في ظل أجندة سياسية وأمنية مثقلة، انطلقت أمس رسميا فعاليات مؤتمر الأمن الدولي في مدينة ميونيخ الألمانية، وسط تحذيرات من البرنامج النووي الإيراني مع تلميح بالإشادة باتفاق مكة بين الفلسطينيين مع التذكير بشروط اللجنة الرباعية، في وقت وجهت ألمانيا نقدا صريحا للصين وسوريا بالتزامن مع اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لواشنطن بمواصلة التفرد بالقرارات في الساحة الدولية.
وقالت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل في افتتاح المؤتمر إن «المجتمع الدولي مصمم على منع إيران من تطوير سلاح نووي»، وأضافت، بحضور 250 مسؤولاً من بينهم أكثر من 40 وزيراً للدفاع والخارجية وأمين عام حلف شمال الأطلسي «الناتو» ياب دي هوب شيفر، إن «على إيران الرضوخ لمطالب الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية».
ومضت تقول «إننا نتناول قضية تكنولوجية حساسة لذلك يجب إبداء أعلى درجة من الشفافية وهو الأمر الذي فشلت فيه إيران مما يدفعها إلى مزيد من العزلة».
إلى ذلك، رحبت ميركل «بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين حركتي (فتح) و(حماس) بخصوص تشكيل حكومة وحدة وطنية»، واعتبرته «خطوة في الاتجاه الصحيح ويمتاز بأنه آتى من منطقة الشرق الأوسط»، وتابعت «أعرف انه لا يزال هناك الكثير من العمل، واعرف انه ينبغي التوصل إلى تلبية الشروط الثلاثة للجنة الرباعية»، في إشارة إلى التخلي عن العنف والاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات الموقعة بينها وبين الفلسطينيين.
وانتقدت ميركل أيضا سوريا مذكرة «بأن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير زار دمشق أخيرا للطلب من القيادة السورية تبني موقف بناء تجاه لبنان»، وأضافت «يبقى أن نلفت إلى أن سوريا لم تغتنم الفرصة لكن الباب غير مقفل»، مشيرة إلى أن دمشق «ينبغي ألا يساورها أي شك حول تصميم المجتمع الدولي حيال إسرائيل ولبنان».وانتقدت أيضا «التقصير في إصلاح الأمم المتحدة كما أعربت عن انتقادها للصين بسبب سياساتها في إفريقيا».
من جهة أخرى، انتقدت ميركل أيضا سجل الصين في مجال حقوق الإنسان وسياستها الإفريقية، ودعت الصين «لأن تلعب دورا أكثر إيجابية في السودان حيث تشارك في عدد من مشاريع النفط وسط الأزمة الجارية حاليا في إقليم دارفور»، وقالت «أتحدث بصراحة تامة بشأن الصين لأنني أجد الأمر مقلقا للغاية، يجب أن نقيم حوارا مفتوحا مع الصين بشأن نهجها».
وشددت أيضا على أنها «ستواصل الإعراب عن مخاوف بلادها بشأن سياسات الصين في مجال حقوق الإنسان بما في ذلك معارضة برلين القوية لفرض عقوبة الإعدام».ووصفت التغير العالمي في المناخ بأنه «أحد أكبر التهديدات في العالم»، وقالت إن «هذا التهديد عالمي ويصل لكل شخص ولا يمكن لأحد الهروب منه».
من جهته، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الولايات المتحدة بالرغبة في فرض نظامها على العالم»، وقال خلال المؤتمر «إن الولايات المتحدة تحاول تنفيذ تصوراتها السياسية في جميع المجالات»، مشيرا إلى أن «هذه الطريقة في التعامل مع الأزمات الدولية غالبا ما تحول دون الوصول لحل سياسي لها».
وحذر من سباق جديد للتسلح وذلك على خلفية خطط الولايات المتحدة الرامية لبناء نظام مضاد للصواريخ والتي تثير غضب روسيا، وأكد أن «النظام المضاد للصواريخ الذي تخطط له الولايات المتحدة لا حاجة له إطلاقا».
ووصف أسباب واشنطن لإنشاء هذا النظام بأنها «غير معقولة، إذا لا يوجد ما يجعل بناء هذا النظام ضروريا»، في إشارة إلى عدم قدرة كوريا الشمالية أو إيران على سبيل المثال بناء صواريخ في وقت قياسي بشكل يستدعي بناء هذا النظام، وتعهد بأن «تطور موسكو نظاما أقل تكلفة لمواجهة نظام الدفاع الصاروخي الأميركي».
وأعلن أيضا عن «عزم بلاده تقديم اتفاق حول منطقة خالية من الأسلحة وذلك في رد فعل على إطلاق الصين صواريخ مضادة للأقمار الصناعية».وأوضح أن «المناطق المسلحة تنبثق منها نفس مخاطر المناطق النووية مؤكدا أن روسيا ستقدم مسودة الاتفاق قريبا».
وأكد أن موسكو «ستعارض أي تحرك لتسوية وضع اقليم كوسوفو في المستقبل بدون موافقة كل من الصرب والألبان»، وقال «إذا وجدنا ان الأطراف غير راضية عن الحل المقترح فإننا يجب ألا نؤيد هذا القرار».
وبشأن الملف النووي الإيراني، قال إنه «لا يستطيع أن يفهم السبب وراء عدم رد طهران على جميع أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها النووي»، داعيا في ذات الوقت «الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتحلي بالصبر مع طهران وتقديم حوافز لكسب القيادة الإيرانية»، مشدداً على ان «التعاون أفضل بكثير من المواجهة».
وكان بدأ المؤتمر أنشطته بشكل غير رسمي الجمعة من خلال مأدبة عشاء ألقت خلالها وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني كلمة طالبت فيها المجتمع الدولي بوقف التهديد النووي الإيراني، وأكدت أن «إيران لا تمثل تهديدا بالنسبة لإسرائيل فقط وإنما بالنسبة للعالم أجمع».