تسمي كل معارضي الرئيس كلهم «خونة»، عليك أن تقتل مواهب الشعب وتجيـرها لمصـلحة حفـظ النـظـام، فـي سـورية علـيك أن تتناسى العزلة الدولية وتذكر رسائل التأييد «المزورة» بأسماء وهمية نكرة! فتصريح نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجـية فـي أحـد الأحزاب العربية غـير المعـروفة والـذي يؤيـد فيـه النـظام يتصدر الأخبار بينما قضية محـاكمة النظام بأكمله محرمة ومَن يتعرض لها يعتبر خائنا للوطن، في سورية، عليك أن تشي بابن عم جارك الذي وصل إلى مراحل متطورة في علوم الكمبيوتر لتخيّره المخابرات حينها بين أن يسخر هذا العلم لتثبيت النظام وبين أن «ينتحر».
مسكين الشعب السوري,,, ذلك الشعب العبقري الذي ما أن وجد حرية في أفريقيا وأميركا اللاتينية حتى أبدع وحلق في سماء الاستثمار والتطور, فما ذنبه في ما حدث ويحدث له؟ ما ذنبه لو تم حصار سورية أو تم قصفها ليموت للمرة الخمسين بعد المئة بينما مهدي دخل الله ينفي ذلك؟,,, شيء محزن بالفعل.
تخيل ذلك، تخيل لو أنك مواطن سوري، ثم انظر إلى حالك في الكويت حيث تنتقد رئيس الوزراء ووزراءه ثم تلعب «بلاي ستيشن» مع أطفالك! ألا يستحق الموضوع ركعتي شكر؟!
رؤية: البرنامج الوثائقي الذي عرض قبل يومين في تلفزيون الكويت حول «مؤتمر جدة,,, قصة إرادة» يدل على أن هناك عقليات في وزارة الإعلام هدفها الإبداع لا النفي,,, فتحية لهكذا عقليات.