لا بد من إيجاد كلمات جديدة، تحاول على الأقل أن تضع تعبيرا متناسبا مع الواقع السياسي، فعندما نحاول تحويل السياسية إلى صيغة الخطاب الإنشائي فإننا بلا شك سنجد مجالا خارجا عن المألوف
لا بد من إيجاد كلمات جديدة، تحاول على الأقل أن تضع تعبيرا متناسبا مع الواقع السياسي، فعندما نحاول تحويل السياسية إلى صيغة الخطاب الإنشائي فإننا بلا شك سنجد مجالا خارجا عن المألوف، وربما يعيدنا إلى "زمن" آخر، عندما كان التعبير السياسي مختلط ما بين الإنشاء ومقامات الهمذاني، أو حتى الصورة البصرية التي يمكن للحروف أن ترسم به.
فما نواجهه اليوم ليس فقط عودة "التراث" الذي يحاول محو كل ملامح الدولة التي ظهرت منذ انتهاء الخلافة العثمانية، بل أيضا ازدحام اللغة بالتعابير التي يمكن ان تتركنا وفق خط عاطفي لا يمكنه أن يقدم قراءة موضوعية، أو يحاول استخدام "اللغة الصحفية" ولو بالإنكليزية لبناء الرسالة الإعلامية. وإذا كان هذا الأمر يجد عمقا له داخل "اللغة العربية" فينتج "مطولات" أهم ما فيها "الديباجة" التي تميز عادة كل الإنتاج التراثي، فإن هذا الموضوع يظهر أحيانا وفق لغات أخرى أيضا مع فارق في البنية اللغوية، لكنه ربما لا يختلف عن أي مقال بالعربية في كونه محاولة لتلمس السطح أو حتى ممارسة "التكرار" والنمطية في الخطاب.
والمقاربة ليست افتراضية، فما حدث بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس في شرم الشيخ مستمر كمادة صحفية للبحث في التنبيه إلى الواقع السوري، في وقت نشرت "نيويورك بوست" مقالا بعنوان "المكر السوري" كتعقيب على تأجيل البت بالمحكمة الدولية. وهذه الصورة الإعلامية لا يمكن ان تبتعد عن الأشكال النمطية للإعلام العربي عموما، حيث يتم تناول المسائل بنفس الروح ووفق زمن مسطح، لا يمكن البحث في عمقه.
الخروج من الخطاب السياسي لا يعني فقط محاولة البحث عن "الصيغ النمطية" في الإعلام مهما كان مصدرها، لأن هذا الخروج هو محاولة للرد على التعابير الإعلامية التي تشكل صورا ليس على الصعيد السياسي فقط، بل أيضا وفق شكل ثقافي، فهذا الخطاب الذي يريد الخروج أحيانا من "اللغة الخشبية" يعود ليدخل في مساحة الجمود، أو يسعى لاستخدام التراث أحيانا فنجد أنفسنا أمام التكايا وعصر المماليك...
هل نظلم الخطاب السياسي "عالميا"!!
ما حصل هو امر عادي طالما ان الإعلام مهما كان مصدره محدود بخيارين، تفرضهما أحيانا الاستراتيجية الأمريكية، وأحيانا أخرى نفرضه على أنفسنا لأننا نشعر أن الجهد الذي يمكن أن يستهلكه إيجاد بدائل للتفكير والتحليل لا تغير من الأمر شيئا طالما ان الثقافة الاجتماعية تضعنا كمثقفين أو إعلاميين في نطاق" صفيفة الحكي"...