حتى لا نغرق في الوهم فربما علينا التفرغ قليلا نحو المساحات الجديدة، لأننا لا تملك اليوم أملا واضحا في رسم صورتنا، فهل يستطيع أطفال المستقبل أن يجدونا أو يميزون الوجوه التي رافقتهم في طفولة مليئة بالتوتر الذاتي؟!
حتى لا نغرق في الوهم فربما علينا التفرغ قليلا نحو المساحات الجديدة، لأننا لا تملك اليوم أملا واضحا في رسم صورتنا، فهل يستطيع أطفال المستقبل أن يجدونا أو يميزون الوجوه التي رافقتهم في طفولة مليئة بالتوتر الذاتي؟!
وعلى عكس الحكم القديمة فإن الوجه الحسن لم يعد صورة المرأة التي ترافق شعر الغزل العربي، أو حتى "إباحية" ابن نواس، لأن مشكلة "الحسن" اليوم هو الحصار الذي نفرضه على الجمال بتذكر كل مجال العنف الذي يحاصرنا، فإذا كنا نعيش زمن التوتر، لكن وجوه المستقبل ربما لا تحتمل حجم الموت الذي يحاصرها في المحطات الفضائية فتنطلق بعيدا عنا، أو خارج التاريخ الذي فشلنا في صنعه فغرقنا في رمل الحاضر.
الصورة هي للأطفال الذين لم يتعرضوا حتى اللحظة إلى مساحة الدمار، وهم ليسوا محصنين لكنهم مازالوا يجملون الحلم، وربما يرغبون في أن يبقى اللون الفاقع للرسوم المتحركة يزين خيالهم. وهم ليسوا مسؤولين أيضا عن غلاء المعيشة وقانون الطوارئ ولا يفهمون من المطالبة بحقوق الطفل سوى رغبتهم في اللعب والاتقاء من الأيادي التي تمتد لتدمر عالمهم.
ما الذي يدفعنا لدخول عالم الأطفال؟!! إنها العناوين العريضة التي تتسرب إلينا دون استئذان، فيتقن الأطفال فن الهروب إلى زمن آخر، ثم تدهشنا اللحظات التي يشبون فيها حاملين معهم عالمهم الذي افترق منذ زمن عن مساحة حياة الوطن و ... المواطن والهم العام. فإذا كنا نحلم بـ"خطاب" آخر فنحن لم نعد نملك إلا الحكايا التي مل منها أطفال اليوم، كما مللنا سابقا من قصص البطولات ... ولا يبقى لديهم سوى تحريض الخيال بالإنتاج الأمريكي لأفلام وموسيقى الإثارة، أو تخصيب عقولهم بفردوس مفقود وبقدرة إلهية على التدخل يتلقفونها من حلقات التراث ...
بعد عقد من الزمن لن نندهش ... لن نتذكر صورة "الوجه الحسن" الذي يرافقنا دائما في الحلم الذي نسعى لإبقائه علامة فارقة في حياتنا.