تروي "يديعوت احرونوت" أن الولايات المتحدة تستعمل قوتها كلها من اجل تنفيذ صفقة سلاح هي الأكبر في تاريخها كله وقيمتها 20 مليار دولار ، تشتمل الصفقة على بيع طائرات مقاتلة متقدمة ، وقنابل ذكية ، ونظم حاسوب ، وسفن صواريخ ومن كل ما هب ودب ، اما المشترية السعيدة فهي السعودية التي تُعد بفضل غباء الناس في البيت الابيض ، حليفا استراتيجيا ، فلم يجف الحبر عن هذا النبأ حتى عُلم أن روسيا لن تقف مكتوفة اليدين ، فهي ستبيع ايران نحوا من 250 طائرة سوخوي 30 ، من أكثر ما تملك تقدما ، فيا لها من سعادة في المنطقة.
في القدس يتابعون الأمر بقلق ، فحيثما نظروا الى هذه الاجراءات ، ستخرج اسرائيل خاسرة ، وفق تقليد علاقات الولايات المتحدة مع اسرائيل ، ومن اجل إسعاد الأذان ، يتم الحديث عن ضغط سعودي لشراء الطائرة المقاتلة الشبح والبعيدة المدى ، "اف - "22 ، وثمنها نحو 300 مليون دولار ، قبل أن يخفضوا نفقات التطوير الضخمة ، وهذا الرقم صغير بالقياس الى السعودية ، فرفع سعر برميل النفط عدة سينتات يُعوض الخسارة ، ويأتي الضغط ايضا من مُنتًجات السلاح وهذا واضح ، والفرق التكنولوجي الموجود سيأخذ في التقلص سريعا نتيجة هذه الصفقة ، وستوجد وحدات من الطائرات المقاتلة بجوار حدود السعودية الغربية.
وحول وعود السعوديين ، بأنه لن يحدث لاسرائيل أي سوء ، لا يوجد ما تعتمد عليه ، ففي بداية التسعينيات اشترت السعودية طائرات "اف - "15 مزودة بخزانات وقود اضافية ، طورتها اسرائيل ، ورغم الالتزام السعودي للامريكيين ، وضعت الطائرات بجوار اسرائيل ، ولا تستطيع اسرائيل أن تشتري عددا لا يُحصى من القنابل الذكية كالسعوديين ، وكما حدث في الحرب قبل سنة ، فانها تنفد سريعا جدا ، فالى أين سيوجه هذا السلاح الكثير في حالة حرب اقليمية؟.
القلق في القدس مفهوم ، بيد أن الذنب كله ذنب الرؤساء فيها ، فقبل نحو شهر عاد رئيس الحكومة من الولايات المتحدة ، في حين كان "المصدر الرفيع في طائرته" يجهد في تأكيد الانجاز الكبير والوحيد ، وهو زيادة المساعدة العسكرية لاسرائيل ، وقيل إن اسرائيل ستحصل على 3 مليارات دولار سنويا لمدة عشر سنين ، وهذا بعيد عن كونه دقيقا ، فالمساعدة العسكرية الامريكية لاسرائيل تقف على 2,3 مليار دولار في السنة أصلا ، وبكلمات اخرى ، في الحالة الأفضل ، سيكون الحديث عن زيادة 700 مليون دولار في السنة ، أي أن اسرائيل ستحصل على 7 مليارات دولار اخرى ، لكن السعودية ستشتري سلاحا بعشرين مليار دولار بشروط اعتماد مبالغ فيها ، أما مصر فستحصل على مساعدة عسكرية اخرى بقيمة 14 مليارا ، أي ضعف ما ستحصل عليه اسرائيل من الزيادة ، وعلى ذلك فان اسرائيل مهزومة مرة اخرى.
ينبغي أن نذكر أن أهداف السعودية لا تماثل أهداف الولايات المتحدة في العراق ، ولا تماثلها في موقفها من خطة السلام بين اسرائيل والفلسطينيين وثمن النفط واستخراجه ، وفي هذه المرحلة يشهد مجيء وزيرة الخارجية ووزير الدفاع الاميركيان الى السعودية كما يبدو بأن الصفقة ما زالت غير محسومة ، وذلك في الأساس إثر مطالب السعوديين ، كاشراك حماس "في المسيرة السلمية".
إن أخطر ما قيل الى الآن هو أن ربابين الدولة لا يدركون خطورة الصفقة وكل ما حولها ، وينبع هذا من الإدمان التام على "المساعدة" ، التي ليست هي سوى دفعة رخيصة لكوننا جزيرة صحيحة العقل في الشرق المجنون ، وبخاصة إدمان "المسيرة السلمية" ، لانه لماذا يُحتاج الى جيش كبير ومُدرب؟ ، يكفي أن يكون "صغيرا وذكيا" ، كما أراده ايهود باراك قبل الهرب من لبنان ، وهو الآن يطلب مالا من اجل فرقتين ، من المساعدة بالطبع ، وهكذا دواليك.