كيف لا يتم استبدال كل المصطلحات والخطاب وحتى الوجه الذي نملكه؟ فالمسألة ليست طفلة دخلت "مهرجان اغتصاب " ليبرالي بل أيضا صور لقناعاتنا التي نمارسها يوميا على الشاشات وفي السياسة وداخل الشأن العام...
كيف لا يتم استبدال كل المصطلحات والخطاب وحتى الوجه الذي نملكه؟ فالمسألة ليست طفلة دخلت "مهرجان اغتصاب " ليبرالي بل أيضا صور لقناعاتنا التي نمارسها يوميا على الشاشات وفي السياسة وداخل الشأن العام... ربما نفهم أن لا يعتصم ممثلو الشعب في كل دولة في منطقتنا على الأقل بعد "مهرجان الاعتقال" الديمقراطي لأعضاء من المجلس التشريعي الفلسطيني .. ونستطيع أيضا تقبل حالات الفوضى الثقافية داخل النخب وهم يشهدون عودة المراحل العثمانية إلى الشرق الأوسط ... لكن ما حدث لعبير في العراق ليس صورة صارخة فقط أو نتائج فشل بل هو أيضا سقوط مرحلة .. مثل غاتصاب فلسطين لأن عبير لم تتعرض لاغتصاب جسدي بل ثأر قبلي قام به جيش ... وربما إدارة .. ترسم اليوم ما يجب أن نقتنع به أو نتركه.
وعلى شاكلة "الحلال والحرام" تظهر صورة عبير وكأنها قضية أمريكية بامتياز ... لكننا لا نريد التفكير بأن ما حدث له أكثر من جريمة إفرادية لأن الواقعة تلخص كل العملية السياسية بدء من ديكتاتورية صدام مرورا بالترتيبات السياسة وانتهاء بتطبيق الديمقراطية التي تعتبر "حدثا إعلاميا" بامتياز.
وصورة المسؤولين العراقيين وهم يعرضون صور أهم المطلوبين بين تنفجر السيارات وتُحضر عمليات الاغتصاب يقدم لنا بياض المرحلة التي نغرق فيها فلا نظهر ولا ننجز ونبقى متحورين في الزمان والمكان.
ما حدث لعبير ينتقل في كل لحظة إلى مجال سياسي وثقافي، لأننا نتعامل معها كما تعاملنا سابقا مع عمليات الاغتصاب، فنصر على لبس العباءة القديمة نقسها ونبدء بالحوار والنقاش والتعالي على الصغائر لأننا نريد أن نرسم "أمة" و "واقعا" مهما كان حجم الضحايا الذين يسقطون يوميا .. ثم نكتشف أننا نسير بمفردنا بينما يموت الباقي داخل عالم لا يرى فينا إلى صورا تاريخية.
القضية هي في أننا قادرون على استيعاب الكوارث، لأننا نعتبر أن امتلاكنا للحقيقة سينجينا .. وأننا سنعود يوما لنثأر .. وكلما طال يوم الثأر قلت أحقادنا وانحسر تفكيرنا بماذا سنفعل بالجنة؟ وكيف سينقذنا الله!! أو حتى كيف سنستطيع إدارة الأزمة لحظة إزاحة من يزعجنا من وجهنا.
كان من المفترض عندما أحرقت عبير أن ينتهي زمن بداخلنا .. ولكن على ما يبدو ان زمنا جديدا بدء في الصحف الأمريكية بينما ننتظر صحوة اهل الكهف ... أو صحوة عقولنا.