الاتحاد

حرب من أجل "الابتزاز السياسي"...وحذارِ من "هدية أميركا المسمومة"

يدخل العدوان الإسرائيلي على لبنان يومه الخامس عشر. وفي ضوء ذلك، مازالت التداعيات السياسية والدبلوماسية والعسكرية للمواجهة بين إسرائيل و"حزب الله" تشكل محور افتتاحيات ومقالات الصحف الإسرائيلية. وفيما يلي قراءة سريعة في أبرز ما ورد فيها هذا الأسبوع.

"الاعتبار الأخلاقي ليس في جانبنا"

في عددها ليوم الثلاثاء، نشرت صحيفة هآريتس مقالا لـ"زئيف ماوز"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، اعتبر فيه أن إسرائيل خاسرة أخلاقياً في حربها مع "حزب الله"، طاعناً في مقولة إن هذه الحرب عادلة على اعتبار أن إسرائيل تستعمل القوة المفرطة دون تمييز بين السكان المدنيين". وذكر الكاتب بأن سجل إسرائيل الأخلاقي في حروبها سيئ ولا يبعث على الافتخار، مذكراً بالأعداد الكبيرة من الضحايا المدنيين الذين سقطوا في هجوم إسرائيل على لبنان عام 1982، والمذابح التي ارتكبتها من قبيل مجزرة قانا، وعمليات الاختطاف التي لجأت إليها من قبيل اختطاف الشيخ عبيد في 28 يوليو 1989 ومصطفى ديراني في 12 مايو 1994 وآخرين بهدف مقايضتهم بجنود إسرائيليين، مستخلصاً أن "ما هو حلال علينا، حرام على غيرنا".

وبخصوص المواجهة الحالية، قال "ماوز" إن إسرائيل أطلقت آلاف القنابل على قرى جنوب لبنان بدعوى أنها تأوي رجال "حزب الله"، مشيراً إلى أن القصف الإسرائيلي أسفر عن أكثر من 300 قتيل في لبنان، معظمهم من المدنيين الذين لا علاقة لهم بـ"حزب الله". كما لفت إلى استهداف إسرائيل للبنى التحتية في لبنان كوسيلة لتحقيق "أهداف دبلوماسية" تتمثل في الضغط على الحكومة اللبنانية من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1559، واصفا إياها بـ"المحاولة للابتزاز السياسي".

"بعد حزب الله"

كان هذا هو عنوان افتتاحية عدد يوم الثلاثاء من صحيفة "جيروزاليم بوست" والتي شددت فيها على "أهمية" نشر قوات فصل دولية متعددة الجنسيات على الحدود بين لبنان وإسرائيل بعد انتهاء الحرب، وذلك بهدف منع "حزب الله" من إعادة تنظيم صفوفه. أما بخصوص دوافع هذا التغير في استراتيجية إسرائيل، وهي التي طالما انتقدت "قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان" (UNIFIL) بسبب عدم فاعليتها و"اعتبارها ذرعا واقيا لحزب الله"، فقد أرجعته الصحيفة إلى أنه حتى في حال توقيع اتفاقية وقف لإطلاق النار مع الحكومة اللبنانية والتزام هذه الأخيرة بنشر جيشها في الجنوب ونزع سلاح "حزب الله"، فإنه "لا يمكن الوثوق بهذا الجيش ذي الأغلبية الشيعية للقيام بهذه المهمة لوحده"، كما أنه- تضيف الصحيفة- ليست لإسرائيل الرغبة في إعادة احتلال أي جزء من لبنان" على المدى البعيد". وبعد ذلك، ذهبت الصحيفة للدعوة إلى مراقبة الحدود اللبنانية-السورية للحيلولة دون أن تقوم سوريا بتزويد "حزب الله" بالأسلحة الثقيلة، مشددة على ضرورة أن تكون تشكيلة القوات متعددة الجنسيات وصلاحياتها مختلفة عن تشكيلة وصلاحيات قوة الأمم المتحدة الحالية في جنوب لبنان، داعية إلى أن تشكل قوات من البلدان الغربية عمودها الفقري، مع إمكانية مشاركة دول عربية مثل مصر والأردن فيها "مشاركة رمزية".

