عاشت سورية امس، رسميا وشعبيا، حالة من الشد النفسي الشديد، وهي تتابع وقائع تصويت مجلس الامن على القرار 1636، ففي الوقت الذي نجحت فيه الولايات المتحدة بالتأكيد على حالة العزلة الدولية لدمشق، تحفظ الكثير من المراقبين والمتخصصين على الخطاب السياسي الذي قدمه وزير الخارجية فاروق الشرع، بما يشبه اضاعة فرصة ذهبية لن تتكرر على الاغلب ثانية.
واذ صدر القرار الجديد لمجلس الامن والذي يلزم سورية، التعاون التام مع اللجنة الدولية المكلفة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، باجماع الاصوات بما فيها الجزائر، فإن الحركة الديبلوماسية السورية على المستوى العربي تواصلت بمتابعة نائب وزير الخارجية وليد المعلم جولته الخليجية، وفي تسلم الرئيس بشار الاسد رسالة من امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني «تتعلق بالاوضاع الراهنة» نقلها وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم، الذي وصل دمشق فجأة بعد انتهاء جلسة مجلس الامن.
وحسب الوكالة الرسمية «سانا» فإن المحادثات تعلقت «بالأوضاع في المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك والتعاون بين البلدين الشقيقين», اضافة الى «تقرير لجنة التحقيق الدولية وقرار مجلس الأمن».
وفور صدور القرار 1636 عبرت اوساط ثقافية واعلامية عن استيائها من اداء الديبلوماسية السورية في مجلس الامن، والمداخلة التي قدمها الشرع، وقالت «ان سورية فوتت فرصة ذهبية لن تتكرر على الاغلب كان يمكن استغلالها افضل مما تم وخصوصا انها كانت تبث على الهواء مباشرة».
وقالت: «كنا نتوقع ان يظهر الشرع بعضا من الوثائق الدامغة سواء حول التعاون السوري مع لجنة القاضي ديتليف ميليس، كما تدعي دمشق، او وثائق تفند بعضا مما جاء في التقرير مثل محضر اجتماع الرئيس الاسد مع المرحوم الحريري، وعدم الاكتفاء بخطاب تجاوزه المجتمع الدولي تجاه التعامل مع التقرير كوثيقة دولية حازت مصداقية مجلس الامن».
وفي ما بدأت حملة لجمع تواقيع على مشروع كان اقترحه المعارض رياض الترك خلال مداخلة له على محطة المستقلة الفضائية وتطالب باستقالة الرئيس بشار الاسد وحكومته، اكدت احزاب المعارضة ان ذلك المشروع يمثل صاحبه بينما تلتزم قوى المعارضة مشروع «اعلان دمشق».
وتلقت «الرأي العام» رسالة عبر البريد الالكتروني حمل توقيع رئيسة منتدى الاتاسي سهر الاتاسي تقول «هذه دعوة مني للانضمام ولتأييد المبادرة التي أعلنها المناضل رياض الترك من أجل الخروج بالوطن من المأزق الخطير»، على أن ترسل التواقيع على عنوانها الالكتروني.
ومما جاء في نص مداخلة الترك مساء الجمعة «ان هناك مخرجاً يمكن له أن يتحقق إذا كنا جميعاً نعمل على تجنيب شعبنا ويلات شبيهة بالتي لحقت بالشعب العراقي الشقيق، حين أصر صدام على المواجهة وطبقت العقوبات المعروفة».
وقال الترك هناك مجموعة افكار يمكن أن تشكل مخرجاً آمناً نستطيع بواسطته أن نحل العقدة الشائكة مع مجلس الأمن، وهي:
1- أن يتقدم الرئيس بشار الأسد ومجلس وزرائه باستقالاتهم إلى مجلس الشعب.
2- أن يتولى رئيس مجلس الشعب منصب الرئاسة موقتاً وفق الدستور.
3- يتولى الجيش مسؤولية الأمن، وتجمّد الأجهزة القمعية عن العمل، ويحال كبار الضباط في هذه الأجهزة على رئاسة الأركان ليوضعوا تحت تصرفها.
4- التعاون مع مجلس الأمن وتلبية مطالبه وتسليم المشبوهين والمتهمين إلى لجنة التحقيق الدولية.
5- يقوم الرئيس الموقت بإجراء المشاورات مع قادة الجيش وحزب البعث ومعارضة إعلان دمشق، ومع من يراه من الشخصيات الوطنية والديموقراطية الحريصة على سلامة البلد وتقدمه، مستثنياً من ذلك الملوثين بالدم والمال الحرام، من أجل تشكيل وزارة موقتة.
6- تقوم هذه الوزارة بتسيير الأعمال وإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد، من شأنه أن ينقلها من حال الاستبداد والتسلط إلى حال الحرية والديموقراطية، ويقوم هذا الدستور على مبادئ النظام الديموقراطي.
من جانبه اعتبر الناطق باسم التجمع الوطني الديموقراطي المعارض حسن عبد العظيم ان مبادرة الترك «مشروع شخصي واصحاب اعلان دمشق لا علاقة لهم بهذا الموضوع».
وعلق عبد العظيم على مداخلة الشرع في مجلس الامن بالقول: «ان رد وزير الخارجية السوري جاء في اطار اتهام الادارتين الاميركية والفرنسية على انها تمارس سياسة الازدواجية، لكن المطلوب التعامل بمرونة وجدية مع قرار مجلس الامن والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في شكل جاد واساسي لسحب اي تبعات جديدة».
وقال لـ «الرأي العام» ان «هناك تصميما من الادارة الاميركية والحكومة الفرنسية على متابعة تنفيذ القرارين 1559 و 1595 والقرار الجديد يهدف الى الضغط على سورية لتنفيذ القرارين السابقين خصوصا ما يتعلق منها بسحب سلاح حزب الله والمخيمات الفلسطنية والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية المختصة بجريمة اغتيال الرئيس الحريري» واضاف «ان سورية اصبحت الان مستهدفة ومهددة جديا ومعرضة لمزيد من القرارات الدولية المتتالية بما يشكل ضغوطا قوية عليها للاستجابة للمطالب الاميركية في العراق ولبنان وفلسطين».
واعلن ان «من مصلحة سورية التعاون الجدي للكشف عن الفاعلين في جريمة اغتيال الحريري لانه ما لم تظهر الحقيقة ستبقى سورية معرضة للاخطار والضغوط وصولا الى العدوان».
ورأى ان «المطلوب ايضا القيام بإجراءات جدية على المستوى الداخلي بالنسبة الى التحول الديموقراطي والافراج عن المعتقلين وفي شكل كامل ونهائي والغاء حال الطوارئ والانفتاح الكامل على الشعب السوري والاستجابة لمطالب التغيير الديموقراطي على اعتبار ان ذلك هو ما سيعزز الوحدة الوطنية ويقوي الجبهة الداخلية في مواجهة اي اخطار او تهديدات او عقوبات اقتصادية وغير اقتصادية»
واكد عبدالعظيم ان من ابرز مطالب المعارضة السورية الغاء القانون 49 الخاص بالاخوان المسلمين وقال: «لا يجوز استمرار العمل بهكذا قانون استثنائي لتمكين كل القوى والتيارات السياسية من العمل داخل سورية وليس خارجها».