في الاسابيع الاخيرة يبدو أن المسيرة السلمية الاسرائيلية - الفلسطينية تستيقظ بالتدريج من الجمود الذي تواصل لست سنوات. وبتشجيع من الولايات المتحدة والسعودية بدأ حوار متواصل بين رئيس الوزراء ايهود اولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وستبعث الجامعة العربية بوفد أول للحديث مع اسرائيل علي مبادرة السلام العربية التي اعيد التصديق عليها في قمة الرياض. حراك ايجابي يبدو أيضا في توسيع النشاط لمعابر الحدود الي قطاع غزة وبالاتفاق الذي حققه عباس مع الجهاد الاسلامي لتعليق نار القسام.
وألمح اولمرت أمس الي رغبته المشاركة في مؤتمر اقليمي، بحضور السعودية وأعضاء "الرباعية" الدولية. وهو يأمل بأن يعطي المؤتمر رعاية واسناد لمحادثاته مع عباس ويضع اسرائيل في جبهة مشتركة مع الدول العربية المعتدلة حيال التهديد الايراني. في المحادثات التي اجراها الكاتب عاموس عوز وشخصيات اخري من اليسار، نقل التقرير عنها في "هآرتس" أمس يوسي فيرتر، وعد اولمرت بأنه يعتزم بجدية التقدم نحو التسوية الدائمة.
لاولمرت مصلحة سياسية جلية في عرض جدول أعمال سياسي، يضعف الدعوات المتوقعة له بالاستقالة في اعقاب نشر تقرير فينوغراد عن حرب لبنان الثانية. محادثاته مع عباس يصعب عليها اثارة الاهتمام والحماسة لدي الجمهور. ولكن الصورة المشتركة مع مندوب سعودي كبير، مثلها لم يحققها احد من اسلافه، سترمز الي زخم متجدد للمسيرة السلمية وتمنح اولمرت النقاط في الرأي العام.
رغبة اولمرت في البقاء في السلطة لا يجب ان تدفع الي رفض مبادرته السياسية. ارئيل شارون قرر الانسحاب من قطاع غزة كعلاج لضائقة سياسية داخلية، ونتيجة اخلاء المستوطنين كانت جديرة دون صلة بدوافعها. وهكذا ينبغي أن نحاكم اولمرت أيضا، اذا ما تقدم بجدية في المسيرة السلمية وأدي الي اقامة دولة فلسطينية.
ولكن لهذا الغرض علي أولمرت أن يقود المسيرة، والا يبدو كمن ينجر خلف المبادرات من الخارج. تردداته الظاهرة من المحادثات علي التسوية الدائمة واستعداده للبحث فقط بمسائل محدودة تدل علي انه يجد صعوبة في الحسم، أو يخشي اهتزاز ائتلافه مع افيغدور ليبرمان. ولكن ساعة الحسم تقترب ومحظور ان تتبدد المحاولة الحالية لاحياء المسيرة السلمية بفرص الصور والمحادثات العابثة.
تهديدات الحرب من الرئيس السوري بشار الاسد هي تذكير بالمخاطر المحدقة باسرائيل اذا استمر الجمود السياسي. سوريا شريك في مبادرة السلام العربية. مؤيدة للقرار في الرياض، والان عليها أن تنتظر دورها والا تعمل علي هز الاستقرار. اولمرت اطلق رسائل مهدئة في أن اسرائيل لا تعتزم مهاجمة سوريا ولكن هذا لا يكفي: في محادثاته المرتقبة مع مندوبي الجامعة العربية عليه أن يوضح لهم بان اسرائيل لا تعتزم ان تبقي الي الابد في الجولان وسوريا ستكون جزءا من دائرة السلام في المستقبل.