"1982 مقابل 2006"

نشرت صحيفة "هآريتس" في عددها ليوم الجمعة مقالا للمحلل العسكري "زئيف شيف"، وفيه عقد الكاتب مقارنة بين العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982 والعدوان الحالي. فبخصوص الأهداف مثلاً، أشار كاتب المقال أن الهجوم الإسرائيلي على لبنان عام 1982 كان يروم، من بين أمور أخرى، تنصيب رئيس جديد موال لإسرائيل في لبنان، وإزالة "منظمة التحرير الفلسطينية" من لبنان، وإلحاق ضربة موجعة بالفلسطينيين هناك. أما اليوم، يقول "شيف"، فإن الجيش الإسرائيلي واع بأنه لا يمكن لإسرائيل إزالة "حزب الله" من لبنان لأنه منظمة لبنانية في الأصل. وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية تلح على أن الحل عسكري في 1982-يقول الكاتب- فإن الجيش الإسرائيلي اليوم يقول إن الحل سياسي على اعتبار أن الحل النهائي يكمن في اتفاقية دولية. ويضيف الكاتب أنه خلافاً لـ1982 التي خاضت فيها إسرائيل الحرب بعد أن توغلت في لبنان، فإن "العملية العسكرية" الإسرائيلية الحالية بدأت بعد أن انسحبت إسرائيل إلى ما وراء الحدود الدولية. فرق آخر أشار إليه "زئيف شيف" ويهم سوريا، حيث يقول إن إسرائيل هاجمت بطاريات الصواريخ السورية في سهل البقاع عام 1982 والتي كان خلالها الجيش السوري متحكماً في لبنان، أما اليوم فـ"لا يوجد جيش سوري في لبنان". وإضافة إلى ذلك، أشار الكاتب إلى فرق في منهجية القوات الإسرائيلية، ففي 1982 -يقول شيف-شنت القوات الإسرائيلية هجوما برياً انطلاقا من الجنوب مدعومة بوحدات بحرية لبلوغ بيروت انطلاقا من الشمال، أما اليوم فإن سلاح الجو الإسرائيلي والاستخبارات العسكرية هما اللذان يقودان الهجوم، مستخلصا أن إسرائيل اليوم تحاول تحاشي أخطاء حرب 1982، وهو ما يفسر برأيه الدعم الواسع لها.

ما بين تل أبيب وواشنطن

نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها ليوم الاثنين مقالاً لضابط المخابرات السابق الجنرال "يوسي بن آري"، الذي تحفظ فيه على "الدعم الأميركي غير المسبوق" لإسرائيل في عدوانها على لبنان بل وحذر منه، وهو الدعم الذي تمثل في معارضة الدعوات الدولية إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتزويد إسرائيل بـ"قنابل ذكية" لمساعدتها في مواجهتها مع "حزب الله". وفي هذا السياق، دعا الكاتب إلى وجوب توخي الحذر مما سماها "الهدية المسمومة" لأسباب منها أن "لبنان تكلف إسرائيل ثمناً باهظاً يومياً، ولاسيما بخصوص المدنيين الإسرائيليين، والجيش الإسرائيلي"، وأن كبار المسؤولين العسكريين في إسرائيل باتوا يعتبرون أنهم لن يكونوا قادرين على إنهاء المواجهة العسكرية في غياب ترتيبات دبلوماسية، وأنه إذا كانت صواريخ "سكود" و"شهاب"، برؤوسها الحربية التقليدية وغير التقليدية، "لن تقدر على الوصول إلى ساحل الولايات المتحدة الشرقي، فإنها تستطيع الوصول إلى كل جزء من إسرائيل".

الكاتب قال إن المواجهة الحالية أسقطت القناع عن وجه إيران، معتبراً أن الوقت قد حان "للعمل الميداني"، غير أنه لفت إلى أن ذلك ليس مهمة إسرائيل أو هدفها، مشدداً على ضرورة ألا تحول الولايات المتحدة "حليفتها في الشرق الأوسط" إلى وكيل ينوب عنها في مواجهة إيران. وفي هذا السياق، دعا كاتب المقال إلى أن ضرورة أن يقال لوزيرة الخارجية الأميركية خلال زيارتها إلى إسرائيل أن هذه الأخيرة قد ضاقت ذرعا بالاستمرار في محاربة "حزب الله" نيابة عن العالم، مضيفا أن إسرائيل قد انسحبت من لبنان إلى ما وراء الحدود الدولية، وأن المسؤولية اليوم باتت ملقاة "على عاتق لبنان، ومعها سوريا وإيران والعالم برمته".