لا نحتاج إلى التظاهر أو الاعتصام لأن الحرب في النهاية شكلت طوقا حول العقل أو ربما البصيرة، وإذا كانت عواصم العالم تتحرك يوميا عبر شارع من المعارضين للحرب فإننا ربما نحتاج إلى التظاهر ضد الصورة المقيمة داخل العقل، وأشكال الحرب أو السياسية التي نمارسها وكأنها عرف من قبيلة، أو حتى قدر نسبح به.
لا نحتاج إلى التظاهر أو الاعتصام لأن الحرب في النهاية شكلت طوقا حول العقل أو ربما البصيرة، وإذا كانت عواصم العالم تتحرك يوميا عبر شارع من المعارضين للحرب فإننا ربما نحتاج إلى التظاهر ضد الصورة المقيمة داخل العقل، وأشكال الحرب أو السياسية التي نمارسها وكأنها عرف من قبيلة، أو حتى قدر نسبح به.
بعد ثلاث سنوات من الحرب على العراق ربما ندرك أن المسألة كانت صراعا بين طاقة المؤسسات وقدرة عبثيتنا في المقاومة فنحطم العراق كما يحطمها الاحتلال. فإذا كانت الفوضى البناءة شكلا من أشكال الاستراتيجية الأمريكية فإننا لم نقبلها فقط بل أثبتنا أننا قادرون على منحها أبعادا إضافية، سواء بالسيارات المفخخة أو بألوان السياسية التي تشبه كثبان الرمل.
بالطبع فإننا استثمرنا الحرب بأحسن وجه من خلال فوضى سياسية عارمة جعلت الشرق الأوساط حالة بوهيمية تتكاثر فوق كم التحليلات السياسية أو الصور المعلقة على سياق "المعارضة" و "السلطة" و "السيادة والاستقلال"، ومن خلال إضافة عناوين جديدة احتل شباط وآذار معظمها ... وتظاهرنا أيضا بمسيرات "الملايين" ... وتنادينا للحوار الوطني ... , مارسنا كل ما هو متوقع من مجتمعات كانت تعيش الفوضى البناءة أو أنها تعيش في داخلها وتراثها.
ثلاث سنوات لم تغيرنا إلا في الصورة التي نحملها أمامنا كألوان زاهية لحالات جديدة نريد فرضها على أنفسنا ... وننسى أن من حقنا وحق غيرنا الاختيار أو المراجعة أو البناء نحو الغد. فالحرب العراق لم تحصد الأرواح فقط، ولم تجعل العراق واحة "ديمقراطية" ببريق الانفجارات، بل أيضا أطلقت في داخلنا الحنين لحرب القبائل أو الرغبة في ممارسة حروب الردة و "مكافحة" الزنادقة.
هذه الحرب ليست قذرة فقط ... بل هي نوع من المكاشفة مع ذاتنا ... محاولة لمعرفة طاقتنا على ممارسة الحياة بدلا من تعاطي الموت ... هذه الحرب تقدم لنا مواجهة مع الذات قبل أي مواجهة أخرى.